شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"جَوْعى يخشون الإبلاغ عن إصاباتهم"... تحقيق يرصد معاناة عمال قطر الأجانب مع كورونا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 9 أبريل 202004:57 م

"لا يجدون الطعام، ولا يحصلون على الرعاية الطبية اللازمة، ويخشون التسريح والترحيل إلى بلدانهم، ولا يعرفون مصير رواتبهم"، هذا ما آل إليه حال العمال الأجانب في قطر نتيجة أزمة تفشي فيروس كورونا في البلاد وإصابة المئات منهم، بحسب تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نُشر في 8 نيسان/أبريل.

وفي حين تصر الحكومة القطرية على أنها تبذل أقصى ما في وسعها لحماية العمالة الأجنبية، وجد التقرير الذي استند إلى شهادات عمال ومسؤولين في جماعات حقوقية أن الواقع يرسم "صورة مغايرة وخطيرة".

التقرير الذي حمل عنوان "لا يمكن العمال المهاجرين تحمل العزل"، لفت إلى أنه "بينما تسابق قطر الزمن لإكمال مشاريع البناء قبل كأس العالم 2022، هناك جيش صغير من العمال من جنوب آسيا على الخطوط الأمامية لوباء كورونا".

الأكثر عرضة للإصابة

اعتبرت المجلة الأمريكية أن وضع نحو مليوني عامل مهاجر في قطر، وهو رقم كبير مقارنةً بإجمالي عدد سكان الدولة البالغ 2.6 مليون نسمة، في خطر نظراً لعملهم في جماعات وسكنهم في مساكن جماعية ضيقة، وهذا ما يثير مخاوف انتشار الفيروس سريعاً.

ومع ظهور حالات إصابة بالفيروس في جميع أنحاء قطر تقريباً، إذ سجلت 2376 حالة إصابة حتى 9 نيسان/أبريل، فإن أمكنة سكن هؤلاء العمال المهاجرين وصعوبة حصولهم على الرعاية الصحية أو خدمات الصرف الصحي المناسبة والطعام الصحي، جميعها تعرضهم للخطر.

ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن لدى قطر "تاريخاً طويلاً من إساءة معاملة العمال المهاجرين واستغلالهم"، مؤكدة أن "عدم قدرة حكومات جنوب آسيا على الضغط من أجل حماية قوية لحقوق عمالتها، فاقم أوضاعهم سوءاً".

وأوضحت أنه في حين يعاني ملايين العمال المهاجرين في دول مجلس التعاون الخليجي الست وبلدان عربية أخرى مثل لبنان والأردن، تسهم عوامل مثل الحجم الهائل للقوى العاملة المهاجرة مقارنة بعامة السكان، والمخيمات المكتظة التي يعيش فيها المهاجرون، وضغوط سرعة إنجاز البناء قبيل كأس العالم، تسهم في جعل العمال الأجانب في قطر "أكثر عرضة لخطر الإصابة بكورونا".

وبيّنت المجلة الأمريكية أن ألف يوم يسبق انطلاق كأس العالم 2022 في قطر، وأن العمال المهاجرين مستمرون في عملهم الشاق لتجهيز الملاعب ومشاريع البنية التحتية التي تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار أمريكي.

ولم يُمنح هؤلاء فرصة لحماية أنفسهم بالبقاء في مساكنهم، في وقت أغلقت قطر جميع الأماكن العامة للحد من انتشار الفيروس، حتى مع ظهور مئات المصابين في صفوفهم.

حماية "شبه مستحيلة" من العدوى

تساءل أحد العمال عبر تويتر: "كيف يمكن العمال ‘الحفاظ على المسافات الاجتماعية‘ وهم يضطرون للذهاب إلى المصانع ومواقع البناء حيث ‘يعمل أكثر من 200 شخص معاً ويتشاركون في الحافلة نفسها‘؟".

وفي 11 آذار/مارس الماضي، أعلنت إصابة 238 عاملاً مهاجراً في قطر بفيروس كورونا، تحديداً في المنطقة الصناعية على أطراف العاصمة الدوحة التي تضم مصانع العمال وأمكنة سكنهم.

وتوالى الكشف عن عشرات الحالات تباعاً منذ ذلك الحين، ارتبطت غالبيتها بـ"مخالطة" حالات مصابة سابقة. وإلى الآن، ليس هناك إحصاء رسمي بعدد العمال المصابين، إذ تكتفي وزارة الصحة في بيانها اليومي حول تطورات انتشار الفيروس بالإشارة إلى وجود حالات إصابة بين العمالة الوافدة من دون ذكر العدد.

"مسجونون فعلياً في منطقة العزل مع القليل من الطعام وقليل من سبل الوقاية ضد الفيروس، فيما التباعد الاجتماعي غير ممكن"... تقرير جديد يحذر من تحول العمالة الأجنبية في قطر إلى قنبلة موقوتة

وترى مديرة مبادرة الهجرة الدولية للمجتمع المفتوح إليزابيث فرانتز أن "الكثير من العمال يشعرون بالقلق الشديد إزاء إمكان ترحيلهم في حالة ثبوت إصابتهم بفيروس كورونا، وتالياً يتخوفون من الإبلاغ عن وجود أعراض، أو الخضوع لاختبارات. لذا يكونون مجبرين على العمل مع احتمال إصابتهم بالفيروس، وهذا ما يعرضهم ويعرض رفاقهم لمخاطر جسيمة".

بعد تأكد إصابة المئات من العمال المهاجرين بكورونا، فرض العزل الصحي على جزء كبير من المنطقة الصناعية، وقالت السلطات القطرية إن ذلك لن يؤثر في الحاجات اليومية للعمال، مشيرةً إلى تنسيق قائم مع الشركات التي تشغلهم لاستمرارها في الإيفاء بمتطلباتهم ودفع أجورهم بانتظام.

وصرح مكتب الاتصال الدولي القطري للمجلة الأمريكية بأنه يجري إرسال ألف سيارة نقل محملة بالأغذية والبضائع والمستلزمات الوقائية يومياً إلى المنطقة الصناعية.

لكن المجلة تابعت موضحةً أن "العمال يرسمون صورة مختلفة تماماً للوضع القائم".

ونقل التقرير عن عامل نيبالي في الدوحة، اختار اسماً مستعاراً هو ناريندرا، أن "الوضع خطير، أتحدث بانتظام مع العمال في المنطقة الصناعية. أرباب العمل لا يسمحون لهم بالخروج لشراء الطعام، والشركات لا تزودهم بالطعام. وليس لديهم أ فرصة لطلب الدعم".

وأضاف: "هناك خطر كبير من انتشار العدوى بين العمال. لا نعلم هل يحصل هؤلاء العمال على أجورهم كما هو مقرر أو لا. لا نعلم هل تطلب السلطات منا مغادرة البلاد".

فيلم يوثق جوع العمال

ليس هذا الانتقاد الأول للسلطات القطرية في ظل أزمة كورونا. ففي الأسبوع الماضي، حثت عدة منظمات حقوقية، منها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وMigrant-Rights.org الحكومة القطرية على حماية العمال المهاجرين خلال انتشار الوباء.

وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" مايكل بيج: "قطعت قطر التزامات واعدة بدعم العمال المهاجرين خلال هذه الأزمة، بما في ذلك تخصيص الأموال لتغطية أجور المعزولين منهم، وإنشاء خط ساخن للتظلمات"، مضيفاً "الآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب تنفيذ مثل هذه الوعود".

الحكومة القطرية تقول إنها نفذت إجراءات مشددة لحماية العمالة الأجنبية من خطر تفشي كورونا فيما تستمر الأعمال الشاقة ومشاريع تجهيز البنى التحتية قبل كأس العالم... شهادات توثق معاناة العمال في زمن كورونا

وبثت قناة ARD الألمانية قبل يومين فيلماً وثائقياً عن النقص الحاد في الغذاء لدى العمال المهاجرين وزيادة مخاطر تعرضهم للعدوى بسبب ظروف معيشتهم في مساكن ضيقة ومكتظة داخل منطقة الحجر الصحي في المنطقة الصناعية.

في الفيلم، قال العمال المتضررون إنهم "مسجونون فعلياً في منطقة العزل مع القليل من الطعام والقليل من سبل الوقاية ضد الفيروس، فيما التباعد الاجتماعي غير ممكن".

وأظهرت لقطات مصورة بهواتف محمولة أرفف سوبر ماركت فارغة وعمالاً يتسابقون إلى تلقي معونات حكومية.

ورداً على ما جاء في الفيلم، أوضحت الحكومة القطرية في بيان نشرته وكالة "أسوشيتد برس" أنها نفذت "إجراءات واسعة النطاق لحماية العمال المهاجرين من الفيروس، شملت رعاية صحية مجانية وضمان راتب للعاملين المصابين بالفيروس، وألف شاحنة يومية محملة بالغذاء والمياه والأقنعة والقفازات والمطهرات اليدوية إلى منطقة العزل".

وأضافت أنها أنشأت "مراكز صحية لمعالجة المصابين بالفيروس داخل المنطقة، بالإضافة إلى ثلاث نقاط تفتيش لإجراء فحوص للمشتبه في إصابتهم"، ملمحةً إلى أن "العلاج مجاني، والتعامل يتم مع أولئك الذين ليست لديهم تأشيرة عمل سارية مجاناً من دون خوف من الاحتجاز أو العقوبات المالية".

الجدير بالذكر أن أصواتاً كثيرة ارتفعت، لدى بدء انتشار كورونا، مطالبة بإبعاد العمالة الوافدة إلى بلدانهم خشية تسببهم بنقل العدوى إلى المواطنين. وزاد عدد هذه الدعوات مع ظهور الإصابات في صفوف العمال.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image