شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"قطرة اللبن"... الحفاظ على التراث اليهودي مهمة ليست سهلة في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 26 فبراير 202012:52 م

يواجه التراث اليهودي في مصر حالة من الإهمال والتردي منذ سنوات طويلة. ورغم المزاعم الرسمية بالاهتمام به خلال العامين الماضيين، إلا أن مناشدات عدة تستمر في مطالبة الحكومة المصرية بضرورة الحفاظ على هذا الإرث كجزء لا يُستهان به من التاريخ المصري.

حالة من المُعافرة تعيشها جمعية "قطرة اللبن" للحفاظ على المتبقي من التراث اليهودي، وهي جمعية كانت قد تأسست على يد الطائفة اليهودية عام 1920، بهدف تقديم المساعدة للأيتام والفقراء من اليهود في المجتمع المصري.

ومع مرور الزمن وخروج اليهود من مصر وانخفاض عدد المتبقي منهم، تقدمت الجمعية بطلب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية لإضافة "الحفاظ على التراث اليهودي" إلى أهدافها.

وفي آذار/ مارس عام 2018، قالت رئيسة الجمعية ماجدة هارون في تصريحات لصحيفة "الوطن" المصرية: "ركزت الجمعية نشاطها حالياً على حفظ التراث اليهودي، وهي تنظم أنشطة لتنظيف المعابد اليهودية وفتحها أمام الزائرين".

تضم "قطرة اللبن" 30 عضواً من مختلف الديانات، ورغم أنها يهودية التأسيس، إلا أن فيها حالياً يهودية واحدة هي هارون التي تترأس الجمعية، وباقي الأعضاء من الديانتين المسيحية والإسلامية، وفقاً لما ذكره نائب رئيسة الجمعية سامي إبراهيم، في حديثه لرصيف22.

ويوضح إبراهيم: "تعمل الجمعية بجهد لحفظ التراث اليهودي في مصر وإدراجه على خريطة الأماكن السياحية بدلاً من إهماله، فالتراث اليهودي جزء لا يتجزأ من التاريخ المصري القديم ولا بد من الحفاظ عليه والعمل على تجديده مثل باقي الآثار المصرية".

رغم المزاعم الحكومية بالاهتمام به خلال العامين الماضيين، يواجه الإرث اليهودي في مصر حالة من الإهمال المزمن... من هي جمعية "قطر اللبن" التي تعمل على حفظ ما تبقى من الإرث اليهودي في مصر؟ ولماذا تثير المساعي لحفظه الجدل؟ 

ويشير إبراهيم إلى أن الجمعية لا تتلقى العون من أحد، فهي قائمة على الجهود الذاتية لأفرادها والمتطوعين فيها، لافتاً إلى ما يواجهونه من عوائق في عملهم بسبب الجدل الذي يتصدر مواقع التواصل الإجتماعي من وقت لآخر، وكان آخر فصوله تبادل الاتهامات بعد الإعلان عن المنحة التي قدمتها السفارة الأمريكية لإحياء "مقابر البساتين" وإنقاذها من الانهيار.

وكانت السفارة الأمريكية قد صرّحت في بيان رسمي: "يسرنا أن نعلن عن مشروع الحفاظ التراثي على مقابر منطقة البساتين التي تضم عدداً من أقدم مقابر اليهود في العالم، بتمويل من صندوق سفراء الولايات المتحدة للحفاظ على التراث"، مشيرة إلى أن "الحفاظ على منطقة البساتين يصب في صالح مفهوم التنوع التاريخي والتعددية الثقافية في مصر".

من جانبه، يوضح نائب رئيسة الجمعية أن "المنحة التي قدمتها السفارة الأمريكية لم تقدمها للجمعية كأموال نقدية وإنما لمركز الأبحاث الأمريكية الذي تعاون مع الجمعية للحفاظ على مقابر البساتين المهملة منذ زمن"، مضيفاً أن المشروع كان على مدى عام كامل وبتمويل محدود لذلك لم يشمل المقابر كلها، و"سوف يتم ترميم حوشين فقط من منطقة البساتين وهما حوش القرائين، وحوش الحاخام حايم كابوسى".

تقديم السفارة الأمريكية منحة لترميم "مقابر البساتين" اليهودية في القاهرة لم يمر بشكل عابر... جمعية "قطرة اللبن" تعمل على حفظ التراث اليهودي في مصر ولا تبدو مهمتها سهلة، فمن هي هذه الجمعية ولماذا أثار ترميم المقبرة اليهودية الجدل؟

وعقب الجدل الذي أُثير حول ترميم "مقابر البساتين" وربط التكاليف بالظروف الإقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر، نفت الحكومة المصرية - عبر المتحدثة باسم وزارة السياحة والآثار نيفين العارف ورئيس حي البساتين محمود ضياء - تحملها لأي تكاليف في عملية الترميم هذه. 

الجدير بالذكر أن "مقابر البساتين" تعود إلى القرن التاسع، وكانت مقسمة إلى مناطق مخصصة للطوائف اليهودية الربانية والقرائية، وتم دفن عدد من الشخصيات اليهودية البارزة فيها مثل الحاخام حاييم كابوسي، وأعضاء أسر يهودية مصرية معروفة من القرنين التاسع عشر والعشرين.

وكان الحاخام كابوسي يحظى بمكانة روحية لدى اليهود، حيث يحرصون على زيارة مقبرته وكنيسه، علماً أن الكنيس في القاهرة مغلق منذ عدة سنوات.

وتعد "مقابر البساتين" ثاني أقدم مقبرة يهودية في العالم، بعد "جبل الزيتون" في القدس، وتعرضت لإهمال كبير عبر العقود الأخيرة، فيما طالبت الطائفة اليهودية بترميمها وحفظها أكثر من مرة.


ويعتقد أفراد "قطرة اللبن" أن ترميم المقابر اليهودية في البساتين سيجعلها نقطة لجذب السياح، ويُساهم في زيادة عدد الأماكن السياحية في مصر،  بالإضافة إلى دوره في الحفاظ على تلك المقابر من السرقة كما حدث لمقابر منطقة حلوان، وفقاً لما أعلنته سابقاً الطائفة اليهودية في مصر.

وعن الخطط المستقبلية للتراث اليهودي، يقول نائب رئيسة الجمعية: "تعمل الجمعية على إعادة فتح المعابد اليهودية وإحيائها من جديد كمراكز ثقافية مفتوحة أمام جميع الزائرين".

يُذكر أن في مصر 12 موقعاً أثرياً يهودياً و11 معبداً، إضافة إلى المقابر، تسعى "قطرة اللبن" إلى إعادة ترميمهم والحفاظ عليهم من الإهمال.

في مصر 12 موقعاً أثرياً يهودياً و11 معبداً، إضافة إلى المقابر، تعمل "قطرة اللبن" على إعادة ترميمهم والحفاظ عليهم من الإهمال.

وكانت الجمعية قد احتفلت في كانون الثاني/ يناير الماضي بإعادة فتح المعبد اليهودي في مدينة الإسكندرية، بعد إغلاقه لسنوات بسبب عمليات ترميم فيه كلّفت نحو 70 مليون جنيه مصري تحملتها الحكومة المصرية بالكامل.

واستغرقت عملية ترميم المعبد اليهودي سنتين ونصف، وذلك ضمن خطة لإعادة تأهيل وترميم الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في شتى أنحاء البلاد، بتكلفة إجمالية تبلغ نحو مليار و270 مليون جنيه مصري.

وكانت لجنة "جرد وحصر وتسجيل الآثار اليهودية" التي شكلتها وزارة الآثار، في نيسان/ أبريل من عام 2018، قد انتهت من تسجيل مجموعة من مقابر اليهود في مناطق الشاطبي والأزاريطة في محافظة الإسكندرية، والبساتين في جنوب القاهرة، والتي تحوي رفات اليهود والحاخامات وبعض القطع الأثرية الأخرى التي تشير إلى الحقبات التاريخية التي عاش خلالها اليهود في مصر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image