شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
طلاب جسور

خارج الانتماءات السياسية... هناك "جسور" تصل السوريين بمستقبل أفضل

طلاب جسور

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 19 يونيو 202003:18 م

"سيتخرج ثلاثون دارساً جامعياَ من طلاب جسور من جميع أنحاء العالم هذا الربيع، واحتفالاً بإنجازهم هذا، نخطط لإجراء التخرج عبر الإنترنت في أواخر شهر يوليو". تخبرنا آريان كارترايت، مديرة التواصل والشراكات في الجمعية، بهذا بعد أن أعلنت لجنة جسور للحملة الخيرية العالمية تخطيها للمبلغ الذي حددته كهدف لتبرعات الحملة التي أجرتها الشهر الماضي استجابة لأزمة كوفيد19 مستضيفة عازف التشيلو العالمي يو يو ما في بث حي عبر الإنترنت وأخصائية صدمات الطفولة أليكساندرا تشين.

جسور، هي منظمة أمريكية غير ربحية تعمل على تسخير الطاقات الخلاقة للمغتربين السوريين حول العالم لدعم تنمية بلادهم، ومساعدة الأطفال والشباب السوريين في توظيف طاقاتهم وذلك من خلال برامج أكاديمية للطلاب ومن ضمنها مدارس للاجئين السوريين في لبنان والأردن، وبرنامج منح جامعية للسوريين، وبرامج مهنية للشباب، وبرامج لدمج وإشراك مجتمع المغتربين السوريين في جميع أنحاء العالم.

لا تتبنى المنظمة أية انتماءات أو آراء سياسية، كما أنها لا تتلقى تمويلًا من أي حكومة في الوقت الحالي بحسب ما صرحت به المديرة التنفيذية للجمعية غريس آتكينسون لرصيف22. "لقد عثرنا على متبرعين فرديين ومؤسسين في الولايات المتحدة وكندا يدعمون عملنا ونحن ممتنون لذلك للغاية"، تضيف غريس. وقد حصل أكثر من 7000 طفل على مقعد دراسي بفضل عمل المنظمة.

تخرج الحاصلين على منحة جسور من معهد إلينوس

خريجون من معهد إلينوي لعلوم التكنولوجيا حاصلون على منحة جسور

وبينما تلقى منظمات دعم اللاجئين في دولة مثل ألمانيا دعماً حكومياً مباشراً من الحكومة الألمانية، تترك دول مثل أمريكا وكندا وغيرها أكبر أزمة لاجئين شهدها العالم للمبادرات الفردية ومساعدات المتبرعين من مواطنيها. وبرغم تفاني هذه المبادرات وسعيها الحثيث لتأمين مستقبل أفضل للاجئين في مناطق عملها، لا يمكننا إلا أن نتساءل فيما إذا كان ما تقدمه كافياً لتقديم حل سريع لأزمة اللجوء السوري في العالمين الغربي والعربي في ظل انعدام الدعم الحكومي العالمي.

عن جسور وعملها الملهم، وعن فرص اللاجئين السوريين في العالم والنازحين في الداخل، نتحدث في هذا المقال.

ماذا حققت المنظمة؟

منذ بدء عملها في عام 2013 ساعدت جسور اللاجئين السوريين في الحصول على 648 منحة دراسية أكاديمية حول العالم وقدمت 290 منحة ممولة من المنظمة نفسها، وقد حظيت النساء بـ 47٪ من نسبة المنح. والمنظمة لا تركز على مجالات أكاديمية معينة تراها ضرورية في مرحلة ما بعد الحرب في سوريا، فالقيمون عليها مؤمنون بضرورة دعم كل قطاع من المجتمع لبناء مستقبل سوريا. وقد عبرت  كارترايت عن ذلك بقولها "لم نقتصر في منحنا الدراسية على أي شهادات أكاديمية محددة. ومع ذلك، فإننا نرى أن الاستثمار في الباحثين للحصول على درجات في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هو أمر بالغ الأهمية".

وبالرغم من أن المنظمة لا تدير في الوقت الحالي برامج تدريب مهني للشباب الذين ليس لديهم تدريب أو خلفية تعليمية أو القدرة على الحصول على مهنة أكاديمية، ولكن بحسب ما قالت آتكينسون لرصيف22 "نرى حاجة كبيرة لذلك، وهي جزء من خطتنا لتوسيع برنامج تعليم اللاجئين لدينا لتقديم الدعم لطلابنا في الحصول على التدريب المهني".

وفي ظل الأزمة الصحية العالمية لم يتوان فريق جسور في لبنان عن اتخاذ تدابير ملائمة لتكييف برامجه للحفاظ على استمراريتها خلال هذه الفترة الصعبة، فقد أكد بيان المديرة التنفيذية بخصوص كوفيد19 أن الجمعية عمدت إلى إعطاء أنشطة للأطفال للقيام بها من المنزل والتواصل مع الآباء للإبلاغ عن التزام أطفالهم بالعزلة والنظافة الاجتماعية.

