يبدو أن علاج كورونا المُنتظر لم يعد بعيد المنال، إذ أكدت تقارير عدة "نتائج واعدة" لعقار تجريبي أمريكي جرى اختباره في سبع دراسات رئيسية على الأقل وأثبت فعالية في سرعة تعافي المرضى ذوي الأعراض الشديدة وخفض نسب الوفاة بين مَن تعاطوه.
ويعتقد بأن للعثور على علاج فعال للفيروس الذي قتل نحو 226 ألف شخص أهمية كبيرة في ظل تفشيه الواسع عالمياً، ومع التأكيدات بأن اللقاح ربما لن يكون متاحاً قبل عام أو أكثر.
وللمرة الأولى، أكدت دراسة أُجريت على عيّنة كبيرة من المرضى نجاعة عقار "ريمديسيفير" الذي تنتجه شركة "جلعاد ساينسز" (Gilead Sciences) الأمريكية، وسط تصريحات لمسؤولين حكوميين أمريكيين بشأن إتاحته للمرضى المناسبين في أسرع وقت ممكن.
واعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الدواء بداية يمكن البناء عليها، غير أن رئيس برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك رايان رفض التعليق على النتائج، مؤكداً أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات.
وتدعم المنظمة التجارب الحالية بشأن أربعة علاجات محتملة لكورونا، من بينها عقار جلعاد.
نجاعة في الشفاء وتخفيض عدد الوفيات
يُذكر أن الدراسة التي أجرتها معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH) على 1063 مريضاً يعانون أعراضاً شديدة لكورونا أُدخلوا على إثرها المستشفى ووضعوا على أجهزة تنفس اصطناعي، وجدت أن "ريمديسيفير" قلّص زمن الشفاء من الفيروس بنسبة 31٪ (11 يوماً في المتوسط مقابل 15 يوماً لأولئك الذين تلقوا رعاية عادية). كذلك اتضح أن الدواء المقترح قد يقلّل نسبة الوفيات، وإن كان هذا غير مؤكد بعد.
بحسب عالم الأوبئة أنتوني فاوتشي من المعاهد الوطنية للصحة في أمريكا، فإن الدراسة "أثبتت أن الدواء يمكنه منع هذا الفيروس"، لافتاً إلى أنه سيكون "معيار الرعاية" بحيث يتم اختبار أي علاج آخر للفيروس مقارنةً بـ"ريمديسيفير" أو بالاشتراك معه.
وأشار فاوتشي الذي كشف "النتائج المبشرة" في البيت الأبيض إلى أن النتائج الجزئية أظهرت أن الدواء "له تأثير إيجابي واضح ومحدّد"، إذ أدى إلى اختصار الوقت اللازم للخروج من المستشفى بمقدار أربعة أيام.
في المقابل، تقصر الأدوية المضادة للفيروسات الخاصة بالإنفلونزا فترة المرض قرابة يوم واحد في المتوسط عندما يبدأ تناولها في غضون يوم أو يومين من ظهور الأعراض لأول مرة.
خلال تجربة "ريمديسيفير"، توفي نحو 8% من أولئك الذين تناولوا الدواء مقابل 11.6% من مجموعة أخرى. ويبقى الفرق ليس كبيراً على نحو يكفي ليقول العلماء إن الدواء هو السبب.
ولم تعلن أية معلومات بشأن الآثار الجانبية المحتملة للدواء، إلا أن فاوتشي قال إن النتائج الكاملة ستنشر في مجلة طبية قريباً، معرباً عن اعتقاده بأن الأرقام النهائية قد تتغير قليلاً لكن النتيجة الإجمالية للدراسة لن تتغير.
وأوضحت الطبيبة إليزابيث هوهمان التي أدرجت 49 مريضاً من مستشفى ماساتشوستس العام في الدراسة، أن المسؤولين عن الأخيرة أبلغوا، مساء 28 نيسان/أبريل، أن النتائج المعلنة تستند إلى "شريحة أولى مكونة من 460 مريضاً" من بين أفراد العينة. وأضافت: "هناك أكثر من 1000 مريض في الدراسة، لذا هناك المزيد من المعلومات المرتقبة"، كما تجب رؤية النتائج الكاملة، موضحةً أنها "متفائلة بحذر".
الدواء أنتجته شركة "جلعاد ساينسز" الأمريكية قبل سنوات لعلاج الإيبولا، وأظهر فاعلية في علاج فيروسات تاجية أخرى مثل السارس... نتائج "واعدة" لدواء "ريمديسيفير" غير المرخّص
جرى تقييم "ريمديسيفير" في سبع دراسات رئيسية على الأقل، لكن دراسة NIH مثلت الاختبار الأكثر حسماً. لعل هذا ما جعل فاوتشي يعلن النتائج الأولية الواعدة للعقار الذي لا يزال يخضع للبحث السريري المستمر، مدفوعاً بشعوره بـ"ضرورة أخلاقية" لاستباق عملية مراجعة الأقران التقليدية.
لكن الدراسة التي انطلقت في شباط/فبراير الماضي، اعتمدت على عينات من المرضى ذوي الأعراض الشديدة، لذا فإن فعاليته على أقل الأشخاص مرضاً غير معروفة.
"نتائجه مثيرة حقاً"
يعد "ريمديسيفير" من عشرات العلاجات التي جرى تجربتها ضد الفيروس التاجي ولكن نتائجه كانت الأفضل. ووصف بابافيمي تايو، رئيس الأمراض المعدية في إحدى شركات الأدوية، والمشارك في الدراسة، النتائج بأنها "مثيرة حقاً"، وقال: "للمرة الأولى لدينا تجربة كبيرة وجيدة تُظهر أن العلاج يفيد. إنه ليس دواء معجزة... لكنه بالتأكيد أفضل ما لدينا".
"الصحة العالمية" تتحفظ على التعليق حول فعالية الدواء الأمريكي "الواعد" ضد كورونا، ودراسة صينية تقول إنه لم يسرع تعافي المرضى
وذكر رئيس إدارة الغذاء والدواء الأمريكية السابق سكوت جوتليب، على تويتر، أن هنالك بيانات كافية لدعم ترخيص الدواء للاستخدام في حالات الطوارئ.
أما مارك دينيسون من جامعة فاندربيلت البحثية الأمريكية، فقال "نحن متحمسون ومتفائلون" بشأن النتائج الجديدة. وسبق أن اختبر معمله "ريمديسيفير" ضد الفيروسات التاجية الأخرى للمرة الأولى عام 2013 وأجرى بحوثاً كثيرة عنه منذ ذلك الحين، لكنه لم يشارك في دراسة المعاهد الوطنية.
وأضاف دينيسون: "الدواء فعال ضد كل فيروس تاجي اختبرناه على الإطلاق. كان من الصعب على الفيروس تطوير مقاومة ‘ريمديسيفير‘. وهذا يعني أنه من المرجح أن يكون الدواء فعالاً على المدى الطويل". ولدى اختباره ضد أعراض مرضية ناتجة من عدوى بفيروسات تاجية سابقة، ساعد دواء غيلياد في منع العدوى وتقليل شدة الأعراض عند بدء تعاطيه في وقت مبكر من ظهور المرض.
وكانت شركة جلعاد طورت الدواء لعلاج الإيبولا، لكن برغم النتائج الواعدة في البداية، لم يثبت فعالية في علاج المرض كسائر الأدوية الأخرى، إذ ذاك توقفت البحوث بشأنه. لكن دراسة لاحقة أثبتت نجاعته في علاج السارس.
وإلى الآن لم يعتمد "ريمديسيفير" من أي جهة في العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن نتائج دراسة للعقار نفسه أجريت على مصابين بكورونا يعانون أعراضاً قوية في الصين، نشرتها مجلة "لانسيت" العلمية البريطانية في 29 نيسان/أبريل، أثبتت عدم تأثيره على سرعة تعافي المرضى. كما أن دراسة سريرية منفصلة لجلعاد نشرت في اليوم نفسه، أظهرت أن الدواء ساهم في تحسن محدود لحالة المرضى بـ"كوفيد-19".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...