شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
“وطي صوتك عيب ما يصحش!“... نساء يحكين عن أول دورة شهرية

“وطي صوتك عيب ما يصحش!“... نساء يحكين عن أول دورة شهرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 27 يناير 202005:47 م

"عائمة في بحر من الدماء، يُحيط بي الطين والرمل من كافة الجوانب"، استيقظت نورا أحمد من كابوسها الطويل، مُتذكرة كافة التفاصيل، ولم تكن تجهل المعنى وراء هذا الحلم، فهو يتكرّر كل شهر.

تحكي نورا (26 عاماً)، معلمة من القاهرة، لرصيف22، عن ذكرياتها الأولى مع الدورة الشهرية: "كنت في الثالثة عشر من عمري في أول يوم في العذر الشهري، لم أكن أدرك الأمر، خاصة وأن أمي لم تحذرني منه من قبل، فالحديث عن هذه الأمور عيب".

في المرة الأولى ُصدمت نورا من الدماء عند استيقاظها، وبسبب شعورها بالألم، ظنَّت أنها تعرَّضت لنزيف، استغاثت بأمها لتعرّفها على "الضيف الدائم" كل شهر.

يفسر الدكتور محمد مهدي، أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر،تلك الكوابيس التي تسبق الدورة الشهرية بأنّ الهرمونات تتقلّب لدى المرأة في فترة الحيض، ما يجعلها عرضة للأحلام العشوائية، وهذه النوعية من النساء تتعرض لمثل هذه الأحلام والكوابيس قبل الدورة الشهرية بحوالي 10 أيام، أو في خلال هذه الأيام، بسبب تعرضها لاضطرابات في النوم.

"كرهت جسمي"

ريهام أحمد (27 عاماً) ربة منزل من سوهاج، شعرت بانعدام التوازن، وبتغيّر معالم جسدها، والذي صاحبه كلمات ترددها والدتها دائماً على مسامعها: "ما يصحش، عيب، وطي صوت"، ولازمها منذ بداية الدورة الشهرية شعور بالكراهية حيال كل ذلك التغيير.

تقول ريهام ساردة قصتها لرصيف22: "في البداية كانت والدتي تنتظر الأمر بفارغ الصبر، وكأنها متنظرة جني الثمار من أرض بور، وعندما أتممت عمري الـ12، جاءت اللحظة التي استقبلتها والدتي بدفق من التعليمات لا نهاية له، أمثال عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة، واستكمال دراستي فقط، وعدم زيارة أقاربي وبعض التعليمات الأخرى".

"في البداية كانت والدتي تنتظر الأمر بفارغ الصبر، وكأنها متنظرة جني الثمار من أرض بور، وعندما جاءت اللحظة استقبلتها والدتي بدفق من التعليمات، افعلي ولا تفعلي، مما جعلني أكره تغيرات جسدي، والحميمية"

باتت ريهام تشعر بالقهر مع كل هذه التعليمات، وما زاد الأمر سوءاً إلحاح والدتها بضرورة التفكير في الزواج، بل وزاد على هذا الأمر مطالبتها بالتفكير في الزواج بدافع أنه "عفة للبنت"، تقول: "الزواج المبكر في الصعيد لدينا أمر شائع، وبعد عامين كنت متزوجة بالفعل، والآن استكمل حياتي، ولكن تظل تفاصيل أول يوم في مخيلتي، ولم يستطع الوقت تجاوزها بالنسبة لي".

وتشعر ريهام بأن تلك الذكريات المرتبطة باكتشاف الدورة الشهرية، أثرت بشعورها بالحميمية، وكذلك زواجها المبكر: "الأمر لم يكن طبيعياً عندما تقدم بي العمر، فالزواج جاء عقب بلوغي مباشرة، وبشكل لم أكن أتمناه، كما لو كانوا ينتظرون البلوغ حتى أتزوج، ذكرى أول يوم جعلتني أكره العلاقة الحميمة، وأجدها في كل مرة تذكرني بألم العذر الشهري وذكريات وظروف الزواج".

هوس النظافة

أما الأمر بالنسبة لشروق عبد الحميد، (25 عاماً)، موظفة في بنك وتسكن القاهرة، فله طبيعة مختلفة، فهي كانت تعلم مسبقاً من والدتها بالدورة الشهرية، وكيف تتعامل معها، ولكنها لسبب لا تعلمه أصابها توتر فور رؤيتها، وهوس التخلص من آثار الدماء، الذي تطور بعد ذلك لهوس النظافة الشخصية، وفوبيا رؤيا الدماء.

تقول شروق: "استقبلت الأمر بشيء من الوعي لتحذيري المسبق من قبل والدتي، ولكني كنت مهووسة فيما يخص استخدامي للفوط الصحية التي تتبدل كل 3 دقائق بالنسبة لي، فكنت أكره أن يلتصق بي الدم، وفي كل مرة أذهب للحمام وأبدلها على الفور، ما يضطرني لدفع مصروفي لتغطية التكاليف الخاصة بها، ووصل الأمر بي للبكاء بمجرد رؤية الدم، الأمر الذي جعل والدتي تذهب بي للطبيب النفسي".

وتحسنت الأمور مع شروق بعد زيارة طبيب نفسي، وهي تستعين الآن بتطبيق على هاتفها الذكي، تتابع من خلاله مواعيد الدورة، وتتردد على طبيب نفسي إذا عاد لها التوتر، أو أثر على أداء مهام وظيفتها.

"بابا وزَّع بيبسي"

قول شيماء زاهر (20عاماً)، طالبة في كلية الإعلام من القاهرة، وهي تبتسم عندما تذكرت هذا الموقف: "بابا وزع بيبسي على سكان العمارة، بابا يتولى تربيتنا أنا وأختي منذ أن توفت أمي وأنا عمري 3 سنوات، وعندما جاءنتني الدورة لأول مرة، لم أكن أدرك ماذا حدث، وبعفوية شديدة بلغت والدي الذي بدوره تحدث معي عن الأمر وكيفية التصرف، وقبل الحديث قام بتوزيع بيبسي على العمارة، قائلاً لي: خلاص كبرتي وبقيتي عروسة".

تضيف شيماء وتحولت ضحكتها لحزن شديد: "لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لي، أن والدي هو من يحكي هذه التفاصيل، فأحمر وجهي وازداد خجلي، ولكن مع كل هذا أدخل والدي في نفسي الطمأنينة بأن ما يحدث أمر طبيعي تتعرض له كل الفتيات".

تعلمت شيماء، بحسب حديثها لرصيف22، من هذه التجربة ضرورة أن تعلم ابنتها الكثير عن هذا الأمر، ولا تتركها جاهلة.

"صاحبتي خوّفتني"

وتحدثت نور عبد الحميد (19عاماً)، طالبة جامعية من المنصورة لرصيف22، عن ذكرياتها الأولى التي لم تكن مع والدها أو والدتها، ولكن مع إحدى صديقاتها، تقول: "أول من أدرك هذا الأمر هي أقرب صديقة لي، فخلال جلوسنا سوياً عقب انتهاء درس الرياضة وقتها، فجأة شعرت بمادة تخرج من جسدي وبذهابي للحمام وجدت أنها دماء، وعلى الفور استعنت بها، وقالت لي إن هذا الأمر عندما يحدث لنا لا ننمو بعدها، أي نمونا توقف، وأخذت أبكي بشدة وقتها وأنا أردد يعني هفضل قصيرة طول عمري خلاص".

وتضيف نور لـرصيف22: "تجاهلت تبليغ والدتي لعدم معرفتي أن الأمر مهم بالنسبة لها، واكتفيت بمعرفة صديقتي، وبدأت أستمع لنصائحها لي وكأنها أمر مسلم به، حتى جعلتني أخاف بصورة أكبر من هذا الأمر بل وأكرهه مع الوقت، إلى أن جاء يوم وسألتني والدتي عما أمر به، وفي لحظة اعترفت لها، فصحّحت لي كافة المفاهيم الخاطئة لدي، وأدركت أن الأمر أبسط مما كنت أتخيل".

ولكن نور لم تتخلص من شعورها بالخوف الذي لازمها في المرة الأولى بسبب مزاعم صديقتها.

"أخجل من شراء فوطة"

تسمي زينب أحمد (28عاماً)، طبيبة من القاهرة، الدورة الشهرية بـ"الوردية"، استقبلتها بفرح وأبلغت والدتها، والتي قدمت لها نصائح تتعلق بالنظافة الشخصية في هذه الفترة.

وتضيف زينب: "ولكن الوردية لم تقابلني بفرح بل بالتعب والإرهاق والمغص الشديد، وكنت على حافة تناول الحبوب المسكنة، وعلى الفور تذكرت حديث أمي لي أن المشروبات الدافئة هي الأفضل في هذه الحالة، فالمسكنات من الممكن أن تمنعني أن أكون أمّاً، لم أكن أدرك لماذا قالت لي هذا، ولكني التزمت خوفاً من تحقيق الفكرة".

"الإحساس الأول بالدورة الشهرية، صعب وصدمة عند بعض الفتيات، خاصة في حالة عدم التمهيد، ومن الممكن أن تترك أثراً سلبياً بقية حياتها، وعلى الأمهات الاحتفال ببلوغ بناتها"

"وأصبحت على الفور المرجع الرئيسي لصديقاتي، كوني الأولى في هذا الأمر بينهم، ولم أنكر أن الأمر تسبب لي بغيرة، خاصة عندما تقوم صديقاتي بالسباحة خلال التمرين، وأنا لا أستطع فعل ذلك لتحذير أمي لي من النزول في أيام الوردية"، كما قالت زينب لرصيف22.

وتشعر زينب بالخجل من شراء الفوط الصحية، كانت في السابق تترك الأمر لوالدتها أو أخواتها، والآن زوجها يتولى الأمر.

"احتفلوا ببناتكم"

يعرّف الدكتور محمد مهدي، أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر، الدورة الشهرية قائلاً: "هي عملية فيزيولوجية وتغيرات هرمونية تتعرض لها أغلبية الفتيات بشكل طبيعي، ولكن هناك نسبة من 10 إلى 15 % من الفتيات يكون الأمر لديهن مرضي، ويتعرضن للعديد من الأعراض الشديدة التي تتطلب التدخل الطبي".

وأضاف مهدي لـرصيف22: "الأعراض التي تتعرض لها الفتاة قبل الدورة الشهرية تختلف ما بين الصداع، الدوخة، قلة التركيز، العصبية، اضطراب في النوم، والأحلام المزعجة، ولكن هذه الأعراض تكون متحمّلة بالنسبة للفتاة، ولا تعيقها في استكمال مهام حياتها بشكل طبيعي، ولكن بالتأكيد بكفاءة أقل".

وأوضح مهدي أنه بسبب هرمون البروجستيرون، وهو هرمون أنثوي يفرزه الجسم في المبيض خلال آخر أيام الدورة الشهرية، تصبح المرأة حساسة جداً لأي أمر يمسها، وتشعر بالانتفاخ، الإرهاق ورغبة في تغيير روتين حياتها.

وعن شعور أول يوم في العذر الشهري، وتأثيره يقول مهدي لرصيف22: "شعور صعب وصدمة عند بعض الفتيات، خاصة في حالة عدم التمهيد من جانب الأم، ومن الممكن أن تترك أثراً سلبياً يمتد في حياتها".

وينصح مهدي بتقديم "احتفالية على نطاق ضيق من جانب الأم بابنتها التي كبرت ولم تعد طفلة، بل أصبحت آنسة وعليها أن تعاملها معاملة الآنسات".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image