نددت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، باعتقال السلطات السعودية رجلَين مسلمَين صينيَين من أقلية الأويغور المضطهدة هناك، معربةً عن قلقها حيال إمكانية إعادتهما قسراً إلى الصين.
وفق بيان المنظمة غير الحكومية، فإن الرجلين اعتقلا عشية استضافة الرياض قمة مجموعة دول العشرين الافتراضية، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، دون أسباب واضحة لاحتجازهما.
عالم دين قصدها للحج
وذكر عبد الولي أيوب، ناشط أويغوري على اتصال بمجتمع الأويغور في السعودية، للمنظمة أن السلطات السعودية احتجزت عالم دين مسلماً من الإيغور يُدعى حمد الله عبد الولي (أو إيميدولا وايلي وفق كتابته في جواز سفره الصيني) في مكة مع صديقه نورميت روزي (أو نورمييتي وفق جواز سفره الصيني)، وكلاهما كان مقيماً في تركيا.
لفت أيوب إلى أنّ روزي كان قد تمكن من الاتصال بأحد أفراد أسرته ليخبره أنهما محتجزان في سجن بريمان بجدة، مبرزاً أنهما "في خطر".
أحدهما عالم دين قصدها للحج… هيومن رايتس ووتش تندد باعتقال السعودية رجلين من أقلية الأويغور المسلمة المضطهدة في الصين وتتخوف من إعادتهما قسراً إلى بكين عقب تواصل أحدهما مع أهله وإخبارهم أنهما "في خطر"
قصد عبد الولي (52 عاماً) السعودية في شباط/ فبراير الماضي لأداء فريضة الحج. وذكر مصدر تحدث إليه أنه كان مختبئاً عقب إلقائه خطاباً أمام مجتمع الإيغور في السعودية، شجعهم فيه والمسلمين على الصلاة لأجل ما يحدث في شينجيانغ و"ردع الغزاة الصينيين... باستخدام الأسلحة".
وكان عالم الدين الصيني قد تحدث إلى موقع "ميدل إيست آي" مطلع هذا الشهر، معرباً عن تخوفه من أن تكون السلطات الصينية قد أرسلت طلباً إلى السعودية لاحتجازه وترحيله.
نشر الموقع صوراً لجواز سفر عبد الولي الصيني، وبطاقة إقامته في تركيا، ومعلومات عن تأشيرته السعودية.
حالات سابقة؟
ويزعم الناشط الإيغوري، أيوب، أنه وثق سابقاً خمس حالات لأفراد من الأويغور رحّلتهم المملكة قسراً إلى الصين بين عامي 2017 و2018.
في الصين، تعيش أقلية الأويغور المسلمة الناطقة بالتركية في منطقة شينجيانغ المتمتعة بحكم ذاتي (شمال غربي البلاد). لكن الحكومة الصينية طالما أظهرت العداء لهذه الأقلية وقمعت العديد من أشكال التعبير المتصلة بهويتها، كما فرضت قيوداً واسعة على حياتهم اليومية بما في ذلك المظاهر الدينية والعبادات.
منذ أواخر عام 2016، تصاعد مستوى القمع الصيني للأويغور وزُعم أن ذلك يأتي في إطار جهود مكافحة الإرهاب؛ انتهى الأمر إلى إخضاع 13 مليون مسلم في المنطقة لممارسات سالبة للحريات والحقوق، بينها: "التلقين السياسي القسري"، والمراقبة الجماعية، والقيود الشديدة على التنقّل. يُقدّر أنّ مليوناً منهم محتجزون في معسكرات "التثقيف السياسي". علاوةً على ذلك، جرى تدمير أو الإضرار بـ16 ألف مسجد تقريباً في شينجيانغ منذ عام 2017.
"تأييد محمد بن سلمان على ما يبدو لاضطهاد الصين مجتمع الإيغور المسلم سيئ بما يكفي، لكن ينبغي لحكومته ألا تلعب دوراً مباشراً في ذلك بترحيل مواطنيْن من الأويغور ليواجها الاحتجاز التعسفي والتعذيب المحتملين"
ما موقف السعودية؟
يرى جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" أنه "إذا اعتقلت السعودية مسلمَين من الأويغور قسراً ورحّلتهما ليواجها الاضطهاد الشديد في الصين، فإن ذلك سيضعف محاولات المملكة لتحقيق صدىً إيجابي عبر استضافتها لقمة مجموعة العشرين".
وقد طالب السلطات السعودية بـ"الكشف فوراً عن وضع معتقلَي الأويغور وتوضيح سبب اعتقالهما".
لكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بدا أنه يؤيد سياسات الحكومة الصينية في شينجيانغ. في زيارة إلى الصين في شباط/ فبراير من العام الماضي، نقلت وكالة أنباء الصين الرسمية "شينخوا" عن بن سلمان قوله: "نحترم وندعم حقوق الصين في اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب والتطرف لحماية الأمن القومي ...".
في الوقت ذاته، أيدت السعودية رسائل مشتركة إلى "الأمم المتحدة" لدعم سياسات الصين في شينجيانغ عام 2019، ولاحقاً هذا العام.
في حين لم يأبه البابا فرانسيس لغضب بكين وجاهر بوصفه الأويغور بأنهم "مضطهدون"، تتجاهلهم بلدان إسلامية مثل السعودية وتركيا ومصر بل تعتقل أفراداً منهم أحياناً وربما تُعيدهم إلى القمع الصيني
مع ذلك، نبهت "هيومن رايتس" إلى أن المملكة باعتبارها طرفاً في "اتفاقية مناهضة التعذيب"، لا ينبغي أن ترسل أي شخص في عهدتها إلى الصين ذات السجل السيىء في الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإخفاء القسري للأويغور.
وأضاف ستورك: "تأييد محمد بن سلمان على ما يبدو لاضطهاد الصين لمجتمع الإيغور المسلم سيئ بما يكفي، لكن ينبغي لحكومته ألا تلعب دوراً مباشراً في ذلك بترحيل مواطنَين من الإيغور ليواجها الاحتجاز التعسفي والتعذيب المحتملَين".
اللافت أن اعتقال البلد الذي يحتضن أقدس الأماكن الإسلامية للرجلين من الأويغور يتزامن مع الحديث غير المسبوق للبابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، الذي وصف فيه الأويغور بأنهم من "الشعوب المضطهدة".
لكن السعودية لم تكن أول بلد مسلم يتجاهل معاناة الأويغور لأجل مصالحه مع الصين على ما يبدو. في تموز/ يوليو عام 2017، اعتقلت مصر 62 من الأويغور ورحّلت 12 منهم على الأقل إلى الصين.
وترددت حديثاً أخبار عن تخلي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قضية الأويغور، بعدما كانت بلده "ملاذاً آمناً" لهم، واعتقال سلطاته الأمنية بعض الناشطين الأويغور الذين لم يعرف مصيرهم أو ترددت أنباء عن ترحيلهم قسراً إلى الصين، مع اتهامات بأن السبب في ذلك يرجع إلى اعتماد بلاده على بكين في الخروج من الأزمات الاقتصادية والسياسية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...