حالة من الصدمة والغضب الشديدين عمت مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية والعالم العربي عقب تداول صورتين لعامل آسيوي في شركة أرامكو السعودية وهو يرتدي عبوة تعقيم. هذا الفعل الذي عده الكثيرون "تنمراً وعنصرية مقيتة وإذلالاً".
كل ما فعلته الشركة السعودية عقب الانتقادات الواسعة لها واتهامها بـ"العنصرية والتحقير" هو الإعراب عن "استيائها الشديد" والتنصل من المسؤولية عما قامت به برغم أنه تم "من دون أخذ الموافقة من الجهة المعنية بالشركة".
وخلال الساعات الماضية، انتشرت على نطاق واسع صورتان لأحد عمال الشركة، يبدو أنه من جنسية آسيوية، وهو يرتدي آلة تعقيم يمر بها روّاد الشركة وموظفوها لغسل أيديهم.
واعتبر الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذا الفعل "مسيئاً ومهيناً" ولا يخلو من "عنصرية واضحة وتنمر" وكذلك "إذلال" للعامل الآسيوي.
وفي ظل تفشي فيروس كورونا والفزع العالمي منه، ظهرت في عدة بلدان في أنحاء العالم، منها الدول العربية، حالات تنمر وتهجم على الوافدين من جنسيات آسيوية باعتبارهم "سبب انتشار الوباء" الذي تفشى بدايةً في الصين.
ويعد السلوك الذي تعرض له العامل الآسيوي أحدث هذه الحالات المرصودة عبر السوشيال ميديا.
"عنصرية مقرفة وتنمر"... شركة أرامكو السعودية "تبيّن " أهمية النظافة الشخصية بإلباس وافد آسيوي عبوة تعقيم يمر بها رواد الشركة لغسل أيديهم
عنصرية واستعلاء
ووصف معلقون هذا التصريف بـ"الفوقية والاستعلاء" على العمالة الأجنبية في الشركة الخليجية.
ونبه كثيرون إلى "نظرة الأسى والانكسار" في عيني العامل، لافتين إلى أن هذا دليل على إرغامه على هذا الفعل الشائن وعلى تألمه منه.
وقال أحدهم: "تخيلوا الأذى النفسي الذي تسببت به هذه الشركة للعامل البسيط ولعائلته وأطفاله. تخيلوا كمية اللاإنسانية المسلطة عليه. #أرامكو_السعودية يجب أن تعاقب المسؤول عن هذه الصورة المزعجة للملايين".
وقال مصطفى فواز: "صاحب الفكرة لازم يشرب المعقم لربما تنظف نفسيته". لكن نواف رأى أن "صاحب الفكرة يحتاج معقماً لعقله لا ليديه".
وذكّر آخرون بمقولة غازي القصيبي: "التخصص الوحيد الذي قد لا يدرس في الجامعات هو ‘الأخلاق‘. فقد يحمله عامل نظافة ويفتقده دكتور!"، معتبرين ما حدث استغلالاً لحاجة العامل.
في المقابل، دافعت قلة من السعوديين عن إدارة الشركة، مرجحين أن يكون هذا التصرف "حركة ارتجالية وتصرفاً فردياً".
بعد الانتقادات التي تعرضت لها، شركة أرامكو السعودية تعرب عن "استيائها الشديد" من دون اعتذار صريح للعامل أو لمن آلمتهم الصور. كما أنها في الوقت نفسه وصفت هذا السلوك بأنه "أريد به التأكيد على أهمية التعقيم"
"اعتذار"… مقبول؟
تفاعلاً مع الانتقادات الواسعة والاتهامات بالعنصرية والإساءة، قالت الشركة السعودية في بيان: "إشارةً إلى الصور المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأحد الزملاء مرتدياً ما يشبه عبوة للتعقيم في أحد مرافقها، تود أرامكو السعودية أن تعرب عن استيائها الشديد من هذا التصرف المسيء".
لكنها لم تعتذر صراحة، لم تقدم اعتذاراً للعامل في بيانها.
وبررت الشركة هذا التصرف بالزعم أنه "أريد به التأكيد على أهمية التعقيم"، وتنصلت من مسؤوليتها عنه، مضيفةً أنه تم "من دون أخذ موافقة من الجهة المعنية في الشركة".
وتابعت: "قامت الشركة على الفور بإيقاف هذا الفعل واتخاذ إجراءات صارمة تحول دون تكراره. وتؤكّد الشركة حرصها على قيمها المبنية على الاحترام والتمسك بأخلاقيات السلوك والتعامل".
ورفض مئات المعلقين "اعتذار" الشركة المبطن، معتبرين أنه "لا يقدم ولا يؤخر. فقد نقل ذلك التصرف صورة سيئة عن البلد".
غير أن بعضاً آخر رأى في "سرعة التفاعل وإنكار التصرف واستخدام صيغة ‘أحد الزملاء‘ وليس أحد العمال" سبباً كافياً لقبول الاعتذار عقب "الاعتذار من الموظف المساء إليه ومكافأته أو تعويضه" عن الإهانة التي تعرض لها.
واقترح العشرات أن تكون "المكافاة أو التعويض من راتب صاحب الفكرة المسيئة حتى يفكر مراراً قبل أن يستغل الأشخاص لعمل ‘شو‘ (استعراض)".
يشار إلى أن "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، كان قد اعتبر في تقرير يحمل عنوان "العمالة في السعودية بين مطرقة الانتهاكات وسندان الحاجة"، والمنشور في آب/أغسطس عام 2019، أن "تدهور الحالة الإنسانية والحقوقية لأولئك العمال (الأجانب) مستمرة، إذ يتعرضون للكثير من الانتهاكات والتجاوزات من قبل السلطات وأرباب العمل، في ظل عدم وجود نظام قانوني معمول به في المملكة".
وأبرز المرصد الحقوقي أن هذه العمالة تمثل "أكثر من ثلث عدد سكان البلد الخليجي البالغ 33 مليوناً، وتشكِّل ما يفوق 80% من عمالة القطاع الخاص به"، وأن غالبيتهم من "الفيليبين وباكستان والهند وسريلانكا وإثيوبيا".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 19 ساعةتحليل رائع. لم يخطر ببال هذا التأثير المحتمل لمسلسلات الطفولة.
لطيفه محمد حسيب القاضي -
منذ يومقصة جميلة
لطيفه محمد حسيب القاضي -
منذ يومقصة جميلة
Mohammed Liswi -
منذ 3 أياممقال أكثر من رائع. قمة الإبداع والرقي. شكرا.
Salim Abdali -
منذ 4 أياماتابع يومياتك الأليمة، وشكرا يا شاعر لنقلك هذه الصور التي رغم الالام التي تحملها، الا انها شهادات تفضح غياب الضمير الانساني!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامماذا لو أن النبي بداية منذ أواخر سنواته الشريفات وحتى اليوم كان محروماً من حقوقه في أمته مثلما أن المرأة قد حرمت حقوقها وأكثر؟ وأنه قد تم إيداعه "معنوياً" في غرفة مقفلة وأن كل من تصدر باسمه نشر فكره الخاص باسمه بداية من أول يوم مات فيه النبي محمد؟ إن سبب عدم وجود أجوبة هو انحصار الرؤية في تاريخ ومذهب أو بالأحرى "تدين" واحد. توسيع الرؤيا يقع بالعين على مظلومية محمد النبي والانسان الحقيقي ومشروعه الانساني. وجعل القرءان الدستور الذي يرد اليه كل شيء والاطلاع إلى سيرة أهل البيت بدون المزايدات ولا التنقصات والتحيزات يرتفع بالانسان من ضحالة القوقعة المذهبية إلى جعل الإنسان يضع الكون كاملاً والخليقة أمام عينيه ولا يجعله يعشق التحكم في الآخر.
إن وصف القرءان للنساء بأنهم نساء منذ طفولتهن بعكس الرجال الذين هم بنين ثم يصيرون رجالاً هو وصف بأن المرأة منذ الصغر تولد أقرب بكثير للتقوى الذي هو النضج وكف العدوان بينما للرجل رحلة طويلة في سبيل التقوى التي هي كف العدوان وليس فقط تدوير المسبحات في الأيدي.
مشروع محمد لم يكتمل لأن "رفاقه" نظروا له على أنه ملك ويجب وراثته والتعامل مع تراثه كملك. أما الذين فهموا مشروعه وكانوا أبواب المشروع الانساني فقد تم قتلهم وتشريدهم وفي أحسن الاحوال عزلهم السياسي والثقافي حتى قال الإمام علي أنه يرى تراثه نهباً أي منهوب.