من أساسيات ارتداء الحجاب الاقتناع التام بالشعيرة، لكن الأمر يتحول أحياناً إلى مجرد وسيلة أو تقليد قد تلتزم به المرأة لأهداف أخرى، ومن بينها الزواج.
في بعض الحالات يشترط الرجل على المرأة للزواج منها ارتداء الحجاب، أو تعْلَم الفتاة أن هناك عريس يبحث عن زوجة محجبة وحتى منقبة، فلا تمانع من "التحلي بالفضيلة" من أجل إرضائه للزواج بها.
"هدفي كان الزواج"
تقول زينب عبد الله لرصيف22: "كنت أريد أن أتزوج بأية طريقة ولم أكن محجبة إذ لم أشعر يوماً أن الحجاب ضرورة أو أنه سيزيد من احترام الناس لي أو احترامي لنفسي، لكن عندما أخبرني والدي أن ابن زميله يبحث عن فتاة للزواج منها لكنه يشترط أن تكون محجبة وافقت".
وتوضح زينب: "هدفي كان الزواج، كما أن والدي أخبرني أن الشاب مهذب ولذلك ارتديت الحجاب فتقدم لي وتزوجنا"، مستدركة بالقول: "لا أنكر أنني في بعض الأحيان أشعر أنني تخليت عن قناعاتي بسهولة، كما أنني لست ملتزمة بالحجاب تماماً ولذلك تحدث خلافات بيننا في بعض الأوقات".
تسرد ولاء عبد القادر، من جهتها، قصة ارتدائها للحجاب، فتقول: "كنت مخطوبة لشاب وكنت أحبه كثيراً ولم أكن محجبة، لكنه كان يطلب مني ارتداء الحجاب باستمرار ويقول لي إن والدته لن توافق على زواجه مني وأنا بهذا الشكل وديني غير مكتمل، لكني رفضت فتركني".
وتتابع في حديثها لرصيف22: "مع الوقت بدأت أشعر بالشوق له، كما أنه عاود الاتصال بي وتوسطت بيننا إحدى الصديقات. عندما قابلته مجدداً، لامني لأنني أرفض التقرب إلى الله فاقتنعت وارتديت الحجاب وتزوجنا بعد ذلك بعام"، مستدركة بالقول: "حتى الآن لا أشعر أنني مقتنعة بحجابي وأرفض الربط بين مفهوم المرأة المحترمة والحجاب".
من جهتها، ارتدت هدير محمد النقاب من أجل الزواج.
تتحدث عن ذلك لرصيف22: "كنت في الـ17 من عمري وكنت أريد الزواج والخروج من منزل أهلي بأية طريقة إذ كنت أظن أنني سأجد حريتي عندما أتزوج. وقتها كان هناك عريس قالت لي عنه ابنة عمتي لكنه يريد الزواج من فتاة منقبة".
وتضيف: "رغبتي الشديدة في الزواج دفعتني لارتداء النقاب وتزوجت منه، لكن الحرية التي كنت أبحث عنها لم أجدها وأصبحت مقيدة أكثر بسبب زوجي وبسبب النقاب الذي لم أقتنع به حتى الآن".
ظاهرة ارتداء الحجاب لأجل الزواج
تتحدث الناشطة النسوية إيفون مسعد لرصيف22 عن ظاهرة ارتداء الحجاب من أجل الزواج، فتقول: "تظن الفتاة خطأ أن الزواج سيحقق لها الحرية التي تفتقدها في منزل والدها لأنها لا تستطيع تحقيق ما تريده، ولذلك لا تجد مانعاً من فعل أي شيء من أجل الحصول على زوج حتى لو وصل الأمر لارتدائها الحجاب دون اقتناع، ثم تصطدم بعد ذلك بالواقع المؤلم فتجد أن زوجها قد يسلبها حريتها أكثر".
"كنت أريد أن أتزوج بأية طريقة ولم أكن محجبة إذ لم أشعر يوماً أن الحجاب ضرورة أو أنه سيزيد من احترام الناس لي أو احترامي لنفسي، لكن عندما أخبرني والدي أن ابن زميله يبحث عن فتاة للزواج منها لكنه يشترط أن تكون محجبة، وافقت"
في سياق حديثها، تشير مسعد إلى نظرة المجتمع للمرأة غير المحجبة، قائلة: "عندما نخاطب الناس قائلين إن الحجاب يجب أن يكون عن اقتناع وأنه لا يجب فرضه على الأطفال قبل سن البلوغ حتى لا تجد الفتاة نفسها عندما تكبر ترتدي حجاباً لا تقتنع به يتهموننا بالتشجيع على تمرد النساء، وهذا غير صحيح، فالرجل لا يزال يعتقد أن المرأة المحجبة هي الأكثر قدرة على الحفاظ على بيته وتربية أولاده وأنها لا تقع أبداً في الخطيئة، وقد يكون هذا صحيحاً وقد يكون العكس، مثلما قد تكون غير المحجبة في غاية الاحترام وتحمّل المسؤولية".
يتحدث الخبير الاجتماعي سعيد صادق بدوره عن الظاهرة لرصيف22، معتبراً أن "المرأة ترغب في الهروب من فكرة العنوس وضغط الأهل والمجتمع بأية طريقة وإن كان على غير اقتناع منها، فترى في الزواج حياة جديدة تضمن لها الحرية، لتكتشف مع الوقت أنها وقعت في فخ الاختيار الخاطئ وقد تكمل الزواج دون قناعة منها".
يعلق صادق: "ارتداء المرأة للحجاب دون اقتناع أو فرض الرجل له عليها فيهما ذكورية، فقبول العروس بشرط الحجاب يرضي إحساس الرجل بذكورته وقوته وهيمنته... فهل يمكن أن يحدث العكس إذا طلبت المرأة من الرجل الالتزام بملابس معينة لتقبل الزواج به؟ الرجل يريد أن يشعر أنه سي السيد وهكذا يكون الحجاب بداية الهيمنة التي لن تتوقف".
ييلفت الباحث الاجتماعي إلى مستقبل هذا النوع من الزيجات، قائلاً: "قد يستمر الزواج لو سايرت المرأة حتى لو اكتشفت أنها ارتكبت خطأ فادحاً، عندما تجد أن لا بديل لديها وليس هناك من يعيلها اقتصادياً، أو عندما تكون قد تربت على الخضوع للرجل، ولكن قد تتمرد المرأة مثلما حدث مع سوريات وجدن الحرية عندما هاجرت فاهتزت الزيجات القائمة أساساً على القمع والقهر".
"كنت في الـ17 من عمري وكنت أريد الزواج والخروج من منزل أهلي بأية طريقة. وقتها كان هناك عريس لكنه يريد الزواج من فتاة منقبة... رغبتي الشديدة في الزواج دفعتني لارتداء النقاب وتزوجت منه، لكن الحرية التي كنت أبحث عنها لم أجدها"
الخبيرة النفسية الدكتورة سراء الأنصاري تصف بدورها، خلال الحديث لرصيف22، شرط الحجاب بـ"الغباء من الرجل"، لأنه "يظن أن الحشمة نابعة من المظهر والشكل وهذا غير صحيح على الإطلاق".
تلفت الأنصاري إلى أن "الرجل مثله مثل المرأة يخضع لتقاليد المجتمع، فهو يريد أن يظهر أمام عائلته وذويه أنه محترم وأنه اختار لنفسه زوجة محجبة قادرة على الحفاظ على بيته وأولاده، وهذا المتعارف عليه وهذا ما يحدث للأسف".
وتتحدث خبيرة العلاقات الزوجية عن حاجة المرأة للزواج والتي تدفعها أحياناً للموافقة على ارتداء الحجاب دون اقتناع، فتقول: "المرأة تعيش ظروفاً مجتمعية عصيبة، وللتماشي معها في بعض الأحيان تحتاج إلى الزواج، وبالتالي إلى قبول شرط الحجاب عندما يُفرض دون اقتناع.
"المهم برأيي أنها لو قالت نعم أن تكمل التزامها وإلا ستكون الحياة الزوجية مهددة بالخطر، ومن الأولى إن كانت غير مقتنعة بالحجاب ألا توافق على ارتدائه منذ البداية، وتتخلى عن فكرة الزواج مؤقتاً حتى تقابل رجلاً يحبها ويوافق على الارتباط بها دون شروط مسبقة"، كما تختم الأنصاري كلامها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون