شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"هكذا تُخترع النصوص الدينية"... استياء من تلفيق إعلامي عراقي "قصيدة كورونا" للإمام علي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 1 أبريل 202007:26 م

في ظل الدعوات إلى تجنب الأخبار المغلوطة بشأن فيروس كورونا المستجد، ادّعى إعلامي عراقي بارز أن الإمام علي بن أبي طالب تنبأ بانتشار الوباء قبل قرون، ما أثار غضباً واسعاً على وسائل التواصل في العراق.

قبل يومين، قال الإعلامي نجم الربيعي لدي تقديمه برنامج "من بغداد" على قناة "التغيير" العراقية: "أبدأ بكلام بليغ للإمام علي بن أبي طالب. في ‘عظائم الدهور‘ لأبي علي الدبيزي توفى 565هـ، استمعوا كيف تنبأ الإمام علي بهذا: ‘عندما تحين العشرون قروناً وقرون وقرون يجتاح الدنيا كورون فيميت كبارهم ويستحيي صغارهم يخشاه الأقوياء ولا يتعافى منه الضعفاء يفتك بساكني القصور ولا يسلم منه ولاة الأمور يتطاير بينهم كالكرات ويلتهم الحلقوم والرئات، لا تنفع معه حجامه، ويفترس من أماط لثامَه، يصيب السفن ومن فيها، وتخلو السحب من راكبيها، تتوقف فيه المصانع، ولا يجدون له من رادع، مبدؤه من خفاش الصين، وتستقبله الروم بالأنين…".

ثم ختم القصيدة المزعومة بـالقول: "ثمَ تنكشف الغمة عن الأمة، بالرجوع إلى الله تأتي التتمة، وتستنير الضمائر المستهمة بالتضرع إلى الله والصلاة على الأنبياء والأئمة".

وأثارت الحلقة ضجة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، إذ رآها كثيرون كذباً ونشراً للخرافات والجهل، خاصةً بعدما تبيّن أن تلك الكلمات المنظومة لا صحة لاسم مؤلفها أو المؤلَّف المزعوم ورودها فيه، كما أن نسبها إلى علي بن أبي طالب باطل.

"سقطة فظيعة"

قال الباحث والكاتب رشيد الخيون: "وقع المقدم في قناة ‘التغيير‘ نجم الربيعي، في سقطة فظيعة. ادعى أنه قرأ في كتاب ‘عظائم الدهور‘ للدبيزي نصاً نسبه للإمام علي بوباء كورونا. فلا وجود لهذا في ‘نهج البلاغة‘، ولا وجود لعظائم الدهور ولا مؤلف اسمه الدبيزي. تبين أن المقدم أخذه (النص) عن جهل من الإنترنت كجزء من التلاعب بعقول الناس".

ورأى الكاتب والأكاديمي يوسف الأشيقر أن "الهفوة التي ارتكبها الإعلامي العزيز في نسبة هذا الكلام للإمام علي تفضح كيف نخترع نحن البشر عبر التاريخ النصوص الدينية ونضفي عليها هالة قداسة مع أخطائها الفادحة. علماً أن كل نصوص الإسلام ومذاهبه بلا استثناء كتبت بعد مئات السنين من وفاة قائليها المفترضين".

"سقطة، كارثة، فضيحة"... مثقفون ورجال دين غاضبون من ادعاء إعلامي عراقي بارز أن علي بن أبي طالب تنبأ بكورونا، ناسباً إليه شعراً "ركيكاً" عن الفيروس

واعتبر الباحث عمار الحديثي أن "هؤلاء أخطر من المرض (كورونا) نفسه! نجم الربيعي اللي المفترض صحافي يوعي الناس... يقتبس مما يقول نبوءة للإمام علي حول فيروس كورونا! إذا كان هيج (هكذا) واحد دارس 16 سنة ويعمل بالصحافة بهذا المستوى الفكري الضحل، كيف بباقي الجهلة؟".

وشارك حسين دلّي، وهو صحافي حاصل على ماجستير في مقارنة الأديان، المقطع معلقاً عليه: "ماذا تسميها؟ سقطة؟ فضيحة؟ كارثة؟ خرافة مثقف؟ أما وضع القناة فيُرثى له".

وخصص عدد من رجال الدين مقاطع مصورة للرد على الربيعي، اعتبروا فيها ما نسب إليه "من كلمات ركيكة كذباً وافتراء".

اعتذار فاتر

اليوم، أول نيسان/ أبريل، خرج الربيعي معتذراً عقب الضجة الواسعة التي أثيرت حوله. قال: "أود أن أبدأ بقضية حصلت وسببت اهتماماً كبيراً في الرأي العام بين الأخوة المثقفين والشعراء والسياسيين والأدباء والأكاديميين. هذا بشأن قصيدة كنت قد أذعتها في برنامجي قبل يومين وادعيت أنها للإمام علي وقد تبين في ما بعد أنها ليست للإمام علي وقد أشكل عليها".

"أردت أن أشيع روح التفاؤل والطمأنينة"... إعلامي عراقي يرد على اتهامه بتلفيق "قصيدة كورونا" ونسبها لعلي بن أبي طالب

وأضاف: "إلى كل المشاهدين الكرام، لقد اطلعت على هذه القصيدة قبل البرنامج بساعة واحدة من الأخوة الموجودين في البرنامج، ولم أتأكد منها بسبب قلة الكادر. نحن الآن أربعة أشخاص في القناة. وأيضاً ضعف الإنترنت حال دون التأكد منها".

وتابع: "هذا ليس تبريراً، لكن الخطأ قد حصل وهو لم يكن مقصوداً بقدر ما أردت أن أشيع روح التفاؤل والطمأنينة عند الناس كلهم. وأنا أشعر أن هذا واجب وطني الآن، وواجب إنساني ينبغي أن نمارسه (الإعلام). لذا أعلن أن الخطأ لم يكن مقصوداً وأني آسف على تلك الحالة".

وختم: "لكن إحنا بشر نخطئ ونصيب، والخطأ مبرر بحياة الناس. ما كو إنسان منا لا يخطئ أو يحصل سهو. هناك فرق بين خطأ مقصود وخطأ غير مقصود. أحترم كل الذين علقوا لكن أسأل: من فيكم بلا خطيئة؟".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard