فجأة عاد اسم المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات السوداني في عهد عمر البشير، صلاح عبد الله قوش الى الظهور لاعباً خطراً في السودان. فقد اتهمه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة، بأنه يقف خلف "أحداث التمرد"، التي شهدها الخرطوم، الثلاثاء 14 كانون الثاني/يناير.
وفقاً لحميدتي المعروف بقائد ميليشيا الجنجويد، فإن مخطط قوش يأتي ضمن ما يعرف بـ"مواكب الزحف الأخضر" التي ستنطلق في عدد من المدن السودانية يومي 18 و 26 كانون الثاني/ يناير للمطالبة برحيل الحكومة الانتقالية.
وشهدت عدة معسكرات تابعة لجهاز المخابرات العامة اطلاق نار كثيف بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة من قبل قوات هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات السابق احتجاجاً على ما وصفوه بضعف حقوق نهاية الخدمة، بعد صدور قرار تسريحهم. ووصفه البعض بأنه محاولة انقلاب.
يقول محمد الأسباط القيادي في تجمع المهنيين الذي قاد الثورة على البشير: "ليس من المستبعد أن يكون قوش وراء كل الاضطرابات التي حدثت أخيراً في السودان".
وأضاف الأسباط لرصيف22: "حميدتي رجل عسكري ولديه معلومات أمنية عما يجري".
لكن المفكر السوداني الدكتور تاج السر عثمان غرد على تويتر: "حميدتي يحاول الظهور بمظهر البطل الذي يحمي استحقاقات الثورة بينما حقيقة الأمر أنه وصلاح قوش من أدوات الإمارات في الثورة المضادة".
وأضاف: "لأن قوش أصبح ورقة محروقة قدم حميدتي نفسه كمنقذ ليصبح مأمون الجانب. مسرحية سخيفة. وعلى القوى الثورية أن ترفع وعيها بهؤلاء وبمن يقف خلفهم".
صلاح قوش رجل الأمن والمخابرات القوي في عهد البشير يسعى لحكم السودان منذ سنوات، ويُوصف بأنه تلميذ اللواء عمر سليمان الرئيس السابق للمخابرات المصرية في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، ويقول نشطاء في الخرطوم إنه في مصر حالياً
وكان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش موجوداً في العاصمة السودانية الخرطوم، خلال الأحداث التي شهدتها البلاد على يد عناصر هيئة العمليات، الثلاثاء 14 كانون الثاني/يناير.
في تموز/يوليو 2019 قالت رويترز إن قوش "خان" البشير وأجرى في الأيام التي سبقت الانقلاب على البشير مكالمة واحدة على الأقل مع مسؤولين في المخابرات الإماراتية لإخطارهم مسبقاً بتوقيت عزله.
من هو قوش المُتهم بالتمرد؟
وقوش هو رجل الأمن والمخابرات القوي في عهد البشير، ويُوصف بأنه تلميذ اللواء عمر سليمان الرئيس السابق للمخابرات المصرية في عهد الرئيس محمد حسني مبارك.
لم تُمحَ علاقة قوش بعمر سليمان، العدو اللدود للإسلاميين، بأنه كان قيادي في الإخوان المسلمين، وعنصراً بارزاً في الاتحادات الطلابية التي تمثل الجماعة في الجامعات السودانية.
تولى قوش عام 2004 منصب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، حتى عزله البشير عام 2009، وعينه مستشاراً للرئيس السوداني، لكن ظل نفوذه قوياً في الخرطوم.
كانت قوة قوش في السودان، ولا سيما داخل جهاز المخابرات، مصدر قلق للبشير ذاته، فعزله واعتقله عام 2011 بتهمة التخطيط لانقلاب بعد أن أظهرت البرقيات الدبلوماسية لـ "ويكيليكس" أن قوش يعتبر مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على الرئيس فرصة ليستولي على السلطة.
أفرج البشير عن قوش بموجب عفو رئاسي عام 2013، وأعاده لمنصب مدير المخابرات في آب/ أغسطس 2018، فعمل على ملاحقة قادة المعارضة وسجنهم، إلا أنه اجتمع معهم في المعتقلات خلال الثورة، ليقدم نفسه لهم على أنه بديل للرئيس.
وفي 14 نيسان/ أبريل 2019 أعلن المجلس العسكري، بعد الانقلاب على البشير، أن قوش استقال من منصبه، لكن لم يتم القبض عليه برفقة قادة النظام، وهو ما أثار غضباً عارماً لدى المحتجين الذين اتهموه بقتل العديد من الثوار والمعارضين وتعديبهم.
يقول محمد الاسباط إن قوش - الآن وبعد فشله - يريد الانتقام أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء أو عرقلة الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط الحكومة التي كان رجلها القوي.
أين قوش ؟
في المؤتمر الصحافي الذي عقده حميدتي الثلاثاء 14 كانون الثاني /يناير في جوبا عاصمة جنوب السودان، أعلن أنه لا يستبعد وقوف "أياد خارجية" خلف "المخطط التخريبي" الذي ينفذه قوش، قائلاً: "نحن لا نتهم الدولة الموجود فيها صلاح قوش" من دون أن يحددها.
وأشار حميدتي الى أن ملاحقة صلاح قوش ستتم عبر الانتربول لإعادته للبلاد "كونه متورطاً في جرائم عديدة".
وبدأ السودانيون بالتساؤل عن المكان الذي يقيم فيه قوش، ويدير منه مخططه الذي وصفه حميدتي بـ"التخريبي".
وكان ناشطون كثر في الخرطوم قد زعموا أنه في العاصمة المصرية القاهرة التي أعلنت منذ اندلاع الثورة ضد البشير النأي بنفسها عن الأوضاع في السودان. وعقب عزل البشير تداولت مواقع سودانية أنباء عن سفر قوش إلى واشنطن من أجل الإقامة فيها والبحث عن دور جديد في المشهد السوداني أو الإقليمي. لكن سرعان ما أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو في آب/ أغسطس 2019، إدراج قوش ضمن قائمة الممنوعين من دخول أراضيها، على الرغم من أن قوش كان من أبرز من تعاون مع المخابرات الأمريكية منذ عهد جورج بوش في مكافحة الإرهاب ومطاردة المطلوبين من قبل واشنطن.
وفسر سودانيون في ذلك الوقت القرار الأمريكي بأنه رسالة طمأنة لقادة الثورة، مفادها أن واشنطن قررت التخلي عن قوش السيئ السمعة في مجال حقوق الإنسان والمتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...