أثار اعتقال الصحافي الفلسطيني الشاب يوسف حسان من قبل أحد الفصائل المسلحة في قطاع غزة غضب ناشطين كثر دشنوا حملةً عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالإفراج عنه.
جاء اعتقال حسان عقب بضعة أيام من تحقيق صحافي هز الرأي العام في غزة إذ وثق فيه وقائع فساد ونهب وابتزاز جنسي قام بها أحد العاملين في العمل الخيري بقطاع غزة.
صباح 28 أيار/ مايو، قالت زوجة الصحافي المعتقل، شيماء أبو ضلفة، عبر فيسبوك: "سرايا القدس، الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، أبلغتنا أن زوجي الصحافي يوسف حسان قد تم تسليمه إلى جهاز الأمن الداخلي، وهو ما يثير مخاوفنا ويضع علامات استفهام كبيرة. مع العلم أننا تلقينا صباح اليوم وعوداً بالإفراج عنه خلال ٤٨ ساعة، ولكننا فوجئنا بتسليمه إلى جهاز الأمن الداخلي".
وذكر صديق الأسرة حسام الدين الجزار أن الجهاد الإسلامي "أعلن رسمياً أن سبب احتجاز الصحافي هو التحقيق في مبالغ مالية محوّلة إليه من الخارج وامتلاك دراجة نارية وكاميرا ووجود اتصالات بينه وبين جهات خارجية، بالإضافة إلى معرفة مصدر تكاليف العمرة التي قام بها قبل عام".
وأوضح الجزار أن المبلغ المزعوم هو 500 شيكل حوّلتها طبيبة لتوزيع سلال من الخضار على المحتاجين صدقةً عن روح والدها، وأن العمرة لم يدفع مقابلها مالاً بل بدل دعاية قام بها للشركة التي تولّت تكلفة السفر.
اعتقال سابق ومساومات
وحسان، بحسب الجزار، هو "صحافي شاب (25 عاماً) يعمل في إعداد تقارير صحافية لافتة كالتقارير التي أعدّها عن السحر والشعوذة والطفل الذي تحتجزه زوجة أبيه في خم الدجاج. آخر تقرير أنجزه كان عن ‘فساد بعض العاملين في العمل الخيري‘ من دون أن يذكر أي اسم".
وأكد الجزار أن فيديو التقرير الأخير هو السبب وراء اعتقال حسان لا سيما أنه "انتشر كالنار في الهشيم". وذلك على الرغم من أن حسان كان قد سلم تقريره إلى الجهات المختصة قبل النشر بعدة ساعات.
الجهاد الإسلامي تقول إن اعتقال فصيلها المسلح "سرايا القدس" أحد الصحافيين الشباب سببه التدقيق في 500 شيكل حُوّلت إليه من الخارج! لكن أسرته تؤكد: "السبب تحقيقه الصحافي الأخير عن فساد أحد النافذين في العمل الخيري في غزة"
ولفت إلى أن "الأمن الداخلي كان قد استدعى حسان. وبعد جلسة هادئة سُلّم إلى سرايا القدس التي احتجزته بضعة أيام، ومنذ اللحظة الأولى أُجبر على تقديم اعتذار عن التحقيق الصحافي وحذفه من صفحته بعد مصادرة هاتفه الجوال والاستيلاء على صفحته في فيسبوك".
وأوضح أنه تم الإفراج عن حسان لاحقاً إثر حملات التعاطف معه وانتقاد تسليمه إلى "تنظيم" على نحو يخالف القانون الإنساني والمدني، لافتاً إلى أن شرط الإفراج عنه كان "ظهوره على الإعلام ليقول إنه ليس مختطفاً وإنما كان عند صاحبه على شاطىء البحر طوال الأيام الخمسة" التي اعتُقل فيها.
وأضاف الجزار: "تواصلت سرايا القدس مع حسان من جديد في ساعة مبكرة من صباح 27 أيار/ مايو، طالبةَ منه الذهاب إلى التحقيق في التاسعة صباحاً. فذهب ولم يعد. لاحقاً تلقى أهل حسان وعوداً بالإفراج عنه خلال 48 ساعة بشرط وقف إثارة أهله القضية عبر وسائل التواصل".
