هل تحمينا الكمّامات من فيروس كورونا؟ هل ارتداء الأقنعة يساعدنا على الوقاية من هذا الوباء القاتل؟ هذا النوع من الأسئلة طُرح منذ بدء انتشار الفيروس على مختصين في مكافحة الأمراض المعدية، من دون أن تكون هناك إجابة حاسمة تساعد الناس على اتخاذ قرار بشأن ضرورة ارتداء الكمامة أو الاستغناء عنها.
غير أن دراسات حديثة عدة صدرت من مراكز علمية أمريكية أوصت الناس بارتداء "أي شيء" على الوجه، بعدما رجّحت انتقال فيروس كورونا في الهواء.
حتى البيانات التي ترصد معدلات الوفيات في دول العالم، زعمت أن البلدان التي أوصت مواطنيها بارتداء الكمامات حققت نتائج فعالة في الوقاية من الفيروس أكثر من تلك التي أوحت لمواطنيها بعدم الحاجة لارتدائها.
هل تحمينا الكمّامات من كورونا؟
في بيان على موقعها الرسمي، كانت منظمة الصحة العالمية قد أوصت بعدم ارتداء الكمامات إلا في حال إصابة الشخص بفيروس كورونا المستجد أو في حال رعايته شخصاً مصاباً.
وقال وقتها المدير التنفيذي للمنظمة مايك ريان: "لا دليل محدداً يثبت أن ارتداء الكمامات في أماكن التجمعات ذو منفعة محتملة. في الحقيقة، فإن بعض الأدلة أثبتت العكس في حال عدم استخدام الكمامات أو لبسها بالطريقة الصحيحة".
وقالت المتخصصة في الأوبئة والأمراض المعدية في المنظمة ماريا فان كيرخوف إن المنظمة لا توصي بارتداء الكمامات إلا في حالة الشخص المصاب الذي يقوم بذلك كـ"إجراء احترازي لمنع انتشار المرض".
في السياق ذاته، غرّد الجرّاح العام في الولايات المتحدة جيروم آدامز، وهو أعلى منصب طبي في الولايات المتحدة، معتبراً أن "الكمامات ليست فعالة في منع الإصابة بفيروس كورونا".
هذه التوصيات قد تنسفها توصية أرسلتها لجنة علمية مرموقة إلى البيت الأبيض، في الأول من نيسان/أبريل، ومفادها أن الدراسات الجديدة تُظهر أن الفيروس ينتشر ليس عن طريق العطس أو السعال فحسب، بل أيضاً عن طريق التحدث أو حتى التنفس.
ووفقاً للرسالة التي وجهها رئيس لجنة مكافحة الأمراض المعدية في الأكاديمية الوطنية للعلوم هارفي فاينبرغ إلى البيت الأبيض، فإن "نتائج الدراسات تُظهر تطاير الفيروس من خلال التنفس الطبيعي للأشخاص"، وهذا ما يدعو إلى إعادة النظر حول ضرورة ارتداء الكمامات.
وقال فاينبرغ لشبكة "سي أن أن" الأمريكية إنه "يرتدي القناع عندما يذهب إلى متجر البقالة".
ووفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن الفيروس ينتشر من شخص لآخر عندما يكون الأشخاص متباعدين حوالي ست أقدام "من خلال الرذاذ الذي يخرج من الجهاز التنفسي عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس".
وحول هذه النقطة، أوضح فاينبرغ قائلاً: "ما قالته المراكز صحيح، لكن هذا البحث الجديد يُظهر أن الرذاذ المتطاير خلال التحدث، أو التنفس أيضاً، يمكن أن ينقل الفيروس".
في رسالة إلى البيت الأبيض، علماء أمريكيون يؤكدون أن كورونا يتطاير خلال التنفس والكلام... دعوات لإعادة النظر في النصائح التي قدمتها جهات كمنظمة الصحة العالمية حول عدم ضرورة استخدام الكمامات إلا في حال إصابة الشخص أو رعايته لشخص مصاب
وتؤكد الدراسة أن "بحثاً جرى في مستشفى في الصين أظهر أن الفيروس يمكن أن يتطاير في الهواء عندما يزيل الأطباء والممرضات المعدات عن المرضى، أو عندما يتم تنظيف الأرضيات أو عندما يتحرك الموظفون".
وبيّنت الدراسة أنه تم العثور على مادة وراثية من الفيروس في غرف المرضى على بعد أكثر من ست أقدام من المرضى.
التجربة الآسيوية: الكمامات فعالة
بحسب بيانات تم تداولها، ظهر أن الدول الغربية تشهد معدلات أعلى في الإصابة بفيروس كورونا مقارنة بالدول الآسيوية بسبب تخلي الغرب عن ارتداء الكمامات. إذ بلغ عدد الوفيات في تايوان واليابان وكوريا الجنوبية 5 و 62 و 169 على التوالي، لأنها التزمت ارتداء الكمامات، في حين سجلت إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة 13 ألفاً و10 آلاف و6 آلاف حالة وفاة على التوالي بسبب عدم ارتداء أقنعة.
وإذا كان ارتفاع عدد الوفيات في إيطاليا يرجع إلى وجود عدد كبير من المسنين في البلاد، فإن عدد كبار السن في اليابان هو الأعلى عالمياً، ومع ذلك تصدّرت معدلات الإصابة والوفيات فيها أدنى المراتب العالمية.
يزعم جامعو هذه البيانات أن أحد الأسباب الكامنة وراء انخفاض معدلات الإصابة أو الوفاة هو ثقافة اليابان القوية في ارتداء الكمامات، وهذا ما قلل من انتشار الفيروس إلى مستويات يمكن التحكم فيها.
التجربة التشيكية
هناك دولة أوروبية قررت السير على نهج الدول الآسيوية، وهي التشيك، في مكافحة كورونا، إذ فرضت بدءاً من 18 آذار/مارس على المواطنين ارتداء قناع في الأماكن العامة.
حتى الآن، لم تسجل التشيك سوى 2942 إصابة بالكورونا و23 حالة وفاة، وهذا ما يجعلها واحدة من أقل البلدان إصابة في أوروبا.
ويُرجّح عدد من المختصين أن الكمامات تساعد في إيقاف انتشار الفيروس إذا ارتداها الجميع، وفي عدم انتقال العدوى من المصابين الذين لم تظهر عليهم أعراض ولا يعرفون أنهم مصابون إلى الأصحاء.
الاستغلال المالي والسياسي
في التوصيات التي أقرت بعدم جدوى الكمامات في الوقاية من الفيروس، يرى محللون أنه جرى حثّ الناس على التخلي عنها من أجل عدم حدوث نقص لدى العاملين في القطاع الطبي إذ إنهم يحتاجون إليها أكثر من سواهم للوقاية من الفيروس.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، نفد مخزون المعدات الفيدرالية التي تبلغ قيمتها سبعة مليارات دولار أمريكي، ومنها الأقنعة، فأجبر ذلك العاملين على ارتداء أكياس بلاستيكية وأشياء أخرى للوقاية من الفيروس.
بيانات تظهر أن الدول الغربية تشهد معدلات أعلى في الإصابة بفيروس كورونا مقارنة بالدول الآسيوية بسبب تخلي الغرب عن إلزامية ارتداء الكمامات... وتلميحات إلى أبعاد سياسية واقتصادية وراء "نصائح الكمامات" والمنافسة للتزوّد بها
عدا أن هناك مخاوف من حدوث صراع بين الدول على اقتناء الكمّامات، إذ كشفت وكالة الأنباء الفرنسية أن تجاراً من الولايات المتحدة رفعوا سعر شحنة كمامات قادمة من الصين إلى باريس، واستولوا عليها قبل نقلها إلى الطائرة، وأُرسلت إلى نيويورك.
واستولت التشيك أيضاً على شحنة أقنعة قادمة من الصين إلى إيطاليا المنكوبة جراء الفيروس، واستحوذت فرنسا على شحنة كمامات أرسلتها السويد إلى إسبانيا.
وحذّر الأستاذ في قسم الحكومة في جامعة جورجتاون أبراهام نيومان من خطر "حدوث عدم ثقة وأنانية بين الدول" جراء هذه السلوكيات.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن أن الصين التي تمكنت من إنتاج أكثر من 100 مليون كمّامة خلال الأزمة لا تزال تعوّق إرسال شحنات الأقنعة إلى الخارج على الرغم من تراجع معدل الإصابة لديها.
ونقلت الصحيفة أن حكومة الصين لا تزال تطلب من المصانع أن تورد إلى مخازنها المعدات الطبية التي تنتجها، وإحداها الكمّامات.
وقالت شركة "Medicom" الكندية التي تصنع ثلاثة ملايين كمّامة يومياً في مصنعها في شنغهاي: "ما زال تصدير الأقنعة غير مصرح به، لكننا نتابع الوضع كل يوم".
وقال محللون غربيون إن الصين تبحث عن نفوذ سياسي في هذه الأزمة، إذ تريد أن تعلن من خلال كبار دبلوماسييها منح بعض هذه الشحنات كتبرعات.
واعتبرت "نيويورك تايمز" أن الأسوأ هو قيام شركات صينية بتغيير نشاطها إلى صناعة المعدات الطبية، ومنها أجهزة التنفس والأقنعة لتحقيق أرباح مالية، فيما هناك اتهامات أن المنتجات التي تصدّرها هذه الشركات إلى الدول الموبوءة غير فعالة لافتقارها للجودة المطلوبة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع