شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
لأنها سمراء… لا يحقّ لها أن تقول

لأنها سمراء… لا يحقّ لها أن تقول "أنا بنت مكة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 21 فبراير 202012:38 م

"أنا بنت مكة… أصيلة وعشانها تشجى (تتعب). وقت الشدة؟ ما نتكى (لا تكثر متطلباتنا). شد بي الظهر، تلاقيني ع الدكة. ما رح تلقى كدا جمال وفينا تلقى البنت الغربية… بنت مكة".

هذا هو مطلع أغنية الراب "بنت مكة" التي تعرضت لهجوم واسع في السعودية خلال الساعات الماضية لا لنقد موضوعي يتصل بمحتواها بل بسبب "لون بشرة" مؤديتها والتشكيك في "أصلها".

تعدد الأغنية الخصال الحميدة في بنات مكة كالجمال والعلم والأصل والانفتاح والتحضر، وتظهر المغنية محجبة مع عدد من الأطفال والرجال الذين يرقصون على إيقاع الأغنية.

ويلاحظ أيضاً أن تصوير الأغنية جرى داخل مكان مغلق، مقهى، جميع العاملين فيه نساء. برغم كل هذا انتقدت الأغنية بشدة وتعرضت للهجوم عبر وسم #لستن_بنات_مكة.

في البداية، حاول البعض التذرع بأن الأغنية "مسيئة وتشوه صورة بنات مكة"، وأن ما تضمنته من رقص لا يناسب مكانة المدينة الأقدس لدى المسلمين.

مطالبات بعقوبات وترحيل واستجابة رسمية!

لكن سرعان ما اتضح أن الهجوم مبعثه لون بشرة المغنية وبعض الطفلات اللواتي ظهرن في المقطع، فوصفهن المنتقدون بأوصاف عنصرية مثل "بنات الجاليات والأفارقة" ورجحوا أن تكون هويتهن "نيجيرية أو صومالية أو إثيوبية أو إريترية" مستبعدين أن تكون سعودية بسبب البشرة السمراء. 

وطالبوا بضرورة "ترحيل" المغنية وجميع المشاركين والمشاركات في العمل.

"هذه سمراء، مستحيل تكون سعودية"... هجوم واسع على أغنية راب "بنت مكة" لا لمحتواها الفني بل بسبب لون بشرة مؤدّيتها. السلطات تقرر "توقيف جميع صنّاعها ومعاقبتهم"

وكثيراً ما تحدثت تقارير عن تعرض ذوي البشرة السوداء في السعودية لمعاملة "دونية" بدءاً من الطفولة وأثناء ارتياد المدارس مروراً بحرمانهم من الحصول على مناصب كبيرة، أياً تكن مهاراتهم. 

اللافت أن من أشد المهاجمين للأغنية أشخاص يروجون للانفتاح في البلاد، ومن بينهم رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، فهد العرابي الحارثي، الذي كتب عبر حسابه: "إنتي بنت مكة؟! وأصيلة أيضاً؟! شرّف الله مكة عنك وعن أمثالك! يا جماعة هذا مش انفتاح! هذا سماجة وقلة حياء!".

وغالى معلقون في اعتبار الأغنية محاولة لطمس "الهوية الحجازية"، فأشار الباحث السعودي عبد الله بن زبن الحربي إلى أن "بنت مكة نموذج لطمس #هويه_الحجاز العربية الأصيلة بثقافة وعادات جاليات أفريقية وآسيوية استقرت فيه أخيراً".


واللافت أيضاً أن القلة انتقدت ورود كلمة "الدكة" في الأغنية واعتبرتها "استفزازية". هذه الكلمة تعني باللهجة السعودية المكان المرتفع البارز مثل السور، وترمز عادةً إلى الشخص الطائش المحب للظهور، ويبدو أن المغنية قصدت بهذه الكلمة أن بنت مكة حالياً متحررة لا تخشى الظهور بعد سنوات من التزام المنازل.

وترك آخرون حجاب المغنية وركزوا على رفع كمّي فستانها.

تفاعلاً مع الضجة، أفاد حساب منطقة مكة عبر تويتر، مساء 20 شباط/فبراير، بأن "أمير مكة خالد الفيصل أمر بإيقاف المسؤولين عن إنتاج فيديو أغنية الراب ‘بنت مكه‘ الذي ‘يسيء‘ إلى عادات أهالي مكة ويتنافى مع تقاليد أبنائها الرفيعة"، لافتةً إلى أن التوجيه "تضمن إحالتهم إلى الجهات المختصة للتحقيق معهم وتطبيق العقوبات بحقهم".

في السعودية، "النظام واضح إذا إنتي سوداء لا (نحب) نشوفك وراح نتنمر عليك، بس إذا إنتي بيضاء ومزة (مثيرة) تعالي غني وسوي اللي تبيه!!"

كفى عنصرية

على الجانب الآخر، امتعض عدد من الناشطين السعوديين من "العنصرية" التي تفوح من التعليقات على الأغنية، داعين إلى الرقي في نقد المحتوى وتفادي نقد هيئة المغنية التي خلقها الله عليها.

وتساءلوا: "لماذا لم يظهر أي امتعاض أو اعتراض على أغنية (الرابور السعودي) كلاش ‘حواري جدة‘ برغم تضمنها ألفاظاً غير ملائمة؟".

وذكّروا بأغاني راب أخرى سبق أن جرى تصويرها في شوارع مكة، لا في أماكن مغلقة، من دون أن يتفوه أحد أو تتحرك السلطات ضد منفذيها، ورجحوا أن يكون السبب في ذلك هو أنهم "رجال وليسوا من ذوي البشرة السمراء".

وكتبت إحدى المغردات: "أغنية الراب الوحيدة اللي ما فيها ولا كلمة وحده بذيئة ولا شتيمة واحدة ولا إساءة واحدة ولا مشهد إباحي واحد ولا ممنوعات ولا حشيش ولا دخان وحتى الرابر محجبة تم ‘اعتقال‘ البنت عشان الأغنية ما ناسبت السعودية الجديدة كما القديمة".

أما الناشطة السعودية المقيمة في أمريكا أماني الأحمدي فقالت: "أنا قبيلية وحجازية، وأحب أقول لكم إن #بنت_مكة_تمثلني"، مردفةً "الحجاز ما هي للقبايل وبس! حلاوة الحجاز بتنوع الثقافات اللي فيها، بلاش عنصرية، خلو الناس تعبر عن نفسها وثقافتها بدون اضطهاد".

ووصف الناشط إبراهيم الفقيه الهجوم على الأغنية بأنه "عنصرية مستحية"، مبيّناً أن "ذنب هذه البنت أنها سمراء".

وقالت بنت مكة: "الغريب أنها مدحت بنات مكة بطريقة محترفي الراب، وبعد إيقافها ظهر وسم "هوية الحجاز" لإثبات أن الاحتقان أصلاً لأنها سمراء، وسقطت أقنعتهم وظهر معدن ‘كلنا واحد وديننا ما يفرق بين أسمر وأبيض‘".

وأضاف غسان بن عمر: "النظام واضح، إذا إنتي سوداء لا (نحب) نشوفك وراح نتنمر عليك، بس إذا إنتي بيضاء ومزة (مثيرة) تعالي غني وسوي اللي تبيه!".

وكان من أبرز حوادث العنصرية ضد ذوي البشرة السمراء في المملكة، تجاهل أحد مشاهير سناب شات اثنتين من أبناء الشهداء، وهما طفلتان في المرحلة الابتدائية، خلال فعالية تكريم للسبب نفسه، في نيسان/أبريل الماضي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image