شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"أشمئز من جسدي بسببكم"... قصص عن رجال والمؤخرة في المغرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 16 يونيو 202004:42 م

عندما نعتته خالته بـ"صاحب مؤخرة الشيخة"، يعني الراقصة، حيث يربط المغاربة بين المؤخرات الممتلئة والراقصات، حينها فهم ربيع للمرة الأولى أن "مؤخرة الرجل الممتلئة هي عار يلتصق بصاحبه مدى الحياة"، وبدأت رحلته في كراهية جسده، خاصة هذا الجزء الخلفي الممتلئ.

"أشمئز من مؤخرتي الممتلئة لكونها لم تشعرني بـ"رجولتي"، خصوصاً وأنني كنت أعيش في محيط يقلل من قيمة الرجل، ويشكك بـ"رجولته" انطلاقاً من حجم مؤخرته".

ويتذكر ربيع أيضاً اليوم الذي صفعه والده عندما رآه مرتدياً شورتاً قصيراً، وقال له بغضب: "من الآن لا أريد أن أراك بهذا الشورت الماسخ"، فحُرم من ارتداء الشورت لأكثر من عشرين سنة، أو أي سروال ضيق، حتى سافر إلى أمريكا.

يقول ربيع (37 عاما)، الذي يعمل في مجال الترجمة: "لم يكتف المجتمع بوضع نعوت وأوصاف جارحة على جزء من جسد خلقت به، ولا ذنب لي فيه، ليضع قيوداً على شكل الملابس أيضاً".

"لا أخفيكم حجم النقص والضغط النفسي الذي عانيته في المغرب بسبب حجم مؤخرتي، أتساءل دائماً ما الذنب الذي اقترفته لأعيش كل هذه الضغوط لكون مؤخرتي كبيرة، فمفهوم الرجولة عندهم يتعارض مع امتلاكك مؤخرة كبيرة"، ينهي ربيع حديثه لرصيف22.

"تركتني وعيرتني بمؤخرتي"

سليم (40 عاماً)، يسكن في الدار البيضاء، كان يتخيل حياة سعيدة يخطط لها في مخيلته، عندما قرر التقدم لخطبة ابنة خالته، وبعد القبول، قضى "أحلى أيام حياته"، حتى تغيرت خطيبته فجأة، قلّت الاتصالات، وبدت شخصاً مختلفاً بالنسبة له.

باتت خطيبة سالم تختلق الحجج للخصام والانفصال، حتى ساءت الأمور، فقرر الذهاب إلى بيت عائلتها ليفهم السبب، هنا كانت الصدمة التي غيرت ليس فقط مسار علاقته بخطيبته، ولكن علاقته بنفسه.

"لا أخفيكم حجم النقص والضغط النفسي الذي عانيته في المغرب بسبب حجم مؤخرتي، أتساءل دائماً ما الذنب الذي اقترفته لأعيش كل هذه الضغوط لكون مؤخرتي كبيرة، فمفهوم الرجولة عندهم يتعارض مع امتلاكك مؤخرة كبيرة"

كانت هذه هي أحرج اللحظات التي عاشها سليم في حياته، جعلته تلك الكلمات القاسية التي سمعها من خطيبته يشك بنفسه وبـ"رجولته"، وبذاته، وبكل شيء فيه.

يقول سليم لرصيف22: "قررت أن أذهب إلى بيت عائلتها، وأناقشها في سبب تغييرها ومحاولتها الابتعاد عني، لتخبرني بأنني لست الرجل الذي حلمت به، ولست الرجل الذي تحلم به النساء، وعيّرتني بشكلي وبحجم مؤخرتي، وبأن صديقاتها وأخواتها استهزأن منها بسببي، قلّلت احترامي وعاملتني بأقصى درجات الاحتقار، ووصفتني بأقبح وأبشع الصفات، وأسمعتني كلاماً قبيحاً لا يقال حتى في المقاهي الشعبيّة".

"مخطئ من يظن أن الرجل لا يعيبه شيء، ففي مجتمعنا هذا يمكن أن تعيب الرجل مؤخرته، ومخطئ من يرى الرجل قوياً من الداخل، بالعكس، هو أصلاً إنسان وطاقة تحمله محدودة، قد يتحمل المزاح الثقيل والكلام القاسي، وحتى الإهانات، لكنه في نهاية المطاف يصل إلى مرحلة يبدأ فيها بالتشكيك بنفسه، ويبدأ بالشعور بعدم الثقة حيال نفسه ومحيطه، حيث أنه من الأمور التي يتوجس منها الرجل، والتي تجعله يفقد ثقته بنفسه وشعوره بالأمان مع محيطه هو مسألة "رجولته" في مجتمع كمجتمعنا، وهذا قد يدمر حياته ويقلبها 180 درجة"، هكذا ينهي سليم حديثه لرصيف22.

"أشعر بالعزلة"

تختلف ريم (25 عاماً)، وهي طالبة جامعية من الرباط، مع سليم، وترى أن الرجال الذين يفكرون بطريقته لا يستوعبون كيف تشعر المرأة المغربية بـ"رجولة" شريكها، تقول لرصيف22: "المرأة "المغربية" كائن حالم ورومانسي، تفكر بأحاسيسها وعواطفها، أنا شخصياً لا أمتعض ما إذا كانت للرجل مؤخرة مكتنزة أو لا، بل أهتم بأناقته وذوقه الرفيع، وأعتبر مؤخرته جزءاً لا يتجزأ من جسمه، ولم لا، ربما قد تعطيه جاذبية أكثر من عضلاته أو صدره أو ملامح وجهه".

توافق رجاء حافز، (27 عاما) طالبة جامعية، ريم الرأي، وتقول لرصيف22: "مؤخرة الرجل أو أطرافه السفلية لا يمكنها أن تؤثر بشكل من الأشكال على جاذبية الرجل أو وسامته، ثم أن هناك رجالاً يجذبون المرأة بسبب أطرافهم المكتنزة".

"مؤخرة الرجل بالنسبة لي كامرأة لا يمكنها أن تؤثر على جاذبيته أو وسامته".

وتداولت مواقع عربية دراسة بريطانية تشير إلى أن 6 من 10 فتيات في المملكة المتحدة يعتبرن أن مؤخرة الرجل هي الجزء الأكثر جاذبية فيه، بينما رأى 56% منهن أن الأعين هي الجزء الأكثر إغراء.

وحاز الفم على المرتبة الثالثة بنسبة 22%، والساقان بنسبة 20%، فيما أتى الصدر في المرتبة الخامسة، كأكثر الأمور جاذبية للنساء بنسبة 18%، واحتل الشعر المرتبة الخامسة بنسبة 15% من إعجاب البريطانيات.

وتقارن رجاء (27 سنة)، باحثة جامعية، نظرة المجتمع المغربي لمؤخرة الرجال مقارنة بالمرأة، تقول لرصيف22: "من المعروف عن مجتمعاتنا أنها تعطي أهمية لمؤخرة المرأة وتنجذب إليها، وتعتبرها من مقومات جمالها، بينما ترى في مؤخرة الرجل كبيرة الحجم لعنة يمكن أن تصنفهم ضمن فئة منعدمي الرجولة، في حين أننا نجد في مجتمعات أخرى العكس، حيث نجد أن مؤخرة الرجل تعتبر من أولويات تقييم جمال الرجل ووسامته".

تذكر ربيع أيضاً اليوم الذي صفعه والده عندما رآه مرتدياً شورتاً قصيراً، وقال له بغضب: "من الآن لا أريد أن أراك بهذا الشورت الماسخ"، فحُرم من ارتداء الشورت لأكثر من عشرين سنة، أو أي سروال ضيق، حتى سافر إلى أمريكا

أما حاتم (41 عاما)، عامل بشركة خاصة، فيرى أنه في المغرب "من النادر جداً أن تجد رجلاً يتحدث عن مؤخرته أو يعطيها اهتماماً كبيراً، لكون ذلك عيباً وأمراً مرفوضاً، قد يصنفه ضمن العالم الأنثوي، وهذا التصنيف من شأنه أن يقلل من قيمته أمام بقية الرجال".

"يمكن أن تدخل مجموعة من الفتيات في نقاش حول مؤخراتهن، ويمكن لواحدة منهن أن تتباهى على الأخرى بمؤخرتها في بلد مثل المغرب، بينما في مجتمع الرجال هذا النقاش مرفوض لأنه يدخل في خانة العيب، والرجل الذي يتحدث عن مؤخرته، ربما سيوصم بعدد من الصفات تطعن ما يتصورونه عن الرجولة"، يقول حاتم، الذي عانى نفسيا بسبب ردود فعل المحيطين به على مؤخرته الضخمة.

وعن التأثير النفسي الدائم لردود أفعال الناس على مؤخرته الكبيرة، يقول حازم: "الحجم الكبير لمؤخرة الرجل كثيراً ما يدخل في خانة العقد الجسدية، يمكن أن تسبب للرجل الشعور بالضعف والنقص وضغطاً كبيراً، ويصبح هاجسه الأكبر هو عدم إظهارها وإبرازها، حتى لا ينكشف ذلك الجزء الملعون من جسده للآخرين، وهذا ما كان دائماً يشعرني بالعزلة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image