في كلمة أثارت تفاؤلاً في أوساط الجالية العربية، وعد مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن المسلمين الأمريكيين بإنهاء العنصرية والكراهية، وبإلغاء قرار حظر دخول مواطني دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، في حال جرى انتخابه.
ولجأ بايدن إلى حديث للنبي محمد جاء فيه: "من رأى منكم مُنكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، وذلك لحث المسلمين الأمريكيين على التصويت له حتى لا يبقى الرئيس الحالي دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية.
وتعهد بايدن بالاستعانة بقيادات مسلمة في إدارته، ودعم حقوق الإنسان والأقليات المسلمة حول العالم، مثل الروهينغا في ميانمار والإيغور في الصين، إضافة إلى قضايا من يعيشون في سوريا واليمن وغزة، وقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وأثار بايدن جدلاً بين اليمين المتطرف لقوله "أتمنى أن نُعلم في مدارسنا المزيد عن العقيدة الإسلامية"، فيما أطلق متشددون هاشتاغ "شريعة جو" ورحب آخرون بالفكرة لتعريف أولادهم بالأديان الأخرى.
وهذه هي المرة الأولى التي يلقي فيها مرشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية كلمة في فعالية مسلمة، حملت شعار "قمة مليون صوت مسلم". ونظمت هذه الفعالية منظمة "Engage" المعنية بالحقوق السياسية للمسلمين الأمريكيين، والتي يتهمها اليمين الأمريكي بأنها محسوبة على جماعة "الإخوان المسلمين".
هل يمكن التفاؤل برئاسة جو بايدن؟
صحيح أن المرشح الديمقراطي وعد بقيام دولة فلسطينية، لكنه منذ شهرين تقريباً تعهد بايدن بأن السفارة الأمريكية ستبقى في القدس إذا تم انتخابه، حتى أنه أكد أن المساعدات لتل أبيب لن تكون مشروطة خلال إدارته.
وقال بايدن أيضاً أنه سيحترم قانون "تايلور فورس" الذي تم تمريره عام 2018 وأصبح قانوناً بعد تصديق ترامب عليه، وينص على حجب أجزاء من المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية ما لم تتوقف عن تخصيص دفعات لعائلات الأسرى الأمنيين الفلسطينيين أو منفذي الهجمات الذين قُتلوا خلال تنفيذهم لهجمات ضد إسرائيليين.
يُذكر ذلك بجملة بايدن الشهيرة، حيث قال عام 1986 في قاعة مجلس الشيوخ: "لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تخترع إسرائيل لحماية مصالحنا في المنطقة".
ووصف بايدن نفسه أنه "صهيوني" في أكثر من مناسبة، منها في مقابلة أجراها عام 2008، وقال فيها: "أنا صهيوني، لا يجب أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً".
وفي 12 تموز/يوليو الحالي، لوّح المرشح الديمقراطي باحتمال قطع المساعدات الأمريكية لمصر على خلفية تحويل البلاد إلى "سجن كبير للمعارضين"، لكن بايدن نفسه كان نائباً للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وقت عزل محمد مرسي، وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، واعتقال الآلاف من المصريين.
للمرة الأولى يلقي مرشحٌ للانتخابات الرئاسية الأمريكية كلمة في فعالية مسلمة ويتلو حديثاً للنبي محمد يحث فيه المسلمين على التصويت له ويتعهد بمحاربة الكراهية والاستعانة بهم في قيادة أمريكا… هل يمكن التفاؤل بخطاب جو بايدن؟
وعندما نزل المصريون إلى الشوارع للدعوة إلى عزل الرئيس المصري السابق حسني مبارك عام 2011، ظهر جو بايدن للدفاع عن الأخير، واصفا إياه بأنه حليف "مسؤول للغاية". وقال بايدن وقتها: "لن أصف حسني مبارك بأنه ديكتاتور".
في كلمته إلى المسلمين الأمريكيين، تعهد بايدن بدعم السوريين واليمنيين مع أنه أيضاً كان الرجل الثاني في الولايات المتحدة حينما كانت طائرات النظام السوري تلقي البراميل المتفجرة على المدنيين وتدخلت روسيا في الحرب بقصف منازل المدنيين، وظهر تنظيم داعش في العراق وسوريا، كذلك في اليمن دعمت واشنطن الحرب التي أطلقتها السعودية بمباركة من أوباما في عام 2015.
أما في العراق، فقد صوّت بايدن حينما كان عضواً في الكونغرس، عام 2002، لصالح الغزو الأمريكي لإسقاط نظام صدام حسين. كان بايدن في ذلك الوقت رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وهو من صاغ قراراً وافق عليه الحزبين الجمهوري والديمقراطي بمنح بوش سلطة استخدام القوة العسكرية ضد العراق.
في 31 تموز/يوليو عام 2002، عندما كانت إدارة بوش تدق ناقوس الخطر بشأن العراق، كتب بايدن افتتاحية "نيويورك تايمز" مع السيناتور الجمهوري ريتشارد لوغار، يعبر عن قلقه من سعي صدام حسين الحثيث لامتلاك أسلحة الدمار الشامل.
ومع ذلك، جادلت وسائل إعلام أمريكية أن بايدن كان على خلاف مع أوباما حول القضايا الخارجية منها المسألة الليبية، والتي قال بايدن عنها إنه "كان محقاً في رفض التدخل الأمريكي في ليبيا".
السياسة التقليدية
يُرجّح خبراء أن بايدن سوف يتبع السياسة التقليدية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والتي تستهدف الحفاظ على حلفاء واشنطن التاريخيين من أجل بسط الاستقرار ومحاربة الإرهاب.
"بالنظر إلى أن بايدن ينتمي إلى الحزب الديموقراطي الذي له أيديولوجية مختلفة ويُعرّف المصالح الأمريكية تعريفاً مختلفاً عن الحزب الجمهوري سيكون هناك اختلاف منطقي"... عودة إلى مواقف بايدن بعد خطابه للمسلمين الأمريكيين ليشجعهم على انتخابه
في هذا الشأن، قال الباحث في العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن عاطف عبد الجواد أن السياسات الأمريكية تتغير مع تغير الحكومات، وبالنظر إلى أن بايدن ينتمي إلى الحزب الديموقراطي الذي له أيديولوجية مختلفة ويُعرّف المصالح الأمريكية تعريفاً مختلفاً عن الحزب الجمهوري سيكون هناك اختلاف منطقي ومألوف من حيث المبدأ.
ولفت عبد الجواد، في حديث إلى رصيف22، إلى وجود عوامل استثنائية سوف تؤثر على علاقة بايدن بالسعودية وإيران في حال فوزه بمنصب رئيس الولايات المتحدة.
برأيه، فإن العامل الأول هو أن الديموقراطيين في الكونغرس هم الأكثر سعياً اليوم إلى معاقبة السعودية بسبب سلوكها في الحرب في اليمن، وبسبب قضية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
"إذا فاز جو بايدن بالرئاسة وفاز معه الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس الشيوخ فسوف نجد توجهاً أقوى نحو الضغط على السعوديين على عدة مستويات تشمل أيضاً الصراع مع إيران"، بحسب عبد الجواد.
وحول إيران، قال عبد الجواد إن الاتفاق النووي الذي تم توقيعه مع طهران عام 2015 أبرمه أوباما وكان بايدن نائباً له، وعليه من المرجح أن بايدن سيكون أكثر ميلاً نحو تسوية مع إيران وربما الدخول في اتفاق نووي جديد أو على الأقل تمديد الاتفاق الأصلي.
وتوقع عبد الجواد أن بايدن سيلتزم بصورة عامة بالسياسات الأمريكية التقليدية التي تقوم على التحالفات التقليدية والتاريخية في المنطقة، بما في ذلك التحالف مع إسرائيل ومصر والخليج والسعودية لإرساء الاستقرار ومحاربة الإرهاب في المنطقة.
أما في ما يتعلق بفلسطين، فرأى عبد الجواد أن بايدن سيعود إلى السياسة الأمريكية التقليدية القائمة على حل الدولتين، ولكن على أساس الأمر الواقع الذي فرضه ترامب، فإذا رفض الفلسطينيون المفاوضات كما يفعلون اليوم، فلن يتحرك في أي اتجاه لحل النزاع، وسيكرر التجاهل الذي أبداه أوباما.
وفي ما يتعلق بالموقف من تركيا، توقعت وكالة الأناضول التركية شبه الرسمية أن بايدن يعتزم مواجهة أنقرة في السياسة الخارجية بشكل واسع، وهو "ما لا يبشر بالخير لعلاقات البلدين".
وكان بايدن قد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"المستبد"، كما اقترح ضرورة دعم "عناصر" في الداخل التركي - لم يسمّها - حتى تتمكن من هزيمته من خلال عملية ديمقراطية. وخلال الأسبوع الماضي، دعا جو بايدن الرئيس التركي، بشكل حازم، إلى التراجع عن قرار تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع