نجا رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك من محاولة اغتيال، صباح 9 آذار/مارس، إثر انفجار سيارة تسير قرب موكبه قبالة جسر القوات المسلحة في شارع النيل بالعاصمة الخرطوم، وهو في الطريق إلى مكتبه في مقر مجلس الوزراء.
هذا الحادث أثار مخاوف سودانيين من حدوث استقطاب قد يؤدي إلى عدم استقرار الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد.
وذكر موقع "سودان تربيون" المحلي أن حمدوك انتقل إلى مقر مجلس الوزراء رأساً بعد الحادث لحضور اجتماع طارئ.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم قوات الشرطة، عمر عبد الماجد، أن "التفجير الإرهابي الذي تعرض له رئيس الوزراء أسفل جسر القوات المسلحة بمنطقة كوبر أسفر عن إصابة شرطي مرور على دراجة نارية كان يتقدم الموكب، وخسائر في بعض المركبات، منها سيارتان تابعتان لموكب حمدوك".
وغرّد حمدوك مطمئناً الجميع على سلامته بعد الحادث: "أطمئن الشعب السوداني أنني بخير وصحة تامة" مردفاً "ما حدث لن يوقف مسيرة التغيير ولن يكون إلا دفقة إضافية في موج الثورة العاتي، فهذه الثورة محمية بسلميتها وكان مهرها دماء غالية بذلت من أجل غدٍ أفضل وسلام مستدام".
ردة الفعل الأولية والعفوية لجماهير الشعب السوداني في مكان #محاوله_اغتيال_حمدوك pic.twitter.com/jvOhpmqNfe
— Dr. Asaad Ali (@asaadali17) March 9, 2020
بعد ذلك، صرح وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، فيصل صالح، في مؤتمر صحافي: "سيتم التعامل بالحسم اللازم مع كل المحاولات الإرهابية والتخريبية، والمضي قدماً في تنفيذ مهمات الثورة وتفكيك ركائز النظام القديم"، مبرزاً أن التحقيقات جارية لتحديد المسؤول عن الهجوم.
بيان من الناطق الرسمي للحكومة الإنتقالية عقب محاولة الإغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء د. عبد الله #حمدوك @MOCI_SD #حمدوك_بخير#محاوله_اغتيال_حمدوك pic.twitter.com/j1hq2CQlqp
— هاشتاق السودان ?? (@hash_sudan) March 9, 2020
وتحدث ناشطون وإعلاميون محليون عن اعتقال عدد من المشتبه بهم، أحدهم "أجنبي كان يتجول قرب مكان الحادث".
وكان حمدوك قد تولى رئاسة الوزراء في آب/أغسطس الماضي عقب توقيع اتفاق تقاسم سلطة بين العسكريين والمدنيين بعدما أطاح الجيش السوداني الرئيس السابق عمر البشير استجابةً لثورة شعبية.
"أول مرة تحصل في السودان"... صدمة عقب محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الحكومة السودانية. اتهامات لـ"الكيزان" بتنفيذها من أجل "الانقضاض على الثورة وإجهاضها"
وحمدوك هو خبير اقتصادي عمل في اللجنة الاقتصادية الاجتماعية الإفريقية للأمم المتحدة ومقرها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وبرغم اتفاق تقاسم السلطة، تشهد البلاد حالة من التوتر على خلفية عدة ملفات، منها عدم تلبية بضعة مطالب اجتماعية للثورة وفصل عدد من ضباط الجيش قيل إن السبب الكامن وراءه هو امتناعهم عن تنفيذ أوامر بالاعتداء على المتظاهرين السلميين إبان الاحتجاجات الشعبية ضد البشير.
وزاد التوتر بين قادة الجيش والجماعات المدنية التي تشاركه في الحكم لقاءُ رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً وفتح المجال الجوي السوداني للطيران الإسرائيلي لاحقاً.
"انقضاض على الثورة"
وأدينت المحاولة على نطاق واسع داخل المجتمع السوداني إذ اعتبر تحالف الحرية والتغيير الممثل للثوار في البلاد أن "هذا الهجوم الإرهابي يشكل امتداداً لمحاولات قوى الردة للانقضاض على الثورة السودانية وإجهاضها، وهي محاولات ظلت تتكسر واحدة تلو أخرى على سد قوة شعبنا العظيم الذي لا يقهر. في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ ثورتنا نؤكد أن قوة الشعب وحدها هي التي ستجهض محاولات الانقضاض على الثورة".
ودعا التحالف "جميع جماهير شعبنا في العاصمة إلى الخروج في مواكب والتوجه إلى ساحة الحرية لإظهار تلاحمنا الذي لا تضاهيه قوة. وندعو كل أبناء البلاد وبناتها إلى الخروج في مواكب حماية السلطة الانتقالية وإكمال مهمات الثورة"، قبل أن يختم "ثورتنا ماضية وستنتصر".
ورأى الأمين العالم لحزب المؤتمر السوداني خالد عمر أن "محاولة اغتيال حمدوك حلقة جديدة من حلقات التآمر للانقلاب على الثورة السودانية"، مشيراً إلى أن "وحدة وتماسك القوى الشعبية التي أنجزت الثورة هما حائط الصد لحماية السلطة المدنية"، وأنه "يجب أن لا يثنينا الإرهاب عن ذلك".
"كان في طريقه إلى أول اجتماع لحل الأزمة الاقتصادية"... من دبّر محاولة الاغتيال الفاشلة لحمدوك؟
شكوك وتخوف
لكن في الوقت نفسه، أعرب عدد من السودانيين، منهم الكاتب السوداني ياسر محجوب الحسين، عن قلقهم من استغلال ما حدث لفرض "إجراءات أمنية على حساب الحريات وحقوق الإنسان".
وطالب هؤلاء الحكومة بـ"الكشف عن الجناة بأقصى سرعة وتقديمهم إلى محاكمة علنية وعادلة".
وأبدى آخرون شكوكاً حيال هذا "السلوك غير المعهود حتى في عهد أعتى الدكتاتوريات التى حكمت السودان"، متسائلين: "كيف تم تنفيذ عملية الانفجار في قلب الخرطوم وفي أكثر شوارعها ازدحاماً وفي وضح النهار؟".
واسترجع البعض تصريحاً في هذا السياق للصحافي السوداني والسياسي البارز الحاج وراق قال فيه: "يكاد يكون السودان البلد الوحيد الذي لا تحدث فيه هجمات انتحارية أو تفجيرات بالسيارات المفخخة ليس لأننا مسالمون بالضرورة ولكن لأن مَن يقوم بهذه الأعمال هم الآن في سدة الحكم، دعهم يفقدون السلطة وسترى بأم عينك العجب العجاب".
واتفق السياسي السوداني أسعد علي مع هذا الرأي، وقال عبر تويتر: "قلنا من الأول كيف داير تحمي الديمقراطية والثورة وجهاز أمنك ومخابراتك هو نفس جهاز أمن ومخابرات البشير والكيزان (تسمية تطلق على الإخوان المسلمين في السودان)؟! أنتم تلعبون ولا شنو؟!".
وذهب الظن بالبعض إلى افتراض أن تكون محاولة الاغتيال "مدبرة ومصطنعة" من قبل المخابرات السودانية لـ"زيادة شعبية حمدوك" في ظل حنق شعبي واسع من استمرار تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
غير أن آخرين، منهم الإعلامي أبا الحسن، ردوا على ذلك بأن "شعبية حمدوك لم تتآكل أصلاً لدى الشعب السودانى حتى يلجأ هو أو غيره لمثل هذه المسرحيات"، لافتين إلى أن حمدوك كان في طريقه لحضور "أول اجتماع لمعالجة الأزمة الاقتصادية" حين حصل الهجوم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...