بين الفينة والأخرى، يشعل طلاب الجامعات المصرية جدلًا حاداً يتعلق بـ"فساد" بعض أساتذتهم و"استغلالهم السلطة" المتمثلة في تحديد مصائر الطلاب، بالنجاح أو الرسوب. هذا الفساد ينطلق من ضعف الرقابة على أداء هؤلاء الأساتذة ونفوذهم "المطلق" إلى حد بعيد.
وتتنوع الشكاوى بين الترصد وتعمد ترسيب بعض الطلاب لاعتبارات غير أكاديمية، مثل خلاف مع الطالب أو ما شابه، أو استغلال مجهود الطالب ونسبته إلى الأستاذ، وقد تصل الشكوى إلى الإهانة والتحرش اللفظي وأحياناً الجنسي، حسب ما يقول الطلاب.
تجدد هذا الجدل مساء 5 شباط/فبراير عندما نشر أحد طلاب كلية الهندسة في جامعة المنوفية خبراً عن واقعة "خداع" و"نصب" تعرض لها هو وزملاؤه من قبل بعض أساتذة وأعضاء مجلس إدارة الكلية.
وفي تغريدة حازت أكثر من ستة آلاف إعجاب وأربعة آلاف مشاركة، حتى كتابة هذه السطور، كتب أحمد: "أنا عارف إن الثريد (سلسلة التغريدات) ده ممكن ينهي حياتي المهنية من قبل ما تبدأ أصلاً علشان فيه تخبيط في حيتان (يقصد مسؤولي الجامعة) الكل بيخاف يقرب منهم بس أنا متعودتش أسكت عن حقي".
وأضاف: "كنا سبعة طلاب في بكالوريوس هندسة الإنتاج والتصميم الميكانيكي بجامعة المنوفية. كما هو معمول به، كنا مطالبين بمشروع تخرج وبدأنا نفكر آوت أوف ذا بوكس (خارج الصندوق) في فكرة جديدة، ولم نقلد أو ننحت من القديم مثل كثيرين".
بعد انتحار نادر طالب الهندسة… طلاب هندسة مصريون يشكون "سرقة" مجهودهم من قبل أساتذة ومسؤولين في الجامعة وينصحون "لا تبدعوا في مصر… الغوا عقولكم"
أساتذة "لا يفقهون شيئاً"؟
وأردف: "قررنا تصميم SMT Machine وهي عبارة عن Cartesian robot لجمع مكونات الـSurface mounting boards. بعد درس جدوى الموضوع، وجدنا أن تكلفة المشروع 85 ألف جنيه مصري (نحو 5400 دولار أمريكي) وهي ضخمة جداً".
وأوضح أنهم توجهوا إلى الأستاذ المشرف على المشروع باقتراحين، إما طلب دعم من البحث العلمي أو الاكتفاء برسم التصميم نظرياً من دون تطبيقه".
تقدم الطلاب بطلب الدعم لكنه رفض لأن "الأستاذ المشرف على المشروع لا خبرة لديه في موضوع المشروع"، وفق أحمد.
وطرح الطلاب اقتراحاً جديداً بتعديل التصميم لتفادي عدة مراحل وخفض التكلفة على أن يتشاركوا في دفعها بشرط واحد هو "أخذ الماكينة بعد مناقشة المشروع". والمتبع أن تحتفظ الجامعات بمشاريع التخرج لتدريسها لطلاب السنوات التالية.
وأوضح الطالب أن المشرف وافق على شرطهم. لكنهم، من قبيل المزيد من الاطمئنان، طلبوا موافقة "كتابية" من إدارة الكلية متمثلة في الأستاذ المشرف والمدير العام للكلية. وأرفق منشوره بصورة الموافقة المشار إليها.
وأضاف الطالب الجامعي: "بعد تعب وضغط نفسي وأيام من قلة النوم، أكملنا المشروع من دون أدنى مساعدة من المشرفين الذين لا يفقهون شيئاً في المشروع، تهرب المشرف من تسليم المشروع إلينا قبل أن يبلغنا صراحةً: "ليس لكم شيء عندي". وطردنا".
ولفت إلى أنهم استنفدوا جميع السبل القانونية لطلب "حقهم" ولم يجدوا في النهاية سوى "السوشيال ميديا" لعرض شكواهم لأنهم لا يقبلون "سرقة جهودهم".
"لا تبدعوا في جامعات مصر"
وأوصى أحمد في النهاية أي طالب حالي أو مستقبلي في الجامعة بأن "يلغي مخه وطموحاته والنحت (التقليد) كما يفعل الباقون"، مطالباً بالمساعدة في توصيل شكواهم عبر وسم #وقف_جبروت_دكاترة_الجامعات الذي تصدر قائمة الأعلى تداولاً في البلاد خلال ساعات.
وعبر الوسم، أكد مغردون كثر أن "الفساد واستغلال السلطة" منتشران في مختلف الجامعات المصرية وليست في جامعة المنوفية فحسب، لافتين إلى أن هذا سيستمر ما دامت سلطة تقرير مصير الطالب بيد الأستاذ "مطلقة".
واعتبر الكثيرون أن هذا من أكثر عوامل "إحباط" الشباب و"محاربة روح الإبداع والتميز" و"تقليل انتمائه" لوطنه، مذكرين بعبارة العالم المصري أحمد زويل "الغرب ليس أذكى منا. لكنه يقف ويدعم الفاشل حتى ينجح، أما نحن فنحارب الناجح حتى يفشل".
وأوضحوا أن مثل هذه الأمور ربما تتسبب بإقدام بعض الشباب على الانتحار، مستشهدين بحادثة انتحار طالب الهندسة نادر نهاية العام الماضي من أعلى برج القاهرة، التي هزت المجتمع المصري.
"سرقة مجهود الطلاب، ابتزاز مالي، تحرش لفظي وجنسي، توريث المناصب الأكاديمية للأبناء"… ما الذي يحدث في جامعات مصر؟ أين الرقابة على أداء أساتذة الجامعة؟
حوادث متكررة والنتيجة…
ولفت طلاب عدة إلى تعرضهم لحوادث مشابهة، وأشاروا إلى مظاهر فساد أخرى مثل توريث المناصب الأكاديمية لأبناء الأساتذة وإجبار الطلاب على شراء كتب الأساتذة الباهظة السعر أو الشراء من مكتبات بعينها. ودعوا إلى إنشاء هيئة لبحث شكاوى الطلاب ومراقبة أداء الأساتذة.
وتواصل رصيف22 مع المتحدث باسم وزارة التعليم العالي المصرية، عادل عبد الغفار، لمعرفة موقف الوزارة من هذه الواقعة تحديداً، وتعليقها على الاتهامات بشأن أداء الأساتذة واستغلال نفوذهم.
ورد عبد الغفار بأن على الطلاب التوجه إلى عميد الجامعة ورفع شكواهم إليه في هذه الحالة، من دون أن يعقب على استفساراتنا الأخرى.
في هذا الإطار، هنالك عدة حوادث أثارت الجدل بشأن نفوذ الأساتذة الجامعيين في مصر، أبرزها توجيه أحد أساتذة جامعة الأزهر أمراً لاثنين من طلابه بنزع سرواليهما أمام زملائهما "من باب التأديب"، في نيسان/أبريل من العام الماضي.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أثارت حادثة استهزاء أستاذ جامعي وتحرشه لفظياً بإحدى الطالبات في جامعة طنطا ضجة واسعة.
وسبق أن صرح الخبير التربوي كمال مغيث، لرصيف22، بأن "ما آل إليه حال الأساتذة الجامعيين والمعلمين محزن ومخجل، فقد استشرى الفساد الأخلاقي والمالي في ما بينهم، ولم يعد المعلم يحرص على سمعته وعلى أن يكون قدوة صالحة لطلابه كما في السابق"، لافتاً إلى أن "الجامعة تمنح الأساتذة سلطات كبيرة غير مدركة ما قد يرتكبه بعض المفسدين. فطالما نحن بشر لسنا معصومين من الخطأ، وكلما زادت سلطات الفرد زادت احتمالات طغيانه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون