شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
بصور عارية وصفحات جنسية... أزواج مصريون يبتزّون زوجاتهم

بصور عارية وصفحات جنسية... أزواج مصريون يبتزّون زوجاتهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 28 أغسطس 202012:28 م


على مدار السنوات الماضية، سمعنا الكثير عن المشاكل الزوجية وما يحدث خلالها من إهانات لفظية أو عنف بحق النساء، وعن قضايا متبادلة في ساحات المحاكم وغيرها من الأمور التي أصبحت معتادة في المجتمع المصري.

لكن خلال الأشهر الماضية، اكتشفنا أن هناك مستوى جديداً وصلت إليه الخلافات الزوجية، فبعض الأزواج اتخذوا طريقاً جديداً في ابتزاز زوجاتهم أو الانتقام منهنّ وصل إلى حد نشر صورهن الخاصة التي التُقطت أثناء حياتهن الزوجية، من داخل غرف النوم أحياناً، بل قام أزواج بإنشاء صفحات باسم زوجاتهنّ على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتويات جنسية عنهنّ، بصور حقيقية أو مفبركة.

وعام 2005، قام رجل الأعمال المصري حسام أبو الفتوح بتصوير زوجته الراقصة دينا أثناء علاقتهما الجنسية، وانتشر الفيديو عبر مواقع جنسية، وكان يباع من خلال أقراص مدمجة على أرصفة الشوارع.

طلبت الطلاق ففوجئت بنشر صورها الخاصة

بنشر صورة لها من غرفة نومهما، وبملابس كاشفة، اختار زوج هدير محمد حامد البالغة من العمر 25 عاماً طريقته الخاصة في التشهير بزوجته والضغط عليها، بعد أن تركت المنزل وطلبت الطلاق.

تروي ربّة المنزل الحاصلة على بكالوريوس آثار من جامعة القاهرة قصتها لرصيف22، وتقول: "لم أكن أتخيّل أن قصتي ستنتشر على السوشال ميديا بهذه الطريقة. كنت مترددة في الكتابة عن الأمر، لكن زوجي لم يترك لي طريقاً آخر، فقد أرسل صوري الخاصة لأهلي وأقاربي وهدد بأنه سيستمر بالنشر إنْ لم أعد إليه وأتراجع عن فكرة الطلاق".

بدأت الخلافات بين الزوجين بسبب تقاعد الزوج عن العمل. "كان والده هو مَن ينفق علينا، وبعد مرور عام على الزواج وإنجابي طفلتي ‘تاليا’ طلبت الطلاق لكنه رفض طلبي قائلاً ‘معندناش طلاق’، فقررت الانفصال وعدت إلى بيت أسرتي، وحاول أكثر من مرة الصلح معي لكنّي رفضت وكنت مصرّة على الطلاق، فقد سئمت من حياتي معه".

وتضيف هدير: "راح ينشر بين الناس والأقارب أنّي أطالبه بالعودة وهو مَن يرفض، على عكس الحقيقة، ولذلك اضطررت إلى نشر المحادثات التي كان يرجوني فيها بالعودة والأغاني التي كان يرسلها لي على صفحتي على فيسبوك للتأكيد على موقفي من طلب الطلاق. وبعدها بدأ في إرسال صوري الخاصة التي التقطها لي أثناء زواجنا لأهلي ومعارفي، ولذلك تقدمت ببلاغ رسمي في مباحث الإنترنت تحت رقم 51 أحوال بالعباسية".

"تعرّضت لضغوطات عديدة"، تؤكد الشابة، "وخصوصاً مع إصراري على الظهور علناً والحديث عن الأمر في مجتمع يرى المرأة دائماً مخطئة"، وتعلّق: "هم في غالب الأمر قد يتناسون أصل المشكلة وقد يتناسون أن مَن شهّر بي هو زوجي وأن هذا مخالف للدين والشرع والعادات والتقاليد، لكنهم سيتذكرون جيداً صوري الخاصة التي نشرها زوجي".

ترى هدير أن "المجتمع المصري يحمّل المرأة أكثر من طاقتها، لكنّي رزقت بأسرة دعمتني دعماً مطلقاً، وكانوا معي منذ اللحظات الأولى التي قررت فيها أن أواجه زوجي عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي".

تشير الزوجة العشرينية إلى أن المجلس القومي للمرأة تواصل معها، بعدما أعلنت عن أزمتها عبر صفحتها، وأنّه وفّر لها دعماً نفسياً وقانونياً ويتابع معها القضية حتى الآن.

بعدما رفعت قضية تشهير وقضية طلاق، تأمل هدير الآن أن يصدر الحكم في قضية التشهير بأقصى سرعة حتى يساعدها هذا في حسم قضية الطلاق. وتوجّه رسالة إلى الفتيات اللواتي قد يتعرضن لنفس الموقف: "متسيبوش حقكم وواجهوا المجتمع ومتخافوش".

زوجها أنشأ صفحة جنسية باسمها

28 يوماً فقط هي مجمل أيام الحياة الزوجية التي عاشتها نانسي محمد مصيلحي، قبل أن تبدأ رحلة طلب الطلاق. تلك الأيام مرّت عليها بشكل كارثي بسبب ما تعرّضت له من ضرب مبرح وإهانات لفظية، اعتداءات غالباً ما لم تكن تتوقف إلا بعد تدخل الجيران.

تروي الفتاة الثلاثينية قصتها لرصيف22 وتقول: "تزوجت 28 يوماً فقط، العام الماضي. تعرّضت خلال تلك الأيام للإهانة والضرب المتكرر، ورغم ذلك كان أهلي طالبوني بالبقاء في منزل زوجي وعدم تركه حتى لا يتحدث الجيران عنّي بالسوء، وخصوصاً أن زواجي لم يمرّ عليه وقت طويل".

"في غالب الأمر قد يتناسى الناس أصل المشكلة وقد يتناسون أن مَن شهّر بي هو زوجي وأن هذا مخالف للدين والشرع والعادات والتقاليد، لكنهم سيتذكرون جيداً صوري الخاصة التي نشرها زوجي"

وتضيف: "كان الضرب والإهانة أسلوب حياته. يضربني على كل شيء وأي شيء، وخصوصاً بعدما رفضت بعض الأمور الجنسية التي أظن أنها محرّمة وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي، وانتهى الأمر بأنه في يوم من الأيام اتصل بوالدي وقال له ‘تعال خد بنتك مش عايزها’".

حضر الوالد وعادت نانسي معه إلى منزل الأسرة، وبدأت مسيرتها لطلب الطلاق لكن الزوج رفض. "رفعت قضيتين الأولى طلاق والثانية أطالب فيها بمستحقاتي المالية (القايمة)، وصدر حكم بتطليقي وحكم بالحبس لتبديد القايمة، وانتهى الأمر بجلسة عرفية حضرها رجال العائلتين وآخرين واستلمت نص القايمة، وكنت أظن أن الأمر انتهى وأن صفحة من حياتي طويت".

ولكن القصة لم تنتهِ. "قبل الحكم بالطلاق دشّن زوجي السابق صفحة وهمية باسمي على موقع فيسبوك وبدأ بنشر جمل وصور جنسيه ومحادثات جنسية مفبركة وبدأ بالتشهير بي، واستمر الأمر بعد الطلاق بل وازداد".

وتضيف الفتاة الثلاثينية: "حاولت تقديم عدة بلاغات في مباحث الإنترنت، لكنها جميعاً كانت تُحفظ دون أسباب واضحة، وخلال الشهور القليلة الماضية ازداد الأمر سوءاً، فقد بدأ في تحرير وصولات أمانة مزورة غير صحيحة لأفراد أسرتي في عدد من المحافظات، وكل فترة نتفاجأ بأن هناك قضية وحكم في بلدة ما أو قرية ما لا نعلم عن أمرها شيئاً".

دفعت هذه الأمور الشابة إلى نشر قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي، "لعل وعسى أن يرى مسؤول أزمتي ويساعدني في حلها. كل ما يحدث لي فقط لأنني طلبت الطلاق ولم أقبل الضرب والإهانة".

"رغم حرجي وشعوري بالخجل من الصفحة الجنسية التي دشنها لي طليقي، اتخذت قراراً بالمواجهة على أمل أن أجد طريقة أوقفه بها عند حده"، تؤكد.

مجتمع في الانحدار

تدعو المحامية والحقوقية انتصار السعيد، مديرة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، وهي مؤسسة غير حكومية، إلى اتخاذ إجراءات قانونية ومواجهة الجاني، بحال تعرض إحداهن للتشهير أو الابتزاز.

"قبل الحكم بالطلاق دشّن زوجي السابق صفحة وهمية باسمي على موقع فيسبوك وبدأ بنشر جمل وصور جنسيه ومحادثات جنسية مفبركة وبدأ بالتشهير بي، واستمر الأمر بعد الطلاق بل وازداد"

وتشرح أن قانون "مكافحة الجرائم الإلكترونية" يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مَن تعرّض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل أو بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية.

وتقول لرصيف22: "أنصح كل امرأة بعدم الخضوع للمبتزّ، وبعدم الاستسلام لتهديده، كما أؤكد على وجوب الاحتفاظ بالمكالمات، الرسائل، أو الصور التي يقوم الجاني بإرسالها لتحرير محضر بالواقعة، مع ضرورة الاحتفاظ برقم المحضر للمتابعة في النيابة بعد ذلك، وضرورة اللجوء إلى محامٍ/ية لإرشادها إلى الوسائل القانونية التي يجب عليها اتّباعها".

وتضيف أنه في حالة استطاعة الزوجة إثبات الابتزاز الجنسي والشهير باستخدام صور خاصة بها، تستطيع الحصول على حكم قضائي بطلاق للضرر كما أنها بإمكانها رفع دعوى قضائية للتعويض المادي والعنوي والنفسي عن الضرر الذي ألحق بها.

وتتابع أن "النساء في مصر أصبحن في حاجة إلى قانون موحد لجرائم العنف ضد النساء، يتضمن جزءاً خاصاً بالجرائم الإلكترونية التي يُمكن أن تتعرض لها المرأة في المجتمع".

وأضافت أن مؤسستها تقدمت بمشروع قانون منذ عام 2018 إلى البرلمان المصري، "لكن مع الأسف حتى الآن لم ينظر فيه البرلمان".

الجدير بالذكر أن مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون تستقبل الشكاوي والطلبات والاستسفسارات على الخط الساخن الخاص بالمساعدة القانونية للناجيات من العنف رقم 01210009192، لتقديم الاستشارات القانونية لهن ومساعدتهن قانونياً إذا لزم الأمر.

وفي هذا الصدد، تؤكد المؤسسة التزامها التام بالحفاظ على معايير السرية والخصوصية اللازمة لقضايا الناجيات من العنف، وحرصها التام على حماية الناجيات من العنف من أي ضرر قد يلحق بهن جراء تعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

من ناحية أخرى، ترى الناشطة النسوية منى عزت أن "المجتمع المصري وخصوصاً في ما يخص العنف ضد المرأة، أصبح في حالة انحدار مستمرة دون سبب واضح"، مؤكدة لرصيف22 على "ضرورة إجراء دراسات وأبحاث من قبل منظمات حكومية والمجتمع المدني لتفسير الوضع الذي آل إليه المجتمع المصري".

وتشير إلى أن "المجتمع المصري يرى في النساء الحلقة الأضعف، ولذلك يُقبل الزوج على ارتكاب هذه الجريمة وهو على يقين بأن الأمر سينحصر اجتماعياً بالصورة العارية التي سربت للزوجة، وسيتناسى الناس أن الزوج الذي من المفترض أن يكون مساحة أمان هو مَن سرّب الصورة إلى العلن، ومن الممكن أن نجد بعض الناس يلومون الزوجة بأنها قبلت بأن يصورها زوجها من الأساس".

"المساحة الآمنة للمرأة عموماً في مصر أصبحت غير موجودة"، تؤكد عزّت، إذ "تتوالى حوادث اغتصاب الآباء لبناتهم، وفضح الأزواج لزوجاتهم، وغيرها من القضايا، وأعتقد أننا أصبحنا في حاجة ملحة إلى قوانين رادعة إلى جانب تفسير نفسي واجتماعي لما يحدث في مجتمع سيطرت عليه الذكورية حتى أصابته بالجنون".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard