في حصيلة مرشحة للتزايد خلال الساعات القادمة، قُتل 26 يمنياً جراء هجمات صاروخية تعرض لها مطار مدينة عدن، وذلك أثناء استقبال أعضاء الحكومة الجديدة، الذين نجوا من الحادث بأعجوبة.
ويخوض اليمن حرباً أهلية مريرة منذ ست سنوات، بين الحوثيين المدعومين من إيران، والحكومة اليمنية التي تساندها السعودية والإمارات في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.
واتخذ القتال بعداً جديداً في عام 2017 بعد تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تدعمه الإمارات، والذي يطالب بانفصال الجنوب عن شمال، وهو ما أثار قتال عنيف مع القوات الحكومية.
ماذا جرى؟
هزت عدة انفجارات مطار مدينة عدن الساحلية جنوبي اليمن، وذلك بعد وقت قصير من وصول طائرة تقل الحكومة الجديدة من السعودية. وأسفرت الانفجارات عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصاً وإصابة أكثر 58 آخرين.
ورجح علي عبد الله صالح، مدير مكتب الصحة في عدن، ارتفاع عدد القتلى، حيث لا يزال 36 شخصاً في حالة خطيرة مع إصابات تتطلب عمليات جراحية كبيرة.
وقال وزير الإعلام معمر الإرياني إن التفجيرات جاءت نتيجة "هجوم إرهابي جبان" من قبل المتمردين الحوثيين.
وأظهرت لقطات فيديو لحظة سقوط صواريخ على مطار عدن، والتي لم يُكشف عن مصادر إطلاقها حيث أشار البعض أنها من طائرات مسيرة.
في العام الماضي، أطلق الحوثيون صواريخ على عرض عسكري في عدن، مما أسفر عن مقتل العشرات.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وقوع الانفجارات أثناء نزول أعضاء الحكومة الجديدة من طائرتهم التابعة لشركة الطيران الوطنية اليمنية، والتي كانت قادمة من السعودية.
وتصاعدت أعمدة كبيرة من الدخان، وركض الناس بحثاً عن مخبأ، فيما كان عشرات الضحايا ملقون على الأرض، مع انتشار كثيف لبقع الدم وشظايا الزجاج وتحطم واجهة المطار بسبب قوة الانفجارات.
وتم تشكيل الحكومة الجديدة في محاولة لرأب الصدع الخطير بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، والمجلس الانتقالي الذي يدعو إلى استقلال الجنوب في دولة منفصلة عن الشمال.
ومن المفترض أن تتوحد القوتين ضد جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء وجزء كبير من شمال غرب اليمن.
ويعانى اليمن من حرب أهلية منذ عام 2015، عندما استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء، وفر الرئيس اليمني إلى السعودية التي شنت عملية عسكرية مع الإمارات ودول خليجية وعربية أخرى لاستعادة حكم هادي.
وخلف القتال أكثر من مائة ألف قتيل، وهو يعد أسوأ كارثة إنسانية في العالم، مع وجود ملايين المدنيين الذين يعانون من المجاعة ووباء كورونا.
هزت عدة انفجارات مطار مدينة عدن الساحلية جنوبي اليمن، وذلك بعد وقت قصير من وصول طائرة تقل الحكومة الجديدة من السعودية. وأسفرت الانفجارات عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصاً وإصابة أكثر 58 آخرين
من يقف خلف التفجير؟
في حديث لرصيف22، رجح المحلل اليمني محمود طاهر أن "المليشيا الحوثي تقف خلف هذه العملية"، مشيراً إلى أن "الحوثي أرادت تحقيق عدة فوائد من جريمته الإرهابية بتفجير مطار عدن مع وصول الحكومة، منها خلط الأوراق وجعل الشكوك تحوم حول ‘الانتقالي‘ أو جناح داخله، وإرسال رسالة للشرعية، واستهداف حياة الوزراء وضرب اتفاق الرياض".
وفي رأي الطاهر، فإن ما حدث في عدن ينبغي أن يكون دافعاً للشرعية والانتقالي للعمل معاً بعكس إرادة من خطط ونفذ لهذه الجريمة، والمضي قدماً في تنفيذ اتفاق الرياض، والعمل على الخدمات الأمنية والاقتصادية والسياسية والعسكرية.
في هذا السياق، اعتبر العميد اليمني يحيى أبو حامد أن ما جرى في مطار عدن كان رسالة واضحة من جماعة الحوثي إلى المجتمع الدولي بأكمله بأنها ماضية في سياستها، واستبعاد الحل السياسي.
وقال العميد المتقاعد لرصيف22: "هذه العملية هدفها خلط الأوراق من البداية بين المجلس الانتقالي والحكومة وزرع الشكوك، وارباك الوزراء وأجبارهم على العودة إلى الرياض".
واتهمت الحكومة جماعة الحوثي بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف مطار عدن الدولي، بالتزامن مع وصول طائرة تقل أعضاء الحكومة الجديدة إلى مدرج المطار.
ونفى قيادي في جماعة الحوثي علاقة الجماعة بالهجوم الذي استهدف مطار عدن لحظة وصول الحكومة الجديدة.
وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للحوثيين خلال مداخلة على قناة الجزيرة القطرية: "لا علاقة لنا بهجوم عدن واتهامنا به أسطوانة مشروخة".
فيما رأى نائب رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي اليمني، هاني بن بريك، أنه من المبكر والسابق لأوانه اتهام جماعة الحوثي بتنفيذ الهجوم مطار عدن.
وقال بن بريك في تغريدة على تويتر:"الحوثي عدو ظاهر، فمن يرفع شعار الموت لن يكون إلا عدواً للبشر دون شك، ولكن من العجلة رمي التهمة للحوثي".
ولفت بن بريك إلى أن هناك أطراف أخرى مثل رجال قطر وتركيا، قائلاً :"ليس الحوثي المتضرر الوحيد من اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة، فالذين صرخوا ألماً من الاتفاق وإعلان الحكومة كثر، وهناك رجال نظام قطر وتركيا وصراخهم كان الأشد".
فيما دشن نشطاء يمنيون، محسوبون على حزب الإصلاح الذي يمثل الإخوان المسلمين، هاشتاغ "الإمارات تستقبل الحكومة بالباروت"، متهمين أبوظبي بالوقوف خلف الانفجارات التي ضربت عدن.
وغرد الناشط اليمني صدام الشغدري: "الإمارات تفخخ مدينة عدن التي يسيطر عليها مليشياتها وتستقبل الحكومه اليمنيه بالتفجيرات وتشعل مدينة عدن لتجبر الحكومة على العودة إلى الرياض. ليعلم العالم كله ما هي أفعال الإمارات؟".
وقال رئيس مركز هنا عدن للدراسات أنيس منصور: "بالانفجارات الإمارات تستقبل الحكومة الشرعية الجديدة كما أسلفت القول من يومين أن الإمارات تريد فقط بعض الوزراء وترفض البعض، الدولة في عدن بيد الانتقالي الإماراتي، وهو من يفعل كل شي ومسؤول عن كل صغيرة وكبيرة".
من جانبه دعا السياسي اليمني على البخيتي إلى تحقيق مستقل، قائلاً: "ما حدث في عدن لا يندرج ضمن الصراع السياسي والمواجهات المسلحة بين أطراف الحرب، إنها جريمة إرهابية بشعة أيًا كان مرتكبها، ولا يصح أن ينجوا الفاعل بفعلته".
وأضاف البخيتي في تغريدة له على تويتر: "يجب أن يكون هناك تحقيق جاد وشفاف تديره جهة مستقلة تملك خبرة في هكذا تحقيقات، فمعرفة من ورائه مفتاح لحل الكثير من القضايا".
يتوقع محللون يمنيون أن التفجيرات التي شهدتها عدن سوف تؤدي إلى اختفاء حالة التفاؤل التي نجمت عن تشكيل الحكومة الجديدة وإنهاء الصراع، ومع ذلك أكدوا أن حل بعض الأزمات خلال مائة يوماً القادمة سيكون مؤشراً على مدى نجاحها في المستقبل
ماذا بعد الانفجار؟
تم الإعلان عن مجلس الوزراء الجديد لتقاسم السلطة بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية في كانون أول/ديسمبر الحالي، بعد أكثر من عام من المفاوضات بوساطة سعودية.
يتوقع محللون يمنيون أن التفجيرات التي شهدتها عدن سوف تؤدي إلى اختفاء حالة التفاؤل التي نجمت عن تشكيل الحكومة الجديدة وإنهاء الصراع، ومع ذلك أكدوا أن حل بعض الأزمات خلال مائة يوماً القادمة سيكون مؤشراً على مدى نجاحها في المستقبل.
في رأي العميد أبو حامد، فإن أول خطوة يجب أن تقوم بها الحكومة هو معالجة القصور الأمني، والخلل في التنسيق، ومواجهة الاختلالات الأمنية، وانشاء جهاز استخبارات قوي.
ولفت الطاهر إلى أن مهمة الحكومة تجاوز أزمة الانفجارات والاتجاه إلى حل أزمات صرف المرتبات لجميع موظفي الجهاز الحكومي، ومنع الاعتقالات، وإنهاء المظاهر المسلحة، وإعادة الخدمات، ماء وكهرباء ومشتقات النفط، والغاز بالأسعار الحكومية".
وقال الطاهر إن "توحيد الجهود والبدء بالعمل العسكري لتحرير الأرض المحتلة من الحوثيين ومساعدة السكان للخروج من الأزمة الإنسانية، هي أهم المتطلبات المستقبلية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 9 ساعاتHi
Apple User -
منذ 9 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا