شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"صمٌ بكمٌ عميٌ عن أي تعبير عن الرأي"... الجامعة اللبنانية تختار طلابها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 9 سبتمبر 202005:50 م

"على الطلاب الراغبين في التسجيل للعام الجامعي 2020-2021 التعهد باحترام سمعة الجامعة، وعدم بثَ الشائعات والترويج للأكاذيب بغية الهروب من إتمام الواجبات المطلوبة أو إثارة الهلع لدى سائر الطلاب وأهلهم".

تعميم مثير نشرته الجامعة اللبنانية عبر موقعها الرسمي، مخلّفاً غضباً واستنكاراً واسعين وسط اتهامات للجامعة بـ"قمع الطلاب" و"تقييد حريتهم" داخل حرمها وخارجه.

وفي تعميمها الرقم 34، الممهور بتوقيع رئيسها فؤاد أيوب، حددت الجامعة اللبنانية "التوجيهات والإرشادات الواجب التقيد بها من قبل الطلاب الراغبين في التسجيل بالجامعة اللبنانية للعام الجامعي" الجديد.

وطلبت الجامعة من طلابها الجدد التعهد بخمسة أمور هي: "الالتزام ببرامج الجامعة ومناهجها، وعدم الخروج عن القواعد والأصول السلوكية والعلمية والأكاديمية التي تضعها" و"احترام سمعة الجامعة ومسؤوليها وأساتذتها، وعدم ارتكاب أيَ تجاوز تجاههم على شبكات التواصل الاجتماعي، أو عبر أيَة وسيلة من وسائل النشر المرئي أو المقروء أو المسموع أو المعلوماتي".

"بدّن تلاميذ مبرمجين لا حس ولا رأي"... رغم أنها وليد "حراك طلابي شعبي"، الجامعة اللبنانية تشترط عدم انتقاد قادتها عبر السوشيال ميديا لقبول الطلاب الجدد، واتهامات لها بمحاولة "استنساخ النظام البوليسي السائد في البلاد"

بالإضافة إلى "التقيد بطريقة التدريس المعتمدة في الجامعة، سواء أكانت حضورياً أو عن بعد عند الحاجة، والخضوع لامتحاناتها واختباراتها وفق الصيغة التي تجدها إدارة الجامعة مناسبة" و"التقيد بالتدابير الصحية الصارمة التي تفرضها الجامعة من أيَ نوع كانت، بما فيها ما تقتضيه جائحة كورونا من ارتداء كمَامات وقفَازات، عند الاقتضاء، وفحص الحرارة".

وأخيراً "عدم بثَ الشائعات والترويج للأكاذيب بغية الهروب من إتمام الواجبات المطلوبة أو إثارة الهلع لدى سائر الطلاب وأهلهم".

"غير قانوني وقمعي"

وأعرب لبنانيون كثر عن رفضهم للتعميم والشروط الواردة فيه، معلنين تضامنهم الكامل مع طلاب الجامعة واستعدادهم لتوصيل صوتهم. وقالوا إن مسؤولي الجامعة بوضعهم هذه الشروط "بدن تلاميذ مبرمجين لا حس ولا رأي".

سفير اتّحاد حماية الأحداث في لبنان جو معلوف أشار إلى أن "احترام سمعة الجامعة اللبنانية والمحافظة عليها من واجبات رئيسها وليس من خلال إجبار الطلاب التوقيع على تعهدات غير قانونية".

واعتبر أن ما تفعله الجامعة "أساليب قمعية رجعية تؤكد أن منطق فرض الرأي على الآخر وعدم احترام حرية التعبير ما زالا يسيطران في معظم مؤسسات الدولة".

وقال الصحافي ومراسل سكاي نيوز في لبنان، سلمان العنداري، إن هذا القرار "عينة من الفضائح اليومية. الجامعة اللبنانية تريد تربية الطلاب وتعويدهم على السكوت بدل ممارسة حريتهم والانتقاد بمكانه الصحيح. الجامعة تسيطر عليها قوى الأمر الواقع".

وتساءل: "هل لدى هذه الإدارة القدرة على ضبط الفلتان فيها أم أنها خبيرة بقمع الناس؟"، مشدداً "تعهداتكم لا تشبه الجامعة. تعهداتكم كالمنظومة" أي السلطة الحالية التي يتهمها اللبنانيون بالفساد.

"تنازل مسبق عن جميع حقوقنا"... روابط طلاب الجامعة اللبنانية ترفض التوقيع على التعميم "الساقط غير القانوني"، وتعتبره "ذريعة لانتهاك حقوقهم من دون أي محاسبة أو مساءلة" 

بدورها، قالت منظمة الشباب التقدمي إن الجامعة الحكومية "تَمنع وتَقمع في تعميمها أي محاولة من الطلّاب للانتقاد أو التعبير عن رأيهم في الجامعة وإدارتها وإجراءاتها"، واصفةً ذلك بأنه "محطّة ضمن مسار طويل سبق أن بدأته الإدارة في دعاويها القضائيّة على وسائل الإعلام، وفي عدم إجراء الانتخابات الطالبية".

وحثت الجامعة "على مراعاة هموم الطالب والانصراف إلى إقامة الإصلاحات الضروريّة، اللوجيستيّة والأكاديميّة، وتوفير الإمكانات الحديثة لمواكبة التعليم عن بُعد والحفاظ على سلامة الطلّاب والطاقم التعليمي والإداري".

وشددت على "ضرورة احترام حقّ الطالب في التعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه الأكاديميّة واللوجستيّة وفق الأطر القانونيّة المسموح بها"، رافضةً "محاولات استنساخ النظام البوليسي السائد في البلاد ونقله إلى حرم الجامعة وتطبيقه على الطلّاب".

"تنازل مسبق عن حقوقنا"

وفي سلسلة تغريدات، في 9 أيلول/ سبتمبر، قالت "رابطة طلاب الجامعة اللبنانية" إن الطلاب لن يوقعوا التعهّد الذي اعتبرت أنه يعني "تنازلنا عن حقوقنا مسبقاً" و"إعطاء إدارة #الجامعة_اللبنانية ذريعة لانتهاك حقوق الطلاب من دون أي محاسبة أو مساءلة" و"القضاء على إمكان تشكيل أي حركة مطلبية طلابية لتحسين أوضاع الجامعة".

وأضافت: "بعد إلغاء الانتخابات لأكثر من عشر سنوات، وإخضاع الطلاب لمجالس تأديب واتخاذ إجراءات قانونية بحقهم على خلفية آرائهم، تمعن إدارة الجامعة اللبنانية بوقاحتها وتعسفها وتنسف حرية الرأي والتعبير مرة جديدة عبر إجبار الطلاب الجدد على التعهد بعدم نقد الجامعة أو التعرض لها عبر مواقع التواصل".

وختمت بيانها: "نُعلِم إدارة الجامعة اللبنانية أننا سنبقى أحراراً، وسندافع عن حقوقنا بشتى الوسائل. لن نخضع لإجراءاتها القمعية ولن نرضخ لأي خطوات احترازية تتخذها لثني الطلاب عن المطالبة بحقوقهم"، مشددةً على أن "الأمر الوحيد الذي يحدّ من انتقادات الطلاب هو أن يحصلوا على حقوقهم وأن تقوم الإدارة بواجباتها تجاههم كاملة".

"محطّة ضمن مسار طويل انتهجته إدارتها"... اتّحادات طلابية ومنظمات شبابية تتهم الجامعة اللبنانية بانتهاك حقوق طلابها عبر السنين. تذكير بمنع الانتخابات الطلابية وانتهاكات الإدارة وسوء الخدمات التعليمية

وأكد "تكتل طلاب الجامعة اللبنانية" الذي يتابعه نحو 12 ألف شخص عبر فيسبوك على عدم التوقيع على التعميم الذي وصفه بـ"الساقط".

وفنّد التكتل الشكوك المتصلة بالتعميم: "للوهلة الأولى قد يظهر هذا التعهّد كضمانة تحصّن الجامعة من التجاوزات الشائعة ضدها، لكنّ الواقع مغاير تماماً".

واتهم رئيس الجامعة بمحاولة "تحميل الطالب وزر مستوى الجامعة وكأنّه هو من بيده القرار أو أنّه هو المسؤول عن السياسات المتّبعة" في "إجراء مخادع بامتياز"، لافتاً إلى أنه "على الباحث الأكاديميّ أن ينقد الواقع المحيط به بدءاً من جامعته منهجاً ومسلكاً للاندفاع قدماً في مجال التعليم والبحث".

وأضاف: "لأنّنا نحن جيل الغد الأفضل والوطن العادل نرفض أن نساق إلى حتفنا بل نقف عند حلمنا البرّاق ولا نتراجع عن تحقيقه"، مؤكداً رفض التوقيع على "حرماننا من حقّنا الطبيعيّ لا بل من أداء واجبنا المهنيّ الأخلاقيّ تجاه جامعتنا ومستقبلنا".

ونبه التكتل الطلابي إلى أن "استعمال مصطلحات كـ‘التعهّد‘ و‘التقيّد‘ (الواردة في التعميم) وتوابعها ليست إلّا دلالة على النّهج المتّبع من القمع بوجه الطلاّب" وأن "نقد الطلاّب لبرامج جامعة الوطن لا يأتي إلاّ بغية رفع مستوى الجامعة ورقيّها".

وختم: "بدل أن تصبّوا اهتمامكم لملاحقة الطلاّب واتّباع الأسلوب البوليسي بوجه حريّة التعبير، من الأفضل البدء بتوفير الظروف الملائمة لسنة الطلاّب الدراسيّة، خاصة مع الوضعين الاجتماعي والاقتصادي اللذين يتفاقمان على كاهل الطلاّب".

للمفارقة، فإن تأسيس الجامعة اللبنانية، وهي الجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد، جاء وليد "حراك شعبي وطلابي" بدأ عام 1951، بحسب الموقع الرسمي للجامعة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image