غير أن عملية التعلم عن بعد أظهرت بعض التحديات الناجمة بشكل أساسي عن مشكلات مادية، أخبرتنا سهى توتنجي، مديرة البرنامج التعليمي في جسور، أن التحدي رقم واحد تجسد في "عدم وجود حزم بيانات كافية لتأمين اتصال بالإنترنت لعائلات طلابنا، لذلك لا يقومون دائمًا بعملهم بمجرد وصولهم إلى نهاية الشهر ونفاد البيانات. يعد وجود هاتف واحد فقط في المنزل تحديًا أيضاً لأن الجميع يحتاج إلى استخدامه. وقام بعض الآباء بتغيير أرقام هواتفهم دون إعلامنا بذلك فلم نتمكن التواصل معهم. ولكن غالباً ما يشجعنا للغاية مدى التزام الآباء والأطفال بمواصلة تعليمهم عبر الإنترنت خلال هذه الفترة الصعبة".

لا تتبنى أية انتماءات أو آراء سياسية، كما أنها لا تتلقى تمويلًا من أي حكومة... قصة منظمة "جسور" غير الربحية وإمكانية خلق فرص ملموسة وقصص نجاح للاجئين السوريين 

وتنفيذاً لبرنامج مساعدة اللاجئين الذي وضعته الجمعية خلال أزمة كوفيد19، قامت الأسبوع الماضي بتوزيع المئات من المعونات الغذائية والإمدادات الحرجة على العائلات السورية التي تخدمها في لبنان لمساعدتها في التغلب على التحديات التي واجهتها خلال أزمة كوفيد19 بسبب توقف مصادر الدخل خاصة للعاملين في القطاعات غير الرسمية، كما قالت كارترايت لرصيف. مضيفةً أن مشروعاً جديداً لريادة الأعمال  على وشك أن يطلق في الأردن الشهر المقبل -كجزء من برنامج جسور المسرّع- مع 20 شركة صغيرة ومتوسطة يقودها سوري وأردني لمساعدتهم على تنمية أعمالهم والعثور على استثمارات جديدة.

إطلاق جسور لمشروعها في الأردن

تقديم السوريين لمشاريع ريادة الأعمال في لبنان

وبرغم الجهود المتنامية للقيمين على المنظمة ونشاطاتهم المستمرة للحصول على مصادر تمويل لعملهم مثل حفلات العشاء الخيرية والحفلات والمزادات الفنية إلا أن ما حققته المنظمة لا يغطي إلا جزءاً متواضعاً من عدد اللاجئين في لبنان وحده، والبالغ أكثر من مليون ونصف لاجئ. فماذا عن لاجئي سوريا في العالم الذين بلغ عددهم أكثر من 5 ملايين لاجئ؛ ونازحي الداخل الذين تفيد تقارير بأن عددهم يصل إلى حوالي 6.2 مليون شخص نازح؟ وإذا قلنا أن نصف المتضررين من أزمة اللاجئين السوريين على الأقل هم من الأطفال الذين يتوقون لفرص تنتشلهم من الفقر والجهل في ظل الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد، فهل تغطي المبادرات الفردية احتياجاتهم؟

الفرق بين الدعم الممول حكومياً والفردي

في حين تركت الولايات المتحدة أمر اللاجئين لمنظمات غير حكومية مثل جسور ومبادرات فردية مثل غيب وتيريزا، فتحت ألمانيا أبوابها للسوريين ودمجتهم في أنظمتها التعليمية والمهنية

لطالما افتخرت الولايات المتحدة بتاريخها الحافل بتأمين الملاذ لأولئك الفارين من الاضطهاد والحرب. ومع ذلك، وفي أوج أزمة اللاجئين السوريين، وضعت إدارة ترامب قراراً يحظر السفر إلى الولايات المتحدة مشيرة إلى مخاوف أمنية لا أساس لها. كما خفضت وصول اللاجئين إلى أدنى مستوياتهم على الإطلاق، وفصلت بين الأفراد وعائلاتهم عبر تجريم اللاجئين اليائسين الذين يلتمسون الحياة في مكان آخر. وتركت أمر اللاجئين لمنظمات غير حكومية مثل جسور ومبادرات فردية مثل غيب وتيريزا في مشروعهما الخيري الذي تحدثنا عنه في مقال سابق.

وعلى المقلب الآخر فتحت ألمانيا، أبوابها للسوريين الفارين من حرب أهلية وحشية تركتهم غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة أو العمل أو عيش أي شكل من أشكال الحياة الطبيعية. فقامت المستشارة أنجيلا ميركل عام 2014 بإلغاء قانون وضعه الاتحاد الأوروبي، ويقضي بأن يقوم اللاجئون السوريون بطلب اللجوء في أول بلد يصلون إليه، قائلة عبارتها الشهيرة: "يمكننا القيام بذلك!" في رسالة إلى مواطنيها كي يستعدوا لاستقبال القادمين الجدد. ومنذ ذلك الحين، وعلى الرغم من التغييرات المتعددة لقانون الاتحاد الأوروبي، قدم أكثر من 1.4 مليون شخص طلبًا للجوء في ألمانيا، ليصبح السوريون، في غضون سنوات، ثالث أكبر مجموعة من الأجانب الذين يعيشون في ألمانيا (بعد الأتراك والبولنديون). وقد عمدت الحكومة الألمانية إلى تطوير سلسلة من أنظمة لإدماج اللاجئين بمساعدة الجهود المبذولة من قبل جميع الأطراف المعنية: الفيدرالية وحكومات الولايات والمدن والحكومات المحلية والمجتمع المدني، وبالطبع اللاجئين أنفسهم. كما يعمل نظام المدارس المهنية الألمانية ذات الشهرة العالمية، على وجه الخصوص، على دمج اللاجئين في القوى العاملة في البلاد، وفي برامج تطوع مدنية، إضافة إلى فرص للتعليم العالي لتتقلص البطالة بين مجتمع اللاجئين السوريين في ألمانيا إلى 40% في عام 2018.

ما دور الأزمات النفسية التي سببتها الحرب في إعاقة تعليم اللاجئين؟

ليست أزمة التمويل وحدها ما يواجه عمل منظمة جسور، فقد عانى معظم اللاجئين السوريين من صدمة حرب أو صدمات عائلية ناتجة عن فقدان منازلهم وأحبائهم مما شكل عقبة في تقدمهم التعليمي. وهذا ما أكدته لنا آتكينسون بقولها: "نرى الآثار الرهيبة التي خلفتها سنوات الصدمة على طلابنا وقدرتهم على التعلم والازدهار. نتيجة لذلك، لدينا مستشار متخصص في لبنان يعمل مع الأطفال وأولياء أمورهم ومعلمينا لمساعدتهم في خلق استراتيجيات للتكيف وإتمام عملية الشفاء".

 وقد أكدت سهى توتنجي على إدراك المنظمة لضرورة اندماج الطلاب وتكيفهم مع مجتمعاتهم الجديدة دون إهمال الحفاظ على إحساسهم بالهوية الثقافية والوطنية لوطنهم الأم. ولهذا السبب "لدينا برنامج الهوية كجزء من مناهج تعليم اللاجئين، والمصممة للقيام بذلك بالضبط. نحن نعلم الأطفال حول جغرافيا وتاريخ سوريا، وكذلك تنوع الثقافة السورية، لمساعدتهم على الحفاظ على هويتهم الوطنية".

قصة ملهمة

يبدو أن المنظمة، برغم التحديات التي تواجهها، نجحت في خلق قصص ملهمة للسوريين الذين حققوا نجاحهم الأكاديمي وواصلوا الحياة التي حلموا بها. تشاركنا كارترايت قصة رائد طويل، الذي كان ضيفاً متحدثًا في حملة التبرعات الأخيرة. وهو، برأيها "مثال رائع لباحث جسور استخدم شهادته التي حصل عليها من معهد إلينوي للتكنولوجيا ليصبح مهندس برمجيات في Google".

يتحدث رائد عن جلوسه على أحد أرصفة دمشق قبل ثماني سنوات، وصوت إطلاق النار يملأ المكان، وهو يتساءل، كيف  سأخرج من هذا؟ كيف سيكون لي مستقبل؟ والآن،  وهو في منصبه كمدير في Google، أصبح يمكنه إعالة نفسه وأسرته، بفضل المنحة الدراسية التي حصل عليها من جسور.

على الدول التي أغلقت أبوابها في وجوه اللاجئين أن تتعلم درساً من مبادرة الحكومة الألمانية لاحتضانهم والاستفادة من طاقاتهم في مجتمعاتها. ولعل للمبادرات الفردية لرعاية اللاجئين الحق في مطالبة حكوماتها بتقديم الدعم والتمويل لبرامجها

لعل مبادرة الحكومة الألمانية في احتضان اللاجئين جديرة بأن تكون درساً للدول التي أغلقت أبوابها في وجوههم لتحرمهم من إعادة بناء حياتهم، وتفوت الفرصة في أن تستفيد من طاقاتهم في المجالات الأكاديمية والمهنية. ولعل للمبادرات الفردية لرعاية اللاجئين الحق في مطالبة حكوماتها بتقديم الدعم والتمويل,

رائد، منذر، عبد الله وغيرهم من الشباب السوريين الذين قدمت لهم جسور فرصة لمستقبل أفضل خارج بشاعة الحرب وأصوات الرصاص، نجوا بالفعل من كل ما تربص بغيرهم ممن بقوا أو من الذين ينتظرون المساعدات في مخيمات اللاجئين. لكن لا يزال حتماً هناك "رائد" ما على أحد أرصفة دمشق يتساءل كيف سيخرج من كل هذا.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image