"خلافات عاصفة"
تقول مها راشد (28 عاماً)، ربة منزل حامل في أشهرها الأخيرة، وهي تجلس بجانب أمها على بعد أمتار قليلة من زوجها، في إحدى عيادات الصدرية بغزة، وقد جاءت تشتكي ضيقاً في النفس بسبب ارتداء النقاب، الذي فرضه زوجها بعد زواجهم الذي مر عليه أكثر من سبع سنوات.
تنظر مها إلى زوجها بامتعاض لأنه صاحب فكرة ارتداء النقاب، تقول لرصيف22: "أعاني من ضيق في التنفس خاصة في موسم الشتاء، وها أنا بانتظار الطبيب لأشرح له ما أعاني".
ارتدت مها النقاب بعدما أمرها زوجها بذلك رغم اعتراضها، وقد قررت، بعدما أخبرها الطبيب بأن ما تعانيه من ضيق في التنفس يرجع لارتداء النقاب الضيق، أن تخلعه، وهو ما تم بعد خلافات عاصفة بينها وبين زوجها.
تقول مها: "النقاب يسبب لي ضيقاً في النفس وألماً في الصدر"، وهنا قاطعها زوجها قائلاً: "من زمان صدرك بيوجعك... قبل النقاب"، ويكمل حديثه بالقول: "إن كان النقاب يزعجك فلا ترتديه"، ثم تراجع قائلاً: "ألم تعتادي عليه؟".
تجيب مها باستحياء: "هنا المشكلة، وهو أنني اعتدت وجوده على وجهي، ولا أدري كيف يمكنني الخروج بدونه، ولكنه يضايقني في عملية التنفس".
ولا يزال ارتداء النقاب في غزة يثير مشاكل وخلافات زوجية لا نهاية لها، رغم أن الدين لم يفرضه، وبعض الأزواج الذين يشترطونه على زوجاتهم ليسوا متدينين من الأساس.
"إما أنا أو النقاب"
أما الأربعينية أم أنس، فقد أدى ارتداؤها للنقاب إلى حدوث ارتفاع في ضغط الدم لديها، فتقول لرصيف22: "كنت دوماً أقوم بربطه حول رأسي وفي يوم ذهبت إلى الطبيب أشكو ارتفاعاً في ضغطي، فقال لي الطبيب أنصحك بخلعه، وفعلاً هذا ما تم".
وحول موقف زوجها، تقول أم أنس: "يومها امتعض زوجي جراء ما قمت به خاصةً حين عدت إلى البيت مشياً، فأخبرته برأي الطبيب واحتدم الخلاف بيننا، والمصيبة هنا أن زوجي لا يصلي، واستمر الخلاف أيام قليلة حتى رضي بالأمر الواقع حين أخبرته أن عليه الاختيار بين بقائي معه وبين النقاب".
لا يكاد يمر يوم أو بضعة أيام في غزة حتى تسمع بامرأة أصرت على عدم ارتداء النقاب، خاصة وأن بعض من يشترطه على المرأة، وربط ذلك بالزواج أو استمراره، ليس متديناً، ويبدو الأمر وكأنه نوع من فرض السيطرة والرأي، بل والتملك
ويقول الطبيب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، وهو أخصائي أمراض صدرية، لرصيف22: "يكون التنفس في حال ارتداء النقاب صعباً، مقارنة مع التنفس بدونه، كما أن القماش في منطقة الفم والأنف يراكم الغبار والبكتيريا، وحينها قد تستنشق السيدة المنقبة هذا الخليط فيسبب لها بعض المشاكل في الجهاز التنفسي، خاصةً إن كانت تعاني من أزمة صدرية، لأن النقاب في هذه الحالة يحجب كمية الأوكسجين اللازمة لعملية التنفس".
ويضيف الطبيب: "أحياناً يعمل النقاب على إعادة استنشاق كمية من الزفير "ثاني أوكسيد الكربون" حيث إنه لا يخرج بالكامل من فتحة النقاب السفلية، وبالتالي قد تعاني المنقبة من اللهثة أو ضيق في التنفس نتيجة قلة الأوكسجين المستنشق"، واستدرك قائلاً: "في بعض الأحيان لا يؤثر النقاب على السيدة بالمطلق".
"هناك حالات كثيرة تشتكي من ضيق التنفس جراء ارتداء النقاب".
"هناك حالات كثيرة تشتكي من ضيق التنفس جراء ارتداء النقاب، ففي هذه الحالة ننصح بخلعه، ونقوم بتوعية الزوج، ووضعه في صورة المضار الصحية للنقاب على الزوجة"، على حد قوله.
كما ويرى طب العيون أن للنقاب تأثير على العين، بحسب الدكتور يوسف العقاد، رئيس قسم العيون في المستشفى الأوروبي، يقول لرصيف22: "إذا كانت فتحة النقاب ضيقة تكون حافة النقاب على حافة الرمش مباشرة، وتؤدي إلى انثناء الرموش تجاه القرنية، الأمر الذي يؤثر على مسار الرموش، لذلك ننصح أن تكون فتحة النقاب أوسع، وأن تكون فتحة النقاب السفلية أسفل حافة الجفن، كيلا يحدث تلامس مباشر".
ويشرح العقاد وجهة نظره أكثر: "الرموش كشعيرات يجب ألا تلامس القرنية، والتي هي عبارة عن جزء شفاف حساس، فوجود حافة النقاب هناك يسبب جروحاً في القرنية، الأمر الذي يؤثر على النظر بشكل عام على المدى البعيد".
"فسخت خطوبتي"
تقول رحاب المنسي (27 عاماً)، حول خلافها مع خطيبها حول ارتداء النقاب: "أنا محجبة لكنني لست مقتنعة بالنقاب، تقدم لخطبتي شاب متدين، أو هكذا يعتقد، وبعد أن تمت مراسم الخطوبة بثلاثة أيام، طلب مني ارتداء النقاب كأحد شروط الزواج بي، فرفضت وبشدة لأني لا أقبل أن تبدأ حياتي الزوجية بشروط".
وتضيف رحاب لرصيف22: "صممت على موقفي بالرفض، إذ شعرت بأن الأمر نوع من الفرض ليس إلا، وأنا كامرأة يحق لي أن أعيش حياتي بما يروق لي لا يما يروق لزوجي فقط".
"عندما جاء إلى منزل أهلي لمصالحتي لكي أعود معه إلى المنزل، اشترط أن أرتدي النقاب رغم أنه لا يصلي، وهنا قررت الطلاق دون رجعة، وفعلاً تم الطلاق لأني اخترت احترام شخصيتي وكرامتي"
أما الزوجة علا سالم (27 عاماً)، ربة منزل، فقد ذهبت حكايتها مع النقاب لمدى أبعد، حيث تركت منزل الزوجية لمدة سبعة أشهر هي وطفلتها، بعد خلافات مريرة مع زوجها ووالدته، تقول لرصيف22: "كان عصبياً جداً ولا يسال عني ولا عن حقوقي الزوجية، وبعد مدة أراد زوجي أن يعيدني إلى بيته ووافقت بسبب وجود طفلة بيننا".
تضيف علا: "عندما جاء إلى منزل أهلي لمصالحتي لكي أعود معه إلى المنزل، اشترط أن أرتدي النقاب رغم أنه لا يصلي، وهنا قررت الطلاق دون رجعة، وفعلاً تم الطلاق لأني اخترت احترام شخصيتي وكرامتي".
لا يكاد يمر يوم أو بضعة أيام في غزة حتى تسمع بامرأة أصرت على عدم ارتداء النقاب، خاصة وأن بعض من يشترطه على المرأة، وربط ذلك بالزواج أو استمراره، ليس متديناً، ويبدو الأمر وكأنه نوع من فرض السيطرة والرأي، بل والتملك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون