عقب قرابة ثلاث سنوات منذ اعتقالها، ونحو عام من بداية محاكمتها، أصدر قاضٍ في المحكمة الجزائية بالرياض، في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، قراراً بعدم اختصاص المحكمة في نظر الاتهامات الموجهة إلى الناشطة النسويّة لجين الهذلول، مقرراً تحويل ملف القضية إلى محكمة الإرهاب.
هذا ما أعلنته أسرة الهذلول التي شددت على أن حالتها الصحية كانت متدهورة للغاية بينما كانت تُلقي دفوعها على الاتهامات الموجهة إليها أمام القاضي.
قالت علياء الهذلول، شقيقة لجين، عبر تويتر: "كانت الحالة الصحية المتدهورة للجين جداً صادمة ومخيفة. اتضح أنها قامت بالإضراب عن الطعام لمدة أسبوعين منذ 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعدها استخدم أسلوب همجي لإضعافها أكثر فأكثر".
وأضافت أن شقيقتها كانت تتعرض للإيقاظ كل ساعتين خلال الليل والنهار "أملاً أن يقودها ذلك إلى الجنون"، مستنكرةً أن ذلك حدث في السعودية التي يطلق عليها "مملكة الرحمة والإنسانية".
الشقيقة الأخرى للجين، لينا، ركزت هي الأخرى على تدهور صحتها. كتبت في تغريدة: "بخصوص صحة لجين؛ بدت ضعيفة في المحكمة، كان جسدها يرتعش بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وصوتها خافت ومرتجف".
وأضافت علياء أن جلسات محاكمة منفصلة عقدت لكل من سمر بدوي ونسيمة السادة ونوف عبد العزيز، موضحةً أنهم لم يعلموا إلام انتهت.
وكانت أسرة الهذلول قد أُبلغت بجلسة المحاكمة، التي تأتي بعد أكثر من 900 يوم من اعتقال ابنتها، وعقب انتهاء المملكة من واجبات الاستضافة في قمة مجموعة العشرين الافتراضية، بشكل مفاجيء مساء 24 تشرين الثاني/ نوفمبر. غردت لينا: "لقد أبلغنا للتو بأن لجين لديها جلسة محاكمة غداً".
وقد تزامنت جلسة محاكمة لجين، التي تعرضت للتعذيب والتحرش الجنسي خلال فترة اعتقالها، مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.
الأسرة متخوفة
قبل أيام، أعربت لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة مؤخرًا عن قلقها بشأن تدهور حالتها الصحية وسط منع التواصل بينها وبين أسرتها والاعتقاد في استمرارها في الإضراب عن الطعام لنحو شهر. لدى إخطارها بجلسة المحاكمة المفاجئة، عبّرت أسرة لجين عن تخوفها من أن تكون قد تعرضت لضغوط لتقديم اعترافات كاذبة يمكن استخدامها ضدها في المحكمة.
"حالتها الصحية المتدهورة جداً صادمة ومخيفة".... عقب ثلاث سنوات من الاعتقال وسنة من المحاكمات، قاضٍ في المحكمة الجزائرية بالرياض يقرر عدم الاختصاص في نظر ملف لجين الهذلول ويحيلها إلى محكمة الإرهاب!
"أنا قلقة للغاية ومتوجسة بشأن هذه المحاكمة… كل ما يتعلق بقضيتها غير قانوني وغير عادل"، بهذه الكلمات صرحت لينا لصحيفة الغارديان البريطانية. وأضافت: "آمل أن يكون الغد نهاية هذا الكابوس". وتجدر هنا الإشارة إلى أن جلسات محاكمة سابقة تم إلغاؤها في اللحظات الأخيرة.
بدوره، لفت وليد، شقيق لجين، إلى أنها "لم يُسمح لها بتوكيل محام ولم تُعط لائحة الاتهام"، وفق ما نقله حساب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط في تويتر.
ومنذ اعتقالها في أيار/ مايو عام 2018، على صلة بنشاطها الداعم لحقوق المرأة السعودية لاسيما في ما يتعلق بالقيادة؛ الحق الذي تم إقراره عقب أسابيع قليلة من توقيف الهذلول وما لا يقل عن تسع ناشطات نسويّات أخريات، تعرضت لجين للتعذيب والتحرشات الجنسية، وفق ما أكدته عائلتها مراراً.
قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين -التي كان موضوع تمكين المرأة أحد مواضيعها- قال سفير المملكة العربية السعودية في المملكة المتحدة، خالد بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، إن بلاده تدرس استعمال "الرأفة (العفو)" مع الناشطات المعتقلات، مشيراً إلى الضرر الذي ألحقه توقيفهن بالمملكة سياسياً.
لكن القمة انعقدت وانتهت دون حدوث ذلك.
"العالم يراقب"
بعيداً عن مخاوف الأسرة، كان قد أعرب عدد من الناشطين/ات الحقوقيين/ات عن أملهم أن يكون الانعقاد المفاجيء لجلسة المحاكمة نتاج الضغط المستمر منذ أسابيع والمطالبات الملحة بالإفراج عن لجين ورفيقاتها من فاعلات حقوق المرأة المعتقلات تعسفياً، متمنين أن يثمر هذا الضغط.
بعد أن أضربت عن الطعام مدة أسبوعين خلال الشهر الماضي... تعرضت لجين الهذلول إلى "أسلوب همجي لإضعافها أكثر"، بحسب أسرتها التي ترجح أن الهدف كان قيادتها إلى "الجنون"
عزز هذا الأمل اقتراب تولي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن الحكم وقرب رحيل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي كان حليفاً مقرباً ومدافعاً قوياً عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حتى لدى استنتاج وكالة المخابرات الأمريكية أنه أعطى الأمر بقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي عام 2018.
بخلاف سلفه، توعد بايدن مراراً خلال حملته الانتخابية منتهكي حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، ووعد بإعادة مراجعة العلاقات مع السعودية خاصةً ما يتعلق بملف تدخلها في الحرب الأهلية الدائرة باليمن.
عشيّة الجلسة، خاطبت منظمة العفو الدولية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز منبهةً من أن "العالم يراقب محاكمة لجين غداً"، مشددةً على أنه "حان الوقت لتقرنوا الأقوال بالأفعال؛ أطلقوا سراحها فورًا من دون قيد أو شرط!".
وشددت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، على أن "النتيجة العادلة الوحيدة لهذه المحاكمة ستكون الإفراج الفوري وغير المشروط عن لجين الهذلول. إنها ليست مجرمة؛ إنها مدافعة عن حقوق الإنسان تُعاقب لمجرد جرأتها على الدعوة إلى التغيير".
علاوةً على الإفراج الفوري غير المشروط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إلى لجين، حثت "العفو الدولية" السلطات السعودية على السماح للدبلوماسيين والصحافيين بحضور المحاكمة، جسدياً أو افتراضياً، لضمان السماح لها بتلقي الرعاية الصحية على يدي طبيب من اختيارها، جنباً إلى جنب مع السماح لها بالوصول المناسب إلى محاميها وعائلتها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...