تقدمت قناة جزائرية باعتذار عن برنامج مقالب أثار الجدل والغضب شعبياً منذ بدء عرض حلقته الأولى في شهر رمضان، كما قررت وقف عرض البرنامج المتهم بالترويج لـ"الاتّجار بالنساء والحط من كرامتهن" و"ازدراء الفقراء".
تقوم فكرة البرنامج على استضافة شخص أعزب فقير في منتصف العمر، وإيهامه بأنه فاز بهدية، هي "امرأة" ثرية لتكون زوجةً له. تنضم إحدى الفتيات إلى المذيع وتستمر في خداع الضيف بأنها معجبة به ولديها المنزل والمال.
وفيما تظهر الفرحة الغامرة على الضيف الفقير لدى سرد المذيع مزايا "زوجة المستقبل"، يفاجأ لاحقاً بأن الأمر مجرد "مقلب"، إذ ذاك يُصدم ويحزن. وهذا ما دفع الكثيرين إلى التعبير عن غضبهم من "الاستهانة بالمشاعر الإنسانية والتلاعب بها".
إنذار حكومي
جاء قرار القناة بعد إنذار رسمي وجهته سلطة ضبط السمعي البصري، المسؤولة عن مراقبة المواد الإعلامية وتنظيمها، في 26 نيسان/أبريل الجاري، إلى قناة "نوميديا TV" بسبب محتوى برنامج الكاميرا الخفية "أنا وراجلي".
وقالت الهيئة الجزائرية إن البرنامج تضمن "مخالفات جسيمة مسّت قواعد المهنة وأخلاقياتها وأخلّت بمبادئ النظام العام".
ولفتت إلى أنها تابعت "حلقة برنامج الكاميرا الخفية في 24 نيسان/أبريل، واطلعت على ردود فعل المواطنين عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي وعلى ردود الصحافة الوطنية على ما تضمنه هذا البرنامج من مخالفات جسيمة مست قواعد المهنة وأخلاقياتها وأخلّت بمبادئ النظام العام والمساس بالحياة الخاصة وشرف الأشخاص وسمعتهم وعدم احترام الكرامة الإنسانية".
تقوم فكرة البرنامج على استضافة شخص أعزب فقير في منتصف العمر، وإيهامه بأنه فاز بهدية، هي "امرأة" ثرية لتكون زوجةً له. تنضم إحدى الفتيات إلى المذيع وتستمر في خداع الضيف بأنها معجبة به ولديها المنزل والمال...
وأنذرت السلطة القناة بـ"عدم تكرار مثل هذه الأنواع من البرامج والالتزام الفوري بذلك وتحتفظ السلطة باتخاذ إجراءات أخرى في حال تمادي القناة في ذلك"، مذكرةً بقية القنوات بالتنبيهات التي سبق أن أصدرتها مع وزارة الاتصال الجزائرية بشأن "احترام أخلاقيات المهنة وقوانين الجمهورية".
"سوء تقدير" و"حسن نية"
عقب تلقي الإنذار، قالت القناة في بيان: "تتقدم قناة نوميديا باعتذارها لمشاهديها الكرام عما ورد في برنامج الكاميرا الخفية ‘أنا وراجلي‘ وتعتبر بث حلقاته ‘خطأً معزولاً وسوء تقدير‘ لا يعكسان تماماً حرص القناة على خدمة العائلة والأسرة الجزائرية وتقديم محتوى يتماشى ومقدسات المجتمع الجزائري لا سيما في الشهر الفضيل".
وأضافت: "تعلن القناة اتخاذ تدابير فورية وإجراءات عقابية تفادياً لتكرار هذا الخطأ مع سحب البرنامج من الشبكة البرامجية لشهر رمضان".
كذلك أعربت القناة عن "عميق أسفها للشاب سفيان ضحية المقلب وأفراد عائلته وتعلن تضامنها معه بعد الردود التي صاحبت بث الحلقة والضرر المعنوي الناجم عن ذلك".
"حسن نية" و"سوء تقدير"... هكذا برّرت قناة جزائرية عرضها برنامج المقالب "أنا وراجلي" الذي اعتُبر إهانة كبيرة للمرأة باعتبارها "هدية"، وتلاعباً بمشاعر الفقراء وأوضاعهم
وظهر مخرج البرنامج محمد بن يحيى في ريبورتاج مصور يعتذر فيه للمشاهدين موضحاً: "إحنا خدمنا هاذي الكاميرا الخفية لحسن نية، ما ديرناها باش نسخروا من الناس ولا نجرحوا في الناس. كل عام نخدم، عمري ما عندي حاجة ولا جرحت في الناس. واللي شافوها من شعب الجزائر إني جرحت فيهم ولا تعديت حدودي، أنا أطلب السماح من هداك السيد، الأستاذ هاذا (الشاب سفيان). وأطلب السماح من جميع الجزائريين، صغير كبير".
أما الصحافية في القناة رانيا العميري التي أدت دور الزوجة المحتملة، فأعلنت استقالتها، وردت على الهجوم عليها بأنها كانت مجرد ممثلة وليست من طاقم إعداد البرنامج، لافتة إلى أنها لم تفعل شيئاً مخلاً بالشرف أو تُسءْ لأحد.
إهانة للمرأة والفقراء
خلّف البرنامج ردود فعل واسعة، واعتُبر على نطاق واسع إهانة للنساء وللطبقات الفقيرة، وعلت مطالبات بمحاكمة القائمين على البرنامج والقناة التي تعرضه.
وكتب أحد المعلقين عبر تويتر: "لكم أن تتخيلوا أن يؤتى بشخص في الـ39 من العمر، أعزب وفقير لدرجة لا يتصورها الإنسان ويوهمونه بزوجة جميلة ولديها منزل ومال. وبالفعل تأتي هذه الزوجة (لا أدري كيف قبلت الدور) وتجلس أمامه وتوهمه بأنها أعجبت به، ويضحكون عليه الناس. تخيل الفقير يفرح من قلبه لحاجة في نفسه، ثم يقولون له ‘كاميرا خفية‘، تخيل ردة فعله! والله لا أدري أي قلوب تملكون في صدوركم! قمة الانحطاط والنذالة! أهكذا يهان الفقير بدل إكرامه ومساعدته وإمداده بما يحتاج، تجعلون منه أضحوكة للناس على شاشاتهم!".
وندّد معلق آخر بتحول الكاميرا الخفية في الجزائر "من وسيلة للترفيه إلى أداة لكسب المشاهدات على حساب كرامة الفقراء"، عازياً ذلك إلى "فقر الأفكار ونضوب الإبداع".
وعقب اعتذار القناة ووقف البرنامج، أشاد كثيرون بـ"وعي الشعب" و"قوة السوشيال ميديا" اللذين أوقفا "هذه المهزلة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...