حسن عبد الرحمن، شاب يمني يعمل في الزراعة منذ طفولته. يبلغ اليوم 19 عاماً، وهو واحد من بين حوالي عشرة آلاف مزارع يمني، تضرروا بشدة من ارتفاع أسعار الديزل بسبب الحرب والأزمات المتكررة في اليمن.
تكبّد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة، وأصاب الجفاف محاصيلهم بعد توقف نظام الري الذي يعتمد على المحروقات. كان عليهم أن يبحثوا عن حلول بديلة، فكانت الطاقة الشمسية هي المنقذ.
بحسب إحصائيات وزارة الزراعة والري اليمنية لعام 2013، يشكل قطاع الزراعة اليمني ما يصل إلى 14.5% من إجمالي الناتج المحلي الوطني، ويستوعب 54% من القوة العاملة في البلاد.
والمعروف أن الأرض المزروعة في اليمن تتغذى بالمياه من ثلاثة مصادر رئيسية هي: الأمطار، والسدود، والمياه الجوفية، غير أن الأخيرة تبقى المصدر الأكثر ارتباطاً بالطاقة لرفع المياه من الآبار العميقة وضخها.
وهنا يجد المزارعون صعوبة في ري محاصيلهم بمجرد أي نقص في كميات الديزل المعروضة في السوق، وأحياناً انعدامه تماماً بفعل تزايد أسعاره، خصوصاً في السنوات الأخيرة.
وتشير التقديرات إلى أن احتياج المزارع من الديزل، في الساعة الواحدة، يصل إلى حوالي 40 لتراً، بينما يبلغ سعر الـ20 لتراً من الديزل أكثر من ثمانية آلاف ريال، أي ما يقارب الـ14 دولاراً، وهو يعتبر أضعاف سعره قبل الحرب.
الطاقة الشمسية في ضواحي صنعاء
"استطاعت الطاقة الشمسية أن تغنينا عن الديزل نهائياً"، يقول حسن شارحاً تفاصيل مشروع الطاقة الشمسية الذي قام به مع مجموعة من المزارعين في منطقته الكائنة في ضواحي صنعاء.
يتابع حديثه قائلاً: "كنا نعاني دائماً من ارتفاع أسعار الديزل المستخدم في تشغيل المعدات والآلات والمولدات الزراعية، لكن بناء منظومة شمسية للري فتح لنا نافذة أمل كبيرة بعدما يبست محاصيلنا واضطررنا لزراعة القات، كونها شجرة تتحمل العطش أكثر من أشجار المحاصيل الزراعية الأخرى".
تكبّد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة، وأصاب الجفاف محاصيلهم بعد توقف نظام الري الذي يعتمد على المحروقات. كان عليهم أن يبحثوا عن حلول بديلة، فكانت الطاقة الشمسية هي المنقذ... قصة حسن عبد الرحمن ومزارعين آخرين مع الطاقة البديلة
قبل اندلاع الحرب عام 2015، لم يكن نظام الطاقة الشمسية معروفاً في اليمن. وبالرغم من أن المزارعين لا يستخدمون الطاقة الشمسية حالياً إلا عند الضرورة، لكن هذا التحول من شأنه أن يعزز من دور اليمن في الحد من مشكلة التلوث التي تعتبر مولدات الطاقة الكهربائية العاملة بالمشتقات النفطية والوقود الأحفوري من أهم مسبباتها.
يوضح حسن أن المشروع يهدف إلى ضخ مياه الري بنظام الطاقة الشمسية، ويستفيد منه أكثر من 50 مزارع في وادي عشر الكائن في قرية القابل، وقد بلغت أنظمة الري الموجودة في المنطقة أكثر من ستة، كل واحد منها يكفي لري أكثر من خمسين مزرعة.
تكلفة باهظة ولكن
بلغت تكلفة المشروع نحو 25 مليون ريال يمني (نحو 50 ألف دولار أميركي)، لكن حسن يبرّر ذلك بالقول: "صحيح أن تكاليف التجهيز لنظام الري بالطاقة الشمسية مرتفعة جداً، لكنها تُدفع لمرة واحدة، ولا تحتاج بعد ذلك إلى صيانة باستمرار، كما هو الحال مع الري بالديزل".
