شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
برنارد لويس وفوكوياما في ليبيا.. كيف استمال القذافي الأكاديميا الغربية بأموال النفط؟

برنارد لويس وفوكوياما في ليبيا.. كيف استمال القذافي الأكاديميا الغربية بأموال النفط؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 22 يناير 202103:57 م

شهد العالم العربي عام 2003 العديد من التطورات السياسية الكبيرة، وعدا الغزو الأمريكي للعراق، برز التوجه الجديد لليبيا آنذاك، بقيادة العقيد معمّر القذافي، للانفتاح على الغرب والخروج من العزلة الدولية التي عانت منها بلاده لسنوات طويلة.

ولتحقيق هذه الغاية انتهج القذافي عدّة أساليب منها تصفية الخلافات القانونية مع دول غربية، ومنها طلب دعم شخصيات سياسية أوروبية ليوفّروا لنظامه غطاءً دوليّاً.

وفي سياق هذه الحملة لفتح بلد عربي ضخم بموارد نفطية ثرية على العالم، لمعَت دولارات النفط في عيون مثقفين وأكاديميين أوروبيين وأمريكيين كبار، بعضهم من أشهر أساتذة العالم، منهم المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما، وعالم الاجتماع البريطاني أنتوني غيدنز.

في هذا التقرير نستعرض استئجار نظام القذافي لشركات ضغط سياسي أمريكية، وشركات علاقات عامة، لاستقدام مفكرين دوليين كبار إلى خيمته، في إطار حملة دولية لتلميع العقيد الليبي وتحسين صورته أمام العالم.

القذافي يعرض نفسه على العالم مرة أخرى

شهدت ليبيا خلال فترة التسعينيات وحتى عام 2004 عزلة دولية شديدة، قادتها البلدان الغربية ضد نظام القذافي، متهمةً إياه بعدّة أعمال عنف استهدفت مواطنين غربيين، أبرزها إسقاط طائرة تابعة لشركة "بان أميريكان" الأمريكية التي راح ضحيتها 259 شخصاً معظمهم أمريكيون، بالإضافة إلى تفجير ملهى في برلين عام 1986، راح ضحيته ثلاثة قتلى و260 جريحاً، ما ألصق بنظام القذافي تهمة مساندة "الإرهاب" الدولي، وفي هذا السياق تحرك مجلس الأمن الدولي ليقرّ عقوبات ضد نظام القذافي سنة 1992.

منذ 2003، سعى نظام القذافي للخروج التدريجي من العزلة الدولية المفروضة عليه، وذلك بتصفية القضايا العالقة بينه وبين البلدان الغربية، ويرجع محللون ذلك إلى خوف القذافي من مصير صدام حسين وما حصل للعراق بعد احتلال أمريكا له في 2003.

وفي إطار سياسة الانفتاح هذه، تخلّت ليبيا رسميّاً عن مشروعها النووي، وأفرج عن الممرضات البلغاريات المتهمات بحقن أطفال ليبيين بدم ملوّث بفيروس الإيدز. واعترف النظام بمسؤوليته عن إسقاط الطائرة الأمريكية "بان أميريكان" المعروفة بـ"قضية لوكربي" ووافق على تعويض الضحايا بمبلغ مليارين و700 مليون دولار، مقابل رفع اسم ليبيا من قوائم الدول الراعية للإرهاب، وعودة الشركات الأمريكية للاستثمار في مجال البترول.

بالتوازي مع ذلك، سعت ليبيا لكسب رضا مسؤولين أوروبيين كبار، فمثلاً موّل القذافي الحملة الرئاسية للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وضخّ استثمارات في إيطاليا، وأثمرت هذه الاستراتيجية زيارة عدة مسؤولين غربيين لطرابلس، من بينهم رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والرئيس الفرنسي السابق ساركوزي، وذهب القذافي في زيارة رسمية إلى فرنسا بعد فوز الأخير بالرئاسة سنة 2007.

