منذ بداية فصل الشتاء، بدأ عدد من أهالي المعتقلين في مصر تدوين شكاوى حول معاناة ذويهم داخل السجون المصرية، بسبب تعنّت إدارات السجون في إدخال إمدادات الشتاء أثناء الزيارات.
ولأسباب غير معلومة ترفض أحياناً إدارات السجون في مصر إدخال ملابس ثقيلة أو بطانيات، ما تسبّب في الإعلان مؤخراً عن حالة وفاة جرّاء موجة الصقيع خلال فصل الشتاء، وبناء على ذلك طالبت منظمات حقوقية الجهات المعنية بإعادة النظر في الأمر لمد السجناء على ذمم قضايا سياسية بملابس ثقيلة وأغطية تحميهم من برد الزنازين.
"برد الزنازين" هو الاسم الذي حملته حملة حقوقية أطلقها عدد من الناشطين عبر فيسبوك للتعبير عن المعاناة التي يعيشها سجناء القضايا السياسية في مصر، وذلك تزامناً مع التعليمات التي نشرتها هيئة الأرصاد الجوية عن تقلب الطقس وتدني درجات الحرارة.
وعبر صفحتها الخاصة، كانت الصحافية إكرام يوسف، والدة المحامي الحقوقي زياد العليمي المعتقل حالياً في القضية التي عُرفت إعلامياً بـ"خلية الأمل"، قد كتبت: "يا ترى الضباط الذين يمنعون إدخال ملابس من الصوف للسجناء، ماذا يرتدون في منازلهم الآن هم وأولادهم؟".
"يا ترى الضباط الذين يمنعون إدخال ملابس من الصوف للسجناء، ماذا يرتدون في منازلهم الآن هم وأولادهم؟"... لأسباب غير معلومة ترفض إدارات سجون مصرية إدخال ملابس ثقيلة أو بطانيات لمعتقلي الرأي، تاركة إياهم في زنازين إسمنتية تنهش أجسادهم
وتعليقاً على الحملة أيضاً، كتب مدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" الحقوقي جمال عيد عبر صفحته: "رأيت بعيني فاسدي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وقد سُخّرت لهم كل الإمكانيات أثناء سجنهم، ورأيت حبيب العادلي وزير داخلية مبارك عندما كان يرتدي ملابس من ماركات عالمية ونظارة شمس ماركة عالمية، ورأيت ضباطاً يؤدون له التحية العسكرية، نحن نطلب أشياء قليلة لسجناء الرأي، بعض الأغطية والملابس الشتوية والطعام الساخن".
وخلال الأيام الماضية دوّنت الناشطة الحقوقية منى سيف، شقيقة الناشط السياسي المعتقل علاء عبد الفتاح، عن أزمة العائلة مع إدارة سجن العقرب شديد الحراسة 2 حيث منعت الأخيرة إمداده بملابس ثقيلة، رغم محاولات الأسرة المتكررة خلال الفترة الماضية.
وقالت الناشطة الحقوقية لرصيف22: "شقيقي علاء والمحامي الحقوقي محمد الباقر والأستاذ حامد صديق وشاب آخر محتجزون في زنزانة واحدة مغلقة طول الوقت، وممنوعون من التريّض ولا يرون الشمس"، كاشفة أنه "في بداية الشتاء تعسّفت إدارة السجن في إدخال البطانيات، وبعد محاولات عديدة ومفاوضات، سمحت بإدخال بطانية واحدة فقط لكل معتقل، بالإضافة إلى قيامها لاحقاً بإمدادهم ببطانيات أخرى".
وأضافت:" باستثناء البطانيات والملابس الداخلية الشتوية، كل الأشياء الأخرى مرفوضة كجاكيت أو شال أو ملابس سميكة تقي من البرد، بالرغم من أن تلك الأشياء كان يُسمح بها أثناء فترة سجن علاء خلال السنوات الماضية".
وتابعت منى سيف: "يُضاف لما سبق منع إدارة السجن علاء والمحتجزين معه من الخروج لاستخدام المياه الساخنة للاستحمام، بالرغم من أن العنبر متوفر فيه مياه ساخنة".
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن شقيقها ومن معه ليس لديهم مراتب أو أسرة، وينامون على مصاطب من الخرسانة، قائلة: "بعدما علمنا أن لدى إدارة السجن مراتب بالمقاس المسموح للزنازين، عمدنا لتقديم طلب لمأمور السجن بتوفير مرتبة أو السماح للأسرة بإدخال واحدة، لكن الإدارة تجاهلت الطلب تماماً".
وأضافت:"بسبب هذا الحال، بات علاء والمحتجزون معه يستخدمون البطانيات ليس فقط كغطاء وإنما كمرتبة عازلة تحميهم من قرصة برد المصاطب الخرسانية"، قائلة: "حاولنا كذلك إدخال غلاية مياه لإعداد مشروبات ساخنة لكن تم رفضها من إدارة السجن، بالرغم من أن كل الأشياء التي ذكرتها مسموح بها في لائحة السجون".
"المعاملة مع السجناء السياسين داخل السجون تتم بناء على تعليمات الأمن الوطني، فإدارة السجن غير ملتزمة بلائحة السجون المصرية قدر التزامها بتعليمات الأمن الوطني"... برد الزنازين ينهش أجساد المعتقلين السياسيين في مصر
وأشارت منى سيف إلى أن صحة علاء تأثرت نسبياً في بداية برد الشتاء، لكنه استرد عافيته بعد ذلك، ذاكرة أن الأسرة قابلت المستشار هاني جورج، وهو مدير إدارة حقوق الإنسان التابعة لمكتب النائب العام، لعرض الأزمة عليه، و"بالفعل استمع إلى شكوانا كما تقدمنا ببلاغ رسمي للنائب العام".
وقالت سيف إن مدير إدارة حقوق الإنسان وعد العائلة أثناء اللقاء بأن في الفترة القادمة ستحصل متابعة جيدة لحالة علاء الصحية والمعيشية داخل الزنزانة.
من ناحية أخرى، قال نبيه الجندي، محامي الصحافي حسام الصياد، لرصيف22: "عانى الصحافي محمد صلاح وحسام الصياد - المعتقلان منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من برد الشتاء، إذ رفضت إدارة سجن طرة لما يقرب الشهر ونصف إدخال بطانيات لهما، لكن خلال الأيام القليلة الماضية وخصوصاً بعد الإعلان عن حالتي وفاة بسبب البرد داخل السجون المصرية، سمحت إدارة سجن طرة بإدخال البطانيات للسجناء السياسين".
وأخبر الجندي أن بموازاة رفض إدارة السجن إدخال البطانيات، حاول المساجين القدامى مساعدة الصياد وصلاح من خلال مدهما بالبطانيات اللازمة لمواجهة برودة الزنزانة داخل السجن.
"إدارة السجن تتعمّد سحب عوامل التدفئة، كمصادرة البطانيات والملابس الشتوية، وتقليل نسبة الطعام المقدمة للسجناء".
ولفت إلى أن "المعاملة مع السجناء السياسين داخل السجون تتم بناء على تعليمات الأمن الوطني، فإدارة السجن غير ملتزمة بلائحة السجون المصرية قدر التزامها بتعليمات الأمن الوطني في ما يخص المعتقلين".
وكان "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" قد أعلن وفاة المواطن علاء الدين سعد (56 عاماً) من البرد في سجن برج العرب في الإسكندرية.
وحسب بيان المركز، كان علاء الدين سعد محكوماً بخمسة عشر عاماً بقضية عُرفت إعلامياً باسم "البلاعات"، أما سبب الوفاة فكان إصابته بنزلة برد شديدة أهملت إدارة السجن علاجها إلى أن تفاقمت حالته وتوفي.
وحمّل المركز سجن برج العرب ووزارة الداخلية مسؤولية الوفاة، مطالباً النيابة العامة التحقيق في وفاة المواطن، وإحالة المتورطين فيها للمحاسبة.
وحسب بيان المركز، وردت معلومات تفيد بأن "إدارة السجن تتعمّد سحب عوامل التدفئة، كمصادرة البطانيات والملابس الشتوية، وتقليل نسبة الطعام المقدمة للسجناء، فضلاً عن طبيعة الزنازين الإسمنتية والمصممة بصورة تمنع دخول حرارة الشمس، ولا تقي من البرد القارس، ما يُعرّض المحتجزين للإصابة بالعديد من الأمراض، بل وللموت البطيء الذي يهدد الكثير من المرضى داخل السجن ما لم يتم تدارك هذه الانتهاكات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...