شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
كما جميع الغُزاة… الأتراك ينقّبون عن آثار

كما جميع الغُزاة… الأتراك ينقّبون عن آثار "تل حلف" في سوريا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 7 ديسمبر 202012:37 م

أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء 6 كانون الأول/ ديسمبر، أن القوات التركية تواصل عمليات الحفر والجرف في "تل حلف" الواقع ضمن مناطق عملية "نبع السلام" التركية في ريف الحسكة، في إطار مساعيها إلى"التنقيب عن الآثار".


يقع "تل حلف" في شمال شرقي سوريا، على بعد ثلاثة كيلومترات جنوب غربي مدينة رأس العين (سرى كانييه) بريف الحسكة، ويحوي آثاراً تعود إلى الألفية السادسة قبل الميلاد.


أفاد المرصد، ومقره لندن، بأن القوات التركية استخرجت بالفعل "لُقى أثرية وفخاريات" من موقع تمركزها أعلى التل الأثري.


وسبق أن أشار المرصد، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إلى أن القوات التركية تقوم بعمليات بحث وحفر عن آثار ضمن أحياء قديمة في مدينة رأس العين، بما فيها أحياء المحطة والعبرة والكنائس. وأبرز المرصد أن الفصائل تبرر عملياتها تلك بالبحث عن أنفاق محفورة من قبل قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) قبل مغادرتها  المنطقة.


ويضم شمال سوريا العديد من المواقع الأثرية المهمة، وأبرزها المدن المنسية (الميتة) وهي مجموعة من المدن والقرى الأثرية ضمن حدود مدينتي حلب وإدلب وجرى وضعها على قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2013.


وناشدت اليونسكو مراراً الحفاظ على الآثار السورية التي تضررت بشدة جراء تسع سنوات من الحرب الأهلية، علاوةً على المعارك مع تركيا والاعتداء عليها من قبل تنظيم داعش الذي دمر بعضها واستولى على جزء آخر وباعه لتمويل أنشطته.

وجدت بالفعل "لُقى أثرية وفخاريات"... القوات التركية ماضية في عمليات حفر وجرف "تل حلف" الأثري في سوريا بحثاً عن آثار 

سطو على التراث الحضاري السوري

في تموز/ يوليو من العام الماضي، ناشدت المديرية السورية العامة للآثار والمتاحف كافة المنظمات الدولية والشخصيات المعنية بالثقافة والحضارة الإنسانية التدخل لحماية التراث الثقافي السوري ووضع حد للعدوان الجائر من قوات الاحتلال التركي على المواقع الأثرية بريف حلب.


جاء ذلك عقب تلقي الإدارة معلومات عن قيام القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بـ"جرف التلال الأثرية الواقعة في سهل عفرين (ريف حلب) بواسطة الجرافات للتنقيب عن الكنوز واللقى الأثرية التي تختزنها هذه التلال والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين"، محذرةً من أن ذلك يهدد بـ"دمار الطبقات الأثرية وتحطيم صفحات مضيئة من تاريخ وحضارة الشعب السوري".


وشددت الإدارة الأثرية في بيانها آنذاك على أن صوراً من المنطقة وصلتها تؤكد العثور على تماثيل ومنحوتات نادرة تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد وإلى العصر الروماني، لافتةً إلى أن عمليات التنقيب تجري في "معظم مواقع عفرين الأثرية المسجلة على قائمة التراث الوطني، ومن بينها تل برج عبدالو وتل عين دارة وتل جنديرس وموقع النبي هوري".


في تصريحات متعاقبة، دان المدير العام للآثار والمتاحف السورية، محمود حمود، "سرقة وتدمير" الكثير من المعالم والمواقع الأثرية عقب تعرضها للنهب والسلب والتدمير من قبل قوات الاحتلال التركية.


وفي حزيران/ يونيو الماضي، تحدثت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن بدء فصائل موالية لتركيا "عملية تنقيب جديدة" في عفرين، شمال حلب. وقالت إن تلك الفصائل بدأت "عمليات حفر وتجريف للتربة بحثاً عن الآثار واللقى شرق قرية كورا التابعة لناحية راجو" باستخدام معدات حديثة زودتهم بها القوات التركية التي "تشرف مباشرةً على عمليات التنقيب".

فيما تتذرع تركيا بالحفر بحثاً عن أنفاق محفورة من قبل قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) قبل مغادرتها مناطق أثرية عقب "نبع السلام"، أكدت مصادر المرصد السوري أنها تنقّب عن آثار

حضارة حلف

سيطرت تركيا على بلدة تل حلف على الحدودية القريبة من نهر الخابور منتصف تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019. ورغم انتهاء "نبع السلام"، التي أطلقتها أنقرة بالتعاون مع الجيش السوري الحر المعارض لنظام الرئيس بشار الأسد ضد القوات الكردية في شمال سوريا بالقرب من حدودها، باتفاق روسي تركي، لم تتوقف التفجيرات وعمليات استهداف آثار البلدة التي تضررت بشدة، وفق مواقع محلية عديدة.

و"تل حلف" هو الاسم المعاصر للموقع الذي أطلق العلماء على الحقب القديمة له في الألف الأول قبل الميلاد اسم "غوزانا"، على أن يشار به إلى مدينة أثرية في سوريا تمثل فترة زمنية في تاريخ بلاد الرافدين.


وكان العالم الألماني البارون ماكس فون أوبنهايم (1860-1946)، المؤرخ والأثري والدبلوماسي، قد اكتشف منطقة تل حلف الأثرية وانتشلها من التراب عام 1899، أثناء عملية استخباراتية لتحديد طرق سكة حديد بغداد البصرة، وظل حتى عام 1929 ينقّب في المنطقة وينقل آثارها إلى متحف تل حلف في برلين.


عقب اكتشاف الموقع الأثري، نُفذت بضع حملات للتنقيب فيه على يد أوبنهايم بين عامي 1911 و1913، ثم عام 1929، لنقل الكثير من اللقى الأثرية إلى برلين. خلال الحرب العالمية الثانية تعرض العديد من التحف للأضرار أو دمر، وأنقذ 80 متراً مكعباً من شظايا المنحوتات والتماثيل البازلتية الضخمة وتم تخزينها بعيداً في متحف بيرغامون.

بالقصف تارة والحفر والتجريف تارةً أخرى… تركيا تستبيح آثار تل حلف التي عرّفت العالم عن الحضارة الحلفية وتحتضن معالم مهمة من الدولة الآرامية 

في العصر الحديث، نظمت عام 2006 حملة للتنقيب عن الآثار في البلدة بشراكة سورية ألمانية.


كشفت المعالم والآثار التي عثر عليها عن فترتين حضاريتين الأولى يعود إليها اسم البلدة، "حضارة حلف"، التي ازدهرت خلال العصر الحجري النحاسي، وقد دلّ عليها العديد من الأواني الفخارية "الحلفية" ذات الخصائص الفنية الملونة بأشكال هندسية أو نباتية أو حيوانية إضافة لدمى طينية تمثل الآلهة الأم التي عُثر عليها في الموقع.

أما الفترة الثانية فهي فترة الحضارة الآرامية، التي خلّفت في البلدة قصراً ومعبداً لهما نظام معماري مميز، وعدداً من اللقى الأثرية الهامة، ومجموعة من التماثيل الحجرية البازلتية الضخمة والمعروضة في متحفي حلب وبرلين.


وكانت غوزانا عاصمة مملكة "بخياني" الآرامية. وقد كشفت التنقيبات المتلاحقة عن بعض بقايا الآشوريين الذين هاجموا الممالك الآرامية التي عاصرتها غوزانا، بما في ذلك معبد وبعض القبور والرقم المسمارية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard