شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"محجّبة سمراء من أصول صومالية"... قصة أول مُحَكِّمة كرة قدم مسلمة في بريطانيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 21 أغسطس 202010:27 ص

من طفلة مهاجرة فارّة من نيران الحرب في الصومال، دخلت جواهر روبل التاريخ لكونها أول امرأة مسلمة تُحكّم مباراة كرة قدم في بريطانيا.

بحجابها المميز وبشرتها السمراء، تقف ابنة الـ25 عاماً وسط الملعب، متجاوزةً الكثير من مواقف "العنصرية" التي واجهتها منذ وصلت مع أسرتها إلى بريطانيا وهي في العاشرة من العمر، محققةً أحد آمالها المهنية.

كانت روبل شغوفة منذ الصغر بلعبة كرة القدم، وفي ظل رفض الأسرة احترافها اللعبة من أجل الانتظام في "مهنة طبيعية"، وقرب إقامتها من ملعب ويمبلي، بدأت رحلتها في مجال تحكيم مباريات كرة القدم.

في مقابلة مع "بي بي سي"، تحدثت روبل عن معاناتها في التأقلم مع رفاقها في المدرسة لعدم إجادتها الإنجليزية في البداية، وعن مساهمة "الكرة" في تغلبها على ذلك. قالت إن زملاءها في المدرسة كانوا "مرتبكين" لعدم قدرتها على التحدث معهم. وأضافت: "لم أكن أتحدث الإنجليزية. لكن كرة القدم كانت موجودة منذ اليوم الأول... كنت أجلب كرة إلى المدرسة الابتدائية لأن من لديه الكرة يقف في المقدمة، إذ سيلعب كل الفتيان والفتيات معي".

استمرت أزمتها مع اللغة داخل الفصل الدراسي، وظلت تحاول التحدث بالإنجليزية خلال اللعب حتى حفظت جيداً كلمات مثل: "من فضلك مرر لي الكرة" و "شكراً لك" و"اركل الكرة". وهذا ما عزز الثقة بنفسها وأتاح لها التعلّم بسرعة.

حجابها وبشرتها السمراء والعنصرية لم تعقها... صومالية فارّة من الحرب تصبح أول مُحكِّمة كرة قدم مسلمة في بريطانيا

وتابعت: "كانت الكلمات تخرج بشكل طبيعي وكنت مذهولة، ما هذا؟ أنا فعلاً أتحدث الإنجليزية".

حلم لم يتحقق

لشدة حبها كرة القدم، حلمت روبل باحتراف اللعبة وبتمثيل منتخب إنجلترا، غير أن والديها طلبا منها اختيار مهنة "طبيعية". عن ذلك قالت: "أردت أن ألعب لمنتخب إنجلترا لكن والديّ قالا لي: "هذا لن يحدث أبداً". لقد أرادوا مني الدراسة والحصول على وظيفة عادية مثل باقي الفتيات".

لم تستسلم، بل أصرّت على تحقيق الحلم إلى أن حدث "التحول". قالت: "رغبتي في المشاركة في التحكيم بدلاً من اللعب كان سببها أنني أردت شيئاً جديداً، فتطوعت في الدوري المحلي للفتيات".

الآن، جواهر هي أول امرأة مسلمة تتولى التحكيم في مباريات ببريطانيا، لكنها ما زالت تطمح إلى المشاركة في "مباريات مهمة"، وتحث النساء على الاقتداء بها.

الطريق ليس مفروشاً بالورود

"هناك أشخاص سلبيون دائماً، لكني لا آخذ كل ما يقال على محمل الجد"، قالت روبل عن الصعوبات التي واجهتها. وتجد في ارتدائها الحجاب في هذا العمل "نوعاً من المتعة"، مبرزةً: "عندما أدخل الملعب لا أكون مرتدية ملابس التحكيم. أول ما أقوم به هو الذهاب إلى المسؤول عن الملعب وأقول له ‘مرحباً، أنا حكم المباراة اليوم، من فضلك أين غرفة تغيير الملابس؟‘".

وتابعت: "عادة، يتساءل المسؤول باستغراب ‘هل أنت حقاً؟‘".

وروت: "في البداية، كنت أتساءل لماذا يُفاجأون. لكنني الآن لا أكاد أصبر لأقول لهم، نعم أنا... وعليكم أن تعتادوا ذلك. أحب المفاجأة".

لا تقتصر مرونة روبل على التعامل مع الآخرين خارج الملعب إذ تستثمرها جيداً مع اللاعبين خلال اللعب، وخاصةً الذين يطلقون بعض "الإساءات" الناتجة من جو الحماسي.

حرمها والدها حلم احتراف كرة القدم لأجل "وظيفة عادية مثل باقي الفتيات"... كيف ساعدت كرة القدم مهاجرة صومالية شابة على التغلب على صعوبات اللغة وتحقيق النجاح؟

وأضافت: "إذا تلقيت إساءة من أحد، أقف له بالمرصاد. أثناء المباراة، قد يقول لاعبون عبارات مستفزة مثل ‘هذه لعبة رجال‘، فأرد بـ‘أنها لعبة للرجال وللسيدات على السواء. لقد فاتك للتو تسجيل هدف في المرمى وأنت مشغول بإثارة المتاعب، لذا ركز على نفسك‘". وتؤكد أن هؤلاء اللاعبين كثيراً ما يعتذرون منها عقب انتهاء المباراة.

مجرد لقب

واعتبرت روبل أن المكانة التي تحظى بها باعتبارها المُسلمة الوحيدة في مجال التحكيم ببريطانيا مجرد "لقب لن يغير شيئاً فيّ". مع أنها تدرك أهمية دورها في إلهام الأخريات.

وفيما يصور الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فيلماً وثائقياً قصيراً عنها - يحمل عنوان "نلعب بقوة"- تعتقد روبل أنه ينبغي تشجيع البرامج المعنية بتطوير مشاركات النساء في كرة القدم. وتحلم بـ"التحكيم في نهائي بطولة للسيدات أو نهائي بطولة للرجال" و"الوصول إلى أعلى مستوى" في مهنتها.

وعقب إنهاء دراستها الجامعية، تنوي روبل التي تصنّف نفسها "رياضية تعمل بدوام كامل" متابعة التحكيم، وختمت بنبرة لا تخلو من التحدي: "احترسوا، أنا قادمة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard