أعلنت مديرية الأمن العام اللبناني، في 23 نيسان/أبريل، توقيف صاحب إعلان لبيع عاملة منزل أفريقية، بعدما أثار غضباً واستياءً واسعين.
وعبر حسابها على تويتر، ذكرت المديرية: "في إطار متابعة قيام أحد الأشخاص بنشر إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي يعرض فيه للبيع سيدة من الجنسية النيجيرية تعمل لديه في الخدمة المنزلية، أوقف صاحب الإعلان السوري (و.ج.) وجاري التحقيق معه بإشراف القضاء المختص".
وورد في الإعلان المثير للاشمئزاز والذي نشر على مجموعة "بعْ واشترِ في لبنان" المخصصة للسلع المستعملة: "عاملة منزل من جنسية أفريقية (نيجيريا) للبيع مع إقامة جديدة وأوراق قانونية كاملة. العمر 30 سنة، نشيطة ونظيفة جداً". وحدد السعر بـ1000 دولار أمريكي.
وحذرت مديرية الأمن العام "مَن يستخدمون أشخاصاً أجانب في أي مجال كان مِن نشر أية إعلانات بأية وسيلة كانت تتعلق بهؤلاء العمال لا تجيزها القوانين اللبنانية، خاصةً إعلانات بيعهم"، لافتة إلى أن ذلك "يندرج ضمن إطار جرم الاتجار بالبشر وتعرّض الناشر للملاحقة القضائية".
غضب شعبي وتوجيه رسمي
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تداول عدد كبير من اللبنانيين والعرب صورة الإعلان، معربين عن استيائهم من هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وكرامته، ومطالبين بتوقيف ناشر الإعلان ومعاقبته.
وجاء توقيف المتهم بعد ساعات من توجيه وزيرة العدل ماري كلود نجم خطاباً إلى النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، يتضمن مطالبة بـ"تعقب مرسل إعلان على موقع فيسبوك من حساب باسم Wael Jerro إلى حساب باسم Buy & sell in lebanon يعرض فيه ‘بيع عاملة منزل من جنسية أفريقية‘".
ولفتت إلى أن "الإعلان ينطوي على جرائم جزائية (المادة 14 من أصول المحاكمات الجزائية) أخصها جرم الاتجار بالبشر، فضلاً عن أنه يشكّل مظهراً من مظاهر التعدي السافر على كرامة الإنسان".
بألف دولار، عاملة منزلية أفريقية نشيطة ونظيفة جداً"... إعلان يثير غضباً في لبنان ويحيل صاحبه إلى السجن، بينما يعيد التذكير بالوضع غير الإنساني الذي تعيشه عاملات منزليات في لبنان
هذه الحادثة ليست الأولى في لبنان، إذ كانت منظمة "كفى" قد طالبت وزارة العمل بإصدار تعميم بشأن "عدم قانونية نشر إعلانات متعلقة بالعاملات المنزليات على مواقع مخصصة لبيع السلع والأغراض". واستجابت الوزارة، فأصدرت بياناً حذرت فيه أصحاب العمل من نشر مثل هذه الإعلانات التي تضعهم تحت طائلة الإجراءات القانونية.
أوضاع مأسوية للعمالة المنزلية
في سياق متصل، تعيش العاملات المنزليات في لبنان، لا سيما الأجنبيات، ظروفاً غير آدمية يتعرضن فيها للتعنيف والإهانة والتحرش واحتجاز جواز السفر وعدم الحصول على الرواتب.
وتفتقر العاملات إلى أبسط الحقوق، مثل النوم في غرفة عادية، أو الحصول على الأجر المتفق عليه، والإجازات المقررة لهن.
وتعد حالة انتحار مزعومة لعاملة منزل غانية اسمها فوستينا تاي في بيروت، آخر آذار/مارس الماضي، أحدث مثال على معاناة العاملات المنزليات في البلاد بسبب نظام الكفالة.
وكانت العاملة الشابة قد ظهرت في مقاطع مصورة وصوتية وهي تعلن تعرّضها للتعنيف على أيدي أفراد الأسرة التي تعمل لديها، معربةً عن خوفها من أن يلحق بها مكروه. وبعد أيام أُعلن "انتحارها" من شرفة المنزل.
وهذا ما دفع متضامنين مع تاي إلى اتهام مخدومها بقتلها، لافتين إلى أنها "تعرضت للقتل وإن أقدمت على إلقاء نفسها من الشرفة"، برغم تشكيك البعض في انتحارها.
وتفاعلت الجمعيات الناشطة في الدفاع عن حقوق العاملات مع الحادثة. ودخلت عارضة الأزياء البريطانية من أصل أفريقي، نعومي كامبل، على الخط، مناشدةً العاملات المنزليات عدم الذهاب إلى لبنان تفادياً لـ"معاملتهن كعبدات". وكان لندائها صدى كبير في مواقع التواصل الاجتماعي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...