شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
هل من الضروري أن نمشي عشرة آلاف خطوة يومياً من أجل تحسين صحتنا؟

هل من الضروري أن نمشي عشرة آلاف خطوة يومياً من أجل تحسين صحتنا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 19 فبراير 202105:06 م

المشي هو شكل أساسي من أشكال الحركة البشرية التي يُمارسها الناس في جميع أنحاء العالم، لكونه يعدّ جزءاً لا يتجزّأ من العديد من مهام الحياة اليومية، كما أنه يعتبر أحد أكثر أشكال النشاط البدني شيوعاً في أوقات الفراغ.

عندما يتعلق الأمر بالصحة واللياقة البدنية، غالباً ما يتم تذكيرنا بالمشي 10 آلاف خطوة يومياً. قد يكون هذا هدفاً محبطاً لتحقيقه، بخاصةً بالنسبة للأفراد المنهمكين في العمل والغارقين في الالتزامات الأخرى، ولكن السؤال الذي يُطرح: من أين أتى هذا الرقم "الشهير"؟

خفايا "الرقم السحري"

يقوم الكثير منّا بتتبع الخطوات يومياً عبر استخدام الساعات الذكية، عدادات الخطى أو تطبيقات الهاتف، وبالطبع نشعر بالسعادة العارمة عندما نتمكن من الوصول إلى الهدف المهم للغاية، وهو عشرة آلاف خطوة في اليوم.

وفي حين أن هناك نقاشات حول مدى دقة الأجهزة التي تتولى احتساب الخطوات، فمن الواضح أنها مجرد أدوات "فظة" من حيث قياس الجهد البدني، فعلى سبيل المثال، إذا ركضنا بسرعة فلن تكون النتيجة أعلى مقارنة بالركض البطيء، مع العلم بأن هناك فرقاً شاسعاً بين النشاطين من حيث الفوائد التي تعود على اللياقة البدنية.

ومع ذلك، لا يمكن أن نغفل حقيقة أن هذه الأجهزة تقدم دليلاً تقريبياً لمدى النشاط الذي يقوم به كل واحد منّا.

عندما يتعلق الأمر بالصحة واللياقة البدنية، غالباً ما يتم تذكيرنا بالمشي 10 آلاف خطوة يومياً. قد يكون هذا هدفاً محبطاً لتحقيقه، بخاصةً بالنسبة للأفراد المنهمكين في العمل والغارقين في الالتزامات الأخرى، ولكن السؤال الذي يُطرح: من أين أتى هذا الرقم "الشهير"؟

وفي حال أردنا احتساب الخطوات، فمن المهم عندها تحديد هدف معيّن، يتمثل حالياً من قبل غالبية أجهزة التتبع، بعشرة آلاف خطوة، وهو الرقم الشهير الذي نعلم جميعاً أنه يتعيّن علينا الوصول إليه.

لقد نشأ هذا الهدف الافتراضي من حملة تسويقية في العام 1964، قامت بها إحدى الشركات، عقب إطلاق جهاز Manpo-kei (الذي يعني 10 آلاف متر من الخطوات).

وكانت هذه الحملة التسويقية ناجحة لدرجة أن "الرقم السحري" علق في أذهان الناس من جميع أنحاء العالم، وبات مدرجاً في أهداف النشاط اليومي بواسطة أشهر الساعات الذكية، على غرار Fitbit.

ومنذ ذلك الحين، كثرت الأبحاث التي تدور حول فوائد السير لعشرة آلاف خطوة في اليوم، وبالفعل كشفت بعض الدراسات أن الوصول إلى هذا الهدف يحسّن صحة القلب والصحة النفسية، كما وأنه يقلل من خطر الإصابة بالسكري، ما يفسّر إلى حدّ ما سبب تمسّك الجميع بهذا الرقم الشهير.

الخطوات المطلوبة لجني الفوائد

في حين أن معظمنا يعرف أن المشي 10 آلاف خطوة هي مسألة موصى بها في كل مكان كهدف لتحقيقه، إلا أن الدراسات التي أجريت حديثاً رفضت التمسك بالمطلق بهذا الرقم، معتبرة أن المشي سيعود على صاحبه بالفوائد حتى ولو كانت عدد الخطوات أقل من ذلك بكثير.

بالعودة إلى روما القديمة، كانت المسافات تُقاس من خلال عدد الخطوات، وكلمة "ميل" مشتقة من العبارة اللاتينية mila passum التي تعني 2000 خطوة تقريباً.

وبالتالي، من المقترح أن يمشي الشخص العادي حوالي 100 خطوة في الدقيقة، ما يعني أن الأمر سيستغرق أقل قليلاً من 30 دقيقة للمشي لمسافة ميل واحد. لذلك لكي يصل شخص ما إلى الهدف المتمثل بالعشرة آلاف خطوة، سيحتاج إلى المشي ما بين أربعة وخمسة أميال في اليوم (حوالي ساعتين من النشاط).

المشي 10آلاف خطوة يومياً ليس أمراً ضرورياً لجني الفوائد الصحية، إذ إن نصف هذا الهدف يبدو أنه كافٍ

وفي حين أظهرت بعض الدراسات الفوائد الصحية عند المشي 10 آلاف خطوة، فقد كشفت الأبحاث الحديثة من كلية الطب في جامعة هارفارد، أن ما يقرب من 4400 خطوة يومياً تكفي لتقليل خطر الوفاة لدى النساء بشكل كبير، مقارنة مع المشي فقط حوالي 2700 خطوة في اليوم.

بمعنى آخر، وجد الباحثون أنه كلما سار الناس خطوات أكثر، كلما انخفض خطر الموت، ولكن تبيّن أنه وبعد الوصول إلى عتبة الـ 7500 خطوة يومياً، فإنه لم تظهر أي فوائد إضافية (أي زيادة عن هذا المعدل، لم تؤثر على طول العمر).

وبينما توصي منظمة الصحة العالمية الأفراد البالغين بالحصول على 150 دقيقة على الأقل من النشاط البدني المعتدل الشدة أسبوعياً (أو 75 دقيقة من النشاط البدني القوي)، كشفت الأبحاث مؤخراً أنه حتى التمارين منخفضة الكثافة يمكن أن تحسّن الصحة، على الرغم من أن التمارين متوسطة الشدة تحسّنها إلى حد كبير. هذا يعني أن الخطوات التي يقوم بها المرء على مدار اليوم يمكن أن تساهم في 150 دقيقة من النشاط المستهدف.

أضرار قلّة الحركة

عند الحديث عن الفوائد الكثيرة التي يمكن أن يجنيها المرء من المشي، لا بدّ من التشديد على أهمية القيام بأي نشاط بدني ولو كان قليلاً.

فالحقيقة أن النشاط يساعد في التخفيف من مخاطر الجلوس لفترات طويلة من الوقت، ويبعد خطر الوفاة المبكر.

في هذا الصدد، أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يجلسون لمدة ثماني ساعات أو أكثر يومياً، من دون القيام بأي نشاط، لديهم خطر متزايد للوفاة بنسبة 59% مقارنة بمن يجلسون أقل من أربع ساعات يومياً.

ومع ذلك، وجد الباحثون أنه إذا مارس الأشخاص 60-75 دقيقة يومياً من النشاط البدني المعتدل الشدة، يبدو أن هذا يقضي على هذا الخطر المتزايد للوفاة.

لذلك، فإن القيام بالمشي السريع يمكن أن يساعد في تخفيف الآثار السلبية للجلوس لفترة طويلة.

وفي سياق متصل، أظهرت الأبحاث الحديثة في جامعة تكساس، أنه إذا كان المرء يمشي أقل من 5000 خطوة في اليوم، فأن جسمه يكون أقل قدرة على تسريع وتيرة التمثيل الغذائي، مع العلم بأن تراكم الدهون في الجسم يؤدي إلى زيادة احتمال إصابة الشخص بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.

كيف يمكن زيادة النشاط البدني؟

بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في زيادة عدد الخطوات التي يقومون بها يومياً، أو يرغبون ببساطة في زيادة الحركة، فإن إحدى الطرق السهلة للقيام بذلك تكمن في زيادة عدد الخطوات الحالية بحوالي 2000 خطوة يومياً، وذلك عن طريق المشي إلى العمل إن أمكن، أو المشاركة في برنامج تمارين عبر الإنترنت، كما يمكن أن يكون الالتقاء بالأصدقاء في نزهة على الأقدام، وليس في المقهى أو الحانة، مفيداً أيضاً.

وجد الباحثون أنه كلما سار الناس خطوات أكثر، كلما انخفض خطر الموت، ولكن تبيّن أنه وبعد الوصول إلى عتبة الـ 7500 خطوة يومياً، فإنه لم تظهر أي فوائد إضافية 

وبالنظر إلى أنه حتى المقدار الصغير من النشاط البدني يؤثر بشكل إيجابي على الصحة، فإن أخذ فترات راحة منتظمة للتنقل، إذا كان المرء يعمل على مكتب طوال اليوم، سيساعده في الحصول على المزيد من النشاط البدني بسهولة.

إذن يمكن أن يقلل النشاط البدني، مثل المشي، من خطر الوفاة من خلال تحسين الصحة، عن طريق تقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل الخرف وأنواع معيّنة من السرطان. هذا ويمكن أن تساعد التمارين في تحسين نظام المناعة. ومع ذلك، بناءً على البحث الحالي، يبدو أن المشي 10آلاف خطوة يومياً ليس أمراً ضرورياً لجني الفوائد الصحية، إذ إن نصف هذا الهدف يبدو أنه كافٍ.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image