شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"الدولة تهمّش الصغار"... صناع عسل النحل في مهرجان مصري

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 22 نوفمبر 202005:28 م

من محافظات عدة داخل مصر، جذب مهرجان العسل المصري في دورته الثانية، كبار وصغار النحّالين لعرض إنتاجهم، خلال الفترة من 18 إلى 22 نوفمبر، في حديقة الأورمان بالجيزة.

من المنيا في صعيد مصر، جاء سعيد سنارة (38 عاماً)، جالباً معه أنواعاً مختلفة من العسل الأبيض، للمشاركة في الدورة الثانية من مهرجان العسل.

يقول سنارة، إن مهرجان العسل مستحدث وجديد على ثقافة المصريين، خاصة أن نسبة الإقبال خلال الدورة الأولى التي أقيمت في الربع الأخير من 2019، كانت ضعيفة نسبياً، أما الدورة الثانية والتي تقام في حديقة الأورمان أمام جامعة القاهرة وبالقرب من ميدان الجيزة، ربما تكون عاملاً في جذب الجمهور.

يتتبع سنارة، الذي يدير مناحل شركة "سنارة" في المنيا، أماكن الزهور من صعيد مصر إلى الدلتا، لإنتاج أجود أنواع العسل الأبيض، مثلما يفعل غالبية النحّالين عبر الترحال المستمر من محافظة لأخرى.

تتميز مصر بإنتاجها الكثيف لعسل النحل، وهي في المراتب الأولى عربياً، وأصبحت الثانية بعد الجزائر العام الماضي، بعدما كانت الأولى عربياً خلال الثمانينيات.

كانت مصر تُنتج نحو 6.1 ألف طن في عام 1971، ثم ارتفع الإنتاج تدريجياً ليصل إلى أعلى مستوى له في عام 1987 عند 12 ألف طن، ومن ثم أخذ في التراجع.

العسل المغشوش والطبيعي

"يوفّر مهرجان النحل فرصة للأسرة المصرية للتعرف على أنواع العسل"، يقول الدكتور فتحي البحيري، رئيس اتحاد النحّالين العرب، الذي يعمل على نشر ثقافة استخدامه في الحياة اليومية ويصبح روتيناً يومياً بدلاً من السكر الأبيض.

يضيف البحيري لرصيف22، إن المهرجان فيه جرعة تغذية وتعريف بمعلومات عن العسل المغشوش والطبيعي، وكيف يدخل في الوجبات اليومية، وإقامة ورش عمل تفاعلية للكبار والأطفال تحت اسم "النحّال الصغير"، موضحاً: "بنعيشهم جو المنحل".

شارك نحو 100 عارض، قادمين من شركات ومناحل مختلفة، وكانت مساحة الأماكن المحجوزة تبدأ من مترين إلى 10 أمتار، بتكلفة تصاعدية من 1500 جنيه (ما يقارب 100 دولار)، حتى 35 ألف جنيه.

يبدأ موسم إنتاج العسل الأبيض مع بداية شهر الربيع كل عام، ويكون ذلك في محاصيل الموالح والأزهار، ويلحق ذلك إنتاج العسل من محصول زهرة البرسيم في مايو من كل عام، ويتوقف الإنتاج من الأزهار خلال فترة الشتاء.

وتختلف أسعار عسل النحل، أرخصها نحل زهرة البرسيم، وبعض الشركات تبيعه بسعر 50 جنيهاً للكيلو (ما يقارب 4 دولار)، أما الأغلى هو السدر الجبلي ويبدأ سعره من 150 جنيه (10 دولار)، بحسب من تحدثوا لرصيف22.

عسل صغار النحالين

يقول سنارة إن إنتاج صغار النحّالين تكون جودته عالية لأنه خام من دون إضافات، مثلما تفعل الشركات الكبرى التي تحصل على العسل من صغار النحّالين بأسعار جملة، ومن ثم تخلطه وتغير في مكوناته ولونه.

طالب سنارة الدولة أن تدعم النحّالين عبر تخفيض رسوم إصدار شهادة سلامة الغذاء التي وصلت إلى 300 ألف جنيه (ما يوازي 20 ألف دولار)، والتي يرى سنارة أنه مبلغ كبير على الشركات الصغيرة أو الناشئة، ما يجعل التصدير مقتصراً على شركتين أو ثلاث.

 رسوم إصدار شهادة سلامة الغذاء للنحال الواحد وصلت إلى ما يوازي 20 ألف دولار، وهو مبلغ ضخم، مما يدفع الصغار إلى التعامل مع شركات كبرى، تخلط المنتج الصافي، وتعيد بيعه للمستهلك

وتابع: "ضروري الدولة تدعمنا في توفير سلالة النحل من الخارج، وإذا دخلت النحلة العزل الطبي في المطار بتكلفة 1500 دولار، وربما تصاب بفيروس أو تموت خلال تلك الفترة".

"يدفع النحّال رسوماً كي ينقل خلية النحل من محافظة إلى أخرى إلى وزارة الزراعة، والبعض يتلاعب في أعداد الخلايا حتى لا يدفع مبلغاً باهظاً، على سبيل المثال إذا امتلك النحّال ألف خلية يدفع مبلغاً كرخصة على 200 خلية"، يقول سنارة.

وعلى الجانب الآخر، نفي البحيري رئيس اتحاد النحّالين العرب، والقائم على تنظم المهرجان في دورته الثانية، وجود احتكار في السوق أو في التصدير، مشدداً على أن سوق التوزيع مفتوح للجميع، يقول: "أنا بدأت صغير جداً، وكنت أصدّر منتجاتي إلى الدول الأجنبية والعربية تحت مظلة شركة أخرى، حتى أصبحت أصدّر باسمي، الكل يبدأ بشركة أو منحل صغير ومن ثم يكبر تدريجياً".

وتابع: "المعرض فيه 100 شركة ونحّال، يكفي لكل واحد فيهم المشاركة حتى لو مش هيبيع زي ما هو متخيل، لكنه موجود في مكان معرض ومهرجان كبير، وسعر المشاركة مناسب لكل شخص".

"التكلفة عالية والبيع صعب"

يقول حسين إبراهيم، أحد النحّالين الذين لم يشاركوا في المهرجان، إن "صغار النحّالين يتعرضون للتهميش من مؤسسات في الدولة بسبب احتكار الشركات الكبرى للبيع والتصدير للخارج البيع، ويكون ذلك بعد شراء العسل بالجملة من صغار النحالين ومن ثم بيعه بأسعار باهظة".

ويضيف إبراهيم لرصيف22، إن صغار النحّالين الذين لم يوفقوا أوضاعهم قانونياً داخل مصر، لم يشاركوا في المعرض على الرغم من أن إنتاجهم ذو جودة عالية، لأن المهرجان حصر الحضور على شركات بيع عسل النحل التي لديها سجل تجاري، وبطاقة ضريبية، وموفقة أوضاعها مع وزارة الزراعة.

إدارة النحل والعمل عليه ورعايته تكلف النحّال كثيراً، في المقابل لا يجد سوقاً لبيع بضاعته إلا عبر شركة ذات سمعة، بحسب إبراهيم.

يرى إبراهيم أن دور وزارة الزراعة متمثلة في مركز البحوث غير كافٍ بالنسبة لصغار النحّالين، مفسّراً ذلك بأن المركز لا يوفر علاجاً مناسباً للنحّالين، فضلاً عن إهمالهم جلب سلالات ملكات نحل لمصر، بالإضافة إلى منافسة النحّالين ببيع العسل.

"العسل المستورد محلي"

تشتري جيهان الشربيني، خبيرة تداوي بدائل طبيعية ومنتجات النحل، أنواع عسل صافية تستخدمها في علاج أمراض، وتنتقل بمناحلها في محافظات مصر، حتى يتغذى النحل بشكل طبيعي من خلال الزهور.

تستخدم خبيرة التداوي بالبدائل الطبيعية ومنتجات النحل عسل سانت كاترين من سيناء، وسدر صحراوي من "كوم امبو" بأسوان، في علاج بعض الأمراض أو المضاعفات، كأحد أنواع الطب البديل، وذلك عبر إضافة خلطات من الأعشاب إلى العسل.

"صغار النحّالين يتعرضون للتهميش من مؤسسات في الدولة بسبب احتكار الشركات الكبرى للبيع والتصدير للخارج، ويكون ذلك بعد شراء العسل بالجملة من صغار النحالين، ومن ثم بيعه بأسعار باهظة"

تعتبر الشربيني مشاركتها الأولى في المهرجان ثرية، لأنها وجدت أن الجمهور لديه شغف لمعرفة معلومات عن العسل وطرق التداوي به، مشيرة إلى أن الشائع أن العسل المستورد يكون جودته أفضل، إلا أن عدداً كبيراً من الشركات المصنعة للعسل في الخارج تشتري من مصر العسل الأبيض الخام، ومن ثم تعيد تصديره لنا مرة أخرى.

تقول الشربيني لرصيف22: "صغار النحّالين كانوا يخشون الفشل في الترويج أو بيع كل الإنتاج، لذلك كانوا يبيعون كل الإنتاج إلى المشتري الأجنبي، الذي بدوره يعيده إلى مصر بعد التغليف وإضافة اسم مشهور".

ترى الشربيني أن البيع المباشر مع الزبائن مهم، وكادت تفقده خلال الفترة الماضية، خاصة بعد توافر منتجات العسل على السوق الإلكتروني.

وتشير الشربيني إلى أن بعض صغار النحّالين صنعوا المشاكل في صناعة النحل، لأنهم اتجهوا إلى تغذية النحل طول العام حتى يزيد الإنتاج، وبالتالي انخفضت جودة وفائدة عسل النحل، وذلك بعكس المتعارف عليه بنقل النحل إلى المناطق الزراعية بين الحين والآخر، حتى يحدث تنوع في أنواع العسل، أما تغذية النحل على السكر الصناعي فغير مستحب، لأنه يؤثر في جودته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image