ينتهج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، منذ صعوده إلى السلطة عام 2017، سياسة "تقييد الرحلات إلى الخارج" أو ما يعرف بـ"المنع من السفر"، مع الآلاف من أفراد الأسرة السعودية الحاكمة والعائلات الأخرى النافذة. وهذا ما يشير إلى رغبته في "تخويف من يعتبرهم يمثلون تهديدات سياسية له"، وفق صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وقال محللون سعوديون وأمريكيون للصحيفة إن عدد الممنوعين من السفر خارجاً قد يصل إلى الآلاف. ولا يعرف هؤلاء بالمنع إلا لدى ذهابهم إلى المطار أو إلى إحدى نقاط العبور الحدودية ويبلّغون بأنهم ممنوعون بأمر صادر عن أمن الدولة ومن دون أي قرار رسمي مكتوب.
ويرى خالد الجابري، طبيب القلب السعودي الذي يعيش في كندا، أن أسلوب "أخذ الرهائن هو أداة للحكم". مُنع اثنان من أشقائه الأصغر سناً، عمر وسارة، من السفر في حزيران/ يونيو عام 2017 بهدف التأثير على والدهما، وهو مسؤول استخبارات سعودي سابق يدعى سعد الجابري، لإجباره على العودة إلى المملكة ومواجهة مزاعم فساد يقول خالد إنها "كاذبة".
في سياق متصل، أظهر تحقيق أن ممارسة "تقييد السفر إلى الخارج" أوسع بكثير مما هو متعارف عليه بشكل عام، وأنها جزء من نظام أكبر لـ"القمع الممنهج" في المملكة، وأن بن سلمان، والكلام لا يزال لواشنطن بوست، وظّف هذه الأدوات لتعزيز سلطته فيما يتحرك نحو ما يظنه بعض المسؤولين الأمريكيين محاولة، ربما هذا العام، للاستيلاء على حكم البلاد من والده.
وقال العديد من أفراد العائلات المحظورة من السفر إنهم يعتقدون أن التقييد كان محاولة للإجبار على العودة إلى المملكة لأفراد آخرين يراهم بن سلمان "منتقدين أو يشكلون تهديدات"، في حين أوضح محللون أمريكيون وسعوديون أنه استخدم السيطرة على السفر كجزء من جهوده لقمع أي تحدٍ من داخل العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال.
أبناء وأحفاد عبد الله أول الممنوعين
تبدأ قائمة السعوديين المحظورين بأسرة العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، سلف الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز وشقيقه، والذي توفي عام 2015. وفقاً لرجل أعمال غربي مطلع ومقرب من عائلة عبد الله، مُنع 27 ابناً وبنتاً للملك السابق من السفر إلى الخارج منذ عام 2017.
يضاف إليهم، بين 52 و57 من الأحفاد وثمانية من أحفاد الأحفاد الذين مُنعوا من السفر أيضاً.
"بينهم 27 ابناً وبنتاً للملك عبد الله، وما بين 52 و57 من أحفاده وثمانية من أولاد أحفاده"... واشنطن بوست تؤكد أن المئات من آل سعود والآلاف من السعوديين عموماً ممنوعون من السفر منذ عام 2017 بأمر بن سلمان الذي يرى فيهم "تهديداً لسلطته"
لم يحدد رجل الأعمال، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المعلومات المتعلقة بالمملكة، هوية أفراد عائلة الملك عبد الله الممنوعين من السفر. لكن يمكن معرفة بعضهم بناءً على تقارير إعلامية سابقة، منهم أربعة من أبناء عبد الله البارزين: متعب، وزير الحرس الوطني سابقاً، ومشعل، أمير منطقة مكة سابقاً، وفيصل، رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي سابقاً، وتركي، محافظ الرياض سابقاً. وكان الأربعة قد احتجزوا في فندق ريتز كارلتون بالرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2017 ضمن حملة مزعومة ضد الفساد شنها بن سلمان.
منذ ذلك الحين، قالت مصادر غربية وسعودية إنهم لا يزالون قيد الاعتقال أو الإقامة الجبرية، ولا يمكن لأحد من أفراد عائلاتهم مغادرة المملكة.
علماً أن بعض أفراد عائلة MBS كذلك لا يمكنهم السفر إلى الخارج، وفق مصادر واشنطن بوست.
تهيئة اتهامات
ينطبق حظر السفر كذلك على زوجة محمد بن نايف، ولي العهد السابق وابنتيَه. ويقول مصدران غربي وسعودي إن زوجة بن نايف، الأميرة ريما بنت سلطان، وهي ابنة ولي العهد الأسبق سلطان بن عبد العزيز، سُمح لها بالسفر لأغراض علاجية لفترة وجيزة خلال العام الماضي، من دون أن يسمح لابنتيها سارة ولولوة السفر.
لكن يبدو أن ولي العهد السعودي لا يكتفي باحتجاز بن نايف وأسرته إذ يقول مقربون من بن سلمان إنه يُهيّىء تهماً بالفساد ضد ولي العهد السابق بزعم اختلاس أموال كانت مخصصة لعمليات المخابرات عندما كان وزيراً للداخلية.
مقربون من الأمير محمد بن سلمان يقولون إنه يُهيّىء تهماً بالفساد ضد ولي العهد السابق، الأمير محمد بن نايف، بزعم اختلاس أموال مخصصة لعمليات المخابرات عندما كان وزيراً للداخلية
وكان نجل الجابري قد أوضح أن اتهامات مماثلة ألصقت بوالده، لافتاً إلى أن الإنتربول رفضها قبل عامين باعتبار أنها كانت بدوافع سياسية.
ويشكل قرابة الـ300 سعودي الذين احتجزوا في "ريتز كارلتون" نسبة كبيرة من المجتمع "المحظور من السفر" في المملكة. ويقدر أحد أفراد العائلات الممنوعة من السفر أن عدد المتضررين من هذه الممارسة من محتجزي عام 2017 وأفراد عائلاتهم يراوح بين 2000 و2500 شخص. وهو الرقم الذي لا يمكن تأكيده.
وعلى الرغم من أن بعض المحتجزين من كبار رجال الأعمال والأمراء (نحو 200 شخص)، مثل الوليد بن طلال، قبلوا تسويات مالية ضخمة لإنهاء القضايا الخاصة بهم، بعدما مُنعوا من السفر بحرية مع عائلاتهم، بحسب مصادر متعددة.
علاوةً على ما سبق، اعتقل بن سلمان منذ صعوده إلى الحكم 131 شخصية سياسية ودينية بارزة، بحسب قائمة أعدتها هيومن رايتس ووتش أخيراً. وفُرض المنع من السفر على ذويهم.
وفي طليعة حالات الحظر هذه، منع سفر 17 فرداً من "آل العودة" - بعضهم لا يتجاوز عمره العاشرة- عقب اعتقال رجل الدين البارز سلمان العودة، ومن بعده شقيقه.
كان نجل العودة الأكبر، عبد الله، الأستاذ المساعد في جامعة جورج واشنطن، خارج البلاد عندما اعتُقل والده ورفض الطلب السعودي بالعودة إلى الوطن.
يعتقد عبد الله أن المنع من السفر "ممارسة منتشرة الآن في المملكة، وأنهم يستخدمونها لتهديد العائلات أو تخويفها أو إسكاتها".
والمثال الكلاسيكي لهذه الممارسة هو ما حدث مع الصحافي المعارض جمال خاشقجي الذي مُنع نجله الأكبر، صلاح، من السفر وأُبلغ والده مراراً أنه سيسمح له بالسفر إن عاد والده إلى البلاد.
من المستهدفين من سياسة المنع هذه عدد من مزدوجي الجنسية، أي حملة الجنسية الأمريكية والسعودية، وأبرزهم الطبيب وليد فتيحي الذي أُفرج عنه في آب/ أغسطس الماضي عقب ضغوط أمريكية، لكنه لا يزال هو وأفراد أسرته ممنوعين من السفر.
الموقف نفسه يخضع له الأمريكيان الإعلامي صلاح الحيدر نجل الناشطة عزيزة اليوسف، والطبيب بدر الإبراهيم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون