شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
حين يبتسم المخيّم... ألبوم خطوبة شابين فلسطينيين يهزّ فيسبوك فرحاً

حين يبتسم المخيّم... ألبوم خطوبة شابين فلسطينيين يهزّ فيسبوك فرحاً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 14 يوليو 202010:41 ص

جرت العادة أن يختار العرسان الجدد مواقع شاعرية الطابع لأخذ الصور التذكارية التي توثّق تاريخ حفل الخطوبة أو الزواج، وتلك المواقع غالباً ما تكون في الطبيعة العذراء أو في أماكن مدنيّة ذات نمط سياحي كالفنادق أو الحدائق العامة. لكن الشابين ريان سكّر وسميح محمود ضربا كل تلك المعايير عرض الحائط واختارا أن يعيش تاريخ حفل خطوبتهما في صوَر ضمن أزقّة مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث كان لقاؤهما الأول.

نشرت ريان الصور على صفحتها على فيسبوك لتنال إقبالاً وإعجاباً كبيرين تجاوزا صفوف العائلة والأصدقاء، فانتشر الألبوم في ما يشبه المسيرة الشعبية الإلكترونية، تحيّة للشابين الفلسطينيين وذائقتهما الفريدة.

تبدو اللقطات في ألبوم خطوبة الشابين كمشاهد من فيلم روائي عن قصة حب نشأت بين شابة وشاب فلسطينيين لاجئين في لبنان، كما وتروي كل صورة في إطارها لحظة من تفاصيل الحياة اليومية لحبيبين أو زوجين من سكّان المخيّم.

يحمل سميح جرّة غاز وتنتظره ريان في محل السمانة، يصعد العروسان إلى سطح منزل ليتأمّلا الغروب قرب عشّ للحمام، يطلّان من شرفة منزل على مشهد شبكة أسلاك كهربائية عشوائية وبنطال يتيم معلّق على حبل غسيل، يمرّان قرب هيكل مهترئ لسيارة مهملة، يتأملان جداراً يحمل عبارة "عابرون والدنيا ليست لنا" ثم يستندان بحبّ على جدار آخر خطّت عليه أبيات محمود درويش "نحن أحياء وباقون وللحلم بقيّة..."، قبل أن يرتاحا عند مصطبة في زقاق ضيّق جداً مبتسمين للمارة، كأنها دعوة لشرب فنجان قهوة.

تحكي العروس قصّة الألبوم لرصيف22 فتقول إنها أرادت أن تكون صور خطوبتهما فكرة جديدة خارجة عن المألوف، وفي الآن نفسه أليفة بحيث تشبهها وسميح، بدلاً من اختيار موقع تصوير في منطقة لا تمتّ للمخيّم بصلة.

ولدت ريان في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، وتصف علاقتها بالمخيم فتقول إنه يعني لها الكثير وتشعر بانتماء كبير إليه. أمّا خطيبها سميح فهو من مواليد سوريا وكان قد نزح وعائلته من مخيم اليرموك عام 2013 ليستقروا في مخيم شاتيلا.

"الفرح ليس محرّماً علينا نحن الفلسطينيين. هناك حياة مستمرة في المخيم وهناك أعراس وولادات. نحن نريد أن نعيش، ولا نودّ البقاء مدفونين في ظل المجزرة"

التقى الشابان منذ خمس سنوات في المخيم أثناء ورشة عمل لدويتشه فيله، لتمكين الشباب من العمل الإعلامي السمع-بصري والسوشال ميديا. كانت نتيجة ذلك التدريب منصة "كامبجي" الإلكترونية المعنيّة بالإضاءة على قضايا وقصص أهالي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتقديمها بطريقة شبابية طريفة. وتدير المنصة اليوم مؤسسة الجنى.

يروي سميح لرصيف22 أن عمله ضمن "كامبجي" عزز لديه فكرة الانتماء للمخيّم، ذلك أن عملهم يتطلّب الكثير من التواصل مع الناس والعمل اليومي عن كثب مع الهموم التي تجمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشكل عام وسكّان المخيمات بشكل خاص. التآلف ذلك أزال تردد سميح من فكرة جلسة التصوير التي استمرت لثلاث ساعات داخل المخيم وأدارها عمر أحمد، زميلهما في كامبجي.

"المخيم جميل. عليكم فقط أن تغيّروا المنظور كي تروا ذلك"... ألبوم خطوبة من أزقّة مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان ينتشر في ما يشبه المسيرة الشعبية الإلكترونية

حول التصوير، يقول عمر لرصيف22 إنه تشارك وزميليه تأليف الصور "بروح واحدة" وأسندت إليه مهمّة الاهتمام بالتفاصيل التقنية من إضاءة وتأطير كما باختيار مواقع التصوير.

حتى كتابة هذه السطور، كان عدد مشاركات ألبوم الخطوبة على فيسبوك قد تجاوز الستمئة، عدا عدد المشاركات المتعذر إحصاؤها عبر واتساب. كما حظيت صور الشابين باهتمام فلسطيني رسمي، بمشاركات من صفحات سفارة دولة فلسطين في كل من الإمارات والمملكة المتحدة بالإضافة إلى اهتمام من الإعلام الفلسطيني الرسمي وغيره.

وتفاعل مع الصور عدد من الفنانين الفلسطينيين والعرب كالفنان أحمد قعبور الذي أعرب عن فرحه الشديد بالصور، والفنان كامل الباشا الذي علّق قائلاً: "حين يبتسم المخيم تطرق فلسطين جدران الخزّان".

تعود جذور عائلة ريان سكّر إلى مدينة يافا وتعود جذور كل من سميح محمود وعمر أحمد إلى قريتي خربة أبو زينة ولوبية اللتين هجّرت عائلاتهم منهما إبان النكبة الفلسطينية.

في فلسطين المحتلة، وفي ظاهرة تلقى الاستحسان، يختار بعض الشباب أن يوثّقوا أفراحهم في صور عند أطلال بيوتهم في القرى المهجّرة.

بعض التعليقات السلبية على ألبوم صور ريان وسميح انتقدت خيار العروسين بأن يأخذا صوراً فرحة في المخيم الذي شهد مجزرة، على حد قولهم. حول ذلك تقول ريان: "الفرح ليس محرّماً علينا نحن الفلسطينيين. هناك حياة مستمرة في المخيم وهناك أعراس وولادات. نحن نريد أن نعيش، ولا نودّ البقاء مدفونين في ظل المجزرة".

في المقابل، تراجع بعض الناس عن تهكّمهم واستغرابهم من مبادرة ريان وسميح وقاموا بمشاركة الألبوم على فيسبوك بأنفسهم بعد أن أعجبوا بنتيجة التصوير، وذهب الأمر بالبعض إلى أن يعد نفسه بجلسة تصوير مماثلة لدى إعلانه الارتباط.

وتقول ريان إن بعض الأشخاص اعترف بأن ألبوم الخطوبة ذلك جعلهم يتنبّهون فجأة إلى جمالية المخيم. "تلك كانت رسالتنا"، تقول العروس بسعادة، مضيفة: "المخيم جميل. عليكم فقط أن تغيروا المنظور كي تروا ذلك".



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image