شُرّدت، وجُوّعت، وحُرمت من أبسط حقوقها، وانتهى بها الحال إلى المصير المحتوم. ماتت فاطمة إبراهيم هادي (12 عاماً) بعدما غزت صورها وسائل الإعلام العالمية كدليل حي على بشاعة أثر الحرب على اليمن وجرائم الأفرقاء الذين لا هم لهم إلا السلطة، وسط معاناة إنسانية تتفاقم بفعل "الصمت والنسيان".
وفاة فاطمة في 4 شباط/فبراير ليست إلا نتيجة للحرب التي تطحن اليمن منذ نحو خمس سنوات، ومثالاً حيّاً على ما يعانيه أطفال البلد الذي يعاني نحو 20 مليون شخص فيه من "انعدام الأمن الغذائي"، ويقبع نحو 10 ملايين على شفا المجاعة، بحسب الأمم المتحدة.
توفيت فاطمة إبراهيم البالغة من العمر 12 عامًا بعد معاناة طويلة من سوء التغذية في محافظة حجة شمال اليمن وبعد ان عجز والدها عن نقلها للعلاج في صنعاء. pic.twitter.com/JYcGVpDu4F
— MOHAMMED GHOBARI (@MohammedGhobari) February 4, 2020
وكانت وكالة رويترز قد سلطت الضوء على حالة الطفلة فاطمة في شباط/فبراير الماضي، بعدما نقلت عن طبيبتها أنها "جلد على عظم بعدما استُهلك مخزون الدهون في جسمها تماماً وأصبح وزنها 10 كيلوغرامات فقط".
لقطة العام 2019
واختارت الوكالة صورة فاطمة التي التقطت، في 17 شباط/فبراير الماضي، في عداد أقوى اللقطات التي تلخص أحداث العام 2019.
وقالت إن الصورة تلخص آثار الحرب والمجاعة اليمنية على أطفال اليمن، مذكرةً بأن أكثر من 82 ألف طفل قضوا بسبب الجوع بين نيسان/أبريل عام 2015 وتشرين الأول/أكتوبر عام 2018.
وعجز والد الطفلة عن نقلها إلى العاصمة صنعاء، حيث الرعاية الطبية الأكثر تطوراً في البلاد. وكان قد أجبر على النزوح وأطفاله الـ12 بعدما أجبروا على ترك منزلهم القريب من الحدود مع السعودية والاستقرار تحت شجرة في محافظة حجة (شمال غربي اليمن).
ولم تفلح محاولات الأمم المتحدة، ولا مبادرات بعض الأغنياء، في علاج الطفلة بإحدى عيادات مديرية أسلم، إحدى أفقر مناطق اليمن التي تشهد مستويات مرتفعة من سوء التغذية، وفق مواقع محلية.
"جلد على عظم"... مثلما جسدت "مثالاً حيّاً على بشاعة الحرب وأثرها"، رحلت الطفلة اليمنية فاطمة ابنة الـ12 عاماً مسلطةً الضوء على آلاف الأطفال اليمنيين الجياع الذين يقتلهم ببطء الصمت على معاناتهم
تضخم وجوع وعرقلة مساعدات
وتسببت الحرب بارتفاع شديد لمعدلات التضخم في اليمن، وهذا ما حد من قدرة المواطنين، ولا سيما الأُسر الكبيرة، على شراء الطعام والمواد الأساسية. وأسهمت أزمة عدم دفع مرتبات الموظفين الحكوميين في انقطاع الدخل الأساسي لكثير من الأسر اليمنية.
ومنتصف الشهر الماضي، حذر منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن راميش رجاسينغام، خلال كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، من شبح "خطر مجاعة جديدة" تهدد اليمن.
ولفت المسؤول الأممي إلى المعوقات الشديدة التي تواجه عمليات إيصال المساعدات للمستحقين، مبيّناً أن "القيود تعوق 6.7 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة"، واصفاً ذلك العدد بأنه "الأكبر حتى الآن".
بحسب رجاسينغام، يقدم برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه الغذاء إلى أكثر من 12 مليون يمني شهرياً، في حين يستفيد سبعة ملايين من مياه الشرب التي توفرها وكالات المساعدات الإنسانية، وتجرى 1.2 مليون معاينة طبية شهرياَ في ألفي مركز طبي تحصل على الدعم الأممي".
وأضاف: "الحصيلة أننا نساعد 15.6 مليون شخص هذا العام (2020)، أي نصف السكان"، محذراً من حصول المجاعة الجديدة قائلاً: "علينا ألا ندع ذلك يتكرر".
وتفاقمت الأوضاع في اليمن، منذ آذار/مارس عام 2015، جراء تدخل السعودية والإمارات، عبر تحالف دول عربية، في الصراع ضد قوات الحوثيين التي كانت قد استولت على العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر عام 2014.
وأدى هذا النزاع إلى "أكبر أزمة إنسانية في العالم" حسب وصف الأمم المتحدة، إذ قُتل وجُرِح نحو 17.500 مدني منذ عام 2015، ربعهم من النساء والأطفال، وفق "مشروع بيانات اليمن".
والأطفال هم الأشد معاناةً في هذا الصراع بسبب تعرضهم للقتل والجوع والحرمان من التعليم والتشرد والمرض والخطف والاعتداءات الجنسية والتجنيد، وغيرها من الانتهاكات التي وثقتها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...