كيف سوّقت ليبيا لسياستها الانفتاحية من بوابة واشنطن؟

تكشف ملفات وزارة العدل الأمريكية تفاصيل العقود التي وقّعها النظام الليبي مع شركات العلاقات العامة للتسويق لنفسه وإعادته للساحة الدولية. من بين هذه العقود عقد وُقع بين اللجنة الشعبية العامة الليبية، و"مونيتور كومباني غروب" Monitor Company Group، والتي تكفّلت باستقدام عدّة أسماء ثقيلة في عالم الفكر والأكاديميا لزيارة ليبيا، وعقد لقاءات شخصية مع معمر القذافي.

بدأ العقد مع الشركة في الأول من مايو (أيار) 2006، وأتى باسم "اللجنة الشعبية العامة"، وهي الهيئة التنفيذية للسلطة في ليبيا، أي الحكومة الليبية.

ووقّع على العقد من الجانب الليبي، عبد الله السنوسي الرجل الثاني في النظام، وذراع معمر القذافي الذي شغل منصب قائد المخابرات العسكرية، وتشير عدّة مصادر صحافية إلى ارتكابه انتهاكات حقوقية حين عمل مسؤولاً أمنيّاً في النظام الليبي، بالخصوص مجزرة سجن أبو سليم سنة 1996 التي راح ضحيتها قرابة 1200 من المعتقلين السياسيين.

كذلك، اتُّهم السنوسي بالتورّط في تفجير طائرة "يو تي آي" الفرنسية، وبعد الثورة قُبض عليه في مطار نواكشوط في موريتانيا، ونُقل إلى ليبيا حيث حكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص، ولكنه ما زال مسجوناً حتى الآن وتطالب قبيلته، المقارحة، بالإفراج عنه.

عبد الله السنوسي

ومن جانب الشركة، وقّع على العقد ستيفن جينينغز، مدير في الشركة. وقد استمر العقد حتى 7 يناير (كانون الثاني) 2011، وبلغت قيمة الرسوم التي دفعها نظام القذافي للشركة 6 ملايين و721 ألف دولار أمريكي.

أكاديميون وأستاذة جامعيون لمناقشة "الكتاب الأخضر"

ريتشارد بيرل... داعية حرب العراق

يأتي اسم ريتشارد بيرل بين الشخصيات التي استقدمتها الشركة إلى ليبيا في زيارتين، وجمعته لقاءات مع معمر القذافي، وعبد الله السنوسي، وتكشف الوثائق حصوله على 111 ألف دولار أمريكي مقابل زياراته لليبيا.

عملَ بيرل رئيساً لمجلس سياسة الدفاع، وهو مجلس استشاري لوزارة الدفاع الأمريكية، مكوّن من مدنيين لمناقشة شؤون عسكرية ودفاعية، وهو صديق مقرب من دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي الذي أشرف على حرب العراق.

لمعَت دولارات القذافي في عيون مثقفين وأكاديميين أوروبيين وأمريكيين كبار، بعضهم من أشهر أساتذة العالم، منهم المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما، وعالم الاجتماع البريطاني أنتوني غيدنز، والباحث برنارد لويس...

ويعرف عن ريتشارد بيرل أنه أحد رموز تيار "المحافظين الجدد"، وأحد مهندسي حرب العراق. وواجه انتقادات شديدة في الصحافة الأمريكية دفعته للاستقالة من منصبه، بعد اتهامه بالتربّح من الحرب العراقية وتعارض المصالح بين دعوته إلى احتلال العراق وعلاقاته بالمتعاقدين الحربيين وشركات الأسلحة.

وفي لقاء بيرل مع القيادة الليبية، نوقشت عملية السلام في الشرق الأوسط، وتطورات حرب العراق ومكافحة "التطرف الإسلامي"، ومستقبل العلاقات الأمريكية الليبية، وحاجة ليبيا لتحسين ملفها في حقوق الإنسان.

أما في الزيارة الثانية لبيرل، فقد نوقشت خطوات يمكن أن يقوم بها النظام مع المجتمع اليهودي في ليبيا وعلاقته بالمسلمين وبالشرق الأوسط.

أنتوني غيدنز... عالم اجتماع ومستشار توني بلير

أنتوني غيدنز هو اسم لامع في مجال علم الاجتماع، عمل أستاذاً في جامعة كامبريدج ثم مديراً لجامعة لندن للاقتصاد، وعمل مستشاراً لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير.

لغيدنز إسهامات مهمة في النظرية الاجتماعية، خصوصاً نظريته لتفسير السلوك البشري وعلاقته بالبنية والفردانية، كما تناول في أعماله مسألة الحداثة، وروّج لمفهوم "الطريق الثالث"، لإنهاء الاستقطاب بين الرأسمالية والاشتراكية.

وكان غيدنز من الشخصيات الأكاديمية التي زارت ليبيا بتنسيق من الشركة، وفي الزيارة، بين 28 و30 يوليو (تموز) 2006، ألقى محاضرات في جامعة الفاتح في ليبيا، والتقى بأكاديميين ليبيين، من بينهم يوسف الصواني مدير مؤسسة القذافي، وشخصيات من النظام الليبي من بينهم عبد الله السنوسي.

وتكشف الوثائق حصول غيدنز على 67 ألفاً و470 دولاراً أمريكياً من الشركة مقابل زيارة لليبيا.

ركز غيدنز في محاضراته على الديمقراطية والعولمة، والمساواة والحرية والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى المشاركة السياسية وذم الفقر والتسلط الحزبي، والتقى مع معمر القذافي وتناقشا في سبل النمو الاقتصادي الليبي وانفتاح ليبيا على العالم الخارجي.

وقد نشر غيدنز مقالة في صحيفة "الغارديان" البريطانية عن زيارته، مدح فيها إصلاحات القذافي الاقتصادية وأشار إلى امتلاكه شعبية حقيقية في صفوف الشعب الليبي، وانتقد غياب الديمقراطية وحرية التعبير، ولوّح إلى أن القذافي يمكن أن يحمل مشروع التغيير، وأضاف أن أمنيته أن تصبح ليبيا نرويج شمال إفريقيا، بعد عقدين أو ثلاثة.

فوكوياما.. منظّر الديمقراطية الليبرالية مع صاحب الكتاب الأخضر

لعل أبرز الأسماء المعروفة عالمياً التي نجحت الشركة في استقدامها إلى ليبيا، المنظر السياسي الأمريكي فرانسيس فوكوياما، أحد أبرز المفكرين السياسيين الحديثين، واشتهر بكتابه "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" الذي يناقش فيه انتصار الفكر الليبرالي في عالم ما بعد الحرب الباردة.

زار فوكوياما ليبيا مرتين، وأخذ مقابل زياراته 80 ألف دولار بحسب الوثائق.

معمر القذافي، فرانسيس فوكوياما، اللوبيات

صورة لقائمة بنفقات الشركة، ويظهر فيها تلقّي فوكوياما 40 ألف دولار، الدفعة الأولى من أصل 80 ألف أخذها من الحكومة الليبية. الدفعة الأولى في ديسمبر 2016، والثانية في مارس 2017. المصادر: موقع وزارة العدل الأمريكية  (1)و(2).

الزيارة الأولى جرت بين 14 و17 أغسطس (آب) 2006، والثانية بين 12 و14 يناير (كانون الثاني) 2007، وفي زياراته ألقى محاضرات في مقر جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، وتحدث عن الاتساع المستمر للسوق الحرة والديمقراطية، وعن دور المرأة في التنمية الاقتصادية وفي الإصلاح الديمقراطي.

زيارة المنظّر الأمريكي شهدت لقاءات مع عدّة قيادات ليبية، منها القذافي والسنوسي، وفي اجتماعه مع القذافي تحدثا في توزيع الثروة الاقتصادية في ليبيا، وناقشا كتاب جون لوك عن الملكية واللامساواة الاقتصادية، وأخيراً دور القوة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، ومخاطر انتشار "الإسلام الراديكالي".

استئجار نظام القذافي لشركات ضغط سياسي أمريكية، وشركات علاقات عامة، لاستقدام مفكرين دوليين كبار إلى خيمته، في إطار حملة دولية لتلميع العقيد الليبي وتحسين صورته أمام العالم

وتضم قائمة مَن التقى بهم مسؤولين آخرين، منهم يوسف صواني، المدير التنفيذي لمؤسسة القذافي للتنمية، بالإضافة إلى شخصيات من "اللجنة الدستورية"، من بينهم الأستاذ بكلية الاقتصاد في جامعة قاريونس زاهي المغربي، وشخصيات أخرى ذكرت في الوثائق هي: إبراهيم بوغازي، والبروفيسور مهادبي، دون تعريف بمَن يكونون.

شيخ صوفي وعالم من "أم آي تي"

وضمّت الزيارات نيكولاس نيغروبونت، الأستاذ الجامعي في معهد "أم آي تي" (MIT) الأمريكي الشهير، وهو مهندس معماري وصاحب مبادرة "كومبيوتر محمول لكل طفل" التي ساهم القذافي بدعمها مالياً. وهو شقيق جون نغيروبونت، دبلوماسي أمريكي عريق عمل سفيراً في عدة دول منها العراق، وكانت له زيارة إلى ليبيا. في زيارة نيكولاس نيغروبونت لليبيا التقى مثل غيره بالقذافي والسنوسي.

وعلى القائمة اسم لشخصية دينية، محمد هشام قباني، شيخ صوفي أمريكي من أصول لبنانية، التقى بالقذافي والسنوسي، وبشيوخ دين ليبيين منهم محمد الشريف، وناقش في اجتماعاته إمكانية تحسين العلاقات الأمريكية الليبية، والصوفية بديلاً عن "الإسلام الراديكالي". وتكشف الوثائق حصوله على 20 ألف دولار مقابل زيارته لليبيا، و3 آلاف دولار لدفع نفقاته أثناء السفر.

واكتسب الشيخ الصوفي اهتماماً كبيراً من الجهات الرسمية والإعلامية في الولايات المتحدة، إذ حذّر قبل سنتين من أحداث 11 سبتمبر 2001 من خطر حدوث أعمال عنف ومن أن "الفكر المتطرف" يغزو أوساط مسلمي أمريكا حسب قوله، وهو ما جعل الإعلام يسترجع هذه التصريحات بعد هجمات نيويورك ويحتفي به باعتباره أول مسلم يحذّر من "خطر الإرهاب".

ونظّمت الشركة زيارة لأستاذ العلوم السياسية والكاتب بنجامين باربر، وقد عُرف باربر بكتابه "الجهاد ضد عالم ماك"، والذي يقدم فيه أطروحة تقول بأن العالم في سنة 1995 تحرّكه قوّتان متضادتان مهددتان للديمقراطية، وهما العولمة التي جاءت بها الرأسمالية، والجهاد.

وبحسب الوثائق، أخذ باربر 101 ألف و789 دولار أمريكي مقابل زيارته.

ويذكر أنه عملَ مستشاراً للرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وفي زياراته لليبيا ألقى محاضرات في مركز الكتاب الأخضر، والتقى بمسؤولين ليبيين من بينهم عبد الله السنوسي، ويوسف صواني، وأمل عبيدي، كما التقى بالقذافي وناقشا إمكانية تطبيق أفكار الكتاب الأخضر على ليبيا الحديثة.

وبعد عودته إلى الولايات المتحدة، كتب بابر مقالة في صحيفة "واشنطن بوست" يمتدح فيها القذافي وإصلاحاته ويصفه بالمفكر المتأقلم، ووصف فيها ابنه سيف الإسلام بالموهوب، وامتدح بشدة النهج الجديد للنظام الليبي بعد إنهاء الملفات العالقة مع الغرب مثل قضية لوكربي والممرضات البلغاريات والتخلي عن البرنامج النووي.

ودافع عن لقاءاته هو وباقي الأكاديميين والمفكرين بالقذافي وأكّد وجود نية حقيقية للإصلاح لدى النظام الليبي، وذلك بعد الانتقادات الحادة التي تعرّض لها هؤلاء بسبب دعمهم لنظام ديكتاتوري.

برنارد لويس وسلوتر.. مؤيدو غزو العراق في خيمة القذافي

لعل برنارد لويس هو أثقل شخصية في القائمة من الأكاديميين الغربيين الذين اجتمعوا بالقذافي والسنوسي.

لويس من كبار المختصين الغربيين بتاريخ الإسلام والشرق الأوسط، والدولة العثمانية تحديداً، خدم في الجيش البريطاني وفي الاستخبارات خلال الحرب العالمية الثانية، ثم انتقل إلى أمريكا ليعمل أستاذاً فيها.

ألّف لويس عدة كتب عن الشرق الأوسط والإسلام، وكان مستشاراً للرئيس الأمريكي جورج بوش ومؤيداً شرساً لحرب العراق، ولمقولاته وتحليلاته للمنطقة وزنٌ وتأثير كبير في الإعلام والأكاديميا الغربية، ويرى لويس حتمية الصدام بين الحضارتين الغربية والإسلامية، وهو من النخبة الغربية التي قدّمت تبريرات فكرية وأخلاقية للحضور الغربي في الشرق الأوسط.

وفي زيارته ناقش معه القذافي عملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني، والسياسة في الشرق الأوسط وتاريخها، وخطر "الإسلام الراديكالي". ولاحقاً قال برنارد لويس إن القذافي ناقشه بسيناريو تأسيس دولة واحدة للإسرائيليين والفلسطينيين، باسم "إسراطين".

ونسّقت الشركة لزيارة جوزف ناي، الأستاذ الجامعي في جامعة هارفارد، ومنظر في السياسة الخارجية الأمريكية، وعدا عن عمله الأكاديمي وتأليفه الكتب والنظريات حول "القوة الناعمة" والأخلاقيات السياسية، كان لناي دور سياسي، إذ عمل رئيساً للمجلس الوطني للاستخبارات لقرابة عامين في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وعمل مستشاراً لوزارة الدفاع الأمريكية.

وتُورد الوثائق تلقّي ناي لمبلغ 27 ألف و500 دولار أمريكي مقابل زيارته، أخذها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010.

ونسّقت الشركة لقاءً له مع مسؤولين في النظام الليبي، من بينهم القذافي ونجله سيف الإسلام، وفي هذه الجلسات ناقشوا النظريات السياسية للكتاب الأخضر، والسياسة الأمريكية وحقوق الإنسان، وفرص تطوير الاقتصاد الليبي.

وعموم الشخصيات التي استضافها نظام القذافي هم باحثون أكاديميون لهم تأثير في السياسة الخارجية لبلدانهم، ولبعضهم ميول يمينية ومنتمون للتيار المحافظ، ومؤيدون للحلول العسكرية والتدخل الأمريكي في الشرق الأوسط بشكل خاص.

ويتوّج هذا التوجه باستقبال شخصيات مثل آن ماري سلوتر، الأستاذة الجامعية القريبة من الحزب الديمقراطي، ومديرة تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية تحت قيادة هيلاري كلينتون ما بين يناير (كانون الثاني) 2009 وفبراير (شباط) 2011.

دافعت سلوتر في مقال لها عن غزو العراق، واعتبرت أن على الولايات المتحدة الأمريكية غزوه حتى بدون موافقة الأمم المتحدة، ووصفت الغزو بأنه قد لا يكون قانونياً ولكنه "شرعي"

ونسّقت الشركة زيارةً لآندرو مورافشيك، أستاذ العلوم السياسية ومدير برنامج دراسات الاتحاد الأوروبي في جامعة برينستون الأمريكية، والتقى خلال زيارته لليبيا مسؤولين كباراً، من بينهم السنوسي، ومحمود جبريل، أمين مجلس التخطيط الوطني ومدير مجلس التطوير الاقتصادي في عهد القذافي، ويوسف صواني مدير مؤسسة القذافي للتنمية، وسيف الإسلام القذافي، وهند سيالة، سفيرة ليبيا إلى جمهورية مالطا سابقاً، ومديرة مكتب مستشار الأمن القومي المعتصم القذافي.

وأيضاً التقى بحامد الحضيري، وهو سفير سابق ومترجم، ومساعد مقرّب من القذافي حينها. وتناقش الطرفان في العلاقات الليبية الأمريكية وأزمة دارفور في السودان، والتطور الاقتصادي الليبي، بحسب ملفات وزارة العدل الأمريكية.

ونسقت الشركة زيارةً لهرناندو دي سوتو، الأستاذ الجامعي المتخصص في الاقتصاد غير الرسمي ومؤسس مركز "معهد الحرية والديمقراطية"، وقد التقى بمسؤولين في النظام الليبي وألقى محاضرات حول التعديل القانوني وأثره على النمو الاقتصادي، في فندق المهاري في طرابلس.

والتقى بسيف الإسلام القذافي، وبمحمود جبريل، وناقش في اجتماعاته دور الكتاب الأخضر المحتمل في النمو الاقتصادي الليبي، واستراتيجيات الاقتصاد غير الرسمي في البلدان النامية.

وعملت الشركة على تنسيق زيارة لكريغ كينيدي، رئيس صندوق مارشال الألماني، وهو مؤسسة أمريكية غير حزبية، تقدّم منحاً مكرسة لتعزيز المزيد من التعاون والتفاهم بين الولايات المتحدة وأوروبا، ورونالد أسموس، مسوؤل رفيع في نفس المؤسسة، ودبلوماسي أمريكي سابق.

وقد التقت الشخصيتان بمسؤولين في الدولة الليبية، من بينهم القيادي العسكري الشيخ محمد شريف، ومدير التخطيط في شركة النفط الوطنية الليبية طارق حسن بك والأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة قاريونس زاهي المغربي، والأكاديمي محمد باني، والسفير السابق حامد عربي الحضري، ومساعد وزير الخارجية حينها محمد طاهر سيالة، وسيدة باسم زينب عثمان.

بالإضافة إلى الشخصيات الأكاديمية السابق ذكرها، نسّقت الشركة مجموعة اتصالات مع مسؤولين أمريكيين في الكونغرس والخارجية الأمريكية ووزارة الخزانة، لمناقشة تطورات أعمال الشركة في ليبيا لحساب الحكومة الليبية.

عمل في الشركة في هذه الفترة بروس ألين، وهو باحث أول في جامعة هارفارد، في كلية الحقوق، ومختص بالشؤون الروسية والسوفياتية، ولم توضح الوثائق طبيعة عمله، ولكن المدفوعات المالية توضح حصوله على 201 ألف دولار أمريكي مقابل خدماته.

الذكرى الثلاثين لتأسيس اللجنة الشعبية العامة

عقد آخر وقّعه عبد الله السنوسي باسم اللجنة الشعبية العامة لليبية، هذه المرة مع "مجموعة وي تو" W2 Group، وهي شركة تسويق عالمية، وذلك بتاريخ 26يناير (كانون الثاني) 2007، للترويج لسياسة ليبيا في الانفتاح على العالم أكثر، وبشكل خاص للترويج للذكرى الثلاثين لتأسيس اللجنة الشعبية.

نفس السنة شهدت أول زيارة أوروبية للقذافي نحو فرنسا، وانتهى العقد بنهاية عام 2007، وبلغت قيمة المدفوعات 180 ألف دولار. وقد وقّع الطرف الليبي والشركة المذكورة على عقد ثان بين شهري سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) 2007، وبلغت مدفوعاته 60 ألف دولار.

عملت الشركة على تنظيم حلقات نقاشية في ليبيا، ورتّبت اتصالات بين مسؤولين ليبيين ومكاتب وسائل إعلام مكتوبة ومرئية في أوروبا وأمريكا لتغطية الحدث، وشمل ذلك عدة قنوات من بينها "سي أن أن»" و"رويترز"، و"أسوشييتد برس"، و"بي بي سي"، وقناة "الجزيرة".

وقدمت الشركة خدمات لمسؤول ليبي لم تذكر الوثائق اسمه، لترتب له مقابلات مع المكاتب الأجنبية لـ"نيوزويك"، و"بي بي سي"، ومجلة "تايم".

*هذا التقرير جزء من مشروع "الحج إلى واشنطن" الذي عمل عليه موقع "ساسة بوست" ويغطّي أنشطة لوبيات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة بين 2010-2020. ومعظم المعلومات الواردة فيه تستندُ إلى وثائق من قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل الأمريكية، تتبع لقانون "تسجيل الوكلاء الأجانب" (فارا) الذي يلزم جماعات الضغط بالإفصاح عن أنشطتها وأموالها، وكافة الوثائق متاحةٌ للتصفح على الإنترنت.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard