عادت عمان مركزاً إقليمياً لاستقبال المفاوضات بين إيران ووكلائها من جانب، والولايات المتحدة من الجانب الآخر، إذ سبق لمسقط أن كانت مسرحاً لمفاوضات الاتفاق النووي مع إيران عام 2015.
في 3 آذار/مارس، كشفت وكالة رويترز أن مسؤولين أمريكين عقدوا لقاءً مع "الحوثيين" المحسوبين على إيران خلال الأسبوع الماضي، دون أن تكشف عن نتائج الاجتماع.
تشير الهجمات التي تعرضت لها السعودية خلال هذا الأسبوع أن نتائج الاجتماع ليست ايجابية، إذ لم يتوقف الحوثيون عقب اللقاء عن استهداف المملكة.
مع وكلاء إيران
قال مصدران مطلعان إن كبار المسؤولين الأمريكيين عقدوا أول اجتماع مباشر مع مسؤولين من جماعة "أنصار الله" المعروفة باسم "الحوثي"، والتي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء، في محاولة للوصول إلى اتفاق لإنهاء الحرب التي تشهدها البلاد منذ ست سنوات.
وقالت المصادر لرويترز إن المناقشات، التي لم يعلن عنها أي من الجانبين رسمياً، جرت في العاصمة العمانية مسقط في 26 شباط/فبراير بين المبعوث الأمريكي إلى اليمن "تيموثي ليندر كينغ"، وكبير مفاوضي "الحوثي" محمد عبد السلام.
واستولى الحوثيون على العاصمة اليمنية عام 2014، ويسيطرون على معظم المناطق المأهولة بالسكان. وأدى تحالفهم مع إيران إلى شن السعودية والإمارات ودول أخرى حرباً على الأراضي اليمنية بدعم غربي ضمني منذ عام 2015، في محاولة لإنهاء سيطرتهم على صنعاء، وهو ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف، وخلق ما تعتبره الأمم المتحدة أكبر أزمة إنسانية في العالم.
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس تأكيد أو نفي ما إذا كان "ليندركينغ" التقى الحوثيين بالفعل، لكنه قال إنه عاد الآن إلى الرياض لإجراء مزيد من المشاورات مع المسؤولين السعوديين.
ولفت أحد المصادر إلى أن اجتماع مسقط كان جزءًا من نهج "الجزرة والعصا" الجديد للرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعلن الشهر الماضي وقف الدعم الأمريكي للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن. كما تراجع عن قرار سلفه دونالد ترامب تصنيف الحوثيين إرهابيين.
اجتماع "مسقط" بين الحوثيين والأمريكيين كان جزءًا من نهج "الجزرة والعصا" الجديد للرئيس بايدن في التعامل مع أنصار إيران.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية في 2 آذار/مارس عقوبات جديدة على قيادييْن عسكريين اثنين من جماعة الحوثي، متهمة إياهما بشراء أسلحة من إيران والضلوع في شن هجمات، بعدما كثف التنظيم هجومه على السعودية وفي مأرب اليمنية.
والتقى ليندركينغ بعبد السلام في مسقط بعد اجتماعه مع مسؤولين سعوديين ومسؤولين من الأمم المتحدة في الرياض. كما زار الإمارات والكويت وقطر خلال جولته الإقليمية.
وقالت المصادر إن ليندركينغ ضغط على الحوثيين لوقف هجوم مأرب، وشجع الحركة على الانخراط في المفاوضات مع الرياض بشأن وقف إطلاق النار.
وغرد مات دوس أن تصنيف إدارة ترامب للحوثيين إرهابيين كان سيجعل هذه الدبلوماسية أكثر صعوبة، "وهذا بالطبع كان هدفهم، لكن مسؤولي بايدن كانوا حكماء في إلغاء هذا التصنيف".
مطالب السعودية
في محادثات وقف إطلاق النار، تسعى السعودية إلى الحصول على ضمانات بشأن أمن الحدود وكبح نفوذ خصمها الإقليمي اللدود إيران، إذ تريد الرياض إقامة منطقة عازلة داخل اليمن على طول حدودها الجنوبية، فيما يطلب الحوثيون إنهاء الحصار على ميناء الحديدة على البحر الأحمر ومطار صنعاء.
وقالت المصادر لرويترز إن هناك مفاوضات افتراضية يجريها سفير السعودية لدى اليمن محمد الجابر مع كبير مفاوضي جماعة "أنصار الله" الحوثيين.
وأضافت أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيُنقل إلى مارتن جريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، للتحضير لمحادثات سلام أوسع تشمل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمدعومة من السعودية، والمتمركزة الآن في ميناء عدن.
الولايات المتحدة تستعين بعمان لإيجاد حل دبلوماسي للحرب في اليمن، والحوثيون لا يزالون يؤمنون بالحل العسكري.
وحول عقد اللقاء في مسقط، غردت الباحثة الإيطالية المختصة في الشأن الخليجي سينزيا بيانكو في الأسبوع الماضي: "الولايات المتحدة تجند عمان للمساعدة في إيجاد حل دبلوماسي للحرب في اليمن"، مضيفة أن "الهدف هو العثور على اللاعب الذي لديه نفوذ على الحوثيين، الذين لا يزالون يؤمنون بوجود حل عسكري للحرب".
الوضع على الأرض
في هجوم هو الأعنف منذ 2018، تدور حالياً حرب طاحنة في مأرب، حيث هاجم الحوثيون المدينة في محاولة للسيطرة عليها قبل عقد اتفاق وقف إطلاق النار.
في الأول من آذار/مارس، نشر نبيل خورى، زميل أول غير مقيم فى برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي تقريراً، قال فيه إن الحوثيين يريدون السيطرة على مأرب قبل وقف الحرب، لأنها تعتبر قيمة اقتصادية كبيرة إذ تحتوي على معظم ثروة اليمن من النفط والغاز.
وتتمتع مأرب أيضاً بأهمية إستراتيجية هائلة، نظرًا لموقعها، إذ تعتبر خط دفاع قويًا عند التلال المؤدية إلى العاصمة صنعاء، وعليه فإن السيطرة عليها ستسمح للحوثيين بقطع أي دعم بري من الشمال إلى حلفاء السعودية في حضرموت والجنوب.
وإذا شن الحوثيون هجوماً في المستقبل، بعد السيطرة على مأرب، فسيكونون قادرين على إرسال قوات إلى حضرموت في الشرق وشبوة في الجنوب بسهولة.
ويشير الخوري إلى أن مأرب محاطة بأميال من التضاريس الصحراوية المنبسطة، فهي ليست أرضًا مثالية لمقاتلي الحوثيين، الذين هم أكثر مهارة في المناطق الجبلية الوعرة واعتادوها.
وعليه، فإن انتشارهم خارج المدينة دون أي غطاء،ج يجعلهم أهدافًا سهلة للقصف الجوي والأرضي.
تفيد التقارير - بحسب خوري- بأن خسائر الحوثيين في مأرب مرتفعة للغاية، وإن هم سيطروا على المدينة، فإن القوات المطلوبة لاحتلالها يمكن أن تضعف سيطرتهم على مناطق ومدن مهمة أخرى.
في المقابل، تتمتع قوات الحكومة الشرعية بأعداد هائلة من المقاتلين تفوق عدد المقاتلين الحوثيين، لكن نقطة ضعفهم هي غياب قيادة واحدة لهم في القتال ضد الجماعة المدعومة من إيران.
كما تعاني قوات الحكومة نقص الدعم من السعودية التي تتعرض لضغط من إدارة بايدن لإنهاء الحرب في اليمن، وعليه يرى خوري أن تحالف الرياض يبدو مترددًا في الالتزام بالقتال المستمر في مأرب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين