"كانت حرب أكون أو لا أكون...
حرب باردة طويلة.
حرب إذا ما انتصرت فيها كنت رح كون مقتول وقتها.
حرب أقسمت على نفسي إني رح أنتصر فيها لأنه ما كان عندي خيار تاني غير المواجهة.
حرب إثبات وجود... حرب ضد مجتمع كامل، ضد عادات وتقاليد، ضد أهل، ضد دين، ضد كل شي ربينا عليه.
كنت مضطر أحارب... لحتى ما أخسر حالي".
كاتب هذه الكلمات هو شاب سوري مثلي الجنس يُدعى عبدالرحمن عقّاد (22 عاماً) أعلن في منشور يوم 24 تموز/يوليو تصالح أهله مع مثليته بعد خمس سنوات من المُحاربة من أجل البقاء وسط عائلة حلبية عريقة "مُحافظة دينياً"، وفقاً لاعترافه. وتضمن المنشور صورة تجمعه مع والديه وهو يرتدي قميصاً عليه علم قوس قزح الخاص بالأقليات الجنسية.
واختصر عقّاد آخر خمس سنوات من حياته بالقول: "محاولات انتحار، محاولات إجباري على الخضوع لعلاج من مرض مش موجود غير بعقولهم، محاولات لقتلي وتهديدي، محاولة إجباري عالزواج. خوف أهلي من المجتمع ومن نظرة الناس لإلهن!".
وأشار إلى أن والديه تحمّلا "إهانات لا يستطيع أحد تحملها" إذ كانت تُقال لهما عبارات من قبيل: "كيف ابنكن مثلي؟ كيف بيحب شباب؟ معقول ابنكن بياكله؟ ابنكن لوطي؟ ابنكن شاذ؟ ابنكن مريض نفسي! الله يشفيه!".
ولفت إلى أن أهله شعروا بمسؤولية إزاحة الضغط النفسي الذي يعيشه منذ عام 2015، وهو ما دفعهم لتقبّله في 24 تموز/يوليو 2020.
كتب: "أهلي اليوم تقبّلوني، بيحبوني حبّ من غير شروط، قدرت أثبت وجودي بيناتهن، قدرت قول إنه الشي الي ربيوا عليه غلط...".
وتمنى أن يحبّ ويحتضن الأهل أبناءهم من دون شروط، وأن يتوقفوا عن "تعنيفهم ونبذهم" إذا كانوا مثليين الجنس أو لديهم اضطراب بالهوية الجنسية، موضحاً: "لا أحد يتمنى أن يُقرر تحدي المجتمع ويُعلن تغيير ميوله لأنه يرغب في ذلك".
وأضاف: "اليوم انتهت الحرب... وانتصرت أنا... انتصرت عليكم وعلى كراهيتكم وعلى عاداتكم وتقاليدكم وكل ما تخافونه. انتصرنا نحن. الحب انتصر! ولا مكان لكراهيتكم بيننا. وجاء الوقت لأن يرتاح المُحارب الآن".
وختم بالمحكية السورية: "مو شرط كل النهايات تكون بشعة... هي مش النهاية... هي نهاية الحرب تبعتي وبداية لحياة جديدة مليانة حب وسلام وسعادة".
"اليوم انتهت الحرب... وانتصرت أنا... انتصرت عليكم وعلى كراهيتكم وعلى عاداتكم وتقاليدكم وكل ما تخافونه. انتصرنا نحن. الحب انتصر!"... شاب سوري مثلي الجنس يُعلن تصالح والديه معه بعد خمس سنوات على مصارحته لهما
"حزن بعيون أهلك"
تعليقاً على منشوره، تلقى تعليقات داعمة كثيرة، وأُخرى تُخبره عن "الحزن" الظاهر في عيون والديه اأنهم أُجبروا على تقبّله من دون اقتناع.
ردّ عقاّد: "أهلي كانوا زعلانين لأنه صرلنا خمس سنين ناطرين فيزا لم الشمل وصرلي تلات سنين مش شايفين بعض. مش زعلانين لأني مثلي ولا بيشعروا بالعار بسببي. هالتفكير يلي بمخيلتكن مثير للشفقة بس. أهلي بيحبوني حب غير مشروط، بس انتوا ما بتحبوا تشوفوا الحب".
ونشر مع هذه الكلمات صورة له بين والديه وهما يُقبّلانه. وختم: "كنتوا ستفرحون لو قتلوني أو لو انتحرت بسبب كراهيتكم. انتصرنا أنا وأهلي عليكم".
حُبست وضُربت
وكان عقّاد قد تحدث عن فترة ما بعد الاعتراف لوالديه بمثليته الجنسية (2015) قائلاً: "من حيث لا أعلم، قاموا بحبسي في المنزل. حدثت معي مشاكل كثيرة وتأزّمت حالتي النفسية. حاولت الانتحار أكثر من تسع مرّات. سبع مرّات في تركيا (حيث كان يقيم)، ومرتين في ألمانيا (لجأ إليها في كانون الأول/ديسمبر 2015 هرباً من التهديدات، بحسب قوله)".
وعام 2017، تحدث في مقطع فيديو نشره على فيسبوك عن مثليته الجنسية علناً ليُنقذ نفسه من زواج يُريد أهله تدبيره. قال تعليقاً عليه: "لم يكن لدي خيار سوى أن أخرج في فيديو وأتحدّث عن مثليتي الجنسية، وأنه سيتم إجباري على الزواج وأعيش حياة مزدوجة. واحدة لإرضاء الأهل وواحدة من أجل ميولي سرّاً".
وأشار في مقابلة قصيرة مع قناة DW الألمانية إلى أن المشكلة الكبرى كانت لدى والدته التي لم تستطع تقبله في البداية. "كنت أتحدث بشكل متقطع وأبكي. في النهاية قالت لي يمكنك إخباري بما تريد. اعتبرني صديقة مقربة لك، وليس والدتك".
وقال إنه كان يتمنى أن يحضنها عبر الشاشة قبل أن يلتقيا، حين أخبرته أنها ستُحبه حباً غير مشروط، وأنها ستدعمه في هذا الطريق إذا كان يرى سعادته فيه.
وأضاف: "في النهاية، نحن لا نؤذي أحداً، ولا نضر أحداً. لا يمكن للناس أن تخفي ميولها. ستبقى في صراع نفسي".
"كيف بيحب شباب؟ معقول ابنكن بياكله؟ ابنكن لوطي؟...أهلي تحملوا إهانات ما حدا بيقدر يتحملها"... شاب سوري مثلي الجنس يُعلن تصالح والديه معه بعد خمس سنوات على مصارحته لهما
فيديو إعلان المثلية
في المرة الأولى التي تحدث فيها علناً عن مثليته الجنسية في فيديو (2017) لإنقاذ نفسه من عيش حياة مزدوجة، قال: "أنا من عائلة محافظة دينياً. تعرضت للكثير من المشاكل. طلبت اللجوء من تركيا إلى ألمانيا لأني مثلي جنسياً. حينما اعترفت لأهلي، تم ضربي وكسر هاتفي المحمول بحجّة ألا أتكلم مع الـBoyfriend (حبيبي). وجرى حبسي في المنزل".
هذا بعض مما قاله في الفيديو الذي شرح فيه كيف تأزمت نفسيته، ولماذا اضطر إلى مغادرة تركيا حيث كان يقيم.
وأوضح أنه شخص لا يمكنه الاختباء خلف إصبعه، ولا يحب عيش حياة ليست له. قال: "خضت محاولات انتحار بسبب مجتمع يظلم ويقتل باسم الدين. يُحارب أي فئة بسبب عادات وتقاليد موجودة منذ أكثر من 1400 سنة".
وأعلن في الفيديو أنه متصالح مع نفسه، وأنه عرف من يكون، مؤكداً أن الموضوع لم يكن ااختيارياً بل أُجبر عليه.
ولفت إلى أنه اضطر إلى حظر الكثير من أصدقائه وعارفيه على مواقع التواصل الاجتماعي، موجهاً رسالة إليهم. مما ورد فيها: "من لديه مشكلة معي، فليتوجه ويرفع دعوى ضدي بتهمة نشر الفاحشة والفجور".
وتحدث عن ازدواجية البعض من المسلمين الذين لا يمانعون أن "يسكروا ويزنوا" ولكنهم في الوقت ذاته يعارضون مثليته الجنسية، متسائلاً "كيف يعتقد البعض أنه يحق له إنهاء حياة شخص آخر بسبب معتقداته؟"
وكانت العبارة الأكثر تكراراً في الفيديو: "آخر همي المجتمع شو بيحكي".
"لماذا الحجاب؟"
ومما قيل للعقّاد عقب إعلان تقبّل أهله له وسرد حكايته: "الجنسية الألمانية تحتاج التضحية" في إشارة إلى أنه فعل هذا من أجل الحصول على جنسية بديلة.
وسخرت مغرّدة من حجاب والدة عقّاد، معتبرة أن الحجاب والمثلية الجنسية لا يلتقيان، متسائلةً: "طيب الأم ليش متحجبة". في المقابل، قيل: "لا قتل، لا اغتصب، لا سرق ولا أذى أي شخص ثاني، حياته الشخصية والجنسية شي خاص فيه، ليه بعض الكائنات متضايقة؟ واحد حامل ذقنه وشعوبنا تعبانة فيها".
واعتبرت مغردة أخرى أن "هذا هو حب الأهل الحقيقي غير المشروط، بعاداتهم وتقاليدهم ورغباتهم، هذا الحب المطلوب دائماً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...