نشرت قبل أيام نتائج آخر جولة من الإمتحانات التي تقام مرة كل ثلاث سنوات بموجب البرنامج الدولي الخاص بتقييم الطلاب بيسا PISA.
تدير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD منذ عام 1997 هذا التقييم، الذي يتناول فحص الطلاب المراهقين من دول يتزايد عددها سنة بعد أخرى، حتى صارت تضم كلاً من تونس وقطر والأردن والإمارات العربية المتحدة، رغم أنها لا تنتمي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. تقارن نتائج العام الحالي بين أداء 510 ألف طالب في الخامسة عشرة من العمر، ينتمون إلى 65 دولة تمثل اقتصاداتها مجتمعة 80% من الاقتصاد العالمي.
تشير النتائج إلى أن أداء الطلاب في دول شرق آسيا أفضل بكثير من أداء طلاب بقية دول العالم، وتأتي مدينة شنغهاي الصينية على رأس ترتيب هذا العام، بالنسبة إلى النظم التربوية. أما بالنسبة إلى الدول العربية، فتضع النتائج دولة قطر في المرتبة 63 من أصل 65 دولة مشاركة، أي أن أداء طلابها ليس أفضل إلا من أداء طلاب أندونيسيا وبيرو، وذلك رغم أن عدد متفوقيها ازداد عما كان عليه في آخر تقييم. تحتل الأردن المرتبة 61، وتونس المرتبة 60، فيما جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 48.
يمتحن برنامج بيسا الطلاب بلغتهم الأم بغية قياس مقدرتهم على مواجهة التحديات التي قد تعترض طريقهم في المستقبل. بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن أكثر التحديات أهمية هي القراءة والرياضيات والعلوم، أضيف إليها مؤخراً موضوع الإلمام بالشأن المالي لدى المراهقين. وقد كانت الرياضيات الحقل المفتاح في الجولة الأخيرة من هذه الامتحانات.
تشير النتائج إلى أن أداء الطلاب قد تحسن بشكلٍ عاماً، بصرف النظر عن الوضع الاجتماعي - الاقتصادي في الدول المشاركة في برنامج الامتحانات، وذلك بالمقارنة مع نتائج عام 2009. لا تزال قطر والأردن والإمارات العربية المتحدة متخلفة عن المستوى المتوسط بالنسبة للرياضيات، رغم أن النظم المدرسية لهذه الدول تضم نسبة مهمة من الطلاب الدوليين الذين كان من المنتظر أن يحسنوا أداءها الوطني. ليس من المستغرب أن الصلة بين الأداء في الرياضيات وبين الوضع الاجتماعي - الاقتصادي تقل عن المتوسط في هذه المستويات المتدنية من الأداء، ما ينعكس إيجابياً على قابلية التحرك الاجتماعي، صعوداً أو نزولاً، في هذه الدول الثلاث.
النتيجة العامة الأبرز التي يبينها التقرير هي أن نسبة وجود مدارس خاصة أو عامة في الدول المشاركة لا تؤثر كثيراً على الأداء العام لأية دولة. بالإضافة إلى ذلك، هناك رابط وثيق بين الأداء الجيد في الرياضيات وبين مقدرة الطالب على أخذ نصيبه من التعليم ما بعد الثانوي، ما قد يشير إلى ما يتوقع أن يجنيه الطالب في المستقبل من مال. يسلط التقرير الضوء على وجود فجوة بين أداء كل من الجنسين في العالم العربي، فأداء الذكور في الرياضيات أفضل من أداء الإناث، فيما تقرأ الإناث على نحو أفضل مما يفعله الذكور.
يتراوح عدد الطلاب الممتحنين من كل دولة مشاركة بين 4500 و10000 طالب. يهدف برنامج بيسا إلى أن يقارن على المستوى الدولي بين النظم التربوية لكل من الدول المشاركة، كما يهدف إلى إثارة نقاش في داخل كل دولة من الدول حول سياساتها التربوية. يُذكر أن الأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة وتونس شاركت في الدورة الأخيرة، ومن المنتظر أن يشارك لبنان والجزائر في دورة عام 2014 المقبلة.
تشير النتائج إلى أن أداء دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيد بالنسبة إلى مؤشرات نمو أخرى. فمتوسط العمر المتوقع في هذه الدول هو السبعين، كما في الدول الآسيوية، فيما تصل نسبة الذين يتمون الدراسة الابتدائية إلى 90%. لكن نتائج بيسا المتدنية بالنسبة إلى الدول العربية المشاركة تشير إلى أنها بحاجة حالياً إلى التركيز على تحسين نوعية التربية المدرسية والتعليم بعد ساعات الدراسة الرسمية، رغم أن التحسن في عدد المنتسبين إلى المدارس هو بلا شك نتيجة إيجابية لازدياد الاستثمار في الشأن التربوي.
هل تريد أن تعرف نتيجة مشاركتك المحتملة في برنامج الامتحانات؟ جرب الإجابة على عينة من الأسئلة التي يُسأل الطلاب المشاركون عنها هنا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...