"ماذا، نحن طالبان، نريد؟". هذا عنوان مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في 20 شباط/ فبراير. المقالة التي كتبها نائب زعيم حركة طالبان الأفغانية سراج الدين حقاني تُظهر تغيراً جوهرياً في الاتجاه العام للحركة.
تضمنت المقالة طروحات تُعتبر "جذرية" بالنسبة إلى الحركة التي تُعتبر من أكثر الحركات الجهادية المتطرفة في العالم، في ما خص أربعة محاور أساسية، هي: محادثات السلام مع الولايات المتحدة، حقوق المرأة الأفغانية، الدور الدولي في أفغانستان ومرحلة ما بعد انسحاب قوات التحالف الدولي.
فرصة للسلام
يعتبر حقاني أن الحرب طالت كثيراً وأنهكت جميع الأطراف، وأن المفاوضات مع الولايات المتحدة تشكّل فرصة للسلام يجب عدم تضييعها.
يقول: "عندما بدأ ممثلونا المفاوضات مع الولايات المتحدة عام 2018، كنا واثقين من أن هذه المحادثات لن تسفر عن شيء ونتيجتها ستكون قريبة من الصفر. بعد 18 عاماً من الحرب وعدة محاولات سابقة للتفاوض أثبتت عدم جدواها، لم نثق بالنوايا الأمريكية".
ويضيف: "مع ذلك، قررنا أن نحاول مرة أخرى. كلفة الحرب الطويلة فادحة ودفعها الجميع. اعتقدنا أنه ليس من الحكمة رفض أية فرصة محتملة للسلام بغض النظر عن مدى ضآلة فرص نجاحها".
وبعد تقديم عاطفي قال فيه إنه "على مدى أكثر من أربعة عقود، أرواح أفغانية ثمينة زهقت كل يوم. كل واحد خسر شخصاً يحبه"، أشار إلى أن "الجميع سئموا الحرب. لدي القناعة بأنّ النزف والقتل يجب أن يتوقفا".
وتابع: "نحن لم نختر الحرب مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. أجبرنا على الدفاع عن أنفسنا. انسحاب القوات الأجنبية كان مطلبنا الأول والأهم. كوننا نقف اليوم على عتبة اتفاق سلام مع الولايات المتحدة نعتبر هذا خطوة عظيمة".
مساواة بين الرجل والمرأة
الحركة المعروفة بتشددها، والتي وصل صدى قصص قمعها للمرأة الأفغانية بشراسة إلى العالم، ما أثار تساؤلات دولية حول طبيعة النظام الجديد في أفغانستان بحال الانسحاب العسكري للقوات الأمريكية، كشف نائب زعيمها عن أنّها قادمة على تغيير في نهجها، وتسعى إلى خلق نظام يتفق عليه جميع الأطراف بحيث يعكس صوت كل أفغاني دون استثناء.
نائب زعيم حركة طالبان سراج الدين حقاني ينشر مقالة في "نيويورك تايمز" تتضمن طروحات تُعتبر "جذرية" بالنسبة إلى الحركة التي تُعتبر من أكثر الحركات الجهادية المتطرفة في العالم
يقول حقاني في مقالته: "أنا واثق، وبعد التحرر من السيطرة والتدخل الأجنبي، من أننا سنجد طريقة لبناء نظام إسلامي يحفظ المساواة بين جميع الأفغان، حيث حقوق المرأة، الممنوحة لها من الإسلام، من الحق بالتعلم إلى الحق بالعمل، هي حقوق محميّة، وحيث الجدارة هي أساس تكافؤ الفرص".
دور دولي في مستقبل أفغانستان
ويتطرق حقاني في مقالته إلى نظرة طالبان إلى أفغانستان في مرحلة ما بعد الانسحاب العسكري الأمريكي. كتب: "من التحديات هي أن نُبقي المجتمع الدولي مهتماً ومتفاعلاً بشكل إيجابي خلال العملية الانتقالية للسلام وبعد انسحاب القوات الأجنبية"، مؤكداً أن "دعم المجتمع الدولي أساسي لاستقرار وتقدم أفغانستان".
وتابع: "نحن مستعدون للعمل، على أسس الاحترام المتبادل، مع شركائنا الدوليين بشأن بناء السلام وإعادة الإعمار على المدوى الطويل"، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة يمكنها، بعد بعد سحب قواتها العسكرية، "أن تلعب دوراً بناءً في تطور وإعادة إعمار أفغانستان بعد الحرب".
أفغانستان الجديدة
ترى الحركة أن أفغانستان الجديدة ستكون عضواً مسؤولاً في المجتمع الدولي، وتعتبر أن اتفاق السلام مع الولايات المتحدة هو خطوة تاريخية، وتدعو الأفغان للاحتفال بالاتفاق، واعتباره منصة انطلاق نحو مرحلة من السلام لتأسيس أفغانستان الجديدة.
ويختم حقاني مقالته بهذه الدعوة: "عندها نحتفل ببداية جديدة عبر دعوة كل مواطنينا للعودة من المنفى إلى بلادنا، إلى وطننا المشترك حيث لكل شخص الحق في العيش بكرامة وسلام".
"أنا واثق، وبعد التحرر من السيطرة والتدخل الأجنبي، من أننا سنجد طريقة لبناء نظام إسلامي يحفظ المساواة بين جميع الأفغان، حيث حقوق المرأة، الممنوحة لها من الإسلام... محميّة"... هذا بعض ما كتبه نائب زعيم حركة طالبان في "نيويورك تايمز"
هذه المقالة ليست عابرة وقد تكون مؤشراً على نقطة تحوّل في تاريخ الحركات الإسلامية في المنطقة، بعد ضعف تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة ومقتل قيادات أساسيّة فيهما.
وتأتي في ظل تقارير صحافية نُشرت في الأيام الماضية عن قرب توصل الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان إلى اتفاق سلام في الدوحة في وقت قريب جداً، حدده البعض بنهاية شباط/ فبراير الحالي.
ولكن دائماً يُخشى من مفاجآت اللحظة الأخيرة. فقبل أشهر كان يُشاع أن الطرفين اقتربا من توقيع اتفاق سلام ولكن فجأة، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في التاسع من أيلول/ سبتمبر 2019 ليقول: "المفاوضات انتهت"، ملغياً محادثات سرية كان من المقرر عقدها في كامب ديفيد.
وقد يكون من مصلحة الولايات المتحدة تسريع التوصل إلى اتفاق سلام مع الحركة الأفغانية التي تقاتلها منذ عام 2001 وتذعن لطلب سحب جنودها الـ14 ألفاً من أفغانستان، كي تمنع احتمال تقاطع مصالحها مع إيران، ولتستمر في الضغط على الأخيرة، كما أن من مصلحة ترامب التوصل إلى اتفاق يقدّمه إلى الأمريكيين قبل الوصول إلى الانتخابات الرئاسية القادمة بعد أقل من سنة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون