في الذكرى السنوية التاسعة لمجزرة ملعب بورسعيد في مصر، نقدّم هنا ترجمة أعدّها هوزان شيخي لمقال للكاتب الرياضي السويدي إيريك نيفا* Erik Niva كتبه في شباط/ فبراير 2017. وقت نشر المقال الأصلي في السويد، كانت قد مرَّت خمسةُ أعوام على المجزرة، وكان المنتخب المصري سيخوض يومها المباراة النهائية في كأس أمم إفريقيا 2017 ضد الكاميرون. المقال نُشر لاحقاً في كتاب #jagärfotboll (#أنا-كُرة-القدم)، والترجمة تمّت بعد الاتفاق مع الكاتب، وفي الآتي نصها:
أنا الأهلي
كانتْ المجزرة الأسوأ في تاريخ كرة القدم.
لا، لم يكن حادثاً عرضياً، لم يكن خللاً مِعمارياً في بناء المدرّجات، ولم يكن سهواً بشرياً عادياً... كانت مذبحةً مُعدّةً بموافقة سياسية وربما مذبحةً بتنفيذٍ سياسي.
في هذا الأسبوع، تكون قد مضت خمسة أعوام على اليوم الذي ذهب فيه 74 شاباً إلى مباراة كرة القدم في بورسعيد المصريّة، الأكبر فيهم كان عمره 27 عاماً، وصلوا جميعاً إلى مكان قتلهم.
خمسة أعوام مرت منذ أن اتصلتْ أُختٌ خائفةٌ بأخيها تطمئن عليه، فأفزعها صوتٌ غريبٌ ردَّ على هاتفه:
ـ أين أخي الصغير؟
ـ قتلناه للتو.
ـ ماذا؟ مَن يتحدث؟
ـ تتحدثين مع قاتل أخيكِ.
ما زلنا لا نعرف بالضبط مَن فعل ومَن أمر، لكننا نعرف بعض الأشياء.
"نعرف أن الربيع العربي كان قد انطلق، أن أجهزة السلطة المصرية كانت قد بدأت بالانهيار بعد 55 عاماً في الحكم، ونعرف أن أعضاء ألتراس الأهلي كانوا مُبادرين في الثورة. نعرف أيضاً أن أعضاء الألتراس هؤلاء صنعوا لأنفسهم أعداء أقوياء متعطشين للانتقام"
نعرف أنَّ الربيع العربي كان قد انطلق، أنَّ أجهزة السلطة المصرية كانت قد بدأت بالانهيار بعد 55 عاماً في الحكم، ونعرف أنَّ أعضاء ألتراس الأهلي كانوا مُبادرين في الثورة. نعرف أيضاً أن أعضاء الألتراس هؤلاء صنعوا لأنفسهم أعداءً أقوياء متعطشين للانتقام.
نعرفُ أنَّ رجالاً عابسين سافروا بالباصات إلى بورسعيد في ذلك اليوم، وأنَّ الحرس على مداخل جمهور الفريق المُضيف اختفوا لأسباب نجهلها. نعرفُ أن رجال الشرطة تنحوا جانباً حين اجتاح جمعٌ من الزعران أرض الملعب حاملين سكاكين ومُدىً وزجاجاتٍ مُكسّرة.
نعرفُ أنَّ المخارج من مُدرّجات الفريق الضيف اُغلِقتْ فجأةً وأنَّ الأضواء في الملعب أُطفئت حين بدأت المذبحة.
نعرفُ أيضاً أن 74 شخصاً قُتلوا يومها.
"نعرف أن رجالاً عابسين سافروا بالباصات إلى بورسعيد في ذلك اليوم، وأن الحرس على مداخل جمهور الفريق المُضيف اختفوا لأسباب نجهلها. نعرف أن رجال الشرطة تنحّوا جانباً حين اجتاح جمع من الزعران أرض الملعب حاملين سكاكين ومُدى وزجاجات مكسّرة"
خمسة أعوامٍ مضت، انعدام الثقة بين أجهزة السلطة والأجيال الشابة يكبر -كل روابط الألتراس في البلد متّهَمة بالإرهاب الآن- وفي الإطار ما زالت كرة القدم المصرية تتلوى من الوجّع.
اليوم يلعب المنتخبُ الوطني المباراة النهائية للفوز بكأس الأمم الإفريقية للمرة الثامنة. المرة الأولى التي يصلون فيها إلى النهائيات بعد مجزرة بورسعيد، وربما تجوز اليوم فكرة الكتابة عن دوائرَ تنغلق وجروحٍ تندمل. وربما تكون الفكرة طيشاً خائباً.
خمسة أعوامٍ مرتْ منذ المجزرة الأسوأ في تاريخ كُرة القدم، والراحلون ذلك اليوم لن يعودوا إلى الحياة.
*إيريك نيفا هو صحافي رياضي سويدي مختص بكرة القدم، حصل على جائزة الدرع الذهبية كأفضل صحافي رياضي باختيار الجمهور السويدي لـ11 عاماً على التوالي، من 2010 حتى 2020. يكتب نيفا بشكل دائم عن التأثيرات الاجتماعية المتبادلة بين السياسة وكرة القدم في مناطق مختلفة من العالم. والمقال المترجَم مأخوذ عن كتابه #jagärfotboll وهو كتاب مصوَّر يقدم فيه جزءاً من مجموعته من قمصان كرة القدم مع مقال عن كُلّ قميص.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...