شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"تجّار الأزمة"... شحّ المستلزمات الطبية ومضاعفة أسعارها يثيران المخاوف في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 31 مارس 202007:08 م

منذ الإعلان الأول عن ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا وتداول النصائح الوقائية المشددة على أهمية المداومة على النظافة الشخصية، بدأ تناقص المستلزمات الطبية إثر الإقبال الهستيري على شرائها وتخزينها، تزامناً مع ارتفاع أسعارها.

حدث ذلك في مختلف المدن العربية والعالمية، ولم تكن العاصمة المصرية بمنأى عن ذلك.

زيادات مضاعفة لسلع شحيحة

في هذا السياق، يقول الصيدلاني المصري عمرو فتحي لرصيف22: "الأسعار ترتفع على نحو يمكن توقعه، إذ يشبه الحال في مصر الحال في خارجها، إذ بدأ ارتفاع أسعار الكمامات ثم المطهرات والكحول الإيثيلي والقفازات الطبية".

ويتوقع فتحي أن ترتفع أسعار الترمومترات وقياسات الحرارة بعد الزيادة المضاعفة للمنتجات المذكورة آنفاً منذ بداية آذار/مارس.

وتابع: "برغم أن مصر تحتفظ بخطوط إنتاج مستقرة من مصانع السكر، حيث ينتج الكحول الإيثيلي المستخدم في التعقيم، ارتفع سعر العبوة بتركيز 70%، سعة 125 مل، من 15 جنيهاً في نهاية شباط/فبراير إلى 30 في منتصف آذار/مارس"، أي من أقل من دولار أمريكي إلى نحو دولارين.

وصرح طبيب صيدلاني فضل عدم ذكر اسمه لرصيف22 بأن "السلطات اقتحمت عدداً من مخازن المستلزمات الطبية في القاهرة وأخذت مخزونها من الكحول والكمامات التي كانت تخزنها لطرحها في السوق بعد اشتداد الأزمة وارتفاع أسعارها".

وأضاف أن "مصانع وشركات تابعة للجيش المصري تعمل حالياً على إنتاج كميات هائلة من الكمامات ومستحضرات التعقيم لطرحها في منافذها".

وهذا ما حدث فعلاً قبل أيام حين أعلنت وزارة الإنتاج الحربي طرح كميات ضخمة من المستلزمات الطبية، منها 25 طناً من الكحول الإيثيلي و40  ألف ماسك طبي بأسعار مخفضة.

لكن حتى هذه الكميات نفدت بسرعة، وبخاصة مستحضرات التعقيم كالكحول الإيثيلي ومواد التنظيف.

شراء هستيري

وعبّر لرصيف22 طبيب شاب آخر يعمل في أحد المستشفيات الحكومية في شمال مصر عن قلقه من "نقص المستلزمات الطبية الوقائية داخل المستشفيات".

وقال طبيب في قسم الطوارئ: "نتعامل يومياً في بيئة معرضة لنقل العدوى، بين مصابين محتملين، أو مرضى يعتقدون أنهم مصابون، أو مخالطين من المحتمل أن يكونوا مصابين".

"كمامتان يومياً لكل طبيب يتسلّمهما بنفسه"... الحكومة المصرية تُطَمئِن إلى وفرة مستلزمات الوقاية، وأطباء يشكون ندرتها. أين الحقيقة؟

أوضح الطبيب الذي رفض ذكر اسمه: "ليس لدينا ما يكفي من معدات الوقاية، من أقنعة أو قفازات أو محاليل تعقيم، وننتظر توفير هذه المستلزمات، لكن لا مفر من مواصلة العمل في هذه الظروف".

وأردف: "لا يمكننا حتى إيجاد هذه المستلزمات في الصيدليات أو في مخازن الأدوية. نقُصت بشكل واضح من السوق. حتى بعدما ضخت الشركات التابعة للإنتاج الحربي كميات كبيرة منها".

ولفت إلى أنه لا يلقي اللوم كاملاً على الجهات الرسمية في التسبب بهذه الأزمة، وألمح إلى عدم وعي المواطنين الذين سارعوا إلى شراء كميات كبيرة من هذه المستلزمات اعتقاداً منهم أنها سوف تقيهم الإصابة بالفيروس.

علماً أن إساءة استخدام الكمامة والقفازات مثلاً قد تعزز فرص الإصابة بكورونا. 

كمامتان للطبيب يومياً

في سياق متصل أكد مصطفى زايد، وهو طبيب جراحة الأورام، لرصيف22 أن "معدات الوقاية مثل سوائل التعقيم الجراحي لم تتأثر بالأزمة التي شملت مستلزمات أخرى مثل الكمامات الجراحية والقفازات".

وبيّن أن هناك إجراءات معيّنة تحتم عليه مثلاً أن يوقع شخصياً لدى تسلمه كمامتين مخصصتين له في اليوم.

ورأى زايد أن هذه الإجراءات الترشيدية توحي أن هناك أزمة حادة في توفير المستلزمات الوقائية الضرورية للرعاية الصحية. وأضاف أنه لم يسمع بتوفير مصانع الجيش هذه المستلزمات للمستشفيات التي يعمل فيها.

وأشار إلى أن الدولة ربما وفرتها لتغطية حاجات مستشفيات العزل والحجر الصحي.

عن الحال نفسها، عبّر أحد أطباء العظام عبر فيسبوك إذ كتب عن موقف تعرض له خلال دوامه في المستشفى التي يعمل فيها: "لكل طبيب كمامتان في اليوم، وهو يحتاج للتواصل مع مسؤول إداري ليتسلمهما منه. عدا أن هناك نقصاً في القفازات الطبية"، لافتاً إلى أن هذا ما دفعه للامتناع عن فحص المرضى.

الوقاية رفاهية للفقراء

وبرغم إعلان وزارة الإنتاج الحربي طرح منتجاتها من المستلزمات الطبية، استمرت الأزمة في الأسواق. وهذا ما لم تسلم الأسواق الافتراضية منه، إذ طرح موقع "سوق.كوم" -الخاص بالبيع والشراء- عدة منتجات للوقاية الطبية بأسعار ترتفع نحو 20 ضعفاً عن أسعارها قبيل الأزمة.

فراوح سعر علبة أقنعة الوجه الطبية بين 20 و30 جنيهاً (بين دولار ونصف الدولار أو دولارين أمريكيين) في الصيدليات ومحالّ البيع بالتجزئة، فيما عرضها أحد موفري المنتجات الطبية بحوالى 550 جنيهاً نحو 38 دولاراً).

خلال أسبوعين فقط تضاعفت أسعار بعض مستلزمات الوقاية الطبية مثل الكمامات والقفازات برغم وجود خطوط إنتاج مستقرة لها. فهل تستطيع الحكومة المصرية تلبية حاجات مستشفياتها وتأمين فرقها الطبية؟

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 32.5%‏، إذ تحدد خط الفقر في مستوى 8827 جنيهاً سنوياً، أي ما يعادل 735 جنيهاً شهرياً (نحو 47 دولاراً)، وهو في الوقت نفسه يوازي 1.2 من سعر علبة الكمامات الطبية في السوق الافتراضية.

يدل هذا على أن أكثر من 30% من المصريين غير قادرين على توفير معدات الوقاية اللازمة حتى في حال امتناعهم عن توفير قوت يومهم وسداد الفواتير الشهرية، وبخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني ذيولها العاملون بأجر يومي.

تعزيز الشكوك في الحكومة

وتتناقض الأحوال التي يتذمر منها الأطباء مع التصريحات الرسمية التي أعلن خلالها إنتاج وزارة الإنتاج الحربي 100 ألف كمامة يومياً وتوفيرها بسعر التكلفة.

تعزز هذا التناقض مخاوفُ المصريين وقلة ثقتهم بقدرة حكومتهم على مواجهة الفيروس، وكذلك بصحة الأرقام المعلنة لعدد الإصابات والوفيات يومياً.

وأثارت وفاة أستاذ الباثولوجي والتحاليل الطبية أحمد اللواح الشكوك في إجراءات الوقاية التي تتبعها وزارة الصحة.

علماً أن اللواح كان قد اتخذ إجراءات العزل الصحي اللازمة بعد التحقق من إصابته بالفيروس. وتوجه إلى أحد مستشفيات العزل في مدينة الإسماعيلية (شرق مصر)، قبل أن تتدهور حالته سريعاً ويلفظ أنفاسه الأخيرة.

ولم يتضمن التقرير اليومي الذي تعلنه وزارة الصحة كل مساء عن تطورات تفشي الفيروس في البلاد، أي إشارة إلى وفاة اللواح. وهذا ما أثار موجة تساؤلات بشأن مدى دقة تصريحات الوزارة وشفافيتها.

ورد المتحدث باسم وزارة الصحة خالد مجاهد بتصريح متناقض قال فيه إن "الوزارة تتبع مبدأ الشفافية المطلقة لدى إعلان عدد الوفيات والإصابات المسجلة بفيروس كورونا المستجد".

وفي المداخلة الهاتفية نفسها على فضائية TEN، أضاف مجاهد: "هناك نظام لإحصاء عدد حالات الإصابة والوفاة، وفق مواعيد وآليات معينة للحصر والتسجيل تخص وزارة الصحة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image