يتسق هذا مع رواية زوجة حسان في منشور كتبت فيه: "قام تنظيم فلسطيني بحجز زوجي على خلفية تحقيقه الأخير. كان قد جرت تسوية الأمر قبل ذلك إلا أنّ تقاطع المصالح الشخصية والخواطر والرغبات غير المحسوبة تقف خلف الحجز".
"بلطجة وغياب للدولة"
وطالبت نقابة الصحافيين الفلسطينيين أجهزة أمن حركة حماس بـ"الإفراج الفوري" عن الصحافي حسان، معربةً عن تضامنها مع عائلته، ومشددةً على "رفضها ملاحقة الصحافيين في أي مكان كان". وختمت: "سنبقى الحارس الأمين المدافع عن الحريات الصحافية في فلسطين".
وكانت أسرة حسان قد أعلنت عشية يوم تغيّبه "أن ابننا الصحافي يوسف خليل حسان محتجز في مكان مجهول منذ الساعة التاسعة صباحاً. ونحن في العائلة نضع النائب العام ومدير عام الشرطة وكل شرائح المجتمع والشرفاء أمام مسؤولياتهم من أجل العثور على ابننا وإعادته إلى أهله وعائلته سليماً ومعافى".
واستنكر ناشطون قيام فصيل مسلح باحتجاز صحافي في طل غياب الجهات الأمنية النظامية، معتبرين ذلك "بلطجة/ شغل عصابات/ بلد ميليشيات".
"بلطجة/ شغل عصابات/ بلد ميليشيات"... استياء من احتجاز فصيل مسلح صحافياً فلسطينياً شاباً كشف فساد أحد العاملين في المجال الخيري بغزة وطلبه خدمات جنسية من المحتاجات إلى المعونة
محتوى التحقيق المثير
أما التقرير الذي أغضب المسؤولين في غزة، فتضمن عدة وقائع فساد وتلاعب بالمساعدات الإنسانية والابتزاز الجنسي لطالبات المعونة من قبل أحد العاملين في المجال الخيري، من دون ذكر اسمه.
وأفاد حسان في تقريره بأن هذا العامل الفاسد، الذي سبق أن اعتقلته الأجهزة الأمنية في "قضايا أخلاقية"، اشترى شقتين بنحو 56 ألف دولار أمريكي في غضون شهرين وسجلهما بأسماء آخرين من ذوي الدخل المحدود. واشترى كذلك سيارة جديدة.
وعقب محاولة التواصل معه عبر الواتساب لإرسال أموال تبرعات من الخارج، تبيّن أنه طلب تحويل المبلغ إلى عدة حسابات بغية خداع السلطات الأمنية التي تراقب التحويلات. وتبين كذلك أن الشخص المتهم بالفساد طلب تحويل جزء من التبرعات إلى حساب فتاة أجنبية تقيم في كندا، من دون توضيح نوع صلته بها أو سبب تحويل الأموال إليها.
كشف التقرير أيضاً عن ابتزاز هذا العامل الفاسد إحدى الزوجات الشابات وإغرائها سعياً إلى علاقة جنسية معها مقابل مساعدة اجتماعية لأسرتها الفقيرة. ولفتت الزوجة إلى أنه طلب منها تصوير أجزاء من جسمها والذهاب معه إلى شقة خاصة، وإلا حُرمت هي وأسرتها من المساعدات.
وذكر حسان أن الجهات الأمنية رفضت الإفصاح عن حركة التحويلات من الخارج إلى حساب الشخص المتهم بالفساد بحجة أنه "يتلقى تحويلات من الخارج لمساعدة الفقراء".
وذكر أحد المحامين في التحقيق أن التلاعب بأموال المساعدات جريمة لا تسقط بالتقادم وتراوح عقوبتها بين ثلاث و 15 سنة، وأن عقوبة ابتزاز طالبات المعونة هي السجن نحو عامين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومينالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 3 أياموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت