شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
بتهمة

بتهمة "اللواط"... السجن عاميْن لرجلين في تونس و"هيومن رايتس" تستنكر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 8 يوليو 202002:34 م

استنكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية صدور أحكام بالسجن مدة عامين على رجلين في تونس بتهمة "اللواط"، وحثت السلطات على إلغاء تجريم المثلية الجنسية لـ"صون الحريات الفردية وحقّ الجميع في عدم التمييز والسلامة الجسدية".

ووفق بيان المنظمة الصادر في 7 تموز/ يوليو، فإن محكمة تونسية قضت، في 6 حزيران/ يونيو الماضي، على رجلين مُتّهمَيْن بـ"اللواط" بالسجن عامين. وهذا ما اعتبرت "هيومن رايتس" أنه "ينتهك حق الرجلين في الخصوصية وعدم التمييز بموجب القانون الدولي ودستور تونس لعام 2014".

ويُلزم الفصل 24 من دستور عام 2014 الدولة بحماية الحياة الخاصة وحرمة المنزل. في حين ينصّ الفصل 21 على أنّ "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز".

ويأتي الحكم على الشابين متزامناً مع تزايد حملات التحريض ضد المثليين في تونس والتي شاركت فيها شخصيات بارزة على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما أورده ناشطون. وهذا ما دفع بعضهم إلى تدشين وسم #الحب_مهوش_جريمة.

"أطول من معظم الأحكام الصادرة بتهم لواط في السنين الأخيرة"... هيومن رايتس ووتش تستنكر حكماً بالسجن عامين على شابين في تونس للاشتباه في "السلوك الجنسي المثلي"، وسط حملات إلكترونية متزايدة للتحريض على المثليين في البلاد

وتشير التفاصيل إلى اعتقال الشرطة التونسية الرجلين (عمرهما 26 عاماً)، في 3 حزيران/ يونيو الماضي، بمدينة الكاف (شمال غربي البلاد) للاشتباه في "السلوك الجنسي المثلي".

تنمر وإهانة وتهديد بالسجن

اللافت أن توقيف الرجلين أعقب ادعاء أحدهما على الآخر في شكوى غير مرتبطة بالتهمة الموجهة إليهما. لكن المدّعي العام في المحكمة الابتدائية بالكاف ادعى على الرجلين بجرم "اللواط" بموجب الفصل 230 من "المجلة الجزائية". ويعاقب هذا الفصل على السلوك الجنسي المثلي الذي يحصل بالتراضي بعقوبة السجن مدة ثلاث سنوات.

وذكرت جميعة "دمج" التونسية المعنية بحقوق مجتمع الميم أنّ أحد المتهمين كان قد تقدّم بشكوى ضدّ الآخر على خلفية قرض مستحقّ، لافتةً إلى أن الشرطة حاولت لاحقاً استدراج الرجلين لـ"الاعتراف بأنّهما مثليّان" من خلال التنمّر عليهما، وإهانتهما، وتهديدهما بالسجن. وهذا ما أكدته المحامية حسنية الدراجي.

أحد المتهمين كان قد تقدّم بشكوى ضدّ آخر على خلفية قرض مستحقّ، لكن الشرطة حاولت لاحقاً استدراج الرجلين لـ"الاعتراف بأنّهما مثليّان" من خلال التنمّر عليهما، وإهانتهما، وتهديدهما بالسجن، بحسب محامية الشابين

استأنف الشابان ضد الحكم. ونقل التقرير الحقوقي عن الدراجي، المحامية التي ستتولّى الدفاع عنهما في الاستئناف، أن المدّعى عليهما أخبراها بأنّهما رفضا مطالب الشرطة بإخضاعهما لفحص شرجي.

وكانت تونس قد قبلت رسمياً توصية تتعلق بإنهاء الفحوص الشرجية القسرية كطريقة لـ"إثبات" المثلية الجنسية خلال جلسة "الاستعراض الدوري الشامل" لتونس في "مجلس حقوق الإنسان" التابع لـ"الأمم المتحدة" عام 2017. لكن الوفد التونسي أوضح آنذاك أنّه "سيتمّ إجراء الفحوص الطبية بِرضى الشخص وبحضور خبير طبي".

في الأثناء، نبهت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ هذا النهج لا يعترف بأنّ الرضى مهدّد فعلياً هنا، لأنّ المحاكم قادرة على استنتاج الذنب من رفض الخضوع للفحص، برغم أن هذه الفحوص لا تتصف بقيمة علمية أو إثباتية في تأكيد المثلية الجنسية. 

بل عندما تكون هذه الفحوص قسرية، تُعد انتهاكاً للخصوصية، وترقى إلى المعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة والتي تنتهك القانون الدولي.

بالعودة إلى وضع الشابين المدانين، فقد لفتت المحامية و"دمج" إلى خطورة وضعهما راهناً لأنّ السلطات نقلتهما، بعد الحكم عليهما، إلى سجن في ولاية بن عروس (قرب العاصمة تونس)، حيث أُصيب سجين في سجن الكاف بفيروس كورونا. وتعقد جلسة الاستئناف ضد الحكم في 8 تموز/ يوليو.

"مثير لقلق عميق"

وأبرزت "دمج" أن الحكم بالسجن عامين "أطول من معظم الأحكام الصادرة بتهم لواط في السنين الأخيرة".

وأوضحت رشا يونس، الباحثة في برنامج حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش، أن "سجلّ تونس في المقاضاة الفعلية للأشخاص بسبب سلوك جنسي مثلي بالتراضي مثير لقلق عميق، وهو تدخّل صارخ في حياتهم الخاصّة. برغم أنّ الهيئات الدولية أثنت على تقدّم تونس في مجال حقوق الإنسان، يشير تجريم ومقاضاة السلوك الجنسي المثلي إلى عكس ذلك".

"بينما تغدق الدول والمجتمع الدولي المديح على #تونس لالتزامها حقوق الإنسان، قضت محكمة بالسَّجن سنتين على رجلين بتهمة ‘اللواط‘ البالية"

وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات التونسية بـ"إلغاء إدانة الرجلين فوراً والإفراج عنهما"، مشجعةً البرلمان التونسي على إبطال الفصل 230 من المجلة الجزائية، ووزارة العدل التونسية على الإيعاز إلى المدعين العامين بإسقاط المقاضاة بموجب هذا الفصل وأمر المدّعين بالتوقف عن إرسال المحتجزين للخضوع لفحوص شرجية كجزء من إجراءات تحقيق الشرطة من أجل تحديد السلوك الجنسي للمشتبه فيهم.

ورأت المنظمة أيضاً أن على وزير الصحة التونسي توجيه جميع الأطبّاء الشرعيين العاملين تحت سلطة الوزارة نحو إنهاء جميع الفحوص الشرجية لهذه الغايات واحترام حقّ الناس في الكرامة والسلامة الجسديتين.

يُذكر أن "لجنة الحريات الفردية والمساواة" التي عيّنها الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي اقترحت، عام 2018، إلغاء تجريم المثلية الجنسية وإنهاء الفحوص الشرجية في التحقيقات الجنائية بشأن المثلية الجنسية.

كذلك قدّم 13 نائباً في البرلمان التونسي مشروع قانون خاصّ بالحريات الفردية ضمّ مقترحات عدّة، بينها إلغاء الفصل 230 في تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه.

واعتبرت يونس أن "لدى تونس فرصة لصون الحريات الفردية وحقّ الجميع في عدم التمييز والسلامة الجسدية من خلال الريادة في إلغاء تجريم السلوك الجنسي المثلي"، مشددةً على أن "عليها البدء بالإفراج فوراً عن الشابين وإيقاف الاعتقالات القائمة على التوجه الجنسي استناداً إلى قوانين اللواط البالية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard