شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
إلى نقيب المحامين المصريين الجديد: هناك محامون خلف القضبان

إلى نقيب المحامين المصريين الجديد: هناك محامون خلف القضبان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 20 مارس 202004:26 م

انتهت انتخابات نقابة المحامين المصرية، التي تعد واحدة من أعرق النقابات المهنية والتي تم تأسيسها عام 1912، ما يجعلها من أقدم النقابات على مستوى العالم العربي، وأسفرت النتائج عن انتخاب الأستاذ رجائي عطية، نقيباً لمحامي مصر.

وفي حقيقة الأمر، فإنني أختلف تماماً مع الأستاذ رجائي، ليس من جانب التميز المهني أو النقابي؛ لأنه يعتبر واحداً من أهم القامات القانونية في الوطن العربي، ولكني اختلافي معه مبني على قوله، عندما خرج إلينا يوم 20 فبراير الماضي في أحد جولاته الانتخابية: "أقسم بالله العظيم تيران وصنافير سعودية"، ومن قبلها في 16 حزيران/ يونيو عام 2017، في مقالة له، حدد فيها 30 سبباً من وجهة نظره، تفيد أن تيران وصنافير سعودية، برغم حكم محكمة القضاء الإداري ومن بعدها المحكمة الإدارية العليا، ببطلان اتفاقية تقضي بتبعية الجزيرتين للسعودية.

ورغم أننا كنا، نحن المحامين الشباب، دائماً ما نسمع من فقهاء المهنة بأن "الحكم عنوان الحقيقة"، ولكنه تجاهل كل هذا تماماً، ولو قال أحد غيره ما قاله عن حكم قضائي آخر، لربما كان مكانه السجن بتهم عدة، منها نشر أخبار كاذبة وقائمة تهم لا حصر لها، ولكن الكلام كان على هوى من يحكمون مصر، فمر الأمر مرور الكرام، وكلنا نعلم ما حدث أخيراً في قضية جزيرتي تيران وصنافير.

واليوم قال المحامون كلمتهم، وانتخبوا "رجائي" نقيباً للمحامين، في انتخابات كل ما قيل عنها إنها انتخابات نزيهة عبّرت عن إرادة المحامين، وفي اعتقادي أن كثيراً من المحامين يعتبرون انتخابه تغييراً في مسار نقابة المحامين منذ 20 عاماً تحت ولاية النقيب السابق، سامح عاشور، الذي تراجعت فيهم مكانه المحاماة والمحامين كثيراً.

في الأيام القليلة المقبلة، ستبدأ ولاية النقيب الجديد رجائي عطية، وأذكّره من الآن بجزء من تصريحاته حول المحاماة والمحامين، إذ قال: "سنعيد نقابة المحامين إلى عهدها الشامخ، ترشّحت لمنصب نقيب المحامين لاسترداد الكرامة"، والحقيقة أن تصريحات النقيب الحالي هي بالأساس ما ينص عليه الدستور والقانون المصري، الذي أعطى المحامين الكثير من الضمانات والحصانات، حيث نصّت المادة 198 من الدستور المصري على أن "المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلاً، ويتمتع المحامون، وفي ذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام، وقطاع الأعمال العام، فضلاً عما قرره القانون لهم من ضمانات أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم، مع سريان ذلك أمام جهات التحقيق والاستدلال بكافة الضمانات والحماية القانونية"، وكذلك قانون المحاماة الذي ينص على أنه "في غير حالات التلبس، لا يجوز لمأمور الضبط القضائي احتجاز أو القبض على المحامي الموجه له الاتهام بارتكاب جناية أو جنحة أثناء مباشرته حق الدفاع، ويتعيّن عرض الأمر فوراً على المحامي العام الأول لنيابة الاستئناف المختصة، ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع وذلك على النحو الذى ينظمه القانون".

 الحصانات الواردة في الدستور والقانون المصري الخاصة بالمحامين، أصبحت ليس أكثر من حبر على ورق، فالمحاماة والمحامون في أسوأ الحالات، وفي هذا المقال معلومات عن محامين زملاء لم يتمكنوا في التصويت في انتخابات النقابة، لأنهم خلف القضبان

وفي حقيقة الأمر، بالحصانات الواردة في الدستور والقانون المصري الخاصة بالمحامين، أصبحت ليس أكثر من حبر على ورق، فالمحاماة والمحامون في أسوأ الحالات، وفي السطور الآتية معلومات عن محامين زملاء لم يتمكنوا في التصويت في انتخابات النقابة، ووجب الآن وضع قضيتهم أمام النقيب حتى يكون على علم -إن كان لا يعلم- حتى نرى كيف سيتعامل مع ذلك الملف:

هدى عبد المنعم، وهي محامية بالنقض، وكانت عضوة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان سابقاً، قُبض عليها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 من منزلها، وظلت مختفية قسرياً لأكثر من 20 يوماً، ثم ظهرت في نيابة أمن الدولة، ومنذ ذلك التاريخ وهي محبوسة وممنوع عنها الزيارة، بالمخالفة لأبسط مبادئ الإنسانية، وحالتها الصحية تتدهور يوماً بعد يوماً.

محمد الباقر، محام حقوقي، قبض عليه أثناء حضوره أمام نيابة أمن الدولة العليا، للدفاع عن الناشط والمدون علاء عبد الفتاح، يوم 29 أيلول/ سبتمبر 2019، وتم ضمه على نفس القضية رقم 1356 حصر أمن دولة عليا لسنة 2019، والمتهم فيها موكله الذي كان حاضراً للدفاع عنه، بما يتنافى مع أبسط قواعد كفالة حق الدفاع، وكذلك الحصانات التي أعطيت للمحامين في القانون والدستور.

ماهينور المصري، محامية ومدافعة عن حقوق الإنسان، حاصلة على جائزة لودوفيك تراريو عام 2014، تم القبض عليها بعدما حضرت تحقيقات في نيابة أمن الدولة العليا، أثناء خروجها من مقر عملها في أيلول/ سبتمبر 2019، ومنذ ذلك التاريخ وهي محبوسة احتياطياً.

زياد العليمي، محام ونائب سابق بمجلس النواب، تم القبض عليه من منطقة المعادي في حزيران/ يونيو 2019، وتم عرضه على نيابة أمن الدولة وحبسه لمدة 15 يوماً. يعاني زياد من ارتشاح أصاب الغلاف التاموري المبطّن للقلب، وتم توقيع الكشف الطبي عليه داخل محبسه، ولكن رفضت السلطات الأمنية اطلاع أسرته على تقاريره الصحية، ومنذ أسابيع قليلة فوجئ محامي زياد بعرضه على محكمة جنح المقطم، بتهمة تتعلق بتصريحات سابقة له مع قناة "بي بي سي عربية"، وتم إصدار حكم بحبسه لمدة عام، ليصبح زياد الآن محبوساً احتياطياً على ذمة القضية المعروفة إعلامياً باسم "قضية الأمل"، ومحكوم عليه بحكم لمدة عام وينتظر جلسة الاستئناف عليه.

لا يجب أن يكون المحامي متهماً، وداخل قفص الاتهام بمثل هذه التهم، فالمحاماة يجب أن تكون شريكاً حقيقياً للسلطة القضائية، وتدخل النصوص القانونية حيز التنفيذ، وإلا فهي فقط حبر على ورق

عزيزي النقيب الجديد، من ضمن تصريحاتك أثناء جولاتك الانتخابية قلت: "أتمنى أن أزور كل محام في مصر بمكتبه"، هؤلاء 4 من المحامين يدافعون عن حقوق المواطنين، ويعملون داخل إطار القانون، لن تستطيع زيارتهم في مكاتبهم، فالآن عليك أن تزورهم في مقار احتجازهم، وتتقدم بطلبات للجهات المختصة ليتم إخلاء سبيلهم، لأن جميعهم محبوسون احتياطياً، وجميعهم لديهم محل إقامة ثابت ومعلوم، ولا يخشى هربهم.

وهؤلاء المحامون هم جزء صغير من قائمة أعتقد أنها قد تصل لأكثر من 50 محامياً على الأقل، منهم على سبيل المثال وليس الحصر، المحامي عزت غنيم، المحامي محمد أبو هريرة، المحامي محمد حمدون، المحامي عمرو إمام، المحامي محمد حمدي يونس، المحامي هيثم محمدين ، المحامي عزوز محجوب... وجميعهم محبوسون لا لشيء سوى إيمانهم بحقوق المواطنين، وبكفالة حق الدفاع والعمل السلمي، وجمعيهم أعضاء في نقابة المحامين التي تسمى نقابة الحريات.

منذ أيام كان لدينا مجموعة من التصريحات، واليوم ننتظر أفعالاً على أرض الواقع، فما أسهل الكلام وما أصعب التنفيذ، كرامة المحامين تبدأ بإطلاق سراح زملائهم المحبوسين على ذمة قضايا واهية، لا تعتمد إلا على تحريات الأمن الوطني، يا سيادة النقيب، وهي كما تعلم لا يمكن أن تعد دليلاً كافياً للإدانة.

لا يجب أن يكون المحامي متهماً، وداخل قفص الاتهام بمثل هذه التهم، فالمحاماة يجب أن تكون شريكاً حقيقياً للسلطة القضائية، وتدخل النصوص القانونية حيز التنفيذ، وإلا فهي فقط حبر على ورق.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image