"لا وجود لأي علاقة تجارية مع إسرائيل"، بهذه العبارة نفى المغرب على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة حسن عبيابة، قبل شهرين، وجود علاقات تجارية تربطه مع إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك تراهن تل أبيب على سنة 2020 لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الرباط.
وتصاعدت وتيرة الأخبار التي تتحدث في وسائل الإعلام العبرية، منذ مطلع العام الجاري، عن خطوات إسرائيلية رامية إلى تطبيع العلاقات مع المغرب ودول عربية أخرى، على المستوى الاقتصادي والسياحي، والسياسي أيضاً. وهذا الأمر يقابله صمت مغربي رسمي أحياناً أو نفي.
وقال "إسرائيل فالي"، وهو موقع متخصص في العلاقات التجارية الإسرائيلية الفرنسية، في تقرير تحليلي حول توقعاته لسنة 2020 إن المغرب يصنف ضمن "زبائن" تل أبيب الخمسة الأوائل في القارة الافريقية.
علاقات سرية ؟
ونقل إسرائيل فالي عن مسؤول الشؤون الدولية في شبكة رجال الأعمال (MEDEF) في تل أبيب، دان كاتاريفاس، قوله: "إن العلاقات بين المغرب وإسرائيل ظلت سرية، ويستحيل معرفة الأرقام والمعطيات الحقيقية بخصوص المبادلات التجارية بين البلدين".
وذلك راجع إلى أن "جميع الفاعلين التجاريين متحفظون بالرغم من رفع الستار من وقت لآخر"، يضيف المصدر ذاته.
ونشر الموقع في 26 كانون الأول/ ديسمبر، تقريراً تحليلياً عن توقعاته لسنة 2020، قال فيه إن المغرب "يُصنّف ضمن زبائن تل أبيب الخمسة الأوائل في القارة الإفريقية"، حيث يحتل المركز الثاني بعد مصر مباشرة، وتليه موريتانيا وإثيوبيا وأوغندا وغانا، وهذا ما يجعل منه "شريكاً اقتصادياً لإسرائيل".
وذكر أن حجم المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل بلغ أكثر من أربعة ملايين دولار شهرياً، مستنداً إلى إحصاءات للمكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي (BCS)، وهو ما يُظهر "تحسناً طفيفاً" على مستوى التبادل بين الجانبين.
ولفت إلى أن "المنتجات الكيميائية والميكانيكية والأجهزة الإلكترونية والآلات المخصصة للقطاع الزراعي، تتربّع على رأس الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب".
وأشارت معطيات "إسرائيل فالي" إلى حجم الصادرات المغربية نحو تل أبيب بعدما بلغت "30 مليون دولار عام 2018". وتتم هذه المبادلات عبر اتخاذ شركات مغربية وإسرائيلية قنوات تجارية بالغة التعقيد يصعب تعقبها، بسبب رغبتها "في تمويه حجم التجارة بين الجانبين"، نظراً للرفض الذي تواجهه البضائع الاسرائيلية من الرأي العام المغربي.
فيما تنفي الرباط وجود أي تطبيع للعلاقات الاقتصادية مع إسرائيل. يستمر الرهان في أوساط الأخيرة على تعزيزها في 2020. كيف هو وضع المبادلات التجارية بين الجانبين؟
مسؤول في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع لرصيف22: ما تروّجه الصحافة الإسرائيلية "مجرد وهم، وفقاعات إعلامية، وحربٍ نفسية"، في اتجاه صناعة "مزاجٍ مغربي شعبي معيّن حيال الموقف الرسمي".
ولا تخفى هذه المعاملات عن المسؤولين في المغرب، حسب "إسرائيل فالي" الذي ذكر أنه "يتم الإبلاغ بانتظام عن الصفقات التجارية والمعاملات المالية وبرامج التعاون مع الوكالات الحكومية والقطاع الخاص"، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود معاملات ومراسلات بين البنوك الإسرائيلية ونظيراتها المغربية.
فقاعات إعلامية
في سياق متصل اعتبر الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع عزيز هناوي ما يروج حول الرهان على تعزيز العلاقات المغربية الإسرائيلية في العام المُقبِل "مجرد وهم، وفقاعات إعلامية، وحربٍ نفسية"، في اتجاه صناعة "مزاجٍ مغربي شعبي معين حيال الموقف الرسمي".
وقال لرصيف22: "ولكن هذا لا يعني عدم وجود مبادلات غير معلنة"، مؤكداً أن الموقف المبدئي منها هو "الرفض والإدانة".
ويرى هناوي أن "الأخبار التي تأتي من الكيان الصهيوني تدفع في اتجاه إعطاء انطباع بأن المغرب منفتح على التطبيع بشكل مسعور"، مشيراً إلى أنها "فقاعات إعلامية مشكوك في صحتها ومصدرها تل أبيب".
ومع ذلك لفت هناوي، أحد مناهضي التطبيع في المغرب، الى "وجود مبادلات تجارية غير معلنة وغير رسمية"، إذ رغم نفي الحكومة المغربية مراراً وجود هذه المبادلات "إلا أن البضائع الإسرائيلية متوافرة في المغرب، وعلى رأسها بضائع شركة 'Netafim' للفلاحة و'MIS implants' لصناعة الأسنان، و'ZIM' للنقل البحري".
ولفت إلى وجود تمور إسرائيلية "يتم تهريبها" إلى المغرب، بالإضافة إلى منتوجات أخرى تدخل المغرب عن طريق الدول الأوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وهولندا.
أبرز تجربة إسرائيلية في المغرب
وذكر "إسرائيل فالي" أن أبرز تجربة إسرائيلية مغربية هي تجربة نيطافيم Netafim الفلاحية والمختصة في مجال الري والري الجزئي بالتنقيط، وقال:"إن الشركة فتحت فرعاً تابعاً لها في المغرب حرصاً على تعزيز خدمته مع عملائه في هذه البلاد".
ونقل الموقع المذكور عن المدير الإقليمي للشركة في إفريقيا قوله إن "افتتاح الفرع الجديد هو جزء من نمو السوق ورغبتنا في تحسين جودة خدماتنا ومساعدتنا لعملائنا وشركائنا في المغرب"، وأبدى المتحدث تطلعه من المغرب إلى "إنتاج محاصيل وغلال تحد من استخدام الموارد الطبيعية في العالم: الماء والأرض والطاقة".
ويُعد دخول الشركة للمغرب ومشاركتها في عدد من المعارض "اختراقاً أمنياً" بين الأوساط الحقوقية والمناهضة للتطبيع في البلاد، باعتبارها تنتمي إلى "دولة احتلال وفق مقررات الجامعة العربية".
وسبق أن رفع حقوقيون ومحامون مناهضون للتطبيع، في نيسان/ أبريل 2017 دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ووزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، من أجل منع الشركة من حضور الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس، والأمر بطردها من المغرب. واعتبر الحقوقيون والمحامون في نص الدعوى أن مشاركة هذه الشركة في الملتقى يشكل "انتهاكاً للدستور واحتقار أسمى قانون في المغرب"
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...