"على ما يبدو أن ينبوع شبابي قد جفّ. الأمر يبدو كما لو قام شخص ما بتوجيه مجفف الشعر على مهبلي... الجنس مؤلم. الاستمناء مضيعة للوقت. في بعض الأحيان يكون مجرد التجوّل مؤلماً"، هذا ما قالته إحدى السيدات البالغة من العمر 53 عاماً لموقع The cusp، كاشفة عن ظاهرة تعاني منها الكثير من النساء من حول العالم: الجفاف المهبلي.
أسباب جفاف المهبل
الجفاف المهبلي هو شعور بالجفاف في أنسجة المهبل، يمكن أن يسبب عدم الراحة أو الألم، خاصة أثناء ممارسة الجنس، هذا وتعاني بعض النساء أيضاً من الحكة والحرقان في المنطقة الحميمة، الأمر الذي يؤثر سلباً على جودة حياتهنّ وعلى علاقتهنّ الجنسية.
وبخلاف ما يُعتقد، فإن جفاف المهبل ليس محصوراً بفئة عمرية معيّنة، إذ يمكن أن يطال النساء من جميع الأعمار، مع العلم بأن النساء الأكثر عرضة للإصابة بجفاف المهبل هنّ اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 45 إلى 60 في المتوسط.
ولكن ما هي العوامل التي تسبب جفاف المهبل؟
بدءاً من غياب المداعبة الكافية قبل ممارسة الجنس، وصولاً إلى الولادة والرضاعة الطبيعية وانقطاع الطمث، هناك العديد من الأسباب النفسية والفيزيولوجية التي تجعل النساء، من جميع الأعمار، يعانين من الجفاف المهبلي، من بينها:
الاقتراب من سن اليأس: السبب الأكثر شيوعاً لجفاف المهبل هو انقطاع الطمث أو السنوات التي تسبقه.
والواقع، إن هرمون الإستروجين مسؤول عن إبقاء المهبل رطباً، بحيث أنه يخلق طبقة رقيقة من السائل في جدران المهبل تحافظ على صحته ورطوبته ومرونته. عندما يكون هناك انخفاض في مستويات هرمون الإستروجين، فإن هذا الأمر سيقلل من كمية هذا السائل الصافي الذي يرطب المهبل، ما يسبب الجفاف المهبلي.
واللافت أنه أثناء انقطاع الطمث يمكن أن تتقلب مستويات الإستروجين ثم تنخفض بشكل كبير، ما يؤدي إلى أعراض مزعجة، مثل التغير الحادّ في المزاج، الهبات الساخنة، التعب، التعرق الليلي، زيادة الوزن وبطبيعة الحال جفاف المهبل.
بدءاً من غياب المداعبة الكافية قبل ممارسة الجنس، وصولاً إلى الولادة والرضاعة الطبيعية وانقطاع الطمث، هناك العديد من الأسباب النفسية والفيزيولوجية التي تجعل النساء، من جميع الأعمار، يعانين من الجفاف المهبلي
تأثير الدورة الشهرية: في العادة تنخفض معدلات الإستروجين أثناء الدورة الشهرية ما يؤدي إلى جفاف المهبل، غير أن مستويات هرمون الإستروجين تبدأ بالارتفاع مرة أخرى بعد الدورة الشهرية، لذلك تكون هذه المشكلة مؤقتة لدى بعض السيدات، سرعان ما تنتهي مع انتهاء من فترة الحيض.
الولادة أو الإرضاع: يمكن أن تسبب الولادة أو الإرضاع الطبيعي جفاف المهبل، وهو أمر قد تجهله الكثير من السيدات، إذ يمكن أن تنخفض مستويات هرمون الإستروجين مؤقتاً بعد الولادة، ما يجعل المهبل جافاً، كما أن الرضاعة الطبيعية يمكن أن تجعل الجفاف في هذه المنطقة الحساسة أكثر وضوحاً.
وبالإضافة إلى العوامل التي ذكرناها في السابق، فإن النساء اللواتي يتناولن مضادات الاكتئاب وأدوية الحساسية قد يشعرن بدورهنّ بجفاف في المنطقة الحميمة، نظراً لتركيبة هذه الأدوية وتأثيرها على رطوبة المهبل.
تأثير جفاف المهبل على العملية الجنسية
غالباً ما يجعل جفاف المهبل العملية الجنسية مؤلمة. يمكن أن يكون لهذا الأمر تأثير كبير على حياة المرأة ويقلل من الدافع الجنسي لديها، كما وأنه يؤثر سلباً على علاقتها مع الشريك وتقديرها لذاتها.
في الواقع، إن الإجهاد يعتبر من العوامل النفسية التي يمكن أن تسبب جفاف المهبل وتؤثر سلباً على الرغبة الجنسية، وعليه إذا لم تُثر المرأة بما فيه الكفاية أثناء العملية الجنسية، فقد لا يفرز المهبل ما يكفي من مواد التشحيم الطبيعية.
أما الحل لهذه المشكلة فقد يكمن في كلمة واحدة: المداعبة.
بمعنى آخر، في حال كانت المرأة المعنية تعاني من الجفاف المهبلي أثناء العملية الجنسية فقط وليس طوال اليوم، فقد يكون لديها صعوبة في الشعور بالإثارة ناجمة عن العديد من الأسباب، بدءاً من قلة المداعبة وصولاً للاضطرابات الهرمونية والضغوطات النفسية، وكلها عوامل تؤدي إلى اضطراب الاستثارة الجنسية، أي صعوبة الاستجابة الفيزيولوجية للتحفيز الجنسي.
وفي هذا الصدد، تظهر الأبحاث أن معظم الأشخاص يريدون من الشريك/ة فترة مداعبة أطول مما يحصلوا عليه بالفعل، وهي نقطة قد تحول دون وصولهم إلى الإثارة والنشوة الجنسية الكافيين.
فقد قام فريق من الباحثين من جامعة نيو برونزويك بقياس مدة المداعبة، من خلال مطالبة الرجال والنساء في العلاقات بالإبلاغ عن المدة التي يجب أن تستمر فيها جلسة المداعبة المثالية، بالإضافة إلى الجماع المثالي، ثم قام العلماء بقياس وقت العملية الجنسية للمشتركين/ات في منازلهم/نّ، وأبلغوا عن متوسط 11 إلى 13 دقيقة من المداعبة، وسبع إلى ثماني دقائق من الجماع.
ومن المثير للاهتمام أن النساء أردن 8 دقائق إضافية من المداعبة و7 دقائق أخرى من الجماع، في حين أن الرجال أرادوا 5 دقائق أخرى من المداعبة و11 دقيقة إضافية من الجنس.
في معرض الحديث عن تأثير العملية الجنسية على الجفاف المهبلي، أوضح الأخصائي في العلاقات الجنسية أنطوني حكيم، لموقع رصيف22، أن المهبل يفرز في العادة سوائل طبيعية تبقي هذه المنطقة الحميمة رطبة، في حين أن الجفاف المهبلي هو عبارة عن مشكلة فيزيولوجية قد يكون لها علاقة بطبيعة الجسد: "هناك أنواع من السيدات لا تفرز أجسادهنّ من الأساس الكثير من السوائل".
واشار حكيم إلى أن مشكلة جفاف المهبل التي قد تسبب لدى النساء الحكة، الحرقان، فقدان الاهتمام بالجنس، آلام أثناء الجماع، بالإضافة إلى التهابات في المسالك البولية، تعود بشكل أساسي إلى انخفاض مستويات الإستروجين وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم عملية إفراز السوائل.
بالإضافة إلى العلاج الهرموني، اعتبر حكيم أن النظام الغذائي القائم على شرب الكثير من السوائل يمكن أن يساعد جزئياً في حل مشكلة جفاف المهبل، هذا وتحدث عن مواد التشحيم التي يمكن وضعها على منطقة المهبل لتقليل الجفاف وعدم الراحة، بحيث تقوم هذه الكريمات المرطبة بتغيير درجة حموضة المهبل، ما يقلل من احتمال الإصابة بعدوى المسالك البولية.
وفي هذا الصدد، نوّه أنطوني بضرورة اختيار مادة تشحيم مخصصة للاستخدام المهبلي وذات أساس مائي، أي لا تحتوي على عطور تسبب تهيجاً للمنطقة الحميمة.
وأوضح حكيم أن الجفاف المهبلي يسبب آلاماً عديدة أثناء الجماع، مشدداً على ضرورة أن تتبع المرأة علاجات مناسبة تحت إشراف أخصائي/ة، بالإضافة إلى مناقشة المسألة بوضوح مع الطرف الآخر من أجل تعزيز التواصل الشفاف بينهما: "الجفاف المهبلي مسألة طبيعية، مش لازم المرأة تخجل من الموضوع، بالمقابل لازم الشريك يكون داعم إلها ومتفهم لتسهيل عملية التواصل ولنوصل لنتيجة أحسن".
الخجل من التحدث عن الموضوع
يعتبر جفاف المهبل مشكلة شائعة، وقد يكون مصدر إحراج للكثير من السيدات، الأمر الذي يمنعهنّ من مناقشة الأعراض مع شريكهنّ، إذ تبيّن أن ما يصل إلى 90% من النساء اللواتي يعانين من الجفاف المهبلي لا يسعين للعلاج، لاعتقادهنّ بأنه من المحرج الذهاب إلى عيادة الطبيب/ة، والتحدث في هذه المسألة بأريحية تامة.
كما أشرنا في السابق، هناك الكثير من الأسباب الفيزيولوجية والنفسية التي تؤدي إلى جفاف المهبل، غير أن المشكلة تكمن في التكتم حول الموضوع، إذ إن القليل من السيدات يتحدثن عن معاناتهنّ مع الجفاف المهبلي والآلام التي ترافق العملية الجنسية، وذلك بسبب الإحراج والخجل، أو لاعتقادهنّ بأنه جزء طبيعي من التقدم في العمر يجب عليهنّ تحمله بصمت.
90% من النساء اللواتي يعانين من الجفاف المهبلي لا يسعين للعلاج
وفي هذا الصدد، وجدت الأبحاث التي أجراها Vagisil أن جفاف المهبل يؤثر على نصف النساء البريطانيات، وقد تبيّن أن 2 من كل 5 نساء لا يشعرن بالراحة في التحدث إلى أي شخص- ولا حتى شركائهنّ- حول هذا الأمر، بل أن 1 من كل 20 امرأة قد تنهي علاقتها العاطفية بسبب مشكلة جفاف المهبل.
القليل من السيدات يتحدثن عن معاناتهنّ مع الجفاف المهبلي والآلام التي ترافق العملية الجنسية، وذلك بسبب الإحراج والخجل، أو لاعتقادهنّ بأنه جزء طبيعي من التقدم في العمر يجب عليهنّ تحمله بصمت
أما النقطة الأكثر إثارة للدهشة والتي كشفتها الدراسة، أن النساء الأكثر عرضة للخطر بالإصابة بجفاف المهبل هنّ اللواتي تتراوح أعمارهنّ من منتصف العشرينيات إلى منتصف الثلاثينيات.
باختصار، يمكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية، وتحديداً انخفاض مستوى الإستروجين، إلى بروز مشكلة الجفاف المهبلي، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الحياة العملية والعملية الجنسية غير مريحة.
في حال كانت المرأة تعاني من جفاف المهبل، فأنه يتعيّن عليها أولاً أن تذهب إلى طبيب/ة مختص/ة لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، بغية تحديد أصل المشكلة، فإذا تبيّن أن مستويات هرمون الإستروجين لدى المرأة المعنية منخفضة، فقد يتم وصف دواء الإستروجين الموضعي الذي يمكن أن يأتي على شكل كريمات أو أقراص أو حلقات تقوم بوضعها في الداخل، والتي تنقل جرعة منخفضة من الإستروجين إلى المهبل. ومع ذلك، فقد تأتي مع آثار جانبية، بما في ذلك ألم في الثدي والنزيف المهبلي. هذا ويجب تجنب العلاج بالإستروجين من أي نوع كان من قبل النساء المصابات بسرطان الثدي، أو اللواتي لديهنّ تاريخ عائلي مع هذا المرض أو يعانين من مشكلة بطانة الرحم، بالإضافة إلى النساء الحوامل أو المرضعات.
وبمجرد استبعاد الأسباب الطبية، أو إذا لاحظت المرأة أن العلاج الهرموني في منطقتها الحميمة لا يناسبها، يمكنها اللجوء إلى جلّ مرطب قبل ممارسة الجنس، ما يوفر ترطيباً فورياً، بشرط أن يكون هذا المنتج مصمماً خصيصاً لمنطقة المهبل، إذ إن محاولة علاج الجفاف المهبلي باستخدام الكريمات أو المواد الهلامية غير المناسبة للمنطقة الحساسة يمكن أن تزيد الأمور سوءاً.
في الختام، أي كانت طرق العلاج المتبعة، فأنه يجب التأكيد على أنه من غير المقبول على الإطلاق أن تعاني المرأة بصمت، وتتجاهل مشكلة الجفاف المهبلي والآلام المصاحبة لها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...