في خطوة إيجابية للقضاء على العنف الأسري، أعلنت النيابة العامة السعودية حزمة من الإجراءات الجديدة والعقوبات التي تستهدف معنفي النساء، بما في ذلك الأوصياء عليهن.
مساء 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت النيابة العامة السعودية جملة من الضمانات التي يكفلها نظام الحماية من الإيذاء في ما خص العنف المسلط ضد المرأة، بما في ذلك "إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو التهديد بها".
بلغت العقوبات عن مثل هذه الاعتداءات "السجن مدة لا تقل عن شهر وتصل إلى سنة، وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف وتصل إلى 50 ألف ريال سعودي" مع تحذير بمضاعفة العقوبة في حال تكرار الإساءة.
اللافت أن نظام الحماية السعودي الذي أُعلن لمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، اعتبر العنف تجاوزاً لـ"حدود ما له (أي للمعنف) من ولاية عليها أو سلطة أو مسؤولية، أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية، أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية". وتعهدت النيابة العامة التعامل مع مثل هذه الحالات بـ"حزم وصرامة".
"خطوة رائعة"
تعقيباً على الخطوة، قال عواد بن صالح العواد، رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، إن بلاده تصدرت مؤشرات حماية حقوق المرأة وتمكينها، مشيراً إلى تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2020"، الصادر عن مجموعة البنك الدولي مطلع العام، والذي نبه إلى أن السعودية سجلت أفضل تحسن على مؤشرها خلال العام 2019.
مع ذلك، شدد العواد "على أهمية اتخاذ إجراءات أكثر حزماً للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة وتعزيز حماية حقوقها، وزيادة الوعي العام حول هذه القضية وما يترتب عليها من انتهاكات، لإيجاد بيئة تستطيع المرأة أن تمارس حقوقها المكفولة شرعاً ونظاماً".
لمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة… السعودية تعلن حزمة من العقوبات المشددة على كل من يعنف المرأة جسدياً أو نفسياً أو جنسياً أياً كانت قرابته/ علاقته بها أباً أو أخاً أو زوجاً
وامتدحت سعوديات الخطوة ووصفنها بأنها "رائعة وتسر القلب". وأعربن عن امتنانهن لولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة. ودعوْن له: "يا عسى سنينك تطول".
وتباهت الإعلامية السعودية، تغريد الطاسان، عبر تويتر، بأنه "في #السعودية أصبحت هناك قوانين صارمة جداً تحمي المرأة وتحافظ على حقوقها"، عازيةً الفضل في ذلك إلى وجود "قيادة مباركة آمنت بدور المرأة الحيوي والفعال في نهوض المجتمع واستدامة تنميته".
في حين أشادت الكاتبة والناشطة الاجتماعية السعودية هوازن الزهراني بقدرة بلدها على "خفض مستوى العنف الأسرى". وذهبت إلى القول إن المرأة السعودية "اليوم تعيش في توازن فكري ونفسي في المجتمع، وهذا مثار فخر لي كوني سعودية أعيش وأخواتي النساء مواطنات ومقيمات في كنف السعودية التي تسعى نحو الأفضل".
وتعجب مواطنون مما إذا كان "نظام الحماية من الإيذاء" مخصصاً لحماية المرأة وحدها من التعنيف، واستفسر عما إذا كانت العقوبات المنصوص عليها تطبق على من يعنف الرجل أو الطفل. أجاب عن ذلك المحامي المعروف عبد الله الغوينم، عبر حسابه في تويتر، إذ كتب: "النظام لم يفرق بين الجنسين. يمكن معاقبة المرأة والرجل في حالة الاعتداء على الآخر".
لكن البعض عبّر عن تخوفه من أن يؤدي نظام الحماية من الإيذاء إلى "رفع نسب الطلاق وتمهيد الطريق أمام ناقصات العقل والدين بالتمرد وضياع الأسر"، معتبراً أنه "أحياناً الإفراط في سن قوانين دخيلة يفرط السبحة".
وسأل أحد المعلقين: "يعني يختلف الزوج مع زوجته ويصير خلاف بينهم تروح تشتكيه ويسجنونه ويغرمونه 50 ألفاً، طيب والنتيجة؟ بيطلع يسرحها لأهلها والعلم ينتشر للناس وينحاشون منها العرسان وتضل عانس مو مشكلة المشكلة إذا بينهم عيال مصيبة"، مرجحاً أن يؤدي هذا القانون إلى "مشاكل كثيرة وعزوف" عن الزواج.
سعوديات يشدن بالخطوة "الرائعة" ويعزَوْنها إلى "قيادة مباركة آمنت بدور المرأة الحيوي والفعال في نهوض المجتمع واستدامة تنميته"، فيما منظمة حقوقية تبرز "التناقض" في استمرار احتجاز "ما لا يقل عن 53 امرأة قيد الاعتقال التعسفي"
رغبة جادة في وقف تعنيف المرأة؟
على الجانب الآخر، انتقد البعض ما وصفه بـ"التناقض" بين التعديل القانوني السعودي الأخير واستمرار اعتقال العديد من المدافعين/ات عن حقوق المرأة، مع مزاعم بتعرضهم/ن لانتهاكات عدة، بينها التعذيب والتحرش.
وشكك فريق من هؤلاء في جدية رغبة المملكة في وقف العنف ضد المرأة، ساخراً من أن تطبيق هذه العقوبات من شأنه أن يغرم أشخاصاً نافذين بتهمة تعذيب الناشطات الحقوقيات المعتقلات لا سيما نجل العاهل السعودي، الأمير خالد بن سلمان، وسعود القحطاني، المستشار السابق لولي العهد. وقد أشار تقرير بريطاني حقوقي حديث إلى إشراف الرجلين على جلسات تعذيب بعض الناشطات.
ورأى الصحافي الاستقصائي علي الأحمد في الإعلان عن إجراءات السعودية لمناهضة العنف ضد المرأة "تضليلاً متعمداً" للتشويش على محاكمة ناشطات نسويات معتقلات مثل لجين الهذلول ونوف عبد العزيز ونسيمة السادة، وغيرهن من "بطلات الكفاح النسائي".
في غضون ذلك، تكهنت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR) بأن "السعودية ليست فقط غير جادة في إيقاف العنف ضد المرأة، بل الأدهى أنها تمارسه وتشجع عليه!".
عبر حسابها في تويتر، أبرزت المنظمة الحقوقية وجود نحو 53 إمرأة قيد الاعتقال التعسفي حالياً في السجون السعودية، من أصل 98 سيدة اعتقلت في السنوات الأخيرة، لافتةً إلى أن غالبية هذه الاعتقالات وقعت في عهد العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وابنه وولي عهده. وأوضحت أن العدد الحقيقي "قد يكون أكبر بكثير".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...