يحتار المرء في تعريف ياسمين دبّوس، وهي الثورية بطبعها، المليئة بالفن والرقيّ والجمال. أقل ما يقال عنها إنها امرأة حرّة، جامحة، لا يعنيها السائد أو الرائج أو المعتاد، ولا يشبه أسلوبها أيّ نمط أو أسلوب. لا يمكنك أن تضعها في خانة معيّنة أو قالب محدّد، فهي دائمة التشكّل والتغيّر.
هي الحرّة والملتزمة، المنسجمة والمتناقضة، الحالمة والواقعية، الثابتة والمتحوّلة. هي "الفنانة والباحثة في الفنون البصرية"، كما تسمّي نفسها، والمرأة القوية الملهمة كما يجدر بنا أن نسمّيها.
نالت دبّوس شهادة دكتوراه في الصحافة والتاريخ الثقافي من جامعة لويزيانا، وعملت أستاذة مساعدة في الجامعة اللبنانية الأميركية في قسم الصحافة، قبل أن تقرّر ترك وظيفتها وشق طريقها من الصفر في مجال الفن، في عمر الأربعين.
انطلاقتها إلى عالم الفن بدأت بتسجيلها في صف لتصميم الأزياء، هدفت من خلاله التفريغ عن الضغط الكبير الذي كانت تعيشه بسبب وظيفتها الجامعية؛ وكان صفاً فشلت فيه دبّوس فشلاً ذريعاً في استخدام ماكينة الخياطة، إلا أنها تعرّفت من خلاله على فنّ التطريز الذي شكّل الدافع الأوّل لانطلاقتها إلى عالم الفن.
يحتار المرء في تعريف ياسمين دبّوس، وهي الثورية بطبعها، المليئة بالفن والرقيّ والجمال. أقل ما يقال عنها إنها امرأة حرّة، جامحة، لا يعنيها السائد أو الرائج أو المعتاد، ولا يشبه أسلوبها أيّ نمط أو أسلوب
ومع رحلة الاكتشاف الكبيرة التي كانت تخوضها دبّوس، أصابها مرض في القلب، شكّل هو الآخر نقطة تحوّل كبيرة في حياتها.
تخبرنا دبّوس في المقابلة التالية عن أسباب التغيير الجذري في حياتها المهنية، وعن رؤيتها للأعمال الحرفية واليدوية، وعن مشاريعها الفنية الثقافية المميّزة.
ما أسباب التغيير الجذري في حياتك المهنية؟ وما سبب انتقالك من العمل الأكاديمي إلى الفن؟
ظننتُ أن الوظيفة تعني الأمان وتكفل لصاحبها مستقبلاً مضموناً، خصوصاً وظيفة بأهمية "أستاذة بدوام كامل في الجامعة". ولكن عندما بدأ قلبي يخذلني، وخضعت لعمليتين جراحيتين فيه، أدركت أن الأمان الذي منحتني إياه وظيفتي في الجامعة إنما كان أماناً زائفاً خدّاعاً، وهو ما دفعني الى إعادة التفكير في كل تفاصيل حياتي والـتأسيس لتغيير جذري فيها.
عندما يخسر الإنسان صحته، يدرك أنها الخسارة الوحيدة التي يصعب تعويضها، فيتجرّأ ويجازف بأشياء أخرى، وكان أولى مجازفاتي: تركي لوظيفتي في الجامعة.
وقد تزامن مع تركي للجامعة ظهور مرض في قلبي، جعلني أسافر إلى نيويورك لتلقي عن العلاج. وهناك تعرّفت بالصدفة إلى جامعة FIT التي درست فيها تصميم المجوهرات، ومنها بدأت رسمياً رحلتي في عالم الفن، هذه الرحلة التي توّجتها بتأسيس Kinship Stories و"Espace فن".
ماذا تخبرينا عن Kinship stories؟ ولماذا اخترت لمشروعك هذا الاسم بالذات؟
Kinship stories هو مشروع فني يحتفي بالتراث القبلي، من خلال تصاميم تحوي أبعاداً ثقافية ذات قيمة حضارية مميزة.
كان أوّل اسم أطلقته على مشروعي Ethnic Tree، وقد اخترت هذا الاسم لأنه يعبّر عن شجرة الحياة، وهو رمز موجود عند أغلب الحضارات. ولكني عندما كنت أكمل دراستي بالتصميم في الولايات المتحدة، وجدت أن تلقي هذا الاسم كان ثقيلاً في المجتمع الأميركي، لارتباط كل ما هو إثني، بشكل أو بآخر، بأحد أشكال العنصرية. وهو عكس ما أردت أن يرمز إليه مشروعي، فبحثت له عن اسم آخر واخترت kinship stories.
في علم الأنثروبولوجيا الـ kinship تعني العائلة والمهارات المتوارثة ضمن إطارها، كالتطريز الذي ينتقل من الأم إلى ابنتها، الاحتفالات والعادات والتقاليد...كلها تأتي تحت هذا النظام الذي يسمى kinship.
ولأني أجمع من خلال سفراتي قطعاً فنية عديدة: من الفضة والأقمشة والمجوهرات، وأعيد تجميعها على شكل قلادات ذات مزيج حضاري مميّز، أعتبر أن لكل قلادة من قلاداتي قصة. ومع كل قلادة أبيعها، أرفق شهادة تشرح تفاصيل القطعة بجزئياتها الثقافية المختلفة. وهو ما يميّز قطع kinship stories برأيي.
وأهمّ رسالة يحملها مشروع Kinship stories هو السعي الدائم لفهم الآخر، التعرّف عليه وتقبله، "لأنو إذا كلّنا فينا نتجسّد بعَقِد هالقد حلو، فينا نعيش مع بعض بكلّ انسجام".
بعد kinship stories أسست espace فن. أخبرينا عن هذا المشروع؟ وما هي الشريحة التي يتوجه إليها؟
"Espace فن" هو استوديو أسسته في بيروت عام 2019 بالشراكة مع المصمة الداخلية نور التنير، يقدم صفوفاً بمستوى جامعي في الفن والتصميم بأسعار مقبولة جداً. فأهمّ ما أردت تحقيقه من هذا المشروع هو إتاحة تعلّم الفنون لشريحة اجتماعية أوسع، كيلا يبقى تذوّق الفن وتعلّمه محصوراً بطبقة اجتماعية معينة.
"ظننتُ أن الوظيفة تعني الأمان وتكفل لصاحبها مستقبلاً مضموناً، خصوصاً وظيفة بأهمية "أستاذة بدوام كامل في الجامعة". ولكن عندما بدأ قلبي يخذلني، وخضعت لعمليتين جراحيتين فيه، أدركت أن الأمان الذي منحتني إياه وظيفتي في الجامعة إنما كان أماناً زائفاً خدّاعاً..."
إن ما نقدّمه في"Espace فن" يتعدّى فكرة تنمية هواية معيّنة، إلى فكرة اكتساب مهارة جديدة، وهو ما يعزّز ثقافة الخلق والإبداع وتطوير الذات وعقلية الـ "can do" التي نحن بأمسّ الحاجة إليها في لبنان.
في "Espace فن" نقدّم أنواعاً عدة من الدورات التعليمية وورش العمل للصغار والكبار، منها الفنون الحرفية، مثل التطريز، تصميم الأحذية والمجوهرات، الصقل (enameling)والحياكة... بالاضافة طبعاً للصفوف التقليدية في الفن، مثل الرسم، التصوير، الرسوم الإيضاحية (illustration)والفوتوشوب. كما نقدم صفوفاً للفنانين والمصممين المحترفين، تساعدهم على الترويج لأعمالهم الفنية ومواكبة متطلبات العصر.
ولأنّ الصفوف التي نقدّمها تجذب عموماً النساء أكثر من الرجال، فإننا نعتبر "Espace فن" مشروعاً يسهم الى حد كبير في تمكين المرأة وتنمية مهاراتها المختلفة. ولعلّ أهم أهداف مشروعنا هو إعادة إحياء الأعمال اليدوية والصناعات الحرفية، وإضفاء لمسة عصرية عليها، تتيح لها الوصول إلى جمهور أوسع.
تقدمون في "Espace فن" منحتين في كل فصل للطلاب المهتمين بالفنون. على أيّ أساس تُقدّم المنح؟
نقدّم المنحة على أساس حاجة الطالب المادية، وعلى أساس الموهبة والمهارة التي يبرهن أنه يمتلكها، لأنه يهمّنا في هذه المرحلة أن نطوّر المهارات لا أن نبنيها.
ويهمّنا أيضاً أن نعرف من الطالب كيف سيسهم المساق الذي ينوي الالتحاق به في خدمة مشروعه الخاص، وكيف سيساعده على تطويره.
هذه هي باختصار المعايير الثلاثة التي نعتمدها في اختيار الطلاب الذين يستفيدون من المنح التي نقدّمها.
نالت ياسمين دبّوس شهادة دكتوراه في الصحافة والتاريخ الثقافي وعملت أستاذة مساعدة في الجامعة اللبنانية الأميركية في قسم الصحافة، قبل أن تقرّر ترك وظيفتها وشق طريقها من الصفر في مجال الفن، في عمر الأربعين
تعاونتم مع مؤسسة "إدراك" وعملتم سوية على مساقين جامعيين متاحين بشكل مجّاني على الإنترنت لمحبّي الفنون. ماذا تخبرينا عن هذا التعاون؟
كان التعاون رائعاً مع مؤسسة "إدراك"، لأننا نتشارك مع هذه المؤسسة أهمّ أهدافها، وهو جعل التعليم، قدر المستطاع، في متناول أوسع الشرائح الاجتماعية.
قدّمنا لـ "إدراك" إلى الآن مساقين جامعيين: الأوّل في التصوير الفوتوغرافي، والثاني في الفن الإسلامي. يمكن لأي مهتم بالتصوير أو الفنون الإسلامية أن يدخل إلى موقع "إدراك"، حيث يجد المساقين اللذين يمكنه أن يسجّل فيهما بشكل مجّاني، ويستفيد من المعلومات التي يقدمانها.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياميخلقون الحاجة ثم يساعدون لتلبيتها فتبدأ دائرة التبعية
Line Itani -
منذ 6 أيامشو مهم نقرا هيك قصص تلغي قيادات المجتمع ـ وكأن فيه يفوت الأوان عالحب
jessika valentine -
منذ اسبوعينSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع