"أخيراً، عاد محمد عماشة إلى وطنه بعد تمضيته 486 يوماً في السجون المصرية لحمله لافتة احتجاجية. إن اعتقال الناشطين مثل سارة حجازي ومحمد سلطان أو تهديد أسرهم أمر غير مقبول. لا مزيد من الشيكات على بياض لـ‘الديكتاتور المفضل‘ لدى ترامب".
بهذه الكلمات الحادة علّق جو بايدن، المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، على تخلية سبيل طالب الطب الأمريكي الجنسية محمد عماشة (24 عاماً) بعد نحو 16 شهراً قضاها في السجون المصرية عقب اعتقاله لرفعه لافتة تطالب بـ"الحرية لجميع السجناء" في ميدان التحرير بالقاهرة في نيسان/ أبريل عام 2019.
ولفت بايدن في تغريدته إلى ما سبق أن نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في 13 أيلول/سبتمبر عام 2019، بشأن وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بـ"ديكتاتوري المفضل" قبيل لقاء جمعهما على هامش قمة مجموعة السبع الكبرى التي استضافتها فرنسا في آب/أغسطس من العام نفسه.
تهديد؟
ورأى مراقبون أن المرشح الرئاسي، الذي تعكس استطلاعات الرأي تفوقه على ترامب في الانتخابات المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ربما يرمي إلى احتمال قطع أو تقليص المساعدات الإنسانية الأمريكية الموجهة إلى مصر لدى صعوده إلى الحكم.
"لا مزيد من الشيكات على بياض لـ‘الديكتاتور المفضل‘ لدى ترامب"... المرشح الرئاسي الأوفر حظاً يوجّه رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس المصري، ملوحاً باحتمال قطع المساعدات الأمريكية على خلفية تحويل البلاد إلى "سجن كبير للمعارضين"
ويتماهى موقف بايدن مع الرأي العام الأمريكي الشعبي والتشريعي الغاضب من النظام المصري، الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع إدارة ترامب، إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. وطالما ندد مشترعون من الحزبين وسعوا إلى اتخاذ خطوات عقابية ضد نظام الرئيس السيسي المتهم بتحويل البلاد إلى "سجن كبير لمعارضيه".
كما أنه قد يعدّ مؤشراً على احتمال انتهاجه، لدى توليه المنصب، سياسة مماثلة للرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.
وبرغم أنه لم يعتبر إطاحة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي عن الحكم عام 2013 انقلاباً عسكرياً، قامت إدارة أوباما بتعليق مساعدات مقدارها 260 مليون دولار أمريكي كانت ستحوّل مباشرة إلى الحكومة المصرية عقب فض اعتصام رابعة، بالإضافة إلى 300 مليون دولار أخرى كضمانات قروض أمريكية. وربطت الإدارة الأمريكية عادة تقديم المساعدات والمعدات العسكرية إلى مصر آنذاك بحدوث تقدم واضح في العملية السياسية.
ترامب وازدهار التعاون
خلافاً لإدارة أوباما، حافظت إدارة ترامب على استمرار تقديم مساعدات إلى مصر تقدر بـ1.3 مليار دولار سنوياً. وتعتبر مصر ثانية أكثر الدول حصولاً على المساعدات الأمريكية بعد إسرائيل.
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن السفير الأمريكي لدى القاهرة، جوناثان كوهين، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن بلاده قدمت إلى مصر 50 مليار دولار دعماً ومساعدات عسكرية و30 مليار دولار للتنمية منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.
منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، تقدم واشنطن مساعدات سنوية تقدّر بـ1.3 مليار دولار أمريكي. دعوات متكررة في أمريكا إلى الضغط على السلطات المصرية للإفراج عن أمريكيين ووقف الانتهاكات الحقوقية للمصريين
ولفت إلى أن نسبة التبادل التجاري بين البلدين ارتفعت، منذ تولي ترامب الحكم، إلى 76% حتى أصبحت واشنطن ثالثة أكبر الدول التي تستثمر في مصر.
وجاء الإفراج عن عماشة عقب ضغوط أمريكية قوية على السلطات المصرية، وبعدما بدأ إضراباً عن الطعام، في آذار/ مارس الماضي، احتجاجاً على ظروف توقيفه وخشية إصابته بفيروس كورونا الذي تتواتر أنباء عن تفشيه في سجون البلاد المكتظة والضيقة.
وزادت المخاوف على حياة عماشة بعدما توفي معتقل أمريكي آخر، هو مصطفى قاسم، في كانون الثاني/يناير الماضي، أثناء حبسه احتياطياً وعقب إضرابه عن الطعام احتجاجاً على سجنه تعسفياً منذ عام 2013.
وارتفعت، عقب وفاة قاسم، دعوات إلى حرمان السلطات المصرية من 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقررة لمصر.
وفي الأسبوع الماضي، دعت مجموعة من خبراء السياسة الخارجية في أمريكا، في رسالة مفتوحة، وزير الخارجية مايك بومبيو، إلى إبلاغ مصر بأن التعاون بين البلدين، بما في ذلك المساعدة العسكرية، سيكون على المحك إذا لم توقف الحكومة مضايقة المواطنين الأمريكيين والناشطين والصحافيين المصريين.
ونبّهت مجموعة العمل المعنية بمصر، التي نُظمت برعاية مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي"، إلى أنه "بينما تحاول إدارة ترامب محاسبة إيران والصين على انتهاكاتهما المتهورة والخطيرة لحقوق الإنسان، نأمل أن تخضع مصر للمعايير نفسها".
وتابعت: "الانتهاكات الجماعية المستمرة لحقوق الإنسان تزيد من احتمالات عدم الاستقرار في مصر وتهدد مصالح الأمن القومي الأمريكي".
وشكر بومبيو مصر "لتأمينها الإفراج عن عماشة وإعادته" إلى الولايات المتحدة، داعياً السلطات المصرية إلى "وقف المضايقة غير المبررة للمواطنين الأميركيين الذين لا يزالون هناك".
وهنالك مواطنون أمريكيون معتقلون في القاهرة، بينهم خالد حسن الذي قال إنه تعرض للتعذيب. في حين أفاد المعتقل السابق محمد سلطان بأن أفراد أسرته في مصر يتعرضون لـ"التنكيل انتقاماً منه" بعدما رفع دعوى قضائية في أمريكا على رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي ومسؤولين مرموقين، بينهم السيسي، على خلفية انتهاكات ارتكبت ضده إبان فترة اعتقاله بين عامي 2013 و2015.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...