شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
ساعات يد الطاغية... سويسرية بنكهة صدام حسين

ساعات يد الطاغية... سويسرية بنكهة صدام حسين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 15 نوفمبر 202004:03 م

تناقلت مواقع عديدة في السنة الماضية عن اعتقال السلطات العراقية لشخص يبيع ساعات يد تحتوي على صور الرئيس الراحل صدام حسين، في حي الجامعة، غربي بغداد، ذلك أن القانون العراقي يحظر تداول أي شعار أو صور لأقطاب رموز "حزب البعث المنحل والمحظور في العراق.

في العام 2004/ قام المصور مارتن بار بنشر كتاب يدعى "ساعات صدام حسين"، بالتزامن مع معرض التصوير الفوتوغرافي للساعات، ويضم صوراً للساعات التي اشتهرت بوجود صور أو صور بارزة لصدام حسين على الميناء الخاصة بها، وهي غالباً ما تكون من الساعات السويسرية غالية الثمن والتي كان صدام يهديها للسفراء وموظفي الحكومة والضيوف الأجانب، وهي غالباً من الساعات الفاخرة قبل أن يتم تقليدها: "ساعات سويسرية بنكهة صدام حسين فقط".

قام نظام البعث في العراق بشراء العديد من الساعات السويسرية وتم دمج صورة صدام معها، ليتم تقديمها كهدايا للمقربين من النظام، الضيوف والدبلوماسيين.

لكن الأمر تحول لهوس على موقع eBay كما يقول مقال في موقع فايس، حيث تجد العديد من الساعات، بعضها سويسري وبعضها تقليد صيني للماركات إياها، تحمل صور صدام حسين ويتنافس جامعو الساعات المغرمون بالساعات مع المغرمين بشخصية صدام لاقتنائها، وتتراوح أسعارها بين مئات إلى آلاف الدولارات، وهي ساعات قد تكون فاخرة أو عادية، وقد تكون بحالة جيدة أو لا، والقيمة المضافة لها هي صورة صدام حسين باسماً، أو متجهماً يرتدي "الغترة".

يقول دانيال، وهو جامع ساعات، أن الساعة التي حصل عليها لا يعرف مصدرها، وإن كان يعتقد أن التفسير بسيط: في معظم الأحيان تأتي هذه الساعات من عراقيين استلموها من نظام صدام القديم، كالضباط مثلاً. ويتحدث المقال عن عراقي مقيم بالولايات المتحدة، وهو واحد من الذين عرضوا ساعاتهم الرئاسية للبيع، أن حزب البعث اشترى كمية كبيرة من هذه الساعات من صانعي الساعات المشهورين، ثم تم دمج صورة الرئيس فيها بدقة، وهو يعيد بيع هذه الساعة الآن، لأن شخصية الرئيس السابق أصبحت أكثر من أي وقت مضى مؤذية، وتعيد التذكير بفترة قاتمة من تاريخ العراق وأي رمز لهذه الفترة هو بالتأكيد غير مرحب به، ويضيف أن الأمر يشبه الصليب النازي المعقوف بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة هتلر.

 لم يكن أتباع صدام هم الوحيدون الذين استفادوا من هدايا صدام غالية الثمن هذه، إذ حصل العديد من الجنود الأميركيين على بعض هذه الساعات أثناء الغزو الأميركي ونهب القصور الرئاسية لصدام، وقام بعضهم بإعادة بيعها على موقع eBay كما يعرض بائع فرنسي ساعة فاخرة صغيرة يقول إنه حصل عليها من طيار عسكري فرنسي كان في العراق في السبعينيات عندما كان الفرنسيون "أصدقاء" للنظام العراقي.

لم يكن أتباع صدام هم الوحيدون الذين استفادوا من هدايا صدام غالية الثمن، إذ حصل العديد من الجنود الأميركيين على بعض هذه الساعات أثناء الغزو الأميركي ونهب القصور الرئاسية لصدام، وقام بعضهم بإعادة بيعها على موقع eBay.


في جميع الحالات، إن هذه الساعات وغيرها من رموز حزب البعث تحمل الآن وزناً خاصاً ولا تزال قادرة على إثارة مصلحة الأشخاص الذين تذكرهم هذه الرموز بالفترة التي كان فيها العراق أكثر أماناً أو بـ "الأيام الخوالي"، مع معرفتهم بمدى وحشية الممارسات التي قام بها نظامه.

كما في العراق كذلك في سوريا، إذ لا يعرف بدقة من البادئ من زعيمي حزب البعث المتنافسين بوضع صورته على ساعات اليد، لكن الأكيد أن فكرة عبادة الذات والترويج لـ "قدسية الرئيس" كانت فكرة سابقة لعهد الرئيسين العربيين، فهي مستحضرة من ممارسات ستالينية ومن شابهه من زعماء أوروبا الشرقية والصين، وإن كانت الساعات السورية في الغالب أقل ثمناً، نظراً لفارق الغنى بين البلدين، أو لطباع شخصية أخرى، لكن هذه الساعات مع صورة الرئيس السوري حافظ الأسد ومن ثم وريثه، انتشرت بين ضباط الحرس الجمهوري وأعضاء قيادة حزب البعث.

وضع صورة الزعيم على الساعة يقول إن هذا زمنه، وأنه القابض على الوقت، يمنحه لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء، هو وقته، يتحكم به، يوقفه، يسرعه ويعيده إلى زمن التعداد الأول.

كما انتشرت أيضاً "دبابيس" تحمل صورته تباهى بوضعها على صدره العديد من أتباع النظام السوري وإن كانت في غالبيتها رموزاً تحيل إلى إشارات عسكرية غالباً، لكن وضع صورة الزعيم على الساعة يحمل دلالة مختلفة، تقول إن هذا زمنه، وأنه القابض على الوقت، يمنحه لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء، وأن الوقت، وقت الذين يرتدون هذه الساعات أم وقت الذين لا يملكون ثمن عشائهم، هو وقته، يتحكم به، يوقفه، يسرعه ويعيده إلى زمن التعداد الأول، وهذا حقيقة ما حصل في البلدين العظيمين، سوريا والعراق: قبض الطاغيان على وقت البلدين بحيث لم يتركاه إلا وهو مدمّر أو يكاد، وربما يبدأ عدّ الزمن بالنسبة للبلدين بعد رحيل النظامين. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image