ويردف: "كلفة الطاقة الشمسية الأولية مرتفعة، لكنها لا تكلف نفقات كل شهر مثل نظام الري المعتمد على الديزل، يعني بعد عشر سنوات يكون المزارعون قد دفعوا تكلفة مالية لأكثر من 6 مرات من تكلفة استخدام الطاقة الشمسية في الديزل".
ويتكون مشروع حسن ورفاقه المزاعين من 205 ألواح شمسية، قوة اللوح الواحد 120 فولتاً، ومجموع الطاقة التي تنتجها تكفي لري الوادي بأكمله الذي يضم أكثر من 50 أرضاً زراعية، ومتوسط عدد ساعات الري 8 ساعات، بمعدل 20 متر مكعب من المياه لكل "لبنة".
هكذا، لبّى مشروع الري بالطاقة الشمسية كافة احتياجات المزارعين في منطقة حسن، وبدأوا بزراعة أصناف مختلفة من الخضروات والفواكه، من دون أن تكون أسعار الديزل ومدى توفره هاجساً لهم.
الزراعة في أساطير اليمن
كانت الزراعة هي الأساس في الحياة الاقتصادية في الممالك والدويلات اليمنية القديمة.
وقد عُرف اليمن بإنتاج أجود أنواع البرتقال، خصوصاً في محافظتي مأرب وصعدة. واشتهر أيضاً بزراعة فاكهة القشطة الشهيرة (الخرمش)، في العديد من المناطق، منها: ريمة، وجبال وصاب في ذمار، وفي منطقة وادي أسلم والمحابشة في محافظة حجة، وأجزاء من إب وتعز، ومناطق المنحدرات الغربية في اليمن.
"كنا نعاني دائماً من ارتفاع أسعار الديزل المستخدم في تشغيل المعدات والآلات والمولدات الزراعية، لكن بناء منظومة شمسية للري فتح لنا نافذة أمل كبيرة بعدما يبست محاصيلنا"... كيف استفاد مزارعون يمنيون من الطاقة الشمسية في اليمن؟
وإلى جانب زراعة النخيل في سهل تهامة، اكتسب العنب اليمني شهرة عالمية لجودته وتميز مذاقه وتعدد أصنافه.
وتشير الأساطير والآثار اليمنية القديمة إلى وجود آلهة للخمر، كان جسدها يغطى بأوراق وعناقيد العنب. وهناك الرمان اليمني الذي يعد من أجود وأفضل أنواع الرمان.
وتقول تقارير إن غلاء أو انعدام مادة الديزل المستخدمة لري الأشجار من آبار المياه تسببت في جفاف وموت قرابة مليون شجرة من أشجار النخيل المثمرة في عدد من مناطق الدريهمي في محافظة الحديدة.
ونظراً لما آلت إليه أحوال هذا القطاع المهم في البلاد، بدت الطاقة الشمسية منقذاً لكثيرين.
وكشفت دراسة أعدها أستاذ هندسة القوى الكهربائية في جامعة صنعاء عمر السقاف، صدرت عام 2018 عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (SEMC)، أن القدرة الإجمالية لمنظومات الطاقة الشمسية التي تم تركيبها في مدن اليمن وريفه بين عامي 2015 و2017 تصل إلى حوالي 300 ميغاواط.
ولم يقتصر الأمر على قطاع الزراعة، فقد احتلت ألواح الطاقة الشمسية حيزاً مهماً من سطوح منازل عديدة في العاصمة اليمنية صنعاء ومدن وأخرى اليمن، منذ انقطاع الكهرباء المركزية نهائياً منتصف عام 2015.
*تم إنجاز هذه المادة في إطار برنامج التدريب الذي ينظمه مكتب العلاقات الخارجية في "الجامعة الأمريكية في بيروت" بالتعاون مع "مؤسسة دعم الإعلام الدولي". اضغط هنا للمزيد من المعلومات حول البرنامج.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع