شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"لماذا تشوهنا المسلسلات؟"... مصريات يبحثن عن مراياهن في الدراما

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 22 مايو 202004:45 م

"تصر الكثير من الأعمال الدرامية المصرية على تقديم شخصيات نسائية في قوالب مغايرة لواقعهن المجتمعي، وتسيء إليهن، كما لو أنهن مواطنات من الدرجة الثانية"، كانت هذه مجمل تعليقات نساء متابعات للمسلسلات المصرية في رمضان، التقت بهنّ رصيف22.

ترى أميرة الخولي، مسؤولة تسويق عقاري، في أواخر عقدها الثاني، أن الدراما المصرية تقدم النساء بصورة سيئة لا تمثل واقعها، فعكستها في قالب الشخصية الشريرة الساعية للانتقام من الأشخاص الذين تحبهم، تقول: "الفكرة إن الستات مش كده، باختلاف الطباع، إحنا مش طبعنا الانتقام".

"فاشلة في المنزل ناجحة في العمل"

تقول الخولي مُعبّرة عن ضيقها من صورة المرأة في دراما رمضان هذا العام: "المسلسلات المصرية بشكل عام تظلم المرأة بشكل مبالغ فيه، خاصة المرأة العاملة، والمقدمة دائماً في صورة المرأة الفاشلة في حياتها الزوجية، رغم نجاحها في عملها"، في إشارة إلى دور "رنا" في مسلسل "فرصة تانية" والذي تؤديه الممثلة ابتهال الصريطي، وجاءت شخصية "رنا" لتمثل المرأة العاملة التي ضحّت بحياتها الزوجية مقابل نجاحها في العمل، فلجأت إلى تأجيل الإنجاب بواسطة موانع الحمل، ما أدى في النهاية إلى فقدانها القدرة على الإنجاب.

"جاءت شخصية عبير في مسلسل "البرنس" عصبية، ومتسلطة على زوجها، ما يعكس للمشاهدين الرجال أن كل النساء متسلطات، وما يجعلهم يقدمون على التسلط بصورة أكثر عنفاً على زوجاتهم وأخواتهم في المستقبل"

وتتفق مع الخولي، زينب مصطفى، مترجمة في الهيئة العامة للاستعلامات، مقيمة في القاهرة، في أن الصورة المقدمة للمرأة في الدراما بشكل عام "سيئة جداً"، وتستشهد بمسلسل "خيانة عهد"، الذي تقوم ببطولته: يسرا، حلا شيحة، خالد سرحان وعبير صبري، إخراج سامح عبد العزيز وقصة أحمد عادل، وتدور أحداثه حول "عهد"، سيدة أعمال، التي بجانب إدارتها لعملها تقوم بقراءة الفنجان، ما يمكّنها من معرفة بعض الأحداث المستقبلية التي تغير حياتها من حين لآخر، وتقوم فرح (حلا شيحة) بقتل ابن شقيقتها "عهد"، في محاولة منها للانتقام من أختها.

"فرصة تانية"... مؤذية ومنتقمة

تلفت مصطفى النظر أيضاً إلى حجم "الشر والأذى" المتفشي في سلوكيات الشخصيات عامة، فمثلاً في مسلسل "البرنس"، إخراج وتأليف محمد سامي، وبطولة أحمد زاهر، روجينا، محمد رمضان ورحاب الجمل، يقوم الأعمام بالاتفاق مع العمة عبير (رحاب الجمل) بقتل ابن وزوجة شقيقهم، طمعاً في الأموال.

بينما في مسلسل "فرصة تانية"، تأليف مصطفى جمال هاشم وإخراج مرقس عادل، بطولة ياسمين صبري، أحمد مجدي، آيتن عامر وهبة مجدي، قدّم شخصية ملك (ياسمين صبري)، التي تقدم على الانتقام من خطيبها بتأليف قصة مرضها وفقدانها لذاكرتها، حتى يراها في "الكوشة" مع شخص آخر ليشعر بنفس إحساسها عند خيانتها. كما قامت ريهام (آيتن عامر) بخطف حبيب امرأة أخرى لتتزوج منه تحت التهديد، وفي النهاية حاولت الانتقام منه بانتحارها في بيته، وتنهي مصطفى حديثها لرصيف22، قائلة: "كأن العالم كله شر وأذى".

ومن جانبها، تقول إلهام سالم (18 عاماً) من صعيد مصر، إن المرأة قُدِّمَت من خلال الدراما بصورة سيئة جداً، فأغلب الأدوار النسائية التي شاهدتها ظهرت في أدوار الكذب والخيانة والمرض النفسي، وتضيف سالم لرصيف22: "مسلسل البرنس أظهر معظم الشخصيات النسائية في القالب الإجرامي، وذلك منافٍ لطبيعتنا كنساء، ولا يوجد أدوار تدعم فكرة كون المرأة السند والدعم، إلا في أدوار قليلة".

وفي هذا السياق يرى محمد عبد الرحمن (30 سنة)، محاسب من محافظة القليوبية، أن الأعمال الفنية المقدمة في رمضان أساءت لصورة المرأة المصرية، حيث أظهرتها "بتخطف رجالة"، كما في مسلسل "فرصة تانية"، ودور "صافي" الذي تؤديه الممثلة هبة عبد الغني، والتي حاولت جاهدة إقامة علاقة عاطفية مع رجل متزوج.

ويستشهد عبد الرحمن بشخصية "مريم" في "فرصة تانية"، حيث انتقمت من زوجها عن طريق ابتزازه، وتهديده بإبلاغ الشرطة عن تجارته في المخدرات إذا لم يتنازل لها عن كل ممتلكاته.

ويشير عبد الرحمن كذلك إلى مسلسل "فلانتينو" من تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج رامي الإمام، بطولة عادل إمام، دلال عبد العزيز ومحمد كيلاني، ويدور حول أسرة رجل الأعمال نور فلانتينو (عادل إمام)، وما يواجهه من مشاكل ونزوات نسائية، أثناء إدارته لمجموعة مدارسه الدولية، المسلسل ضمّ عدداً من الشخصيات النسائية المتسلّطة، وتحديداً دور "مس عفاف"، والتي تقوم به الممثلة دلال عبد العزيز، حيث "تحكم منزلها بالحديد والنار"، دون وجود متنفس لزوجها وأولادها، موضحاً أن المسلسل كأنه يقول للناس إن هذه الشخصية تنجح في العمل، ولكنها تفشل في إدارة منزلها.

"سيكوباتية تسعى للانتقام"

تقول مها فتحي، محامية في عقدها الثالث، من سكان محافظة الجيزة، لرصيف22 إن الدراما المصرية الرمضانية لم تقدم المرأة بصورة مميزة مقارنة بالرجل، فقد جاءت أدوار المرأة في مسلسل "البرنس" لتعكس "أسوأ صورة للمرأة المصرية"، فحصرها في دور المريضة نفسياً والتي تعاني من عقدة نقص، موضحة أن تقديم هذه الشخصيات بتلك الطريقة انعكس على صورة المرأة في المجتمع، "حيث جاءت شخصية "عبير" عصبية ومتسلطة على زوجها، ما يعكس للمشاهدين الرجال أن كل النساء متسلطات، وما يجعلهم يقدمون على التسلط بصورة أكثر عنفاً على زوجاتهم وأخواتهم في المستقبل".

وعن شخصية "فدوى"، تجسّدها الممثلة روجينا في المسلسل ذاته، التي أقامت علاقة جنسية مع شقيق زوجها، تشير فتحي إلى أن هذه الصورة "المشينة" للمرأة المصرية قد تؤثر على العلاقات الأسرية المصرية، التي تتميز معظمها بكونها أسراً تعتبر الاختلاط بين الإخوة أمراً طبيعياً.

وتتابع فتحي حديثها لرصيف22 مشيرة إلى شخصية "صباح"، تؤديها الفنانة سهر الصايغ، في مسلسل "النهاية"، تأليف عمرو سمير عاطف وإخراج ياسر سامي، بطولة يوسف الشريف، عمرو عبد الجليل، ناهد السباعي وأحمد وفيق، حيث أقدمت "صباح" على تصنيع إنسان آلي شبيه لحبيبها حتى تحصل عليه ويبقى معها، دون النظر لأي عواقب يمكن أن تحدث لها ولمن حولها بسبب هذا القرار، الأمر الذي أدى إلى الضرر بكل من حولها.

"معظم الشخصيات النسائية التي شاهدتها مريضة نفسيا".

وترى شيماء الحسيني، (31 عاماً) من القاهرة، أن الأعمال الفنية في رمضان هذا العام "قدمت نمطاً واحداً للمرأة وهو السيكوباتية، فمعظم الشخصيات مريضة نفسياً، والانتقام نغمة سائدة في كل المسلسلات".

من ناحية أخرى، تعتبر الخولي شخصية "رنا" في مسلسل "فرصة تانية" من أكثر الشخصيات التي حازت على إعجابها، نظراً لنجاحها في عملها واستمرارها فيه، وكذلك تحب زوجها حباً شديداً، ورغم انشغالها عنه إلا أنها اعتذرت منه، وحاولت التوازن بين حياتها الزوجية وعملها.

"المسلسلات المصرية بشكل عام تظلم المرأة بشكل مبالغ فيه، خاصة المرأة العاملة، والمقدمة دائماً في صورة المرأة الفاشلة في حياتها الزوجية، رغم نجاحها في عملها"

وتشيد إلهام سالم، (18 عاماً) طالبة من الصعيد، في حديث لرصيف22، بشخصية "غالية" في مسلسل "ونحب تاني ليه"، من إخراج مصطفى فكري وتأليف عمرو محمود ياسين، بطولة ياسمين عبد العزيز، شريف منير وأحمد فهمي، فهي من أكثر الشخصيات التي أحبتها لأنها "طبيعية، زينا في الحقيقة، مش متصنعة، مش من الخيال وحاجات مبنشوفهاش على الواقع زي الباقي"، في إشارة إلى الطابع الشرير والانتقامي الذي صبغ شخصيات درامية نسائية برزت في رمضان هذا العام.

فنياً، تشيد الحسيني بأدوار نسائية أخرى، مثل يسرا وحلا شيحة في مسلسل "خيانة عهد"، ودور مريم في "فرصة تانية"، والذي قدمته الممثلة هبة مجدي، نظراً للتحول الكبير الذي حدث للشخصية على مستوى الأداء أو المظهر الخارجي.

"عنف ضد النساء مبالغ فيه"

عن صورة المرأة في الدراما المصرية هذا العام، تعلق سناء السعيد، عضو المجلس القومي للمرأة، بأن المجلس يرصد الأدوار النسائية في الأعمال الفنية خلال شهر رمضان، ومع نهاية الشهر، يقام مؤتمر صحفي لتقييم هذه الأعمال.

وتضيف السعيد لرصيف22 أن "الأعمال الفنية شهدت عنفاً شديداً ضد المرأة"، مشددة على أن "العنف المبالغ فيه المقدم ضد النساء غير مقبول، إلا أن هناك عدداً من الأعمال التي تناولت قضايا المرأة بشكل جيد، مثل مسلسل خيانة عهد".

"العنف المفرط ضد النساء في الدراما غير مقبول".

وتوضح السعيد في حديثها، أن المؤتمر الذي يقيمه المجلس القومي للمرأة، يخرج بعدد من التوصيات التي يأخذها النقاد والمنتجون وصناع الدراما في الاعتبار، أثناء تجهيزهم لأعمالهم الدرامية المقبلة.

وترى نيفين عبيد، مؤسسة "المرأة الجديدة"، أن هناك انحساراً بنسبة ملحوظة للدراما التي تقبل، وتجيز تعدد الزوجات، والتصالح المجتمعي مع هذا الموقف، وانحساراً أيضاً للدراما التي تقدم المرأة النمطية "ربة المنزل"، ففي مسلسل "100 وش" تظهر المرأة الطموحة التي تهدف إلى إنجاح أعمالها.

وتشير عبيد لرصيف22 إلى إغفال الأعمال الفنية المقدمة في رمضان للدراما النسائية القادرة على تقديم رسائل داعمة للمرأة، كمسلسلات "أم كلثوم" و"ذات"، موضحة أنه رغم خلو الدراما من أعمال مثل "الحاج متولي"، التي تشجع على تعدد الزوجات، إلا أنه ليس مؤشراً لوجود دراما واعية بقضايا وإشكاليات المرأة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard