شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"صدق جيلو العظيم"... "سورة كورونا" تُحيل شابة تونسية إلى التحقيق

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 5 مايو 202002:33 م

تلقت شابة تونسية استدعاءً للتحقيق لدى النيابة العامة في البلاد بعد هجوم واسع عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب مشاركتها في ما وُصف بـ"سورة كورونا" التي صُوّرت على هيئة سورة من القرآن، وهذا ما اعتبره معلقون كثر "تحريفاً للقرآن وإساءة للدين الإسلامي".

ونشر عدد من الناشطين التونسيين عبر مواقع التواصل استدعاءً باسم الشابة آمنة الشرقي بعد مشاركتها النص الآتي: "كوفيد، والفيروس المبيد، بل عجبوا أن جاءهم من الصين البعيد، فقال الكافرون إنه مرض عنيد، كلا بل هو الموت الأكيد، لا فرق اليوم بين الملوك والعبيد، فاعتصموا بالعلم واتركوا التقاليد، ولا تخرجوا لتشتروا السميد، وامكثوا في بيوتكم إنه بلاء شديد، واغسلوا أيديكم بالصابون الجديد، صدق جيلو العظيم".

وانتشرت أنباء أخرى عن تعرض ناشرة "السورة" المزعومة لأول مرة، وهي جزائرية تدعى سناء بن ديمراد، للاعتقال أو للاستدعاء إلى التحقيق عقب دعوات إلى محاكمتها بتهم "الكفر والعبث بالقرآن والإساءة إلى الإسلام".

ولم يتسنّ التثبّت من اعتقال أو التحقيق مع بن ديمراد التي استمرت في نشر مواد ساخرة، منها: "الكورونة أثبتت أن الله لا يستجيب الدعاء وأثبتت أيضاً أن الله فشل في حماية بيوته. الله = فرشاة أسنان" وما أسمته "سورة الشيطان".

"لم أنشر الكراهية ولم أقتل أحداً"

بالعودة إلى الشابة التونسية، فقد أوضحت بعد استدعائها إلى التحقيق في منشور عبر فيسبوك أنها لم تتعرض للاعتقال أو التنكيل، رافضةً "الكذب والنفاق" والادعاء عليها بأنها "حرّفت القرآن جملاً وتحدت الله"، ومبيّنةً أن المنشور الذي يبدو أنها حذفته لاحقاً لا يعود إليها بل شاركته من موقع آخر. 

وأوضحت: "شو نقولها ونزيد نعاود نقولها أنا ملحدة ومانيش بش نافق ولا نكذب ولا نحشم (أخجل)! اللي يعيش بالحشمة يقعد حياتو الكل منافق! ولا حرفت لا آية لا سورة لا شي!"، ونصحت الجميع قائلة: "بلا حسد وبغض وكراهية، تعلمو حبو بعضكم مهما الاختلاف! تعلمو حرية التعبير راهي متضرش!".

وأضافت في منشور آخر مخاطبة الذين يهاجمونها: "على فكرة قبل متسبو (تشتموا) الآية اللي نشرتها مافيهاش كلام من القرآن، ما فيهاش كلمة الله، مافيهاش دين، و ماهوش كلام من القران وماهوش تحريف!".

ونشرت الفتاة عدداً من رسائل التهديد بالقتل والسباب سبق أن تلقتها، معلقةً عليها: "أنا ممسيت (لم أمس) حد ومنتمناش الموت والقتل لحد".

"لا عقاب على خيال"

وكان مواطنون كثر قد طالبوا عبر مواقع التواصل بتوقيف الشرقي ومحاكمتها، متهمين إياها بـ"الإساءة للإسلام وتحريف القرآن والمساس بمقدسات الشعب التونسي". واحتفوا لاحقاً بخبر استدعائها للتحقيق.

"كوفيد، والفيروس المبيد، بل عجبوا أن جاءهم من الصين البعيد، فقال الكافرون إنه مرض عنيد"... إحالة شابة تونسية إلى النيابة العامة بتهمة الإساءة إلى الدين الإسلامي لنشرها "سورة كورونا"، بموازاة الهجوم عليها بتهمة "تحريف القرآن"

على الجانب الآخر، دشّن عدد من الشخصيات الحقوقية والثقافية حملة دعم للشرقي دفاعاً عن حقها وحريتها في التعبير. من هؤلاء الكاتبة والباحثة رجاء بن سلامة التي قالت في منشور عبر فيسبوك: "نرفض محاكم التفتيش. نرفض تدخّل الشرطة والقضاء في أفكار الناس. نرفض اضطهاد المواطنة آمنة الشرقي بسبب نشرها نصّاً ساخراً تناقله الكثيرون على فيسبوك. المحاكاة الساخرة نوع من الكتابة الأدبية. حرية الضمير لا تتجزّأ".

وأضافت: "اهتموا بالإرهابيين والمهربين والمحتكرين والمعنّفين لنسائهم، وبلصوص الليل والنهار، فذلك أولى بكم في دولة ديمقراطيّة…"، مشددةً على أن "مَن يرفضون (حركة) النهضة والإسلام السياسي، هذه مناسبة للدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية. لا تتركوا آمنة وحيدة!".

الأستاذة الجامعية في معهد الصحافة وعلوم الأخبار سلوى الشرفي التي اتُهمت سابقاً بنسب آية لسورة النساء بالقرآن وجرى التحقيق معها مراراً على خلفية منشورات لها أو تصريحات تتعلق بالصحابة أو السلطة في تونس، دعمت الشرقي أيضاً.

وفي منشور لها عبر فيسبوك، استعارت عبارة "لا عقاب على الخيال" لتندّد بـ"تعرض شابة تونسية نشرت قصيدة كتبتها امرأة جزائرية، وشاركتها فقط، عنوانها ‘سورة الكوفيد‘"،ًموضحةً أن "حملة تهديد ووعيد وتكفير قامت عليها، وتلقت دعوة للبحث (التحقيق) غداً (5 أيار/مايو) ربما بتهمة ازدراء الأديان بالنظر لما جاء في الحملة الشعواء".

وتساءلت: "اش (ما) دخل قصيدة موضوعها الجائحة في الدين؟ هل لأن صاحبتها سمتها ‘سورة‘؟ كلمة سورة تعني سطر أو كتابة وليست حكراً على القرآن، تماماً مثل كلمة آية، أي الشاهد أو الدليل". وتابعت: "لو أدينت هذه السيدة تصبح اللغة العربية في خطر، لأن كل كلمة نكتبها يمكن أن توجد في القرآن".

وأضافت الشرفي في منشور لاحق: "أحد الغاضبين من قصيدة الكوفيد يدلل على ازدراء الكاتبة للدين بوضعها القصيدة على شكل مصحف. هذا أكثر قول مضحك أو مبكٍ سمعته في القضية. القرآن لم ينزل مكتوباً في مصحف. بل كُتب في عهد الرسول على عظام الجمال مثلاً، ولا علاقة لهذا الذي في الصورة بمصحف عثمان الذي كان على جلد الإبل، ووزنه 500 كلغ. وحتى هذا الذي في الصورة تجاوزه الزمن وأصبح المصحف إلكترونياً".

كورونا والقرآن

منذ بداية أزمة تفشي فيروس كورونا، حضر الحديث عن القرآن في أكثر من مناسبة، كوجود علاج شافٍ لكورونا في المصحف أو حتى في كتب التراث وسِيَر الصحابة والصالحين.

"أحد الغاضبين من قصيدة الكوفيد يدلل على ازدراء الكاتبة للدين بوضعها القصيدة على شكل مصحف. هذا أكثر قول مضحك أو مبكٍ سمعته في القضية. القرآن لم ينزل مكتوباً في مصحف. بل كُتب في عهد الرسول على عظام الجمال مثلاً"

وزعمت إحدى السيدات أنها رأت النبي في منامها، وحينما استيقظت أخذت تقرأ "سورة البقرة" وسقطت إحدى الشعيرات من رأسها في الصفحة الأخيرة، معتبرةً أن وضع هذه الشعيرة في ماء وتناوله يعالج الفيروس.

لاحقاً، انساق مواطنون خلفها وزعموا أنهم جربوا الوصفة.

وزعم آخرون اكتشاف علاج كورونا في قراءة سور معينة من القرآن.

وقال فريق منهم إن كورونا ورد ذكره في القرآن، وتحديداً لفظة "ناقور" في "سورة المدثر"، مدعياً أن زلازل وبراكين ستواكبه، فيما زعم فريق ثانٍ أن اسم كورونا اشتق من "القرآن".

وفي سياق شبيه، كان الإعلامي العراقي البارز نجم الربيعي ادعى، خلال تقديمه برنامج "من بغداد" على قناة "التغيير" العراقية، قبل أكثر من شهر، أن الإمام علي بن أبي طالب تنبأ بانتشار الوباء قبل قرون ونسب له "قصيدة كورونا" الساخرة المتداولة عبر الإنترنت. ثم اعتذر.

وروّج مغردون ومعلقون لما يسمى "نبوءات إبراهيم بن سالوقية" في "كتاب آخر الزمان" زعم فيها أنه إذا تساوى الرقمان 20=20 تحصل نهاية العالم عام 2020.

وعلقت دار الإفتاء المصرية على هذه الادعاءات، في آذار/مارس الماضي، مؤكدةً أن كل محاولات ربط نصوص القرآن بالأزمة ليست صحيحة بل هي من قبيل "التدليس وتحريف القرآن".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image